1. جامعة وهران 2

كلية العلوم الاجتماعية

قسم علم النفس و الأرطفونيا

تخصص علم النفس العيادي

طلبة السنة الثالثة عيادي

أ.د. كبداني خديجة                                                                                  

 

البطاقة التقنية رقم 5 : T.D

 

                                    التسيير الزمني للحصص العلاجية

لقد انقسم المعالجون الأسريون في اطار تنظيم الحصص العلاجية الى موقفين و هما :

1-    الموقف الأول: يتمثل في الانتظام الدوري لسيرورة الجلسات العلاجية، أي على كل من المعالج و الأسرة التي تطلب العلاج الانضباط و الصرامة في احترام المواعيد، و هذا المطلب يكون مدونا في العقد العلاجي بين الطرفين ( أي المعالج و المفحوص).

2-    الموفف الثاني: يتمثل في عدم الانتظام في اجراء الحصص العلاجية، حيث يمكن أن تكون المواعيد متقاربة أو متباعدة بطلب من المعالج أو من الأسرة.

ان هذا التقارب أوالتباعد في الجلسات العلاجية غالبا ما يكون حسب مستجدات كل حصة و السبب في ذلك هو درجة القلق و الحصر اتجاه العلاج.

ان أوسلوس Ausloos، يرى في هذا الاطار أنه يمكن اضافة جلسات علاجية تهدف الى تصليح و ليونة العلاقات بين أفراد الأسرة، أما عن تباعد الجلسات العلاجية فهدفها هو اعطاء فرصة لأفراد الأسرة في التفكير جيدا و بطريقة موضوعية في المشكل و كذلك تعلمهم الصبر و عدم العجلة في أخذ القرارات.

بالنسبة لبوين M.Bowen، يرى أنه ليس المهم في انتظام الحصص العلاجية،لكن المهم في هذه الجلسات ما يحدث بين أفراد الأسرة أي يركز على التفاعل و الاتصال بين كل الأفراد، و بالتالي يرى أنه من المهم كذلك الاهتمام بما يحدث داخل النسق الأسري خارج الحصص العلاجية، حتى تصبح هذه الأخيرة أي الحصص العلاجية الفضاء الأمثل للتصريح عما حققته الأسرة في حياتها اليومية و تقييمها لكل الأحداث التي طرأت عليها و كيفية مواجهتها، و بذلك يصبح لكل فرد من الأسرة امكانية المواجهة و حل الصراعات و من ثم تجاوزها و هذا هو الهدف الأسمى للعلاج الأسري النسقي لبوين M.Bowen.

أخيرا، باختلاف النماذج العلاجية في العلاج الأسري النسقي و باختلاف التقنيات المستعملة، تعتبر العلاجات الأسرية النسقية المتنفس الذي من خلاله يعبر كل فرد على مكنوناته و يتمكن من مواجهة الأخرو يبقى الهدف الأساسي لهذه العلاجات هو تصليح و ترميم العلاقات المضطربة بين أفراد نفس النسق، حيث هذه العلاجات تدخل الأفراد في ديناميكية أين يتمكن كل واحد منهم من مواجهة الأخر، كما أن المعالج يجب أن يقيم و يصل الى تحليل نهائي للعمل المنجز مع كل أسرة، و يطلب بالحاح من الأسرة التي كانت تحت العلاج بالتفكير في حل مشاكلها و ذلك باشراك كل الأفراد المكونة لها لأن الرجوع دائما الى المعالج ليس حلا، لأن كل أسرة تملك موارد معرفية و قدرات شخصية لمواجهة مشاكلها و من ثم تجاوزها.

 

المراجع المعتمد عليها:

-          Jacques MIERMONT(2004), thérapies familiales et psychiatrie,Doin, Paris.

-          Karine et Thierry ALBERNHE (2004), les thérapies familiales systémiques, 2ème édition, Masson, paris.

-          Elkaim M.(1995), panorama des thérapies familiales, édition Seuil, Paris.

-          Jacques Postel (1998), dictionnaire de psychiatrie et de psychopathologie clinique, Larousse, Paris.

-          Edmond Marc (2001), guide pratique des psychothérapies, édition RETZ, Paris.

-          Minuchin S.(2013), familles en thérapie (1974), trad.M. du Ranquet et M. Wajeman, Erès, Toulouse.

-          Ausloos G. (2016), la compétence des familles (1995), Erès, Toulouse.

