صعوبات تعلّم الكتابة

محاضرة موجهة لطلبة سنة أولى ماستر علم النفس المدرسي / أ.حليمة قادري.

مقياس صعوبات التعلم (السداسي الثاني-صعوبات التعلم الأكاديمية)

 

تمهيد :تعد الكتابة عملية فكرية ونفسية وسلوكية تحتاج إلى دافعية وتنظيم ذاتي وتوجها إيجابياً نحو الكتابة والوعي بأهميتها والثقة بالنفس ، وهذه مهارات تصعب ، في العادة ، على التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم.

مراحل الكتابة :اقترح العلماء التدرج في تدريس مهارات الكتابة ابتداءً من التهيئة والتخطيط للكتابة وانتهاء بكتابة النص كاملاً ، مع إجراء تصحيح الأخطاء والاهتمام بالمظهر العام , وفيما يلي اتباع لهذا التدرج مع ذكر الاستراتيجيات ذات العلاقة .

مرحلة الكتابة الأولية : في مرحلة الكتابة الأولية يمكن للتلاميذ استخدام الاستراتيجيات التالية لتساعدهم على توليد الأفكار وتقييم العلم المبدئي : Dela Pas & Graham 1997 :

- إعداد الجملة الافتتاحية .

- ذكر الأسباب التي تساند المنهج أو المبدأ الذي سيكتبون عنه         ( مبررات ) .

- فحص مدى جودة كل سبب مساند .

- ذكر خاتمة للمقال .

مساعدة التلميذ على التأمل والتخطيط قبل البدء في الكتابة :

يمكن إتباع خطوات الإستراتيجية التالية لمساعدة التلميذ على التفكير والتخطيط استعداداً للكتابة :

- أجل الحكم على الكتابة ( الأفكار ) : وخذ الطرق الثاني بعين الاعبتار ، وقم بتوليد أكفار متضادة بعضها مؤيد والآخر معارض للموضوع ، ويمكن مساعدة الذات بطرح الأسئلة التالية :

أ- هل كتبت أفكاراً ممثلة لكلا الجابين ، وإن لم أفعل فعلي عمل ذلك الآن .

ب- هل يمكن أن أفكر في شيء آخر ؟ حول أن تكتب مزيداً من الأفكار .

ج- من الأشياء التي لم آخذها بعين الاعتبار حتى الآن ....... .

- اختر أحد الجانبين : إقرأ الأفكار وقرر أي الجانبين تختار ( المؤيد أو المعارض ) .

بناء على ما تعتقد أو على أكثر الجانبين قوة في الحجة . ثم ضع علامة (+) على الجانب الذي يمثل رأيك .

- نظم الأفكار : اختر أفكاراً قوية وقرر كيف يمكن تنظيمها استعداداً للكتابة ، والإجراءات التالية تساعد على ذلك :

أ- ضع نجمة بجانب الفكرة التي تريد استخدامها ، اختر على الأقل فكرة واحدة .

ب- اختر على الأقل .... حجة .

ج- ضع أرقاماً لأفكارك تبين تسلسلها الذي ستستخدم فيه .

- توسع في التخطيط كلما تمضي في الكتابة : استمر في التخطيط مع  تقدمك في الكتابة ، وهنا يمكنك استخدام جميع أجزاء المقالة الرئيسية ( جملة الافتتاح ، الأفكار المساندة ، الرد على المعارض ، الخاتمة ) ومما يساعد على ذلك الإستراتيجية التالية :

أ- هيئ الجملة الافتتاحية .

ب- أضف العبارات المساندة .

ج- أرفض ما يحتمل من معارضة الطرف الآخر .

د- اختتم الموضوع بخاتمة .

لقد تبين للباحثين 1997 Dela Paz & Graham أن استخدام هذه الإستراتيجية ساعد التلاميذ على التأمل والتفكير والتخطيط ، مما جعل كتابتهم أطول مما كانت عليه قبل التدخل ، وأكثر من حيث الأفكار المساندة ، وأفضل من الناحية النوعية للكتابة .

كما وجد 1998 Sexton, Harris & Graham نتائج إيجابية لاستخدام الإستراتيجية التالية المكونة من ثلاث خطوات – فكر ، خطط ، أكتب :

أ- فكر من سيقرأ هذه الكتابة ، ولماذا تكتبها ؟

ب- خطط لما ستقول مستخدماً استراتيجيات إعداد الجملة الافتتاحية ، ذكر الأسباب ، فحص الأسباب ، وذكر الخاتمة .

ج- أكتب وقل مزيداً من المعلومات .

فقد أدى استعمال التلاميذ لهذه الإستراتيجية إلى زيادة مدة التخطيط والاستعداد للكتابة وإلى زيادة كمية النص المكتوب ، كما ازداد عدد الأسباب المساندة للرأي وكذلك كان النص أكثر تماسكاً وقد تحسنت نوعية الكتابة .

كتابة الجمل والعبارات : يؤكد 2008 Saddler, Asaro and Behforooz على أهمية تدريب التلاميذ الدين لديهم صعوبات تعلم على كيفية بناء الجمل وربطها لما له من فائدة في تحسين مهارات الكتاب . وبما أن من مهارات الكتابة تكون في العادة صعبة على هؤلاء التلاميذ فقد وضع 1985 Sehumaker & Sheldon إستراتيجية من أربع خطوات تهدف إلى مساعدتهم على تركيب وبناء الجمل ، وكذلك كتابة المقاطع ، وتمثل الإستراتيجية في الخطوات التالية :

- اختر نوع الجملة والصيغة .

- أبحث عن كلمات تناسب الصيغة .

- أكتب الكلمات .

- أبحث عن أفعال وفاعل .

كتابة المقاطع : لقد صمم 1992 Welch إستراتيجية فوق معرفية تهدف إلى مساعدة التلاميذ الذي لديهم صعوبات تعلم بسيطة على كتابة المقاطع ، وتتكون هذه الإستراتيجية من ست خطوات وهي كما يلي :

- اختر عنواناً ( موضوعاً ) وقارئاً وأسلوباً معيناً ( مقارنة ،أسباب ونتائج ).

