أثار عقد الكفالة :

تمهيد :

الأصل في الكفالة أنها عقد يجمع بين الكفيل و الدائن، أما المدين الأصلي فلا يعد طرفا في العقد، اذ يتقدم الكفيل لضمان وفاء دين على المدين فيضم بذلك ذمته الى ذمة المدين. غير أن الاثار التي يرتبها هذا العقد تمس الكفيل و الدائن و الكفيل. و هذا ما سنحاول التطرق اليه من خلال التطرق أولا الى الحقوق التي منحها القانون للدائن من اجل استيفاء حقه، لنتطرق بعدها الى  حقوق الكفيل و أخير سنقف عند ما يرتبه عقد الكفالة بصفة غير مباشرة على علاقة الكفيل بالمدين.

1.      حقوق الدائن:

لخص المشرع حقوق الدائن في حقين: الحق في اللجوء الى القضاء من أجل المطالبة بالوفاء بالدين و حق التنفيذ لاستيفاء الدين:

أ‌.         حق المطالبة القضائية بالوفاء بالدين:

الأصل أنه لا يجوز للدائن مطالبة الكفيل باستيفاء الدين الا بعد رجوعه على المدين ( ما 660 ق م )، غير ان المشرع اورد استثناء بالمادة 665 من ق م بحيث أجاز للدائن مطالبة الكفيل بالدين قبل مطالبة المدين في الحالات التالية :

-  اذا كان الكفيل متضامناً مع المدين

- أو في حالة عدم تمسـك الكفيـل بحقه بالدفع بعدم مطالبته قبل مطالبة المدين المقرر له قانوناً

- أو في حالة تنازل الكفيل عـن هـذا الحق بعقد الكفالة أو بعقد لاحقٍ له.

ب. الحق في المطالبة بالتنفيذ : على أموال المدين و في حالة عدم الوفاء أو عدم كفاية هذه الأموال لسداد كل الدين الحق في التنفيذ على أموال الكفيل أو الكفلاء في حالة تعددهم .

 

2.      حقوق الكفيل:

تتمثل حقوق الكفيل بالدفوع الخاصة بالمدين باعتباره تابعاً له والدفوع الخاصة بـه (أي للكفيل)، بالإضافة إلى الدفوع التي نص عليها القانون في أحكام الكفالة.

أ‌.         الدفوع الخاصة بالالتزام الأصلي أو بالتزام الكفيل: في حالة بطلان التزام الكفيل أو المدين بطلاناَ مطلقاً أو بـاطلاً نسبياً ، كأن يشوب التزام المدين عيب في الشروط الموضوعية للعقد بينه وبين الدائن مثال ذلك انعدام الرضا أو المحل أو السبب أو انعدام الأهلية، يترتب على بطلان التزام المدين بطلان التزام الكفيل. فإنه يجوز للكفيل أن يدفع بذلك أمام الدائن و هذا وفقا لما جاء بالمادة 654 ق م " ....و له ان يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين.".

كما يجوز للكفيل الدفع بانقضاء التزام : بما ان التزام الكفيل تابع للالتزام الأصلي في الوجود فهو تابع له أيضا في الانقضاء. و ينقضي الالتزام اما بوفاء المدين بالدين طبقا لما جاء بالمادة 654 ق م :" يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين.." . زيادة على ذلك تبرأ ذمة الكفيل اذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال 6 أشهر من انذار الكفيل للدائن ما 657/2 ق م. كما افرض المشرع حالة أخرى تبرأ ذمة الكفيل و تمثل في حالة افلاس المدين و عدم تقدم الدائن بدينه في التفليسة (ما 658 ق م ) . قد ينقضي الدين أيضا في صورة المقاصة  و هي وسيلة لتسوية الديون المتقابلة بين ذمتين كل منها دائنة للأخرى ومدينـة،  فإذا تمت المقاصة بين دين الدائن والمدين فـإن التـزام المـدين لها معاً وذلك بمقدار الأقل، ينقضي وينقضي تبعاً لذلك التزام الكفيل. كما ينقضي الالتزام أيضا في حالة اتحاد الذمة وهي اجتماع صفة الدائن والمدين بشخص واحـد، مثـل إذا ورث المـدين أو الكفيـل . فإذا تم اتحاد الذمة في شخص المدين فإنه ينقضي الالتزام الأصلي، وتنقضي تبعاً لذلك الكفالة. بالاضافة الى هذه الحالة هناك حلات أخرى تدخل في القواعد العامة لانقضاء الالتزام مثال ذلك التقادم و الصلح و غيرها.

ب‌.     الدفع بالتجريد: و يقصد به حق الكفيل في توقيف إجراءات التنفيذ على أمواله إلى أن يـتم التنفيذ على جميع أموال المدين وتتم العودة عليه بالجزء الذي عجز المدين عن سداده فقط. جاء بالمادة 660 ق م ما يلي:" لا يجوز للدائن أن يرجع على الكفيل وحده الا بعد الرجوع على المدين .

و لا يجوز له أن ينفذ على أموال الكفيل الا بعد أن يجرد المدين من أمواله، و يجب على الكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بهذا الحق.".

غير أن المشرع علق هذا الدف بتوافر بعض الشروط و المتمثلة فيما يلي:

- ألا يكون الكفيل متضامناً مع المدين  وفقا لما جاء بالمادة 665 ق م :" لا يجوز للكفيل المتضامن مع المدين أن يطلب التجريد.".

