تعرف المنهجية القانونية من الناحية الموضوعية والإجرائية والشكلية إلى أنها مجموعة القواعد التي تحكم سير العقل الإنساني في بحثه عن الحقيقة.
وبعدما تم التطرق في السداسي الأول إلى بعض المواضيع التطبيقية في مقياس المنهجية القانونية: من كيفية تحليل نص قانوني، والتعليق على قرار قضائي، وحل إستشارة قانونية..
سنحاول من خلال السداسي الأول دراسة مقياس المنهجية القانونية من الجانب الشكلي والإجرائي (تقنيات البحث العلمي)، من خلال تمكين الطالب من التعرف على أهم التقنيات المستخدمة في إعداد البحوث العلمية وتكوينه من جهة أخرى تكوينا بيداغوجيا وتحضيره لإعداد مذكرة التخرج بما أنه مقبل عليها.
- Profesor: Hanane KHECHIBA
تعرف المنهجية القانونية من الناحية الموضوعية والإجرائية والشكلية إلى أنها مجموعة القواعد التي تحكم سير العقل الإنساني في بحثه عن الحقيقة.
وبعدما تم التطرق في السداسي الأول إلى بعض المواضيع التطبيقية في مقياس المنهجية القانونية: من كيفية تحليل نص قانوني، والتعليق على قرار قضائي، وحل إستشارة قانونية..
سنحاول من خلال السداسي الأول دراسة مقياس المنهجية القانونية من الجانب الشكلي والإجرائي (تقنيات البحث العلمي)، من خلال تمكين الطالب من التعرف على أهم التقنيات المستخدمة في إعداد البحوث العلمية وتكوينه من جهة أخرى تكوينا بيداغوجيا وتحضيره لإعداد مذكرة التخرج بما أنه مقبل عليها.
- Profesor: Hanane KHECHIBA
- Profesor: NASSIMA DERRAR
المسؤولية العقدية الالكترونية
المسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد أو عدم تنفيذها حيث تقتضي القواعد العامة وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه مع مراعاة مبدأ حسن النية في ذلك، وقيام المسؤولية العقدية يفترض أن هناك عقدا صحيحا واجب التنفيذ لم يقم المدين بتنفيذه، أما أركان المسؤولية العقدية فتبقى هي ذاتها التي في القواعد العامة من خطأ وضرر وعلاقة السببية، إلا أن المميز في المسؤولية العقدية الالكترونية هي تلك الخصوصية التي يتمتع بها الخطأ العقد الالكتروني.
الفرع الأول) أركان المسؤولية العقدية الإلكترونية
والعقود وإن اختلفت العادية منها عن الإلكترونية فلأن الأخيرة تنعقد بوسائل إلكترونية ، وهي وسائل كهرومغناطيسية أو ضوئية أو أي وسائل تستخدم في تبادل المعلومات. لذلك فان المسؤولية الناجمة عن الأولى والثانية فهي واحدة من حيث أركانها، والتي تكمن فيما يلي:
أولا) الخطأ التعاقد الالكتروني
يعتبر كل طرف من أطراف العلاقة التعاقدية مرتكبا لخطأ عقدي إذا لم يقم بتنفيذ التزامه العقدي أو تأخر في تنفيذه أو تنفيذه بشكل معيب باعتبار أن هذا الخطأ يمثل انحرافا في سلوك المدين يؤدي إلى مسائلته.
فقبل التطرق لصور الخطأ في المعاملات الالكترونية وجب التطرق لطبيعة الالتزام في المجال الالكتروني، هل هو التزام ببذل عناية ؟ أم هو التزام بتحقيق نتيجة ؟
إن أغلب الالتزامات في المعاملات الالكترونية غايتها تحقيق نتيجة لأن المتعاقد يسعى إلى الوصول إلى هدف معين وذلك إما للاستفادة من خدمة معينة أو من سلعة معينة محلا للالتزام، وإن عدم تحقيق هذا الهدف ولو بعد بذل العناية الكافية يشكل عدم التنفيذ، ويكون في هذه الحالة للمتعاقد الأخر أن يثبت فقط وجود الالتزام لكي يكون الملتزم مجبرا ببيان أنه حقق النتيجة التي التزم بها وإقامة مسؤوليته التعاقدية، ما عدا إذا أثبت تدخل السبب الأجنبي المتمثل إما في القوة القاهرة أو الحدث الفجائي أو خطأ الدائن (الطرف الأخر) أو خطأ الغير .