- وضع قائمة معلومات حول الموضوع يمكن استخدامها في توليد الجمل والتقييم المستمر والتخطيط التنظيمي .

- قيم مدى اكتمال القائمة ، ثم قم بوضع خطة لكيفية تنظيم الأفكار التي تستخدم لتوليد العبارات المساندة .

- إبدأ المقطع بجملة إخبارية افتتاحية بسيطة .

- أكتب العبارات المساندة مستعيناً بما ورد في القائمة .

- اختتم الموضوع بعبارة ختامية مرتبطة بصيغة الجملة الافتتاحية ، ثم قيم الكتابة من حيث الأخطار الآلية كالإملاء والترقيم والمظهر .

وقد ذكر 1992 Welch أن استخدام هذه الإستراتيجية زاد من وعي  التلاميذ بمتطلبات الكتابة في مراحلها المختلفة كالاستعداد والتخطيط والكتابة والتعديل .

كتابة النص كاملاً : بجانب الاستراتيجيات المتخصصة في نواح محددة من الكتابة قام كل من 1991 Ellis & Friend بوضع إستراتيجية شاملة تعين التلميذ على تتبع خطوات الكتابة من وضع الأهداف إلى تصحيح الأخطاء ، وتتكون هذه الإستراتيجية من سبع خطوات هي كالتالي :

1- حدد الأهداف والموضوع :

- حدد من توجه له الكتابة ، وماذا تريد أن يحدث عندما يقرؤها .

- حدد نوع المعلومات التي تريد إيصالها للقارئ .

- حدد موضوع الكتابة .

أكتب الموضوع على الورق المستخدمة للتخطيط .

2- عّين الأفكار الرئيسية والتفاصيل :

- فكر في فكرتين رئيسيتين على الأقل تشرح بهما موضوع الكتابة .

- تأكد من أن الأفكار الرئيسية مختلفة .

- دوّن الأفكار الرئيسية على الورقة المستخدمة للتخطيط .

دوّن ثلاثة تفاصيل على الأقل تشرح كل فكرة رئيسية .

3- أبحث عن أفضل ترتيب للأفكار الرئيسية والتفاصيل :

- قرر أي الأفكار الرئيسية ستكتب عنها أولاً ثم ثانياً وهكذا ، ودّون ذلك على ورقة التخطيط .  -قرر ترتيب الأفكار المساندة ( التفاصيل ) لكل فكرة رئيسية ودوّن ذلك على ورقة التخطيط ، وتأكد من أن الترتيب منطقي .

4- بيّن الموضوع ( الرسالة ) في الجملة الأولى :

- يجب أن تبيّن الجملة الأولى من مقالتك فحو الموضوع .

5- دوّن كل فكرة رئيسية وكل فكرة مساندة :

- أكتب فكرتك الرئيسية الأولى مستخدماً جملة كاملة ، ثم أشرح هذه الفكرة مستخدماً التفاصيل التي قمت بترتيبها مسبقاً .

- قل لنفسك عبارة إيجابية عن كتابتك وأمر نفسك بالمزيد من الكتابة .

- أعد هذا لكل فكرة رئيسية أخرى .

6- أعد رسالة الموضوع في آخر عبارة أو جملة :

- أعد فحو موضوعك في آخر جملة .

- تأكد من أنك قد استعملت كلمات ( عبارة ) مختلفة عن الجملة الأولى .

7- أبحث عن الأخطاء وصححها :

- أبحث عن أنواع الأخطاء المختلفة في كتابتك وقم بتصحيحها ، ويمكن هنا استخدام استراتيجيات تصحيح الأخطاء التي سيرد ذكرها .

- ومن الاستراتيجيات الأخرى التي قد يستخدمها التلميذ لتسهيل مهمة الكتابة ما ذكره Mercer 1997 . إن هذه الإستراتيجية قصيرة وقليلة التفاصيل فربما تحتاج إلى تدريب مكثف ، وتتألف من أربع خطوات هي :

- فكّر في محتوى ( عنوان ، أفكار رئيسية ، وتفاصيل ) .

- رتب الأفكار الرئيسية والتفاصيل .

- أبحث عن أخطاء .

- عدّل وأعد الكتابة .

تصحيح الأخطاء وإجراء التعديلات : بعد معرفة التلميذ بالمهارات الأساسية للكتابة يبدأ الاهتمام بآلية الكتابة ، حيث يوجه اهتمام التلميذ نحو تصحيح عمله وإخراجه بمظهر مقبول قدرة ما يمكن وقد عمل 1985 Schumaker, Nolan & Deshler على إعداد إستراتيجية من أربع خطوات تسهل على التلميذ مراقبة أخطائه لغرض تصحيحها ، وفيما يلي ذكر لخطوات هذه الإستراتيجية :

- هل وضعت علامة تدل على أهمية الكلمة الأولى أو أسماء الأعلام ،(هذه قد تكون خاصة باللغة الإنجليزية أكثر من اللغة العربية ، ولكن أصبح بالإمكان تمييز الأشياء المهمة بوضع لون أو خط ) .

- كيف يبدو المظهر العام للكتابة ( أنظر إلى الفراغات ووضح الكتابة ، ووزن المقاطع والهوامش ، واكتمال الجمل والعبارات ) .

- هل وضعت الفواصل وبقية علامات الترقيم .

- هل كتبت جميع الكلمات كتابة إملائية صحيحة .

وقد تبدو هذه الإستراتجية مهتمة بالأخطاء الآلية ، ولكن هناك من الاستراتيجيات ما يكون أكثر شمولية ، حيث يهتم بالتعديلات بجانب اهتمامه بالإملاء والخط والمظهر العام , فقد قام 1991 Ellis & Friend بتدريب التلاميذ على إستراتيجية مكوّنة من ست خطوات ، تبدأ من وضع الهدف للتصحيح وتنتهي بالبحث عن الأخطاء وتتمثل خطواتها فيما يلي :

- ضع هدفاً للتحرير ( التصحيح والتعديل ) .

