مفهوم المحل التجاري
إن ازدهار التجارة و ذك بتطور وسائل المواصلات و الاختراعات الحديثة ظهرت أهمية العناصر المعنوية، ىخاصة عنصر الاتصال بالعملاء، و الاسم و العنوان التجاري و السمعة التجارية، و تيقن التجار أن العناصر المعنوية تفوق العناصر المادية للمحل التجاري و اكتملت في أذهانهم فكرة إمكانية التصرف في المحل التجاري كمجموع سواء بالبيع أو الإيجار أو الرهن.
تعريف المحل التجاري و خصائصه
تعريف المحل التجاري: لم يتفق الفقهاء على تعريف محدد للمحل التجاري، كما أن اغلب التعريفات التي تناوت المحل التجاري ركزت على العناصر المكونة له، حيث يتكون المحل التجاري من عناصر مادية و عناصر معنوية، و أن العناصر المعنوية هي الأهم في تكوين المحل التجاري و إذا انعدمت العناصر المادية فلا يؤثر ذلك على وجود المحل التجاري.
و في ذات السياق فان المشرع الجزائري لم يعرف المحل التجاري و اكتفى بتعداد عناصره دون بيان خصائصه القانونية حيث نصت المادة 78 ق.ت.ج على انه " تعد جزءا من المحل التجاري الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري و يشمل المحل التجاري أيضا سائر الأموال الأخرى اللازمة لاستغلال المحل التجاري كعنوان المحل و الاسم التجاري و الحق في الإيجار و المعدات و الآلات و البضائع و حق الملكية الصناعية و التجارية كل ذلك ما لم ينص على خلاف ذلك.
خصائص المحل التجاري: يتمتع المحل التجاري بمميزات خاصة تميزه عن غيره من الأموال المنقولة و تتمثل في:
• المحل التجاري مال منقول معنوي: ليس للمحل التجاري كوحدة مالية وجود مادي محسوس، و إنما الشيء الموجود هي العناصر الداخلة في تكوينه من عناصر مادية و معنوية، و يترتب على
ذلك انه لا يتصور أن يكون المحل التجاري موضوع هبة يدوية لأنها لا تتم إلا بالتسليم و هي خاصة بالمنقولات المادية فقط.
• الصفة التجارية للمحل التجاري: لكي نكون أمام محل تجاري يجب أن يكون المحل ناشئا بغرض الاستغلال التجاري ، أي يجب أن تكون الأعمال التي تمارس فيه أعمالا تجارية، و على ذلك لا يعتبر محلا تجاريا المحل الذي ينشا لممارسة أعمال مدنية كعيادات الأطباء و مكاتب المحامين و المهندسين.
• الصفة الذاتي للمحل التجاري: يتمتع المحل التجاري بذاتية مستقلة مميزة له عن العناصر المكونة له، و كل عنصر في المحل التجاري يخضع لقواعد قانونية خاصة به، فيجوز التصرف في بعض عناصر المحل التجاري دون أن يؤثر ذلك كوحدة ذاتية تختلف عن العناصر المكونة له.
الطبيعة القانونية للمحل التجاري:
لقد اختلف الفقهاء فيما بينهم حول الطبيعة القانونية للمحل التجاري و لذلك ظهرت عدة نظريات:
• نظرية المجموع القانوني أو الذمة المستقلة: يرى أصحاب هذه النظرية أن المحل التجاري هو مجموع قانوني من الأموال و الحقوق الناشئة عن النشاط التجاري أي انه ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للتاجر.
غير أن هذه النظرية انتقدت باعتبار تعارضها و مبدأ وحدة الذمة المالية حيث اقر المشرع الجزائري بقاعدة أن أموال المدين جميعها تكون ضمانة للوفاء بديونه حسب المادة 118/1 ق.م.ج.
• نظرية المجموع الواقعي أو الفعلي: يرى أنصار هذه النظرية أن المحل التجاري ذمة متصلة بذمة صاحبه، فهو يعتبر مجموعا واقعيا من الأموال اجتمعت لتحقيق غرض مشترك هو استغلال المحل التجاري مع احتفاظ كل عنصر بطبيعته و خصائصه و نظامه القانوني المتميز عن العناصر الأخرى المكونة للمحل التجاري.
و انتقدت هذه النظرية كون أن اعتبار المحل التجاري مجموع واقعي هو تكييف غير قانوني فقد حدد المشرع لكل عنصر من عناصر المحل التجاري طبيعته القانونية.
• نظرية الملكية المعنوية : حسب هذه النظرية فان المحل التجاري مال منقول معنوي، لصاحبه عليه ملكية معنوية تتمثل في الاتصال بالعملاء و السمعة التجارية تخول له الحق في الاستئثار به و يحتج به على الكافة و تحميه دعوى المنافسة غير المشروعة و من ثم فالمحل التجاري قائم على خصائص تتمثل في كونه مال منقول معنوي ذو طبيعة تجارية.