غير أن بعض الفقه يرى بأن هناك من العقود المعلوماتية التي يكون فيها الالتزام مجرد بدل عناية، إلا أننا نستدل بقرار لمحكمة الاستئناف بباريس عقب قضية أحيلت عليها تدور حول عدم تمكن مهندس معلوماتي من تصميم برنامج للحاسوب حيث اعتبرت أن الالتزام في هذه الحالة يبقى التزاما بتحقيق نتيجة، لأن مصمم البرنامج إذا لم يكن واثقا من نتيجة عملية فعلية ألا يلتزم بالقيام به، ومن ثم فإن إرادة الطرفين عند التعاقد هي التي تحدد طبيعة الالتزام .
هذا عن طبيعة الالتزام أما فيما يخص صور الخطأ، فإن هذا الأخير يتخذ صورتان :
الصورة الأولى) الإخلال بالتزام التسليم أو أداء الخدمة
يمتاز تسليم محل في المعاملات الالكترونية بنوع من الخصوصية وفقا لطبيعة الخدمة أو السلعة. فبرنامج الحاسوب مثلا تسلم من خلال تحميلها على دعامات :” الأقراص الممغنطة أو مفتاح الفلاش ديسك ” أو على شبكة الانترنيت مباشرة في دفعة واحدة أو عبر مراحل.
والتسليم لا يقتصر على الشيء وحده وإنما يشمل كذلك ملحقاته التي توضح كيفية عمل الأنظمة المعلوماتية وتحضيراتها المادة وأساليب الصيانة، وهي في الغالب بيانات تسجل على أقراص أو يتم تحميلها عبر الانترنيت.
ولعل ميعاد التسليم يكتسي أهمية كبرى في العقود المعلوماتية إذا كان محددا، لأن ضرر التأخير يشكل أهم صور المسؤولية العقدية، أما إذا لم يكن كذلك فيفترض وقوعه فور إبرام العقد ما لم تقض طبيعة الشيء محل المعاملة بمواعيد أخرى، أو إذا كان العمل ذهنيا يتطلب فترة زمنية ملائمة لإنجازه.
الصورة الثانية) عدم مطابقة السلعة أو الخدمة للمواصفات
إن المورد في المجال المعلوماتي ملزم بمعرفة احتياجات زبونه وإعلامه بالضرورات التقنية للنظام والأجهزة المعلوماتية التي يقدمها إليه ومدى قدرتها على تحقيق الغاية التي يسعى إليها.
فالتسليم في المجال المعلوماتي يتسم بنوع من الخصوصية حيث قد يقوم المزود بإرسال السلعة أو الخدمة المطلوبة نوعا لكنها غير المطلوبة من حيث الإصدار مثلا، ذلك أن البرامج المعلوماتية سريعة التحديث أو أنها هي المطلوبة نوعا وإصدار إلا أنها غير ملائمة لحاسوب المستفيد لذلك وجب على المزود إعلام الطرف الآخر بكل البيانات التي قد تساعده على تلبية حاجاته من وراء التعاقد، لكي يكون التسليم مطابقا لتلك الاحتياجات. وللوصول إلى هذه الغاية فإن الزبون والمورد مطالبان معا بإقامة حوار بينهما يمهد لتنفيذ العقد على الوجه الأكمل. .
كما يلتزم المدين أو المزود بضمان الالكتروني والذي يتمثل في ضمان العيوب الخفية، ضمان التعرض والاستحقاق.
ثانيا) الضرر التعاقدي الالكتروني
يعتبر الضرر التعاقدي الالكتروني الركن الثاني من أركان المسؤولية المدنية التعاقدية، ويقصد به على أنه:" الإخلال بمصلحة محققة مشروعة للمضرور في ماله أو شخصه، أي الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له، وهو ركن جوهري وأساسي في المسؤولية المدنية لأنه محل الالتزام بالتعويض".