-  أن يتمسك الكفيل بحقه بالدفع بالتجريد بحيث يستطيع الكفيل أن يتنازل عن حقه بالتجريد صراحة أو ضمناً، لأن هذا الحق ليس مـن النظام العام، ولا يجوز للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، ( ما 660/2 " و يجب على الكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بهذا الحق.")

- أن يرشد الكفيل الدائن على الأموال المملوكة للمدين و التي تكفي الوفاء بالدين كله شريطة ان لا تتواجد هذه الموال خارج الأراضي الجزائرية و أن و تكون محل نزاع و يستنتج هذا الشرط مما جاء بالمادة 661 ق م " اذا طلب الكفيل التجريد، وجب عليه أن يقوم على نفقته بإرشاد الدائن الى أموال المدين تفي بالدين كله."

ت‌.     الدفع بالتقسيم:   يقصد بالتقسيم  جواز لأي من المدين أو الكفيل طلب تقسيم الدين بينه وبـين المـدينين أو الكفلاء الآخرين بنسبة حصة كل  واحد منهم.

  وحق الكفيل في الدفع بالتقسيم يفترض حالة وجود  أكثر من كفيل لدين واحد بعقد واحد و عدم تضامن الكفـلاء فيما بينهم، لذلك فالدين ينقسم عليهم، ولا يجوز للدائن أن يرجع علـى أيٍ مـنهم إلا بقدر نصيبه في الكفالة، وهنا يحق لأي كفيل من الكفلاء أن يدفع تجاه الدائن بحق تقسيم الدين بين الكفلاء الآخرين ما 664 ق م . أما في حالة تعدد الكفلاء بعقود متتالية، فان كل واحد منهم يكون مسؤولا عن الدين كله، الا اذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم.

ث‌.     الدفع ببراءة ذمة الكفيل بقدر ما أضاعه الدائن بخطئه من تأمينات ما 656 ق م : يلتزم الدائن بالمحافظة على الضمانات التي تضمنت الالتزام الأصلي المكفول، ويقصد بالضمانات كل تأمين يخصـص لضمان الدين ولو تقرر بعد الكفالة, وكل تأمين مقرر بحكم القانون. قد يكون  مصـدر التـأمين الاتفاق: كالرهن الحيازي والرسمي، أو القانون: كحقوق الامتيـاز، أوحكـم القضـاء: كحـق الاختصاص، أو أياً كان نوعه شخصيا كالكفالة أو عينيا كالرهن، أو أياً كان تاريخ وجوده سـواء وجد هذا التأمين قبل انعقاد الكفالة أو بعدها. يفترض هذا الدفع أن يبذل الدائن عناية الرجـل العادي على التأمين الخاص، ويجب على الكفيل إثبات ضياع التأمين الخاص، نتيجة لعدم المحافظة على التأمين. كما يشترط للاحتجاج بهذا الدفع اثبات الكفيل لحصول الضرر نتيجة ضياع التأمينات بخطأ الدائن( ما 656 ق م)

ج‌.      الدفع بعدم اتخاذ الدائن إجراءات التنفيذ ضد المدين بعد إنذار الكفيل له بذلك: الأصل أن المطالبة بالدين حق للدائن، غير أنه من  مصلحة الكفيل حصول الدائن على حقه في الوقت المناسب، وذلك حتى تبرأ ذمة هذا الاخير من الدين، ، لهذا السبب قرر المشرع الزام الـدائن باتخـاذ اجراءات المطالبة والتنفيذ في خلال ستة اشهر من انذار الكفيل له و الا برأت ذمة الكفيل (ما 657/2 ق م ) .

ح‌.      الدفع بعدم تقدم الدائن في تفليسة المدين: طبقا لما جاء بالمادة 658 ق م إذا أفلس المدين فإنه يجب على الدائن أن يتقدم في تفليسته للحصول على حقه، تحت طائلة  سقوط حقه في الرجوع على الكفيل.

 

3.      العلاقة بين الكفيل و المدين:

منح القانون للكفيل الذي قام بسداد الدين الحق في الرجوع علـى المـدين اما بمباشرة الدعوى الشخصية أو دعوى الحلول:

أ‌.         الدعوى الشخصية و تسمى ايضا بدعوى الكفالة : يجوز للكفيل الرجوع على المدين بعد وفاء الدين سواء عقدت الكفالة بعلمه او بغير علمه ( ما 672ق م )، غير أن المشرع اشترط في المادة 670 ق م ان يخبر الكفيل المدين قبل ان يقوم بالوفاء بالدين و الا سقط حقه في الرجوع على المدين. متى أوفى الكفيل بالدين ، ورجع على المدين بالدعوى الشخصية فإنه يرجع عليه بأصل الـدين و الفوائـد والمصـروفات، غير انه فيما يخص المصروفات حددها المشرع بالمادة 672/2 ق م فقط بالمصروفات التي دفعها الكفيل من وقت اخبار المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده.

ب‌.     دعوى الحلول : و يقصد بها حلول  الكفيل الذي أوفى جميع الدين محل الدائن فـي جميع الحقوق التي له تجاه المدين ( ما 671 ) . و من شروط هذه الدعوى وفاء الكفيل بالدين كله، اما في حالة الوفاء فقط بجزء من الدين، فلا يرجع الكفيل على المدين الا بعد ان يستوفي الدائن لكل حقه من المدين و في هذه الحالة لا يجوز له مطالبة المدين الا بقدر الجزء الذي وفاه .

 


Последнее изменение: пятница, 6 мая 2022, 00:57