- قيم كتابتك لترى ما إذا كانت ذات معنى .

- إسأل نفسك عن مدى وضوح رسالتك للآخرين .

- بين الأخطاء ( الإملائية ، الترقيم ... ) .

- أعد كتابة عملك .

- ألق نظرة أخيرة على الأخطاء .

المظهر العام : إن للمظهر العام أهمية في مدى قبول القارئ للمقالة المكتوبة ، وكثيراً ما يجد التلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم مشكلة في إخراج كتاباتهم إخراجاً يحوز على رضى القارئ ، ولتحسين هذه المهارة قام 1988 Archer & Gleason بتدريب التلاميذ على الإستراتيجية التالية :

 

تعريف صعوبات تعلّم الكتابة : تعرف صعوبة تعلم الكتابة بأنها:اضطراب في التكامل ا لبصري الحركي، والطفل صاحب هذا ا لنوع من الصعوبة لیس لدیه عیب أو إعاقة بصریة أو حركیة، ولكنه غیر قادر على تحویل المعلومات البصریة إلى مخرجات حركیة

وهي تعرف أیضا "أنها عدما لقدرة على أداء الحركات اللازمة للكتابة، وهي حالة ترتبط باضطراب وظائف المخ.للطفل لا یكون قادرا على تذكر التسلسل لكتابة الحروف و الكلمات".

 

تصنيف العسر الكتابي :  يمكن تصنيف العسر الكتابي إلى نوعين أساسين هما :

1-العسر الكتابي المكتسب Acquired Dysgraphia    ويتضمن نمطين :

العسر الكتابي الفونولوجي "الصوتي " Phonological Dysgraphia ويقصد به عدم قدرة الفرد على تهجي الكلمات التي لا معنى لها ، بمعنى أن الطفل ليس لديه القدرة على أن يجمع الحروف معاً أو يستخدم العناصر المعتمدة على الصوت في تكوين الكلمات لكي يصل إلى التهجي الصحيح لها .

العسر الكتابي السطحي Surface Dysgraphia  : وفي هذا النوع تكون لدى الفرد مشكلات في كتابة الكلمات غير المنتظمة حيث يميل الفرد إلى إتباع تهجي الكلمات اعتماداً على قواعد النطق.، وليس على التهجي الصحيح الخاص بالكلمة .

2-العسر الكتابة النمائي Developmental Dysgraphia وينقسم إلى نمطين :

العسر الكتابة النمائي الصوتي : وفيه تؤثر الصعوبات على القواعد المعتمدة على الصوت بينما تظل المعرفة الخاصة بالكلمات في حالة جيدة.

العسر الكتابة النمائي السطحي : وفي هذا النوع يكون المسار الصوتي للتهجي قد تأسس بصورة جيدة بينما تظهر الاضطرابات في المسار المعجمي الدلالي أي المعرفة الخاصة بالكلمات.

 

مظاهر صعوبة الكتابة:

صعوبات خاصة في رسم الحروف والكلمات:  وتتضمن صعوبة رسم الحروف رسما  صحيحا أي التكبیر والتصغیر غیر المناسبین لخاصیة الحروف، وصعوبة الكتابة بحروف منفصلة أو متصلة وفقا للسمات الممیزة الكتابة ببطء ، ورسم الأحرف بلا شكل محدد وغیر متناسق، وعدم التوصل إلى إتباع السطر.

صعوبات استخدام الفراغ عند الكتابة:  وتخص عدم القدرة الفرد على تنظیم الحروف والكلمات بصورة متناسقة من حیث إعطاء الحجم الحقیقي للحرف والكلمة،  وعدم ترك مسافة مناسبة بین الحروف والكلمات. وترجع هذه الصعوبة إلى :

-صعوبات في إدراك العلاقات المكانیة الناتجة عن إدراك بصري خاطئ للمكان.

-مشكلات في آلیة الكتابة من استخدام لآلیات الترقیم ( الفواصل، الاستفهام)

- الصعوبة في فهم ما یكتب

-الكتابة المعكوسة.

ومن الصعوبات الهجائیة الشائعة :

عدم التمییز بین النون كحرف هجاء ونون التنوین.

عوامل وأسباب صعوبة الكتابة :

العوامل العضویة البیولوجیة: التلف الدماغي المكتسب وهو من أكثر الأسباب المؤدیة إلى صعوبات تعلم الكتابة ویعود لأسباب أهمها:

ما قبل الولادة :مثل نقص التغذیة للأم التعرض للأشعة، جفاف المشیمة.

خلال الولادة:مثل الخداج، انخفاض الوزن، الحوادث التي قد تؤثر على الدم.

عوامل متعلقة بالطفل :

اضطرابات الضبط الحركي :  تعد مهارة التآزر الحركي البصري ضروریة لعملیات النسخ، والتتبع للحروف، والكلمات ، ویعود اضطراب الضبط الحركي إلى عجز في وظیفة الدماغ، إذ أوضحت الدراسات  بعض الأطفال یعرفون الكلمة الراغبین في نسخها ، ویستطیعون قراءتها، وكذا تحدیدها عند عرضها لهم، لكنهم غیر قادرین على تنظیم وإنتاج الأنشطة الحركیة اللازمة لنسخ أو كتابة الكلمة من الذاكرة أي عجز عن تذكر التسلسل الحركي لكتابة الحروف والكلمات.

 

-اضطرابات الإدراك البصري المكاني:  إن تعلم الكتابة یتطلب من الطفل أن یعرف ویمیز بصريا بین الأشكال والحروف والكلمات والأعداد، وكذلك أن یمیز بین الاتجاهات ،الیمین و الیسار، وتمییز الخط الرأسي والخط الأفقي ، ومطابقة الأشكال والحروف والأعداد ، والكلمات على نماذجها كل هذا إذا لم یتعلمه الطفل یؤدي إلى صعوبة الكتابة. للكتابة (الحركات الدقیقة).