إن الضرر العقدي المباشر الذي يطال طرف العلاقة التعاقدية الالكترونية ينقسم إلى قسمين ضرر متوقع وضرر غير متوقع، فالمدين لا يسأل إلا أن الضرر المباشر المتوقع أما الضرر غير المتوقع فلا يثير مسؤولية .
ثالثا) علاقة السببية
إن علاقة السببية في المجال الالكتروني لا تختلف عن علاقة السببية المقررة في القواعد العامة وهي ذلك الرابط بين الخطأ والضرر أي بصفة أخرى أن يكون الضرر هو نتيجة لخطأ مرتكب وبالتالي فإذا ما ألحق ضرر بأحد أطراف العلاقة التعاقدية بطريقة الكترونية دون أن يخل الطرف الأخر بأي التزام من التزاماته فلا وجود لمسؤولية عقدية كأن يقوم مقدم الخدمة بإرسال البرنامج الالكتروني محل البيع للمستفيد غير أن حاسوب هذا الأخير قام بمحوها بطريقة أوتوماتيكية عن طريق مضاد الفيروسات أو بأي طريقة تقنية أخرى ففي هذه الحالة لا وجود لمسؤولية مقدم الخدمة متى أثبت توصل المستفيد بمحل البيع أو الخدمة.
الفرع الثاني) التعويض عن الضرر التعاقدي الالكتروني
1) تعريف التعويض وأنواعه
التعويض يقصد به وسيلة لإصلاح الضرر، وعلى وجه التحديد يقصد به الإصلاح وليس محو التام والفعلي للضرر الذي وقع.
فإصلاح الضرر في التعويض نقصد به التعويض العيني، ولكن إذا استحال التعويض أن يكون عينا، يمكن للقاضي أن يقدر مبلغا معينا لتعويض المتضرر بمقابل مالي من أجل التخفيف على المضرور أثر ما وقع له وهاد ما يعرف ب: التعويضبالمقابل، وهذا الأخير يتفق مع طبيعة الضرر وبالأخص الضرر الأدبي والضرر الجسماني، وهذا النوع من التعويض موجود بكثرة في المسؤولية المدنية الالكترونية ومثال ذلك إفشاء الاسرار والمساس بالحق في الخصوصية.
حيث صدر فرار عن محكمة الاستئناف الفرنسية عن الغرفة المدنية الثانية بتاريخ 03/09/2010، والذي تضمن: " أن شركة Ebay وفروعها قامت ببيع المنتجات المزيفة عبر شبكة الانترنت ومن بين هذه المنتجات بيع عطور Dior وذلك من خلال الانتهاك التوزيع الانتقائي الذي أنشأته هذه الشركة.
وقد سببت هذه المبيعات المزيفة أضرار وخيمة للغير، مما دفع المحكمة إلى الحكم عن هذه الشركة بتعويضات:
- 38.5 مليون أورو عن تلك الأضرار.
- وأبضا حكمت لها ب 50.000 أورو عن كل يوم تأخير".
2) تقدير التعويض عن الضرر التعاقدي الالكتروني
الأصل الغالب في تقدير التعويض أن يتم بمعرفة القاضي، إلا أنه يجوز الاتفاق مقدما على تقدير التعويض الذى يستحق عند إخلال المدين بالتزامه وهو المعروف بالشرط الجزائي أو التعويض الاتفاقي وقد حرص المشرع أن ينص في صدر النص الذى وضعه في هذا المجال الذى يصح فيه الاتفاق مقدما على مقدار التعويض، وهو اتفاق يلتزم به المدين عند إخلاله بالتزامه.
والاتفاق يبقى على ركن الضرر فلا يحكم بالتعويض إذا لم يترتب على إخلال المدين بالتزامه أي ضرر بالدائن، ولكن يظهر أثر الاتفاق على تقدير التعويض، فيما يتعلق بركن الضرر في مجال الإثبات إذ يترتب عليه افتراض حصول ضرر مساو لما قدره المتعاقدان، فلا يكلف الدائن بإثبات وجود ضرر، كما أن من يدعى من الطرفين أن الضرر الواقع فعلا فلا يقل أو يزيد عما هو متفق عليه فعليه عبء إثبات ذلك.
فإذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر، فيكون أحد أركان المسئولية قد تخلف وبالتالي لا تحكم المحكمة بأي تعويض، كما يجوز للقاضي التدخل من خلال سلطته التقديرية في تخفيض مقدار التعويض إذا كان مبالغ فيه أو رفعه إذا كان زهيدا لا يتطابق مع درجة الضرر.
التقدير الاتفاقي يمنح لمتعاقدين الحرية في اختبار تحديد المبلغ المتفق عليه وفقا لتقديرهم المطلق، ولهم أيضا أن يحددوا مبلغ التعويض في حالة عدم تنفيذ العقد كليا وبإمكانهم تحديد غرامة إكراهية التي تلزم المدين على تنفيذ التزامه، غير أن هذه الأخيرة يمكن للثاضي تعديلها وتحديدها بصفة نهائية وذلك حسب الضرر الذي لحق بالمتضرر.
-
- Profesor: FATIMA MAHMOUDI
تابع لدرس تحديد الطبيعة القانونية للمسؤولية العشرية
الطبيعة القانونية للمسؤولية العشرية في ظل القانون الجزائري
أ) الطبيعة العقدية للمسؤولية العشرية
تعتبر المسؤولية العشرية نوع من المسؤولية العقدية وضع لها المشرع الجزائري أحكام مشددة فمن جهة هي مسؤولية مفترضة بقوة القانون وتضامنية من جهة أخرى، بحث تنشأ علاقة تعاقدية ما بين المهندس المعماري ورب العمل بمقتضى عقد مقاولة مضمونه وضع تصميم بناء أو منشأة ثابتة والإشراف على تنفيذه، أما علاقة المقاول برب العمل تنشأ بموجب عقد مقاولة محتواه القيام بعملية البناء وفقا للتصميم الهندسي المقدم إليه.
ب) الطبيعة التضامنية المشددة للمسؤولية العشرية
لقد اهتم المشرع الجزائري على تشديد في المسؤولية العشرية خلافا للقواعد العامة للمسؤولية العقدية، فالمهندس المعماري والمقاول مسؤولين مسؤولية تضامنية مشددة تترتب على الإخلال بالتزام بتحقيق نتيجة، لا تنتفي إلا بإثبات السبب الأجنبي، فلا يمكن للمهندس المعماري والمقاول نفيها بإثبات انتفاء الخطأ من جانبهما باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة حتى لا يتهدم البناء ولا يوجد العيب.
وهي مسؤولية تضامنية بين المهندس المعماري والمقاول وحتى المرقي العقاري وباقي المتدخلين لمدة 10 سنوات بعد تاريخ تسليم البناية والمنشأة الثابتة. وهذا التضامن قائم بقوة القانون.
التعويض في المسؤولية العشرية
القاعدة العامة في التعويض أنه يكون عيني يكمن في إلزام المسؤول بإعادة الحال إلى ما كان عليه من قبل وقوع الضرر وهذا طبقا للمادة 146 من القانون المدني الجزائر، وذلك من خلال قيام المهندس المعماري أو المقاول بإعادة بناء الجزء المتهدم أو إصلاح العيوب التي تهدد سلامة البناء، بل قد يقتضي الأمر إعادة تشييد البناء بكامله وبعض الأجزاء السليمة المرتبطة بالأجزاء المعيبة إذا اقتضت طبيعة الفن المعماري أما العيب في التربة التي شيدت عليها البناية فلا يعتبر من قبل القوة القاهرة التي تنفي مسؤولية المهندس المعماري أو المقاول، لأن مسألة دراسة التربة وخصائصها وكشف ما بها من عيوب لتفادي الأضرار الناجمة عنها تعد من أسبقيات مهام وظيفته.
- Profesor: FATIMA MAHMOUDI
- Gestor: Asma HARIZ
الفرع الثاني) الطبيعة القانونية للمسؤولية العشرية
أولا) المسؤولية العشرية هي المسؤولية العقدية
من البديهي في مجال المسؤولية العقدية ضرورة وجود عقد صحيح أطرافه المهندس والمقاول من جهة ورب العمل المضرور كون الضرر ناشئا عن الإخلال بالالتزامات العقدية المنصوص عليها في متن العقد.