-          Haley,J.(2009), stratégies de la thérapie (1963), Erès, Toulouse.

-          Andolfi M.(1977), la thérapie avec la famille, trad.A.-M.Colas et Maurice Wajeman, ESF, Paris.

-          Duriez N., changer en famille. Les modérateurs et les médiateurs du changement en thérapie familiale, Erès, Toulouse.

ملاحظة: ليكن في علم الطلبة (السنة الثالثة عيادي)، أن هذا الدرس هو أخر درس في الأعمال الموجهة، علما أننا انتهينا من تقديم المحاضرات في المدرج  بتاريخ 11 مارس 2020، و بالتالي أكون قد انتهيت من تغطية كل البرنامج الخاص بالعلاجات الأسرية النسقية.

أتمنى التوفيق للجميع، كما أؤكد على ضرورة البحث و الاطلاع على المراجع الخاصة بالمقياس و المدونة في أخر هذا الدرس.

سوف أبعث لكم لاحقا، حوصلة لأهم ما تناولناه في هذا المقياس.

 

                                                                                  الأستاذة: كبداني خديجة

 

 

                          


المقياس: العلاج الأسري النسقي البنائي ( السنة الثالثة عيادي).

حصص الأعمال الموجهة T.D :

 

البطاقة التقنية رقم 1 :         سيرورة الحصص العلاجية :

ان تقنية العلاج الأسري البنائي لمينوشان S.Minuchin تكون وفق الجلسات التالية:

الجلسة الأولى:

تعتبر الأرضية القاعدية للحصص العلاجية الموالية، فهي بمثابة جلسة تحضيرية يتم فيها اللقاء والتعارف بين المعالج والأسرة بكل أفرادها الحاضرين، كما أنه في هذه الحصة يتم وضع رزنامة للمواعيد والتحسيس بضرورة احترامها، وفي نفس الجلسة يقوم المعالج بتقديم فكرة واضحة عن العلاج الذي سوف يطبقه وكذا الأهداف التي يرغب في تحقيقها.

الجلسة الثانية:

يتم فيها تحديد المشكل الذي أدى بالأسرة إلى طلب المساعدة، وفي هذه الجلسة تبرز بوضوح الأعراض التي تقدمها الحالة ومحاولة توعية أفراد الأسرة الباقية بالمشكل المطروح.

الجلسة الثالثة:

في هذه الجلسة، يقدم المعالج محاضرة حول المشكل الأساسي الذي طرحته الحالة و الذي يعتبر السبب الرئيسي في معاناته النفسية والاجتماعية على كل من الحالة وكذا أفراد أسرته الحاضرين معه في الجلسة العلاجية، كما يعمد إلى تبسيط المعلومات التي يقدمها حتى يتمكن الكل من الاستيعاب و الفهم، كما يسعى الى استخدام الأعراض الأساسية التي تقدمها الحالة بهدف الكشف على مختلف الضغوطات و الصراعات التي تعيشها كل أسرة الحالة من خلال هذا المشكل، و في أخر الجلسة يقدم المعالج بعض الواجبات المنزلية هدفها التقريب أكثر بين أفراد الأسرة ككل .

الجلسة الرابعة :

في هذه الجلسة، يقوم المعالج بالتطبيق الفعلي للتقنية العلاجية، حيث يقدم لأفراد الأسرة الحاضرة خريطة عن بنيتها تبين وضعيتها الحالية و هذا بالأخذ بعين الاعتبار الجانب العلائقي و المتمثل في المسافة التي تفصل بين أفراد الأسرة ومن ثم يتمكن من تشخيص الجو العاطفي السائد بينهم من خلال المسافة أو الفضاء أي في هذه الجلسة يتمكن من تحديد البنية الأسرية.

 

الجلسة الخامسة:

في هذه الجلسة، يركز المعالج على كشف الصراعات وتحديد الخلل الوظيفي الذي يكشف التعاملات والتفاعلات الأسرية، مما يسمح للأسرة بالتعبير عن ظروفها وتعاملاتها المعتادة، هذه الخطوة تسمح للمعالج بإعادة تنظيم المسافة بين أفراد الأسرة محاولا تقريبها أكثر ومن ثم يتمكن من خلق جو عاطفي حميمي بين الكل.