 

-اضطرابات الذاكرة البصریة: یواجه ذوي صعوبات الكتابة صعوبة في استدعاء، أو إعادة إنتاج الحروف والكلمات من الذاكرة، والذي یمكن ملاحظته عندما یحاول التلمیذ تشكیل سلسلة الحروف ، فعدم قدرة الطفل معرفة الأشیاء بالرغم من سلامة الحاسة البصریة یدعى فقدان الذاكرة البصریة.

عوامل متعلقة بالبیئة الأسریة المدرسیة: یرى المربون المختصون بصعوبات التعلم أنه یجب أن لا یقتصر تناول صعوبات لتعلم الكتابة، بمعزل عن العوامل الأسریة والمدرسیة.

اختفاء دور الأسرة في متابعة الطفل :  تعتبر الكتابة مهارة تتطلب التدریب المستمر والمتابعة الدائمة ، ولاشك أن وقت الحصة في المدرسة لا یكفي لتدریب الطفل على الكتابة الصحیحة ،ولذلك یجب أن یتابع ولى الأمر والمتمثل في الأسرة نمو قدرة الطفل على إتقان، وتحسین الكتابة الیدویة وإن الإهمال في هذا غالبا ما یؤدي إلى صعوبة في الكتابة ومن ثم یفشل التلمیذ ولا یستطیع كتابة كثیر اً من الجمل والكلمات بشكل صحیح.

طرق التدریس السیئة:   إن طریقة التدریس التي تعتمد على الانتقال من أسلوب إلى آخر في تعلیم الكتابة أي كتابة الحروف المنفصلة والحروف المتصلة دون مبرر، بعد أن یكون التلمیذ قد اعتاد على أسلوب واحد یضاف إلى ذلك الاقتصار في متابعة التلمیذ على حصص الخط وحدها دون الإملاء والتطبیق، وكذلك عدم وجود تحفیز للتلمیذ في متابعة التقدم في تعلیم مهارات عملیة الكتابة.

 

تشخیص صعوبة الكتابة:  إن تشخیص هذه الصعوبات لدى التلامیذ یتطلب عددا من الفحوص المتكاملة التي لا تقتصر فقط على الجانب الدراسي، و إنما تشمل أیضا الجوانب النفسیة والجسمیة والبیئیة ویمكن تبیین ذلك فیما یلي:

الفحص الطبي:دراسة الحالة الجسمیة العامة للطفل للتأكد من وجود مرض أو إعاقة من عدمه خاصة الإعاقات الحسیة والحركیة، كما أنه من الضروري  فحص المخ والجهاز العصبي لأن اضطراب الضبط ا لحركي غالبا ما یرجع إلى عجز أو تلف في وظائف المخ المسئولة عن الحركة والحاسة اللمسیة مما یؤثر في عملیات الكتابة الیدویة.

 

الفحص النفسي: ویتضمن إ جراء  اختبارات الذكاء للتأكد من المستوى العقلي المعرفي للتلمیذ ، ومدى وجود تخلف عقلي أو تأخر دراسي من عدمه ، كما یتضمن قیاس كل من المهارات الیدویة والذاكرة البصریة ، والإدراك البصري للحروف الأرقام والأشكال المختلفة بالإضافة إلى الاختبارات التي تقیس الدافعیة والمیل أو الاتجاه نحوا لدراسة ودرجة النشاط ا لزائد لدى التلمیذ.

البحث الاجتماعي:  ضرورة معرفة أسرة التلمیذ من حیث مستواها الاجتماعي و الاقتصادي والثقافي والمناخ السائد فیها، ومدى متابعتها لأداء التلمیذ في المدرسة.

 

-الدراسة التربویة لحالة وأداء التلمیذ:ویقوم به المعلم ومن یعاونه ویتضمن ما یلي:

أ-  معرفة الید المفضلة في الكتابة لدى التلمیذ :حیث یطلب منه أداء المهام التالیة:

-كتابة الاسم بالیدین بشكل متوال .

- كتابة تقاطعات أفقیة ورأسیة بالیدین وبشكل متوال .

- معرفة العین المفضلة في الرؤیة والقدم المفضلة في الركل .

- معرفة  القدرة على التمییز بین الاتجاهين الأیمن والأیسر .

- دراسة التاریخ  التطوري للطفل الذي یدل على الید المفضلة، وذلك من خلال

الاتصال بأسرة الطفل. ویرجع الفحص السابق إلى أن التلمیذ الأعسر یجد صعوبة في أداء ومتابعة الكتابة الیدویة من حیث وضعا لورقة والإمساك بالقلم ،وهذا الأمر ، یختلف في كل من كتابة الحروف المنفصلة وكتابة الحروف المنفصلة فلیس ثمة مشكلة فيا لأولى وإنما في الثانیة.

ب-  تقویم أخطاء الكتابة :حیث یطلب من الطفل أداء المهام التالیة:

إعادة نسخ جمل قصیرة بدقة لمعرفة هل یحذف بعض الحروف أو هل یكتبها

بطریقة غیر صحیحة.

- أخذ عینات من كتابة الطفل للحروف والكلمات التي تشكل جملا تدور حول موضوع ما.

-  كتابة عینات من الحروف المتشابهة ( ب / ت / ث أو ج / ح /خ ) .

- كتابة الأرقام بشكل متتابع أو غیر متتابع .

- رسم الأشكال الهندسیة .

ج-  التعرف على مهارات الكتابة :وتشمل عشر مهارات على النحو التالي:

- وضع الجسم والید والرأس والذراعین والورقة أثناء التهیؤ للكتابة .

- طریقة الإمساك بالقلم .

-الخطوط الناتجة عن الكتابة ا:لرأسیة(  فوقتحت)  والأفقیة( یمینیسار) و المنحنیة( إلى الیمین والیسار) .ومیل الحروف( یمینیسار).

 

كتابة الحروف أو تشكیلها :الشكل الصحیح أم لا، الحجم المناسب أم لا .

- إستقامة مسار الكتابة أو تعرجه على السطر .

