الدرس الثاني
مفاهيم أساسية حول المقاولاتية
تعتبر المقاولاتية ((Entrepreneurship من أهم المفاهيم الاقتصادية في المجتمع الحديث. وهو ما يطلق عليه في الأدبيات الصادرة بالمشرق العربي "ريادة الأعمال". وقد ظهر مصطلح المقاولاتية في العلوم الاقتصادية في المقام الأول في كتابات Cantillon Richard)) حوالي 1680 - 1734.
ويعود الفضل في وضع تعريف واسع لمفهوم المقاولاتية إلى الخبيرين الاقتصاديين Schumpeter Joseph و Frank Knight اللذين عرفا المقاولاتية على أنها: "عملية ابتكار وتطوير طرق وأساليب جديدة لاستغلال الفرص َ التجارية".
فالمقاولاتية إذا هي عبارة عن "مفهوم واسع للنقاش والدراسة، فهناك العديد من التعاريف المختلفة التي تم وضعها من قبل مختلف الباحثين، حيث ينظر البعض إلى المقاولاتية باعتبارها "تحمل للمخاطرة"، وينظر آخرون إلى هذا المفهوم على أنه مرادف "للإبداع و الابتكار"، في حين يرى باحثين آخرين في هذا المفهوم يضم في طياته "البحث عن المغامرة"، فالتنوع الكبير في تعريف المقاولاتية يرجع بشكل كبير إلى تعدد أنشطتها، حيث تشمل وتغطي العديد من الأنشطة المغامرة (المخاطرة، الابتكار، الإبداع،... ) الخ، كما يرى العديد من الباحثين أن المقاولاتية عبارة عن نوع من السلوك وأسلوب حياة، كما يمكن النظر لها على أنها عملية مستمرة ( ( Process.
وهكذا يعرف Hodgetts et Kuratko المقاولاتية بأنها: "عملية المغامرة بالبدء في عمل تجاري، وتنظيم الموارد اللازمة لذلك، مع الأخذ في الاعتبار للمخاطر والعوائد المترتبة عن هذا العمل التجاري".كما يعرفها Higgins على أنها: "وظيفة البحث عن فرص الاستثمار والإنتاج، وإعداد المؤسسة للتجديد المستمر للعملية الإنتاجية، ورفع رأس المال، وتوظيف اليد العاملة، وتنظيم و ترتيب الحصول على المواد الأولية واختيار المدير المسؤول عن العمليات اليومية في المؤسسة. من جهة أخرى يعرف Rentshler et Fillis المقاولاتية بأنها "عملية خلق قيمة مضافة للمؤسسات والمجتمعات من خلال الجمع بين مجموعات فريدة من الموارد العامة والخاصة لاستغلال الفرص الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية، في البيئة المتغيرة"، ويرى الباحثان أن مفهوم المقاولاتية يتضمن ثلاث أبعاد رئيسية هي:
- الإبداع: وهو الطريقة التي يتبعها المقاول في البحث عن فرص جديدة، أو الطريقة التي يتم بها جلب الأفكار للحصول على نتيجة مربحة، فنجاح الإبداع يعتمد على النجاح في سوق الأفكار، وليس في حداثة الفكرة فقط.
- المخاطرة: وتعني الطريقة التي يتم بها دمج الإبداع في المؤسسة، أو المجتمع، أو الجماعة، وترتبط كذلك بالرغبة في توفير موارد أساسية لاستثمار فرصة موجودة مع تحمل المسئولية عن الفشل وتكلفته.
- المبادرة: تتعلق المبادرة بعمل الأشياء من خلال المثابرة، والقدرة على التكيف، وعمل قطيعة مع الطريقة التي يتم بها القيام بعمل الأشياء.
وعليه، فإن مفهوم المقاولاتية هنا يتضمن جميع الوظائف والأنشطة والأفعال المرتبطة بإدراك الفرص وإيجاد المنشآت التي تستثمر هذه الفرص. كما ينطبق مفهوم المقاولاتية على جميع المؤسسات بأنواعها وأحجامها، من المؤسسات الصغيرة المحلية إلى المؤسسات العالمية. ومن خلال التعاريف السابقة يمكن الخروج بمجموعة من الاستنتاجات، تتمثل أهمها في أنها:
خصائص المقاول الناجح:
لا يمكن الحديث عن المقاولاتية دون التحدث عن المقاول وما يتميز به من خصائص نفسية واجتماعية ومهنية ومن كفاءات اجتماعية وإدارية وتقنية. يمكن حصر خصائص المقاول الناجح في الخصائص النفسية والكفاءات المهنية والكفاءات المقاولاتية.