الجلسة السادسة :

في هذه الحصة، يقوم المعالج برفع درجة الضغوط والتوترات بين أفراد الأسرة، و الهدف من ذلك هو الوقوف على مختلف أشكال المقاومة التي يبديها كل فرد من المجموعة وهذا النوع من المقاومة هدفه الوصول إلى التفاعل والتعاون وبالتالي خلق بنية أسرية تتميز بالتوازن الداخلي وبحدود متفتحة و لدنة.

الجلسة السابعة:

هذه الجلسة تعرف بجلسة الجو العاطفي الذي يسعى المعالج إلى خلقه و تبنيه من طرف كل الأفراد المكونة للبنية الأسرية، الهدف من هذه الجلسىة هو اعادة الثقة و التقدير الجيد لذات الحالة التي تعاني و تقدم في نفس الوقت أعراض تشترك فيها كل الأسرة، لأنه سوف يشعر من جديد أنه يملك مكانة مهمة داخل أسرته ولا يمكن الاستغناء عنه، فمثل هذه المساندة تدخل كل أفراد الأسرة في علاقات حميمية ومشاركة وجدانية مما يساعد على تجاوز الضغوطات و الصراعات.

الجلسة الثامنة :

و هي الجلسة الختامية، حيث يقوم فيها المعالج  بتقييم كل الجلسات العلاجية وتقديم النتائج التي توصل إليها كما يمنح الفرصة كذلك لكل أفراد الأسرة بتقييم البرنامج العلاجي المطبق عليهم أي هل هناك تغيير في العلاقات والتعاملات مما يمكن المعالج من مراقبة الفرضية الأولية التي انطلق منها في عمله والتأكد من تحقيق الهدف العلاجي من عدمه، كون هذا النوع العلاجي يهدف إلى تغيير أو تعديل عناصر البنية الأسرية أوتغيير بعض العناصر فقط التي تؤدي بدورها إلى تعديل السلوكات وتغيير مجرى العلاقات إلى الأحسن.

ملاحظة هامة: عدد الجلسات يتغير حسب سيرورة الحصص العلاجية و تجاوب الأفراد معها، بمعنى قد يكون أقل أو أكثر مما قدم لكم الآن.

ليكن في علم الطلبة أن هذه المعلومات تجدونها في السند البيداغوجي الأخير الذي قدمته اليكم في الحالة المدمنة على المخدرات.

                                                                                 أستاذة المقياس: خديجة كبداني


جامعة وهران 2

كلية العلوم الاجتماعية

قسم علم النفس و الأرطفونيا

تخصص علم النفس العيادي

طلبة السنة الثالثة عيادي

أ.د. كبداني خديجة                                                                                  

 

البطاقة التقنية رقم 4 : T.D

                            

                                                      التيارات الأساسية في العلاج الأسري النسقي                                   

 

كل التيارات أو النماذج الخاصة بالعلاجات الأسرية، استمدت مفاهيمها و مبادئها من نظريات الاتصال، الجماعة و كذا النظرية العامة للأنساق و تتمثل هذه المفاهيم في: التوازن، التفاعل، الرابطة المزدوجة و مفهوم التغيير.

و للعلم يوجد نموذجين كبيرين في العلاجات الأسرية النسقية، يندرج كل واحد منهما في:

1-     النموذج التزامني.le modèle synchronique

2-     النموذج التعاقبي ( أو التطوري).le modèle diachronique

1-    النموذج التزامني في العلاجات الأسرية النسقية:

يتضمن هذا النموذج مختلف اتجاهات العلاجات الأسرية النسقية، حيث يعتبر هذا النموذج أن أعراض المرض تنشأ في الحاضر، و لا ترتبط بما عاشه الفرد سابقا أي لا ترتبط بتاريخ الفرد و الأسرة.

حسب رواد هذا النموذج الهدف هنا هو تفعيل الاتصال و التفاعل بين الأفراد بغية اصلاح العلاقات بينهم و تحقيق أكثر توازن و اجتماعية.

اذن، يكون هدف المعالج في هذا النمودج هو تفعيل السياق العلائقي و الاتصال في النسق الأسري و ذلك من خلال الاعتماد على استراتيجيات لتحقيق هذا الهدف، تختلف هذه الاستراتيجيات باختلاف الاتجاه المتبع، حيث يتكون هذا النموذج مما يلي:

أ‌-       العلاج الاتصالي النسقي: يعرف أيضا باسم العلاج التفاعلي المختصر، كما يعرف باللغة الأجنبية ب thérapie cybernétique systémique، يركز هذا النوع العلاجي على تشخيص الخلل الوظيفي لوسائل الاتصال داخل النسق الأسري.

