تعريف: عرفت المشرع الرهن الحيازي  بالمادة 948 ق م كونه عقد يرتب حق عيني تبعي، يقوم على نقل حيازة المال الذي يترتب عليه إلى الدائن المرتهن الذي يستطيع بمقتضاه حبس هذا المال حتى استيفاء حقه،  فنصت على ما يلي:" الرهن الحيازي عقد يلتزم به شخص، ضمانا لدين عليه أو على غيره، أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان شيئا يرتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء إلى أن يستوفي الدين، وان يتقدم الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في أن يتقاضى حقه من ثمن هذا الشيء في  أي يد يكون.".

و من أهم خصائص الرهن الحيازي أنه عقد رضائي ملزم للجانبين  و عقد تابع بحيث يستلزم وجود التزام أصلي يضمنه، شانه في ذلك شأن الكفالة والرهن الرسمي و بالتالي يتبع الالتزام الأصلي، في البطلان و الابطال و الانقضاء. و لا ينشأ الا بحكم عقد.

انشاء  الرهن الحيازي :

ينشأ عقد الرهن الحيازي بتوفر الأركان العامة للعقد الرضا و المحل و السبب و الاهلية بالإضافة الى الأركان الخاصة و تتعلق خصوصا بالالتزام المضمون و بالمال المرهون:

-          الالتزام المضمون:

-          المال المرهون: نصت المادة 949 ق م  على أنه:  " لا يكون محلا للرهن الحيازي الا ما يمكن بيعه استقلالاً بالمزاد العلني من منقول و عقار."، و عليه يكون محل عقد الرهن الحيازي العقار و المنقول يمكن رهنها حيازياً و ذلك على خلاف الرهن الرسمي الذي لا يرد إلا على عقار و جميع المنقولات يجوز رهنها رهن حيازي ما دامت قابلة للحيازة، و قابلة للبيع بالمزاد العلني سواء كانت  منقولات مادية أو معنوية كحقوق المؤلفين أو براءات الاختراع مثلا.

و من تم الرهن الحيازي نوعان رهن حيازي وارد على المنقول و رهن حيازي وارد على عقار و هذا الأخير يستوجب استثاءا :  الرسمية و التسجيل و الشهر " نقل حقوق عقارية تستوجب تحت طائلة البطلان الرسمية ".

-          الشروط الخاصة لنفاذ الرهن الحيازي : تختلف الشروط الخاصة لنفاذ الرهن الحيازي فيما إذا كان محل الرهن عقارا أو منقولا :

بالنسبة لنفاذ الرهن الوارد على عقار: إلى جانب اشتراط انتقال حيازة الشيء المرهون إذا كان عقارا لا بد لنفاذه اتجاه الغير من استيفاء إجراءات القيد لعقد الرهن الحيازي.

النسبة لنفاذ الرهن الوارد على منقول : إذا كان الشيء المرهون منقولا ماديا، فلا يكفي لنفاذه في حق الغير انتقال الحيازة، بل يجب أن يكون مكتوبا والكتابة هنا ليست شرطا لانعقاد عقد الرهن ولا لإثباته، وإنما شرط لنفاذه في حق الغير، ولهذا فهي لازمة أيا كانت قيمة الشيء المرهون أي ولو قلت قيمته عن نصاب الاثبات بالكتابة، ويجب أن تكون الورقة ثابتة التاريخ، والحكمة من هذا الشرط هو الحيلولة دون تواطؤ المدين الراهن مع المرتهن للإضرار بالغير.

 

 

أثار عقد الرهن الحيازي :  

من  أهم ما يميز الرهن الحيازي عن غيره من الحقوق العينية التبعية هو انتقال الشيء المرهون من المدين أو الكفيل العيني إلى المرتهن، والشيء المرهون يضعه الراهن تأمينا لالتزاماته إما بصفته مالكا وإما بصفته حائزا ، وهاتان الصفتان للمدين تنشئ حقوقا وسلطات  تختلف بحسب ما إذا كان مالكا أو حائزا.