وهذه المسؤولية تقوم في حال عدم تنفيذ المدين لالتزاماته العقدية وهذه الالتزامات هي الالتزامات الرئيسية الناتجة عن العقد وهو ما يعرف بالخطأ العقدي ويستوي في ذلك أن يكون عدم قيام المدين بالالتزام ناشئا عن عمده أو عن إهماله أو عن فعله بدون عمد أو إهمال .
والمدين في المسؤولية العقدية هو الذي يقع عليه عبء الإثبات لأنه ملتزم بتحقيق غاية حيث يتطلب دوما تحقيق تلك الغاية ولا ترتفع مسؤولية المدين إلا في حالة السبب الأجنبي.
يقول البعض أن دعوى الضمان تقوم على المسؤولية العقدية بين رب العمل من جهة والمهندس أو المقاول من جهة أخرى وبذلك فإذا أنهدم البناء أو ظهر فيه عيب تتحقق المسؤولية العقدية على المهندس أو المقاول هذا ما يذهب إليه بعض الفقهاء.
وإذا ما توفر الخطأ لا بد من أن يكون لهذا الخطأ أثر يتمثل في الضرر الناجم عنه بحيث لا مسؤولية بلا ضرر، وهذا الضرر قد يكون ماديا أو معنويا بحيث يتخذ شكل فوات الفرصة . وأخيرا ً فلا بد من وجود علاقة سببية بين الضرر والخطأ بمعنى أن خطأ المهندس أو المقاول هو سبب ضرر المضرور.
وبوجود جميع هذه الأركان من خطأ وضرر وعلاقة سببية تقوم مسؤولية المهندس أو المقاول ولا سبيل لدفعها إلا بقطع هذه العلاقة اما بإثبات القوة القاهرة أو فعل الغير أو خطأ المضرور (صاحب العمل) كما سنرى لأحقا ً.
ثانيا) المسؤولية العشرية هي المسؤولية التقصيرية
وهو رأي الفقه التقليدي، وتأييد من بعض الشراح المحدثين، في أن دعوى الضمان العشري ذات طبيعة تقصيرية تقوم على أساس الخطأ، لأنها لا تستند على الإخلال بالتزام تعاقدي ناشئ عن عقد المقاولة بين رب العمل والمهندس أو المقاول، والذي يكون قد انتهى بعد تسليم البناء، وإنما يستند إلى الإخلال بواجب قانوني وهو عدم الإضرار بالآخرين.
ثم تم تعديل هذا الرأي واعتبرت مسؤولية المقاول والمهندس مسؤولية قانونية بحتة أو استثنائية بنص غير مألوف في القواعد العامة، نظرا لصعوبة اكتشاف عيوب المباني والمنشآت بالنسبة لغير المختص، كما أن خطرها لا يقتصر على المالك، وإنما يعرض حتى سلامة العامة للخطر أيضا.
ثالثا) الضمان العشري هو إحدى التطبيقات الخاصة للنظرية العامة للالتزام
حيث يرى أنصار هذا الاتجاه من خلال التعريف للالتزام بالضمان من خلال النظرية العامة للالتزام بأنه التزام يضاف إلى جملة الالتزامات التي تنتج عن العقد، وذلك لضمان النتائج العملية للدائن بهدف التنفيذ العادي للاتفاق، ويكفل له في نفس الوقت تعويضا يتناسب مع حجم الضرر الذي يصيبه في حالة إذا لم تتحقق النتائج المترتبة عن العمل.
وبالتالي نتج عن هذا الضمان تأينا على المخاطر التي تتعرض لها البيانات، وهو ما يقتضي استمرار الالتزام بالتسليم، لأن في ذلك ضمان بمتانة البناء خلال فترة معينة.
نخلص في تحديد الطبيعة القانونية لهذا الضمان العشري بأنها لا تخرج عن اعتبارها إحدى تطبيقات المسؤولية العقدية، فهي لا تنفك عن العقد، ولا يمكن أن تقوم بدونه، حيث قرر لها القانون أحكاما خاصة من خلال قواعد آمرة، حماية لمصلحة عامة التي تحتاج للرعاية.
الفرع الثالث) خصائص المسؤولية العشرية
ثالثا) هل تتميز المسؤولية العشرية بكونها المسؤولية قانونية أم من النظام العام ؟
أن القانون قد يكون مصدراً مباشراً لبعض الالتزامات التي يتكفل بتعيينها وتحديد نظامها ورسم مداها وترتيب أحكامها، لذلك لا تسري على هذه الالتزامات إلا أحكام النصوص القانونية التي أنشأتها.