- الفراغات بین الحروف والهوامش هل مناسبة أم متسعة أم ضیقة أكثر من اللازم.

- نوعیة الخط: وذلك من ناحیة:

 نتیجة الضغط بالقلم على ا لورقة :داكن، خفیف.

 هل هو مستقیم أم متموج؟

- وضع الخطط التنسیقیة للكتابة بحیث تبرز معانیها بوضوح وتبین تسلسل الأفكار خاصة

من حیث الهوامش وكتابة الفقرات .

-إكمال الحروف أم عدم استكمالها.


محاضرات علم النفس الأورام

لطلبة السنة أولى ماستر علم النفس الصحة

أد: طالب سوسن

 

الإشراف على الموت

 

تمهيد:

    إن مسالة الموت لا تقتصر على مريض السرطان ولكن الموت مسألة تشمل جميع الكائنات الحية  بما فيهم البشر سواء أكانوا بصحة جيدة أو في صحة متذبذبة أو متدهورة، أجنة، صغارا، شبابا، كبارا، شيوخا، ولا يعرف أحدنا منا زمن أو مكان موته، أو كيف سوف يكون ذلك، وأرى أن رحمة الله بعباده أننا لا نعرف ذلك .

وفي هذه المحاضرة سوف أشير إلى حاجات المريض الذي هو على مشارف الموت، ثم سوف أتطرق إلى الرعاية الملطفة في هذه المرحلة، لأتناول فيما بعد مفهوم الموت رغم صعوبة إيجاد مفهوم دقيق وواضح له ونهائي ومفاهيم أخرى مرتبطة به،و مراحل أو سيرورة الموت من ناحية بيولوجية وكيف يتم تشخيصه طبيا .

ولا شك أن كل واحد منكم قد عايش تجربة موت شخص عزيز عليه ومن المؤكد أن ذلك كان وقعه وتأثيره مؤلما مؤثرا، ولكن تختلف التجربة الشخصية من شخص لآخر، وفي مثل هذه الحالة فنحن كأشخاص عاديين أو مرضى نحن نحتاج إلى مرافقة نفسية كما يحتاجها مريض السرطان الذي يُشارف على الموت.


أولا: حاجات المرضى الذين هم على مشارف الموت:

    مما لا شك فيه أن الأشخاص الذين هم على مشارف الموت هم بحاجة إلى رعاية خاصة تتناسب ووضعهم الصحي من أجل تسيير الألم، كما أنهم بحاجة إلى الاهتمام بحاجاتهم الروحية والنفسية، فهم بحاجة إلى أن يُصغى إليهم، أن يُحاطوا بالأمن وأن يتم دعمهم ومساندتهم، فهم كغيرهم من الناس بحاجة إلى أن يُفهموا وأن يحترموا وهذا ما تم الاشارة إليه في محاضرات سابقة.

    البعض من هؤلاء الأشخاص قد يتمكنوا من تهيئة أنفسهم للموت في حالة من الطمأنينة والأمان، محاطين بمن يُحبونهم، ولكن مثل هذه الأمور قد لا تتحقق للجميع، فمنهم من يعيش الرهبة، غير قادرين على توجيه أنفسهم، وفي حالة اضطراب غير قادرين عن التعبير عن حاجاتهم ورغباتهم.

قد نجد مثل هذه الحالات في حالة خوف من الموت، قد تشعر بأنها عبء ثقيل على أهلها وأقربائها، قد تشعر بالضياع، قد تشعر بالوحدة، وقد تكون في حالة غضب واستثارة على أنه تم التخلِّي عنها، وقد تتشبث بأمل" العلاج المعجزة "، قد تخبر شعورا بأنها ضيعت ( بدّدت )حياتها أو أن حياتها ذهبت سُدىً، وقد تلجأ للبكاء في ظروف معينة، قد ترغب وبشدّة مفارقة الحياة للخلاص من معاناتها وآلامها.

قد ترغب في الاتصال بأشخاص قطعت صلتها بهم، وقد ترغب في التعبير عن أمور حدثت في الماضي أو تود طلب الغفران.

قد نجد مثل هذه الحالات في وضع غضب غير منطقي سواء تجاه الأقارب، أو تجاه الطاقم الطّبي والشبه الطّبي، وربما حتى المحيط الخارجي، وقد تنزعج من الأقارب أو الأصدقاء لعدم وقوفهم بجانبها.

مثال واقعي:  

   حالة مريضة تبلغ من العمر 37 سنة كانت في بداية الاستشفاء في وضع نفسي جيد، منفتحة على الآخرين، منبسطة، تتحدّث مع رفيقاتها ورفقائها المرضى وكذا مع الفرقة الطبية؛ هذا كان قبل علمها بحقيقة مرضها أن السرطان فجأة على لسان طبيبها عند ذكره للعلاج.

بدأت حالتها تسوء تدريجيا شيئاً فشيئاً مع خضوعها للعلاج الكيماوي، والفحوصات المؤلمة التي كانت تخضع لها بصورة متكررة وكانت تصفها بالموت، إلى أن بلغت مرحلة متطورة من المرض ورغم اهتمام عائلتها بها ولاسيما والدتها بالدرجة الأولى، لكن صارحتني بأمر وقالت لي أن لا أحد فهمها وأنها كانت تود التنزه، واصطحابها إلى البحر وأنها كانت تود استرداد صحتها ووقوفها مجددا على قدميها.

 

ثانيا: الرعاية الملطّفة (Les soins Palliatifs) لدى مرضى على مشارف الموت:

   يتعلق الأمر بطرق جيدة للتعامل مع حالات الموت أثناء التكفل بالمرضى الذي هم على وشك الوفاة، والتي تحمل مفهوم " الموت الجيّد " «bien mourir»، وذلك من خلال تكفل ومرافقة جد قريبة من التجربة الفردية والشخصية لنهاية الحياة.

 يُطالب  المجتمع بمطالب وانتظارات قوية فيما يتعلّق بالطب ليجعل الموت بصورة انسانية . تمر من خلال اختيار: متطوعيين يسجلون أنفسهم في إطار تكاملي مع مختصيين وأقرباء المريض.  

بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية (Organisation Mondiale de la Santé)(OMS)  والجمعية الأوروبية فيما يخص الرعاية الملطفة (L’Association européenne pour les soins palliatifs)

(EAPC) فقد اقترحا تأسيس أخلاقيات تتعلق برعاية المرضى خلال نهاية الحياة مرتكزتين في ذلك على مبادئ تتمثل فيما يلي:

مبدأ الاستقلالية: على أن كل شخص له الحق في اتخاذ القرارات التي تخصه لاسيما فيما يتعلق بقبول أو رفض العلاج المقترح.

مبدأ الانسانية: كل شخص هو فريد من نوعه سواء تعلق الأمر من حيث تكوينه البيولوجي، تاريخه، مصيره، فلابد من احترام الانسان وأن أي مرض سواء أكان عقليا أو جسديا لا يحط بأي حال من الأحوال من كرامة الانسان وعزة نفسه حتى وإن كان على مشارف الموت، فلابد من احترام خصوصيته، واحترام عائلته.

مبدأ التناسب: لا يمكن تبرير أي علاج إن لم يكن متناسبا مع حالة المريض. وبالنسبة للمريض وهو على وشك الوفاة يسمح هذا المبدأ بتفادي العلاجات غير متناسبة وحالته لأن ذلك سوف يشعر بضراوة وحدة العلاج.

مبدأ عدم الجدوى: إذا كان العلاج بدون هدف ولا يقدم فائدة للمريض فلا جدوى منه، فهنا لابد من تبرير توقيف العلاج .

يُعزى هذا المبدأ إلى الصعوبة التي يواجهها المعالجون فيما يتعلق بمشروع علاجي: تغذية زرقية nutrition parentérale ، مضادات حيوية، نقل دم، وإن تطبيقها يكون صعبا خارج تأمل واضح وقوي للعاملين في مجال الصحة وفي إطار عمل الفرقة.

رفض الموت الرحيم (L’euthanasie): يعد آخر مبدأ احتفظت به الجمعية الأوروبية فيما يخص الرعاية الملطّفة، حيث تم الاشارة إلى مخاطر الانزلاق في هذا الاجراء الذي قد يبدو قانونيا ومشروعا لوضع نهاية لآلام ومعاناة المريض، وقد يطلب المريض ذلك لفظا ولكن قد

  قد لا يرغب في ذلك فعلا، ناهيك عن ما قد يترتب عنه من آثار وانعكاسات على الأطباء، الممرضين، أهل المريض.

مبدأ العدل: تحتفظ المنظمة العالمية للصحة بمبدأ أخير وهو التوزيع العادل للإمكانيات، وتؤكد على مستوى العالم أنه ينبغي أن يتلقى كل مريض هو على مشارف الموت الرعاية الملطفة التي يحتاجها، معنى ذلك حث الدول على اتخاذ تدابير سياسية وعملية من أجل التخفيف من الآلام، وهذا المبدأ ينطبق أيضا على الممارسة الطبية الفردية.

 

 ثالثا: تعريف الموت ونهاية الحياة:

   تعرف الموت لغة: ضد الحياة، يُقال ماتَ يَمُوتُ ويماتُ: فهو ميّتٌ، ومِيّتٌ، وقوم موتى وأموات، ومَيِّتُون ومَيْتُون.

وبمفهوم ديني فمعظم الأديان ترى أن موت الانسان هو خروج الروح من بدنه ومغادرته إلى حيث لا نعلم.

ومفهوم الاسلام للموت هو خروج الروح من الجسد بواسطة ملك من الملائكة وهو ملك الموت، وفي ذلك يقول عز وجل:«قُلْ يَتَوفَاكُم مَلَكُ المَوت الذِّي وُكِّلَ بِكُمْ ثمّ إلى ربِّكُم تُرْجَعُون» . ( السجدة، الآية:11) .

  لقد سبق وذكرت أنه من الصعوبة تحديد تعريف دقيق ونهائي، ويكون الأمر أصعب عند ذكر نهاية الحياة أو عند ذكرنا لمريض مصاب بالسّرطان على أنه على مشارف الموت لأنه لم يتوف بعد، فأحيانا تطول مدة بقائه على قيد الحياة رغم أنه في طور جد متقدم من السرطان ! وقد لاحظت ذلك شخصيا شخص ظل ما يقارب ثمانية أو ما يزيد بقليل على قيد الحياة رغم وضعه المتردي للغاية والطور المتقدم من السرطان.

ومثل هذه الحالات ذكرها كارل سيموتون عندما قام بأبحاث واسعة النطاق رفقة زوجته ستيفاني فوجد  مرضى رغم بلوغهم سرير الموت لكنهم تحسنوا وتعافوا وانتصروا على السّرطان بشكل مدهش.

    وبالنسبة للإشراف على الوفاة (الموت) وبحكم تجربتي الشخصية مع مرضى السّرطان هي طور أو مرحلة يكون فيها الوضع الصحي للمريض مأساويا بالموازاة مع وضعه النفسي ويترتب عن ذلك وفاة الشخص فعلا .

ولقد ذكرت في محاضرة سابقة حالة مصاب بسرطان الدم كان وضعه الصحي والنفسي في أسوأ وأعقد الأحوال حيث علم بحقيقة مرضه التي أخفيت عنه، ضف إلى ذلك عدم إمكانية زرع نخاع العظم الذي بنى عليها آمالا كبيرة وتوفي في ظرف قياسي لم يتعدى 20 يوما .

نهاية الحياة :

- نهاية الحياة تمثل صدى لمرحلة أخيرة من الحياة، ولكل ما هو مهم بالنسبة لنا، وقد نجده مختلطا ببعض المفاهيم التي تخص الشيخوخة.

- يتمثل المفهوم البيولوجي في ضعف لوظائف حيوية يكون صداها وتأثيراتها نفس- اجتماعية تتجلى في تباطؤ، أو تخلي أو تراجع عن الحياة الاجتماعية.