-          فيما يخص المتعاقدين:

أ‌.         التزامات الراهن :

-          إذا انعقد الرهن الحيازي صحيحا، و توافرت جميع شروطه، فإن أول التزام يترتب في ذمة الراهن هو أن تسليم  العين المرهونة إلى الدائن المرتهن أو إلى شخص  يعينه المتعاقدان، ويؤخذ التسليم حكم الالتزام و ليس حكم الركن و يسري عليه من شروط ما يسري على الالتزام بتسليم الشيء المبيع .

-          الالتزام بضمان سلامة الرهن ونفاذه: أي يمنع على الراهن أن  يأتي عملا ينقص من قيمة الشيء المرهون أو يحول دون استعمال الدائن لحقوقه المستمدة من عقد الرهن، فاذا لن يوفي الراهن بهذا الالتزام يجيز القانون للدائن المرتهن في حالة الاستعجال أن يتخذ على نفقة الراهن كل الوسائل التي تلزم  للمحافظة على الشيء المرهون) ما 953 ) . أما ضمان نفاذه في حق الغير فيقصد به أن يلتزم الراهن بأن يقوم بما يلزم لنفاذ الرهن في حق الغير كأن يقدم المستندات اللازمة لإجراء قيد الرهن والتصديق على توقيعه على العقد إذا كان المرهون عقارا أو كالقيام بإثبات رهن السند الاسمي في دفاتر الشركة التي أصدرته.

-          التزام الراهن بضمان هلاك المرهون وتلفه: تنص المادة 954 ق م على مايلي:" يضمن الراهن هلاك الشيء المرهون أو تلفه إذا كان الهلاك أو التلف راجعا لخطئه أو ناشئا عن قوة قاهرة، ويسري على الرهن الحيازي أحكام المادتين 899 و 900 المتعلقة بهلاك الشيء المرهون رهنا رسميا أو تلفه، وبانتقال حق الدائن من الشيء المرهون إلى ما حل محله من حقوق". يستخلص من حكم هذا النص أنه إذا تسبب الراهن بخطئه في هلاك المرهون أو تلفه كان للدائن المرتهن الخيار بين أن يطلب تأمينا كافيا أو أن يستوفي حقه فورا لسقوط الأجل وهذا هو جزاء إخلال المدين الراهن بالتزامه بضمان سلامة الرهن. أما إذا كان الهلاك راجعا لسبب أجنبي ولم يقبل الدائن بقاء الدين بدون تأمين كان المدين مخيرا بين أن يقدم تأمينا كافية أو أنه يوفي الدين فورا قبل حلول الأجل.

-          الالتزام بتحمل نفقات الرهن: يتحمل الراهن نفقات عقد الرهن الرسمي طبقا لنص المادة882 ق م .

 

ب‌.     التزامات الدائن المرتهن : ميز المشرع بين الالتزامات التي تقع على الدائن المرتهن على حسب طبيعة موضوع الرهن فيما اذا كان عقارا أو منقولا . و تبعا لذلك نظم أحكام الالتزامات الواردة على رهن العقار في 3 مواد ( 966-967-968 ) في حين نظم الالتزامات الواردة على رهن المنقول في 13 مادة ( من المادة 969 الى المادة 981 ) .

-          الالتزام بالمحافظة على الشيء المرهون: وفقا لما جاء بأحكام المادة 968 ق م يقع على عاتق الدائن المرتهن لعقار واجب المحافظة عليه وإدارته واستثماره، كما يلتزم  بدفع ما يستحق على العقار من ضرائب وتكاليف مستحقة :" يجب على الدائن المرتهن أن يقوم بصيانة العقار وبالنفقات اللازمة لحفظه، وأن يدفع ما يستحق سنويا على العقار من ضرائب وتكاليف، على أن يستنزل من الثمار التي يحصلها قيمة ما أنفق أو يستوفي هذه القيمة من ثمن العقار في المرتبة التي يخولها له القانون.

