أولا: الشروط الموضوعية لحماية الرسوم والنماذج

 

         بالرجوع إلى الاحكام القانونية المتعلقة بالرسوم والنماذج الصناعية، يظهر انه يتوجب توافر مجموعة من الشروط تخص مباشرة الرسم او النموذج المراد حمايتهما، والتي بموجبها يمكن تمييز نطاق الحماية عن باقي المنشآت المشابهة لها والتي يمكن أن تحتوي على نفس العناصر مثل الاختراعات. وعلى هذا فقد استخلص جانب من الفقه المختص أثناء تحديد الشروط الموضوعية على ضرورة توافر شرط أولي وهو شرط الوجود، ذلك بالإضافة الى كل من شرط الجدة، التطبيق الصناعي وعدم مخالفة النظام العام.

أ-شرط الوجود:

         يكتسي هذا الشرط أهمية كبيرة في مجال تحديد المنشآت المعنية بالحماية بموجب نظام الرسوم والنماذج الصناعية، يفهم من خلال هذا الشرط انه يتوجب وجود رسم او نموذج بمفهوم النص القانوني ومن ثم استبعاد كل الابتكارات المشابهة لها والتي لا تدخل ضمن نطاق التعريف القانوني أو تلك التي تتوافر فيها عناصر أخرى تجعلها تخضع لنظام آخر.

ب-شرط الجدة والابتكار:

         ينص المشرع صراحة أن الحماية المقررة بموجب نظام الرسوم والنماذج تخص "الرسوم والنماذج الاصلية الجديد دون غيرها"، ويتبين من هذا أنه ينبغي توافر عنصرين متكاملين، يتعلق العنصر الأول بالجدة ويعني ذلك أنه يمكن إعتبار الرسم او النموذج جديدا في حالة عدم التعرف عليه من قبل، أي أنه ليس سابق الوجود في المجال المراد حمايته، كما انه يتم تقدير الجدة دون التقيد بالزمان وبالمكان. وفيما يخص العنصر الثاني الذي هو الابتكار فهو الذي يعطي للرسم أو النموذج طابعه الاصلي ويجعله يستفيد من الحماية بموجب نظام الرسوم والنماذج. غير أنه ينبغي تمييزه عن عنصر الجدة في نظام براءات الاختراعات، بحيث يكمن هذا العنصر في مجال الاختراعات في النتيجة الجديدة التي لم تكن معروفة في حالة التقنية، أما في مجال الرسوم والنماذج فيتعلق الأمر بالشكل الجديد الذي لم يسبق تداوله. وعليه ففي حالة طلب حماية نموذج جديد لقنينة تستعمل للرائحة مثلا، فإن عنصر الجدة لا يخص إختراع القارورة التي وصلت الى العموم في مجال التقنية وإنما يتعلق بالشكل الأصلي لهذه الأخيرة التي لم تكن معروفة من قبل تحت هذا الشكل الجديد، وعليه فإن عنصر الابتكار يتجسد في الطابع الفني أو التزيني للمنتوج.  

         تجدر الإشارة في الأخير، أنه في حالة توافر عنصر الجدة بمفهومه حسب نظام براءات الاختراع فينبغي إستبعاد نظام الرسوم والنماذج وتطبيق الاحكام الخاصة بحماية الاختراعات الجديدة، فقد بين المشرع في نص المادة الأولى فقرة 4 من الامر رقم 66-86 أنه إذا أمكن لشيء أن يعتبر رسما أو نموذجا واختراعا قابلا للتسجيل في آن واحد فيجب اخضاعه لنظام براءات الاختراع.

ج-شرط المظهر الخارجي الخاص:

         إن هذا الشرط يعتمد على الطابع الخاص للرسم أو النموذج الذي يجعله يتميز عن باقي الأشياء الشائعة في المجال الصناعي، وهذا ما أكد عليه المشرع في المادة الأولى من الامر رقم 66-86 حين تعريفه للرسم، حيث بين أنه يقصد به إعطاء مظهر خاص لشيىء صناعي او خاص بالصناعة التقليدية. فكل الأشياء غير الظاهرة لا يمكن حمايتها بموجب هذا النظام، مثل ما هو الحال بالنسبة للعناصر الداخلية للمحركات، أو الآليات المكونة لجهاز الكومبيوتر مثلا، بحيث لها طابع تقني لا يمكن فصله عن الجانب الوظيفي، فتقتصر الحماية على الناحية الجمالية للرسم أو النموذج وتستبعد كلما تعلق الأمر بالوظيفة التقنية للمنتج. وبالتالي يرتبط هذا الشرط بإلزامية قابلية الرسم او النموذج للاستغلال الصناعي بغض النظر عن طابعه الوظيفي.