تم تطوير هذا النوع العلاجي من طرف كل من باتسون    Bateson هالي Haley   في جامعة كاليفورنيا، تم تبنى كل من Fish et Watzlawich هذا العلاج سنة 1958 .

قام رواد هذه المدرسة بدراسة سيرورات الاتصال و التغيير داخل أسر المدمنين و الفصاميين بالمستشفيات، حيث توصلوا في دراساتهم الى أن العائلات المدروسة كانت تتميز بالصلابة أي ليس لديها قابلية للتغيير و لا تملك امكانية مواجهة أي تغيير يطرأ عليها، هذا ما نفسره من الناحية الاكلنيكية باستعمال ميكانيزم المقاومة بطريقة نمطية.

كما توصل هذا الفريق من الباحثين أن هذه العائلات تعاني من اضطرابات على مستوى الاتصال بين الأفراد، و شخصوا هذا الاضطراب بالقيد المزدوج ( الذي عرفناه باسم الرابطة المزدوجة سابقا)، و يقصد به ارسال رسالتين متناقضتين من مصدرين مختلفين "أ" و "ب"، حيث تسعى رسالة الفرد "أ" الى تقييد و تجريد رسالة الفرد "ب" و العكس صحيح.

مثال: يقول الأب لابنه: "لا يجب أن تخرج من البيت بعد الساعة السادسة مساء مهما كانت الأسباب"، تتدخل الأم و تقول له أي لنفس الابن: "يمكنك الخروج على الساعة السادسة مساء اذا ما أرسلتك لتشتري لي لوازم مهمة".

هذا الابن يشعر أنه أمام طريق مسدود، و أنه مهما فعل فسيعاقب من الأب أو الأم، هذه الوضعية تؤدي الى احداث خلل وظيفي في الاتصال بين أفراد الأسرة.

انطلاقا من هذا المثل، و من منظور العلاج الاتصالي النسقي، يتضح لنا الخلل الوظيفي للاتصال داخل النسق الأسري، في حين نلاحظ أن العرض le symptome  يقدمه فرد واحد من بين أفراد الأسرة فيصبح حاملا للمشكلة و يطلق على هذا العضو اسم "العميل المحدد le patient désigné".

في هذه التقنية العلاجية، يركز المعالج على دراسة الاتصال (تحليل القيود المزدوجة او ما عرفناه سابقا بالرابطة المزدوجة) داخل الأسرة، الأعراض المقدمة، المقاومات التي يظهرها الأفراد خلال الحصص العلاجية .

استنتاج: ان العلاج الاتصالي النسقي، يركز على الاتصالات المتناقضة التي تسبب اضطرابات للفرد داخل نسقه، و يهدف هذا النوع العلاجي الى تحسين الاتصال بين كل الأفراد حتى يصبح يتخذ مسارا أخر مما كان عليه سابقا.

ب‌-   العلاج الأسري الاستراتيجي: تطور هذا النوع العلاجي على يد هالي Haley، حيث يعتمد في علاجه على نمو الأسرة، التسلسل، السلطة و وظيفة العرض.

انطلق العلاج الأسري الاستراتيجي من نمو و تطورالأسرة، فحسب هذا النوع العلاجي، الأسرة تكون دائما في طور النمو، بما أنها تتشكل بزواج شخصين (رجل و امرأة)، فيكونان زوج واحد من خلال الزواج، بعد ذلك تتوسع الأسرة مع ازدياد طفل أو أكثر، فيتطور بذلك الزوجين الى والدين، فتتطور بذلك أدوارهما و وظائفهما ( التطور من زوج و زوجة الى أب و أم)، ان هذا التطور يكون كذلك من خلال نمو الأطفال عبر كل المراحل العمرية.