المقاول الناجح |
مهارات مهنية |
كفاءات مقاولاتية الناجح |
خصائص نفسية |
شكل رقم 2: مهارات وكفاءات المقاول الناجح
1. الخصائص النفسية للمقاول:
تتمثل الخصائص النفسية للمقاول الناجح في مجالين رئيسيين وهما التميز بالذكاء والإبداع، إلى جانب ما يتميز به من شخصية تسمح له بالتفاعل الإيجابي مع محيطه.
1.1 - الذكاء والقدرة على الإبداع: يحتاج المقاول في أداء مهامه في مجتمع معقد تعترضه الكثير من العوائق والصعوبات إلى قدر فوق المتوسط من الذكاء والقدرة على الإبداع. إذ أن ضعف الذكاء والقدرة الإبداعية للمقاول تؤدي به إلى الفشل.
1.2 - مميزات شخصية: يتميز المقاول بمجموعة من الصفات والخصائص الشخصية الضرورية لأداء مهامه وتحقيق أهدافه بطريقة سليمة وناجحة. تتمثل أهمها في:
- الثقة بالنفس.
- الجدّية.
- الانضباط.
- المواظبة في العمل.
- التفاؤل.
- الصبر على تحمل الصعاب.
-احترام الوقت
وهي خصائص نفسية يتطلب توفرها في المقاول حتى يتمكن من النجاح في أداء مهامه المقاولاتية.
2. المهارات المهنية الكفاءة التقنية
حتى يتمكن المقاول من أداء مهامه بكل حرفية وإتقان، فيجب أن يتمكن من مجموعة من المهارات والكفاءات المهنية في مجال نشاطه والتي تسمح له بأداء مهامه بطريقة سليمة، وذلك حتى يتمكن من متابعة مستخدميه والإشراف عليهم وتوجيههم أثناء أدائهم لعملهم.
يمكن الحصول على هذه الكفاءات من خلال:
- خبرة مهنية سابقة.
- تدريب مهني ملائم.
- متابعة دراسة تطبيقية بالمعاهد العليا أو بالجامعات.
المهارات التقنية:
يبدي العديد من المقاولين مهارات تقنية عالية، وعادة ما يجلبون بعض الخبرات ذات الصلة لمشاريعهم المقاولاتية.
تخطبط إنشاء المقاولات
هناك حاجة إلى مخطط تفصيلي للكيفية التي يتوقع بها صاحب المشروع أو مالك المؤسسة تحويل الأفكار إلى واقع.
قد يستعين المقاول بكفاءات لمساعدته في تأدية مهامه المقاولاتية، إلا أن ذلك لا يغني عن اكتسابه قدرا من المهارات المهنية، حتى يتمكن من فهم آليات إنجاز أعماله والإشراف عليها.
3. الكفاءات المقاولاتية:
إلى جانب الخصائص النفسية والمهارات المهنية، يحتاج المقاول إلى التحلّي بمجموعة من الكفاءات التي يمكن أن نطلق عليها الكفاءات المقاولاتية. ويمكن حصر أهمها فيما يلي:
- الفطنة: وهي ميزة مهمة. وقد قال رسول الله (ص) "المؤمن كيّس فطن".
- المجازفة: يتميز المقاول بقدرته على المجازفة، أو ما يطلق عليها أيضا المخاطرة، إلا أن هذه العملية يجب أن تكون بعد تفحص ودراسة، بحيث تقل احتمالات الفشل عند أدائها، وهي خاصية أساسية في المقاول الناجح.
- اقتناص الفرص واستغلالها: على المقاول الناجح التعرف على ما في محيطه من فرص يمكن قنصها واستغلالها لإجراء عمليات تجارية أو إنتاجية والحصول من ورائها على أرياح.
- القدرة على ربط عناصر العملية المقاولاتية: يحتاج المقاول في تشييده مقاولته إلى جمع متطلبات الإنتاج من هياكل وعمال ومواد أولية وآلات وهو ما يتطلب فطنة في اختيار مستلزمات الإنتاج وأداء المهام المقاولاتية.
وهي خصائص يمكن تنميتها عن طريق الدراسة والتدريب والممارسة، وهو ما يمكن للجامعة المساهمة في تحقيقه، من أجل إيجاد مجتمع مقاولاتي ناجح.
إن جميع الخصائص النفسية والمهارات المهنية والكفاءات المقاولاتية التي تم التطرق إليها تحتاج إلى تدريب عميق ومعقد وطويل الأمد، يتعين علي الجامعات والمعاهد العليا ضمان تنميتها، من خلال إعداد الشخصية الريادية وتوفير الظروف المناسبة لنجاح حركية المقاولاتية عند الشباب.
- Gestor: HAYAT GHIAT