- نهاية الحياة تظهر كجزء/ كزمن متشابك في هذه المرحلة الغامضة المشوشة التي نسميها نهاية الحياة،   يتعلق الأمر بالقسم الأخير من الحياة الذي يسبق الموت.

رابعا: سيرورة نهاية الحياة:

   لقد ذكرت سابقا أن الموت تجربة شخصية لكل شخص، وللموت مسار أو سيرورة من المراحل أو التغييرات الفيزيولوجية والنفسية قد تنبؤنا بأن الموت أصبح وشيكا، لاسيما إن ظهرت تعقيدات وصعوبات صحية فتسرّع من وتيرة الموت.

إن مثل هذه المراحل أو التغييرات تجنّد كل من العائلة والفريق الطبي المعالج لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل التهيئة النفسية  لمرافقة المريض في نهاية الحياة عموما، ومريض السرطان خصوصا لأن موضوعنا يدور حوله بصورة مباشرة.

التغييرات البدنية التي يمكن ملاحظتها خلال الأيام القليلة المتبقية من حياة المريض:

    خلال الأيام المتبقية للمريض قد نلاحظ انخفاضا واضحا للطاقة ولوظائفه أو نشاطه المعتاد، عدم قدرة المريض عن مغادرة سريره ( ملازمة سريره )، وفي حالة تعب وخور للطاقة، عدم قدرته على البقاء في حالة يقظة، غير قادر على التواصل، أو الأكل أو الشرب، وربما وجدنا صعوبة في عملية إطعامه وربما يجد كذلك صعوبة في بلع الطعام.

في مثل هذه الحالة لابد من إعلام أهل المريض لمرافقة مريضهم خلال هذه المرحلة الصعبة والحرجة له ولهم، وحتى على الفرقة الطبية من ممرضين وأطباء وتقنيين في الصحة لأنهم يواجهون حالات كثيرة من الوفاة ربما تعد بالمئات في العام الواحد، وهذا ما ذكرته إحدى الممرضات بجناح مصلحة علاج أمراض الدم وكانت أحد أعضاء الفرقة الطبية رفقة زميلاتها الممرضات مكلفة بعملية إدراج ومتابعة العلاج الكيماوي لمرضى سرطان الدم.   

العلامات البدنية المنبئة بموت وشيك:

  هناك مجموعة من  التغييرات التي تحدث أيام قبل الاحتضار قد تتنبأ الفرقة المعالجة أن المريض سوف يموت وتتنبأ العائلة كذلك للتعامل مع مثل هذه الظروف.

من بين هذه التغييرات تغير لون البشرة، تغير على مستوى التنفس، معنى ذلك أن الجسم ينحو نحو الفناء أو الانطفاء، وفي مثل هذه الحالة قد يصل الشخص إلى مرحلة غيبوبة.

بالنسبة لحالة الوعي:

  فحالة الوعي تتغير في مرحلة نهاية الحياة، وتكون غير قابلة للانعكاس، وتعد علامة عن تدهور وضع المريض، وقد يكون بصورة تدريجية أو بسرعة، وقد يترتب عن ما تم إدراجه من أدوية، وقد يستغرق المريض في نوم مطول، ومن الصعب إيقاظه وتنحو نحو حالة الغيبوبة .

  إن التغييرات التي تحدث على مستوى الجسم خلال الدقائق الأخيرة من الحياة، قد تستثير حالة هيجانية وحالة هذيانية، كما يمكنها أن تقدم هلوسات.

إن مثل هذه الاستجابات قد تربك وتقلق أقرباء وعائلة المريض، في مثل هذه الحالات قد تتدخل الفرقة المعالجة لادراج مثبطات ومنومات عصبية لتهدئة المريض وعائلته إلى غاية الوفاة.

ما هو مهم بالنسبة للمريض هو الاهتمام والعناية به وعدم التخلي عنه إلى غاية لحظات حياته الأخيرة، فنرافقه سواء أكنا أخصائيين نفسانيين، أطباء، ممرضين، ولا ننسى عائلة المريض وأقربائه ونؤدي واجبنا المهني على أكمل وجه.

  يمكننا تشجيع عائلته على التحدث إليه والتقرب منه وإبداء حبها له، والجلوس بالقرب منه أو التمدد إلى جانبه حتى لا يشعر بالتخلي عنه مهما كان الوضع الصحي المأساوي للمريض، إذ لابد أن يتحلى أهله بالشجاعة والقوة .

مثال واقعي: حالة مريض في أواخر الخمسينات كان مصابا بسرطان العقد اللمفاوية قطع شوطا طويلا مع المرض وعلاجاته الكيميائية كان من بين الحالات التي كنت أتابعها من الناحية النفسية، كانت تربطه بزوجته علاقة حب ومودة قوية جدّا، إلى درجة أنه كان لا يقدر مفارقتها ولا هي قادرة على فراقه .

استبد به الوضع الصحي بعد أن غاب عن أنظاري ما يقارب ثمانية أشهر، كان خلالها يخضع للعلاج الكيماوي في المستشفى النهاري دون علمي، وفجأة أراه مجددا في حالة الاستشفاء.

    خلال فترة الغياب أصيب بنوبة قلب فأجريت له عملية جراحية للقلب، بعدها ساءت حالته عانى من أرق شديد، و كان يظل جالسا على مقعد طوال الليل،مع صعوبة في التنفس، تم توقيف لحصص العلاج الكيماوي، لكن ساءت حالته بعد فترة نقاهة ليعود مجددا إلى حالة الاستشفاء في وضع صحي متأزم، عسر شديد للتنفس، يظل جاسا على مقعد لعله يلتقط أنفاسه، لا يقوى على الحديث.