ويجوز للدائن أن يتحلل من هذه الالتزامات إذا هو تخلى عن حق الرهن.".

-          -لالتزام باستثمار الشيء المرهون: جاء بالمادة 956 ق م على أنه " ليس للدائن ان ينتفع بالشيء المرهون دون مقابل، وعليه أن يستثمره استثمارا كاملا مالم يتفق على غير ذلك." . و من تم  يلتزم الدائن المرتهن باستثمار الشيء المرهون، الاستثمار الذي يصلح له وأن يبذل في استثماره عناية الرجل المعتاد، و لا يغير من الطريقة المألوفة لاستغلاله إلا برضاء الراهن، ويبادر إلى إخطار الراهن بكل ما يقتضيه التدخل، فإن أخل الدائن المرتهن بهذا الواجب من العناية كان للراهن أن يطلب وضع الشيء تحت الحراسة كما يجوز له أن يرد الدين فيسترد الرهن. كأن يقوم بإيجاره غير أنه يلتزم في حالة ايجار العقار الى الراهن بالنص على عقد الايجار في عقد الرهن أو قيده في حالة ما تم الاتفاق بعد ابرام الرهن ( ما 967) .

-          الالتزام بإدارة الشيء المرهون: يتولى الدائن المرتهن إدارة المال المرهون  بعناية الرجل المعتاد، و بما يلائم طبيعته والغرض الذي أعد له، فإذا كان المرهون مبنى، فتكون الإدارة بسكناه أو تأجيره للسكنى، وإذا كان أرضا زراعية فتكون الإدارة بزراعتها إما بواسطة المرتهن نفسه أو بواسطة من يؤجرها له.

-          -الالتزام برد الشيء المرهون: الالتزام بالرد يكون في حالة انقضاء الحق في الرهن الذي ينتهي بطريقتين: اما بطريقة تبعية لانقضاء الدين المضمون و ملحقاته أو بطريقة أصلية كما لو انقضى الحق في الرهن بالتنازل عنه أو بفسخ عقد الرهن.

ج. آثار الرهن الحيازي بالنسبة للغير: لا ينفذ الحق العيني في الرهن الحيازي في مواجهة الغير إلا بانتقال حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى الدائن المرتهن أو إلى الأجنبي الذي يعينه المتعاقدان وانتقال  الحيازة ليس شرطا لإبرام عقد الرهن الحيازي ولكنه شرط لنفاذ الرهن في مواجهة الغير.

فاذا ما أصبح الرهن نافذا في مواجهة الغير وحل أجل وفاء الالتزام المضمون به، ولم يقم المدين بأدائه، يستطيع الدان المرتهن أن ينفذ على محل الرهن ببيعه واستيفاء حقه من ثمنه متقدما على الدائنين العاديين- أي اولئك الذين لا تتمتع ديونهم بحقوق عينية على محل الرهن، بسبب رهن رسمي أو حيازي، أو حق اختصاص، أو كون ديونهم من الديون الممتازة، وكذلك على الدائنين ذوي الديون ذات الحقوق العينية التبعية الممتازة، التالين له في المرتبة، وهذا هو ما يعرف بحق التقدم، أو حق الأفضلية أو حق الأسبقية، وهو يمارس هذا الحق سواء أبقي محل الرهن مملوكا للراهن أم إن ملكيته أو ملكية أي حق عيني  عليه قد انتقلتن إلى شخص آخر وهذا هو ما يعرف بحق التتبع. كما يثبت للدائن المرتهن الحق في أن يحبس المال المرهون ضمانا لوفاء حقه إلى حين استيفاء هذا الحق كاملا، وقد نصت على ذلك المادة 962 من القانون المدني بقولها" يخول الرهن للدائن المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون عن الناس كافة".


Modifié le: samedi 7 mai 2022, 01:27