وعندما ينشئ القانون التزامات يكون هو مصدرها المباشر فعادة يكون مدفوعاً بعدة اعتبارات اجتماعية واقتصادية وسياسية وفنية مستهدفاً من وراءها مصلحة عامة أو خاصة جديرة بالرعاية أو الحماية.
ولذلك نجد بازدياد التقدم العمراني وانتشار الحضارة يزداد تغلغل الهندسة بالقانون ويغدو اعتمادها عليه أمر بالغ الأهمية.
لقد قرر القانون مبدأ هاما لحماية الأعمال وأصحابها والصالح العام بأن جعل المهندس والمقاول مسؤولين مسؤولية تامة بالتضامن عن كل خطأ أو خلل يصيب المنشآت والإعمال التي يقومون بها ولعدة سنوات بعد انتهاء التنفيذ ليجعلهما حريصين كل الحرص على مراعاة الدقة والالتزام بالقواعد الفنية للعمل، وهذا ما أكدت عليه المادة 554 من القانون المدني الجزائري.
كما قررت المادة 45 من القانون 11/04 بتضامن المرقي العقاري مع المقاولين الفرعيين، واستبعاد كل اتفاق يهدف إلى إقصاء أو حصر التضامن بينهما، أو الضمانات المنصوص عليها في أحكام هذا القانون، وهو بحد ذاته تطبيق للأحكام الواردة في القانون المدني.
وبالنظر إلى المادة 46 من القانون 11/04 فإن مكاتب الدراسات والمقاولين والمتدخلين الآخرين الذين لهم صلة بصاحب المشروع من خلال عقد تقع على عاتقهم المسؤولية العشرية.
ويتضح أن نص المادة 46 المذكورة أعلاه قد اشترط ارتباط كل مكاتب الدراسات والمقاولين والمتدخلين مع المرقي العقاري برابطة عقدية، من غير تحديد لطبيعة ذلك العقد باستثناء عقد المقاولة الذي يربط المرقي العقاري بالمقاول. ولذلك قررت الفقر ة الثانية من المادة 30 من المرسوم التنفيذي رقم 12/85 بأنه: “يتحمل المرقي العقاري خلال مدة عشر(10)سنوات مسؤوليته المتضامنة مع مكاتب الدراسات والمقاولين والشركاء والمقاولين الفرعيين وأي متدخل آخر في حالة سقوط البناية كليا أو جزئيا بسبب عيوب في البناء بما في ذلك رداءة الأرض”.
إن التضامن في المسؤولية العشرية قرره القانون بنص خاص وصريح، لم يكن الهدف منه حماية صاحب المشروع فقط، وإنما بالنظر لما تنشأ عن البنايات والمنشآت الثابتة من مخاطر كبيرة، وأيضا لاعتبارات اجتماعية واقتصادية أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن تضامن مرقي العقاري مع غيره من المتدخلين في المشروع العقاري إنما تتقرر بعد التسليم النهائي للأشغال، أمّا قبل التسليم فجميع الأضرار تتقرر بشأنها القواعد العامة للمسؤولية العقدية. إذا يقع باطلا كل اتفاق يجمع كل من المرقي العقاري والمقاولين الفرعيين متى انصب على استبعاد أو حصر التضامن بينهما إعمالا بالمادة 54 من القانون رقم 11/04. وهذا الحكم يتماشى مع نص المادة 556 من القانون المدني الجزائري: " يكون باطلا كل شرط يقصد به الإعفاء المهندس المعماري والمقاول من الضمان أو الحد منه".
حيث يعكس هذا النص بأن أحكام مسؤولية العشرية في القانون الجزائري عن مقاولات البناء والمنشآت الثابتة بعد التنفيذ تعتبر من النظام العام حماية لطبقة غير ملمة بمسائل البناء وأن هذه الحماية مقررة للمصلحة العامة كي لا يؤدي تهدم الأبنية إلى الأضرار بالمجتمع وتبقى متينة محتفظة بخواصها للصالح العام.
- Gestor: FATIMA MAHMOUDI