في هذا المنظور، يرى موني الكايم Money Elkaim  ، أن الأسرة من خلال هذه العملية أي التغيير، فهي تحقق دمج عناضر جديدة على بنيتها، كونها تعتبر جماعة متسلسلة و يتعلق تسلسلها بترتيب الأجيال ( أي هناك جيل الأجداد، الوالدين، الأطفال) و مع هذا التسلسل و التغير في الأدوار و الوظائف داخل النسق الأسري، يصبح لكل فرد دور يقوم به، و يتمثل هذا الدور أساسا في السلطة ( بمعنى من يقوم بأخذ القرارات  و التحكم في القرارات العائلية، أي الأب ؟أو الأم ؟أو كلاهما معا؟، الطفل أو الوالدين بالتحالف مع الأبن؟

أما هالي J.Haley ، يرى أن المرض يحدث في الأسرة عندما يتحول التسلسل الأسري الى خلل وظيفي

( يرجع أساسا الى وظائف أفراد الأسرة أي احتكار السلطة و السيطرة من طرف شخص واحد)، في هذه الحالة المريض المحدد هو الشخص الذي يحمل أعراض هذا الخلل، فالعرض هنا يكتسي وظيفة تتمثل في السيطرة على  السلوك والعلاقة بين أفراد الأسرة.

حسب هذا النموذج العلاجي، يكون ظهور العرض مرتبط ب:

-         أن يكون لسلوك المريض تأثير كبير على باقي أفراد الأسرة.

-         أن يشعر هذا المريض بالعجز في اتخاذ أي قرار، مما يجعل سلوكه يتميز بالتناقض بين ما يريده و ما يقوم به.

-         يكون العرض اذن من أجل الاهتمام به أكثر، ويعتبر من المنظور العلاجي الاستراتيجي كمظهر من مظاهر صراع السلطة داخل الأسرة، حيث يتبناه المريض بغرض الاهتمام به و للضغط على نسقه الأسري و بالتالي يهدف هذا العلاج الى فحص وظيفة الاتصال داخل الأسرة و كذا طبيعة و وظيفة العرض المقدم من طرف المريض من أجل تشخيص المشكلة و تفسيرها في اطار علائقي و تفاعلي، بحيث يركز هالي J.Haley في العملية العلاجية على حل الصراعات و اعادة توزيع السلطة و تنظيمها بين أفراد الأسرة حتى نصل الى التفاعل و التحالف في نفس النسق الأسري, و حسبه هذا هو المبدأ الأساسي في هذا النوع العلاجي.

-         ج- العلاج الأسري البنائي: رائده سلفادور مينوشان Salvador Minuchin، ينتمي هذا العلاج للنموذج التزامني، حيث يهتم بالبنية الأسرية و تنظيمها و وطائفها، بصفة دقيقة يعرف هذا االنموذج العلاجي حسب Salvador Minuchin على أنه:" اطار نظري يحتوي على مجموعة من التقنيات التي تقرب الفرد من نسقه الاجتماعي".

كما تناولنا في محاضراتنا، أن الاشكالية الأساسية بالنسبة ل Salvador Minuchin، تتمثل في الخلل الوظيفي داخل البنية الأسرية، هذا الخلل الذي يؤدي غالبا الى الخلط و الصراع في الأدوار بين أفراد النسق الأسري، مما يؤدي بدوره الى خلل على مستوى حدوده.

ملاحظة: هذا النوع العلاجي، تطرقنا اليه بكل التفاصيل في المحاضرات.

2-    النموذج التعاقبي أو التطوري للعلاجات النسقية الأسرية:

يتضمن هذا النموذج مجموعة من العلاجات الأسرية النسقية التي تهدف لعلاج مختلف الاضطرابات النفسية بالأخذ بعين الاعتبار تاريخ الحالة.

اهتم موني الكايم Money Elkaim  في سنة 2001 بهذا النموذج المتعدد الأوجه للعلاجات، حيث توصل الى أن تاريخ المرضى و عائلاتهم يلعب دورا كبيرا في ظهور و تطور الاضطرابات السلوكية و النفسية.

بالإضافة الى الاهتمام بمختلف مراحل الطفولة، يركز المعالجون الذين بتبنون هذا النوع العلاجي على أهمية الأحداث و البناءات النفسية المرتبطة بحياة الوالدين و الأجداد و الأسلاف، لأن العائلة حسب رأيهم عبارة عن وحدة لاعادة الانتاج ( بمعنى الأجيال تتناقل أنماط التبادل فيما بينها).

نجد في هذا النموذج نوعين من العلاجات و هما كالتالي:

أ‌-       العلاج الأسري السياقي ما بين الأجيال: ان رائد هذا النوع العلاجي هو Boszormenyi Nagy  (1973)، ان هذا العلاج يختلف عن العلاجات الأسرية النسقية الأخرى، حيث أن في هذا التوع يكتسي مفهوم "السياق"، معنى خاص، كونه يركز على شبكة العلاقات بين أفراد الأسرة، بمعنى كل سلوكات الفرد لها تأثير على الأخر بطريقة تبادلية.