وكحالة أراه حالة استثنائية خلال تعامله مع وضعه الصحي الذي ازداد سوءًا، نزيف في اللّثة، عسر تنفس شديد، عدم قدرته على التحدّث مع تنهدات متكررة، وتم ربطه بجهاز رصد عمل القلب الذي أربك زوجته وأفزعها وأشعرها بحزن عميق خوفا من فقدان زوجها، أدركت حينها أنها سوف تفقد زوجها رأيتها بملامح حزن وأسى عميقين، عيناها دامعتان، أتت إلي لكي تخبرني عن وضع زوجها، أدركت أنها بحاجة إلى مساندة ودعم نفسي فهي كانت على وشك الانهيار، حاولت الرفع من معنوياتها وطلبت منها أن تتحلى بالصبر والشجاعة وأن تظل شجاعة وصامدة أمام زوجها ثم توجهنا إليه.

   ذهبت للاطمئنان عليه رفقة زوجته، كان وضعه مأساويا للغاية، لون بشرته أصفر مُخضر، منهك كان يعاني عسرا شديدا في التنفس، أخبرني أنه لن يتمكن من الحديث، فأخبرته أنني لن أتعبه بل جئت لتفقد أحواله،  طلب منّي أن أرافق زوجته التي طُلب منها تقديم عينات من دم زوجها من أجل إجراء التحاليل الطّبية وقال لها: " أنا رَانِي بخِير، أنا راني بخير، هِي تْرُوحْ مْعَاكْ". بنبرة قوية شجاعة.

لم أحضر وفاته، ولكن عقبها بفترة قصيرة لم تتعد أيام توفي يوم الجمعة عند الفجر بوجه طلق مبتسم وأنه كان ملازما للاستغفار.

بالنسبة لحالة التنفس:

  نعلم أن التنفس مؤشّر على أن الشخص على قيد الحياة، ولكن يتغير مساره عندما ينحو الشخص نحو الوفاة .

التغير الحاصل على مستوى عملية التنفس قد يظهر بأشكال مختلفة فقد يظهر بصورة غير منتظمة في تردده، سعته، إيقاعه، وخلال الساعات الأخيرة قد يصبح بطريقة اصطناعية ( تنفس اصطناعي )، مترافق بمراحل انقطاع متكرر للتنفس، عائق  تنفسي كبير.

مثل هذه الحالات أيضا لاحظتها لدى مريضة بسرطان الدم في عمر 25 سنة، بلغت مرحلة متطورة ونهائية للمرض، أصبحت شديدة الحساسية اللّمس، عسر تنفس شديد، و تم الاستعانة بالتنفس الاصطناعي ولكن ظهر لدى الحالة أن هناك عائق كبير أمام عملية التنفس، وظلت على ذلك الحال ليس فقط لساعات بل لعدة أيام إلى أن توفيت .

بالنسبة للحشرجات النهائية:

   تعد الحشرجات جزءً من السيرورة الطبيعية للموت، تكون الحشرجات النهائية عادة نمطية، في نفس الوقت شهيقي وزفيري، وأحيانا قوية وملفتة للأنظار.

 

بالنسبة للاجتذاب ( الانسحاب ):

  خلال اللحظات الأخيرة ، فإن عضلات التنفس قد يحدث عليها تغيير، حيث يُلاحظ من قبل الفريق الطبي انسحابا لتحت الأضلع، وانسحابا أو اجتذابا لتحت الترقوة و ارتفاعا للكتفين لدى الشخص أثناء التنفس.

بالنسبة لإصابة الجلد والجهاز العضلي:

  خلال الساعات والدقائق التي تسبق الموت، تنسحب الدورة الدموية من محيط الجسم لتتركز في أعضاء حيوية. يصبح الشخص ذابل اللّون، ولون بشرة  يصبح بلون رمادي مع ازرقاقها.

كما تظهر برودة على مستوى الأطراف، ازرقاق على مستوى اليدين، الأصابع، القدمين، الشفتين، كذلك تصبح أعضاء كالفخذين، الركبتين وغيرها صلبة وصعبة للتحريك،  كما أن فقدان القوة العضلية يجعل

الشخص منفرج الجفنين، فكه نازل، عيناه شبيهة بالزجاج ودامعتين.

بالنسبة للعلامات التي تشير إلى الاحتضار:

   هناك مجموعة من العلامات قد تظهر في عدة أشكال كـــ: حالة الاستثارة، تعرق، وجه منقبض، توتر عضلي، تأوهات.

وعند نهاية الحياة يتغير إيقاع التنفس بشكل واضح، فبالنسبة للتنفس الطبيعي يكون ما بين  10و20  ولكن يمكن أن ترتفع إلى 50 تنفس في الدقيقة الواحدة وهذا ما يُسمى تسارع التنفس Tachypnée.

وباقتراب اللحظات الأخيرة للحياة فإن التسارع في التنفس يتطور نحو بطء تنفس ليعلن عن موت  فعلي.

خلال لحظة الوفاة:

  ذكرنا سابقا أن توقف التنفس والعمليات التي تشير إلى التنفس تشكل نهاية الحياة، وخلال ذلك تشكل الأقوال، والحركات، والاستجابات أهمية بالنسبة للأقرباء / العائلة حيث تظهر ردود فعل عاطفية: هناك من يرى أنه المذنب في حق ذلك المريض، بعضهم الآخر يرى أنه ارتاح من معاناة وآلام لا يمكن تحملها، منهم من يراه أنه عند خالق أرحم على عباده وأن الأمانة عادت إلى بارئها وأنها ليست نهاية المطاف بل عبور إلى حياة أبدية.

في مثل هذه الحالات لابد أن تكون الفرقة المعالجة المتعددة التخصصات مجنّدة بقدراتها ومميزاتها الشخصية وتكوينها الأكاديمي والميداني من أجل مرافقة أقرباء وأهل مريضها الذي توفي في مثل هذه الوضعيات الصعبة.

 

ملاحظة لطلبتي الأعزاء:

  لمزيد من الاطلاع وتوسيع المعارف أدعوكم إلى الاطلاع على المواقع التالية فيما يخص موضوع المحاضرة:

_ www.medecine.ups.tlse.fr

_ palli-science.com/sites/default/files/nursing

_ www.eajaz.org> scientific-Miracles

_www.infirmiers.com