خصائص الدولة ووظائفها.
للدولة خصائص تتميز بها عن غيرها من الأشخاص المعنوية، ولها مجموعة من الوظائف تنفرد بالقيام بها دون سواها سواء قدمتها لنفسها أو لشعبها سنذكرها فيما يلي :
خصائص الدولة.
تتمثل خصائص الدولة في الشخصية المعنوية، السيادة، الخضوع للقانون.
أ- الدولة شخص معنوي.
هذه العبارة يغلب عليها طابع التجريد، فحين نقول بأن الدولة شخص معنوي أو قانوني فإن ذلك يعني أن لديها الأهلية كي تتمتع بالحقوق وتتحمل الالتزامات شأنها في ذلك شأن الشخص الطبيعي، ولذا فإن القانون يخاطبها كمخاطبته للفرد الذي يتحمل مسؤولية تصرفاته.
وتعد فكرة الشخصية المعنوية فكرة جوهرية في عالم القانون، فحين يعترف لمؤسسة أو مجموعة محلية أو شركة بالشخصية المعنوية، فمعنى ذلك أن هذه أصبحت لديها حياة خاصة وتتمتع بنوع من الاستقلال ولها ذمة مالية وميزانية، وبإمكانها إبرام التصرفات ولها حق التقاضي.
ويميز القانون بين الأشخاص المعنوية الخاصة التي تخضع للقانون الخاص كالمدني والتجاري، أما الأشخاص المعنوية العامة فيخضعون لقواعد القانون العام، والدولة هي أهم شخص معنوي عام، ودليل ذلك ما تتصف به ميزانيتها من ضخامة وأهمية وما تتمتع به من امتيازات لعل أبرزها هي القوة العمومية.
وخاصية الشخصية المعنوية للدولة ملازمة لها بمجرد قيامها على خلاف الأشخاص المعنوية الأخرى التي لا تكتسب هذه الشخصية إلا بعد أن تمنح لها من قبل المشرع وبشروط معينة، الأمر الذي يمنح للدولة نتيجتان مهمتان أولاهما تتمثل في الاستمرارية فلا تزول بزوال الحكام، وثانيهما هي استقرار وثبات القانون كون أن الحكام ملزمون باحترام وتنفيذ القرارات التي اتخذها الحكام السابقون باسم الدولة.
ب- السيادة.
هذه الخاصية السياسية تحمل معاني قوية وتنطبق على الدولة وحدها باعتبارها المؤسسة العليا ومؤسسة المؤسسات، فإذا كانت الدولة تشترك مع مجموعات أخرى في الشخصية المعنوية، فإن الدولة وحدها هي التي تمتلك خاصية السيادة، بحيث لا تعترف بأي سلطة تسمو عليها أو تنافيها أو تساويها ، وتتجلى في مظهرين :
- إن سلطة الدولة غير خاضعة.
ويعبر عن هذا المظهر بالسيادة الداخلية للدولة، وهذا يعني أنها تملك سلطة التنظيم الذاتي أي أنها تستطيع أن تنظم نفسها بالشكل الذي تريده ولا يقبل أن يكون لها خصوم ينافسوها في سلطتها، فسلطتها أصيلة وغير مقيدة تستمد قوتها من ذاتها وبإمكانها وضع القوانين وسن الدستور دون التقيد بأي إملاءات من أي جهة كانت.
- المظهر الخارجي للدولة.
ونعني به أن الدولة لا تخضع لأية دولة أخرى ولا تلتزم بأي شيء لم تتعهد به، أي أنها مستقلة في تعاملها مع المجتمع الدولي، لكن لديها خصوم لأن سيادتها بالمفهوم المطلق ستصطدم مع سيادة الدول الأخرى التي تتساوى معها أمام القانون الدولي العام، ومن ثم فإن سيادتها الخارجية تكون مقيدة بالمعاهدات الدولية وبانضمامها إلى المنظمات الدولية سواء كانت عالمية أو إقليمية.