يعتمد هذا العلاج على أربعة أبعاد:

1-     البعد البيولوجي ( المحددات البيولوجية مثل الوراثة و كل ما يتعلق بالجانب الجسمي) و كذا الجوانب الاجتماعية و التاريخية (الطلاق، الوفاة، الانتقال، الاضطرابات الجسمية، الاعاقة...).

2-     البعد النفسي الفردي أي ما يتعلق بالجهاز النفسي للفرد، و يتضمن المحددات الأساسية كالقدرات المعرفية، الميكانيزمات الدفاعية...

3-     البعد الانتقالي، يتضمن النماذج السلوكية و نماذج التواصل بين الأفراد.

4-     البعد الأخلاقي و بتعلق الأمر بأخلاقيات العلاقة مع الأخر مثل الانضباط، الاستقامة’ الصدق...

علما أن كل هذه الأبعاد ترتبط ببعضها البعض و الواحد يكمل الأخر.

لقد طور Boszormenyi Nagy  عدة مفاهيم تخص هذا النموذج العلاجي، هذه المفاهيم التي تصف مختلف مشاكل الأسر، مثل اضطرابات السلوك و الأمراض النفسية و التي غالبا ما تكون مرتبطة بالاختلالات و الوظائف العلائقية بين الأفراد داخل النسق.

تتمثل هذه المفاهيم في ما يلي:

-         مفهوم الولاء: يعتبر أساسيا في العلاج السياقي ما بين الأجيال، و يستعمل من أجل الدلالة على موقف الاخلاص و الاحترام لشخص ما، و قد أخذ هذا المفهوم معناه العام و أصبح عبارة عن قوة منظمة للأنساق الانسانية التي تجعل الفرد على مسار كل حياته موضوعا تحت مفهوم الولاء من طرف عائلته الأصلية أو من طرف الأنساق الفرعية الأخرى، و الذي يضمن له الاستمرارية.

-         مفهوم ميزان العدل: يقصد به التوازن بين الأخذ و العطاء، يرى رواد هذا النموذج العلاجي أن التوازن هو جوهر العلاقة الحميمية بين الأفراد و اختلال هذا التوازن يؤدي الى اضطرابات سلوكية و مشاكل نفسية.

ان هذه المفاهيم تعتبر كقاعدة لهذه المقاربة العلاجية.

ب‌-  العلاج الاسري المتعدد الأجيال: رائد هذا النوع العلاجي هو Murray Bowen، حيث استمد نظريته من مجمل الملاحظات التي أخذها من خلال دراسته و تعامله مع أسرة فصامي.

من أهم المفاهيم التي تناولها في هذا العلاج ما يلي:

-         مفهوم تمايز الذات، و يقصد به قدرة الفرد على الفصل بين النسق الانفعالي و النسق الذهني أي الفرد تكون له القدرة على تسيير انفعالاته بطريقة عقلانية و موضوعية دون أن يؤثر ذلك على مساره الذهني أي العصبي ، في حالة عدم التوازن بين هذين المفهومين  يجد الفرد نفسه غير قادر على الاختيار الذي يناسبه في حياته:

-         مفهوم المثلثات، و يعتبر العنصر الأساسي و الأصلي ل M.Bowen، حيث يتشكل من ثلاثة أشخاص و يعتبره النظام الأصغرلتنطيم العلاقات الوجدانية المستقرة بين الأفراد داخل النسق الأسري، و قد تتعدى هذه المثلثات خارج الأسرة الى الأنساق الأخرى مثل المدرسة، العمل ...

ان M.Bowen، يركز في هذا التوع العلاجي على مكانة الفرد داخل الجماعة، حيث يرى أن أي تمايز بين الفرد و الجماعة التي ينتمي اليها، سوف يؤدي به الى عدم تقبله من طرف هذه الجماعة، مما سيؤدي الى جملة من ردود الأفعال السلبية التي تجعل الفرد مجبرا على التوافق و التكيف مع الجماعة.

نستنتج من هذا الطرح أن المعالج الذي يتبنى هذا النموذج العلاجي، يهتم بتاريخ الأسرة و تسلسلها عبر الأجيال، و يركز خاصة هلى حل المشاكل الوجدانية داخل العائلات، التي غالبا ما تكون سببا في ظهور اضطرابات سلوكية و انفعالية لدى الفرد.