د-عدم مخالفة النظام العام:

         يخص هذا الشرط كل حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة، فيتم إستبعاد حماية كل الابتكارات أو الابداعات التي من شأنها أن تشكل مساسا بالآداب العامة والأخلاق الحسنة، وبالنسبة للرسوم والنماذج الصناعية فقد نص المشرع صراحة على رفض حماية كل رسم أو نموذج يمس بالآداب العامة.

ثانيا: الشروط الشكلية لحماية الرسوم والنماذج

 

         بالإضافة الى الشروط الموضوعية الواجب توافرها في الرسوم والنماذج فإنه ينبغي توافر شروط شكلية من أجل حمايتها بالنظام القانوني الخاص بهذا النوع من الابتكارات الجديدة. وعليه لا تستفيد الرسوم أو النماذج الصناعية من الحماية بمجرد توافر الشروط الخاصة بها، وإنما ينبغي على من يرغب في حمايتها من استكمال مجموعة من الإجراءات يكون الغرض منها طلب الحماية طبقا لنظام الرسوم والنماذج. وتتمثل هذه الاجراءات في الإيداع، التسجيل والنشر.

أ- الإيداع :

         يعتبر الإيداع إجراء جوهريا في مجال الملكية الصناعية والتجارية، ويقصد به تقديم طلب الى الهيئة المختصة من اجل طلب الحماية والحصول على سند ملكية. يتم إيداع الرسم أو النموذج أمام المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعي والذي يعتبر السلطة المختصة حاليا. وينص المشرع على ان عملية الإيداع تتم بتسليم الرسم او بتوجيهه داخل ظرف موصى عليه مع طلب الاشعار بالاستلام الى السلطة المختصة، يجب أن يتضمن الإيداع تحت طائلة الابطال مجموعة من البيانات والتي حددها المشرع كالتالي:

·       أربع نسخ من تصريح الإيداع،

·       ست نسخ مماثلة من تمثيل الرسم أو عينتان من كل واحد من الأشياء او الرسوم،

·       وكالة ممضاة بخط اليد وذلك إذا كان المودع يمثله وكيل،

·       وصل دفع الرسوم الواجب اداؤها.

         وعليه فإن الهدف من الإيداع هو التعريف بالرسم أو النموذج بطريقة تسمح للهيئة المختصة من دراسة مدى توافر الشروط الموضوعية كما انه من خلال هذا الاجراء يمكن للهيئة مباشرة باقي الإجراءات التي تلي الإيداع.

ب-التسجيل:  

         يترتب عن إيداع الرسم أو النموذج تسجيله لدى الهيئة المختصة وذلك من خلال مباشرة نقل التصريح بالإيداع الى دفتر الرسوم والنماذج مع ذكر كافة البيانات والمستندات التي قدمها صاحب الرسم أو النموذج. فكما سبق ذكره بخصوص تسجيل براءة الاختراع فإن المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية يمسك سجل خاص بكل حقوق الملكية الصناعية التي تدخل ضمن اختصاصه والذي تقيد فيه كل العمليات الواردة على تلك الحقوق.

         إن عملية التسجيل لا تتم إلا بعد النظر في المستندات المرفقة بالطلب والتأكد من دفع الرسوم المستحقة ومع ذلك فإن الهيئة المختصة لا تقوم بفحص معمق لشروط الموضوعية فإنها تكتفي بالتحقق من صحة الإجراءات المنصوص عليها قانونا[.

ج- النشر:

         يتخذ النشر في نظام الرسوم والنماذج الصناعية طابعا خاصا وهذا راجع الى مدة الحماية التي تقسم الى فترتين والتي سيتم تحديدها أثناء دراسة مدة الحماية. فيهدف اجراء النشر الى إضفاء الطابع العلني للرسم أو النموذج المحمي، فيتكلف بهذا الجراء المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية. وينص المشرع في المادة 17 من الامر رقم 66-86 على أنه: " تنشر قائمة الايداعات التي أصبحت علنية وتوضع تحت اطلاع الجمهور فهارس سنوية تحررها المصلحة المختصة" .

         تجدر الإشارة في الأخير أن المشرع قد تناول كل الإجراءات الخاصة بإيداع الرسوم والنماذج في المرسوم رقم 66-87 المؤرخ في 28 أفريل 1966 المتضمن تطبيق الأمر رقم 66-86 المتعلق بالرسوم والنماذج والذي يتم من خلاله تحديد إجراءات التصريح بالإيداع، تسجيله ونشره وكذا تحديد كيفية احتساب مدته



Zuletzt geändert: Montag, 4. März 2024, 16:43