ونظرا لما عرفه العالم من تطورات وتشابك في العلاقات مما أدى إلى تضييق مفهوم سيادة الدولة في الخارج، ومثال ذلك خاصة بعد الحرب العالمية الثانية شهد العالم قيام تحالفات عسكرية ضيقت على الدولة حريتها في الدفاع عن نفسها مثل حلف الناتو،إذ أصبح الدفاع عن الدولة موكولا إلى قيادة فرق عسكرية مشتركة، كما تم منع بعض الدول المنهزمة من صناعة السلاح النووي كألمانيا، أو حتى من تأسيس جيش كاليابان.أما بخصوص العالم الثالث فمن المتناقضات العجيبة هو سيادة الدولة في الداخل وتبعيتها في الخارج كاعتمادها على الخارج لتوفير القروض والمساعدات المالية والعسكرية وقد يؤدي هذا إلى سلبها أهم مقومات وجودها.
ج- السيادة وحق التدخل.
لعل أكثر المشاكل تعقيدا في الوقت الحالي بخصوص موضوع السيادة هو هل بإمكان دولة أن تتدخل بالقوة في إقليم دولة أخرى بحجة حماية السكان من خطر الإبادة أو الوقاية من غزو خارجي؟
بالرجوع إلى الفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة فإنه يحرم على جميع الأعضاء اللجوء إلى القوة أو التهديد ضد سلامة واستقلال أي دولة، غير أن الفقرة 07 من ذات المادة أجازت لهيئة الأمم المتحدة عن طريق مجلس الأمن التدخل وفقا للفصل السابع من ميثاق مجلس الأمن، وما حدث في العشرينات الأخيرة يؤكد أنه أمام صعوبة الحصول على إجماع الدول الأعضاء الخمس في مجلس الأمن فقد كانت هناك تدخلات عديدة خارج مظلة الأمم المتحدة، كالتدخل العسكري الفرنسي بالزايير سنة 1978، والعملية المسماة الحرية من أجل العراق في 20 مارس 2003 بمبادرة من تحالف أمريكي بريطاني مدعما من قبل بعض الدول وذلك دون أن تتمكن الو.م.أ من الحصول على موافقة مجلس الأمن.
أما عن التدخلات التي تمت بموافقة الأمم المتحدة فهي كثيرة تفوق 70 تدخلا منها كوريا 1950، فلسطين 1948، لبنان 1978، ساحل العاج 2003....، وبغض النظر عما إذا كانت هذه المنظمة الدولية هي الوحيدة التي تملك حق التدخل بالقوة في إقليم دولة سيدة، فقد طرح أيضا تساؤل عن التدخلات الإنسانية التي تقوم بها بعض المنظمات غير الحكومية كأطباء بلا حدود وأطباء العالم، وهي منظمات تدعي أن لها الحق في ذلك بحجة أن الحروب الأهلية تلحق ضررا بالسكان الذين لا علاقة لهم بهذه النزاعات، مع العلم أن هذه التدخلات غالبا ما تكون غير مرحب بها من قبل الأطراف المتنازعة على السلطة.
ملاحظة :
نقصد بالجماعات المحلية البلدية والولاية.
وظائف الدولة.
لا شك أن قيام الدولة هو تحقيق الأمن والرفاهية ولقد حاولت المذاهب المختلفة التوفيق بين مهام توفير الحاجات العامة للأفراد ولن يتأتى ذلك إلا بتدعيم السلطة الرغبة في الحفاظ على حريات الأفراد وهو ما يسمى بالتوازن أو التوفيق بين الحرية والسلط، وإن نقطة التوازن هاته تختلف فيما بين المجتمعات هذا فضلا عن أن مفهوم الحرية يختلف في النظام والمذهب الاشتراكي والمذهب الاجتماعي، ومن هنا يمكن القول أن وظائف الدولة تتمثل أساس في :
1 -وظيفة الدفاع الخاص والمتمثلة في السلطة الفعلية في المؤسسة العسكرية وتتعلق بسلامة الدولة وأفرادها من العدوان الخارجي.
2- وظيفة الأمن على المستوى الداخلي بحفظ سلامة الأفراد وممتلكاتهم وأموالهم.
3- وظيفة العدالة أي العدالة بين الأفراد في وجود قوانين ينص عليها القضاء لتحقيق المساواة.