تمهيد:

يستوجب الإشارة الى أن علاقة  الكفالة تجمع بين ثلاثة أطراف وهم الكفيـل والمكفـول لـه (الـدائن) والمكفول عنه (المدين)، بينما يجمع  عقد الكفالة فقط بين طرفين: الكفيل و المكفول له الدائن.

فالكفيل هو كالأصيل، يتعهد بما تعهد به الأصيل ( المدين) وبالتالي يشترط فيه أهلية التبرع. و فضلاً على اشتراط أهلية التبـرع فـإن المشـرع وضع شروطاً أخرى بالمادة 646 ق م التي تنص على مايلي: " إذا التزم المدين بتقديم كفيل،  وجب أن يقدم شخصا موسراً ومقيماً بالجزائر،  وله أن يقدم عوضاً عن الكفيل،  تأميناً عينياً كافياً".. كما أن الكفيل يلتزم بالكفالة وفق مصدر الالتزام بها سـواء أكانـت اتفاقيـة أم قانونيـة أم قضائية، ومدى التزام الكفيل ومسؤوليته تتحدد وفقاً لطبيعة هذه الكفالة مدنية كانت أم تجارية.

أما المكفول له الدائن فلم يشـترط  المشرع الرضا الصريح له، فيكفي استخلاص ذلك من القرائن والدلائل المحيطة بعقد الكفالة أهلية معينة لهذا الرضا، لأن الدائن يحصل على منفعة من الكفالة ولا يصيبه ضرر.

و كون ان المشرع حدد طبيعة الكفالة كونها عقد فيجب توفر لانعقادها الرضا و المحل و السبب.

1.      الرضا بين الكفيل و الدائن  :

لقد تمت الإشارة في خصائص عقد الكفالة أنه عقد رضائي، و  لقد اعتبر المشرع الكفالة كسائر العقود التي يشترط فيها الإيجاب والقبول من المكفول له، ويكفي أن يكون رضا المكفول له ضمنا وسكوته يعتبر رضاً منه لأن فـي الكفالـة منفعة له (تعتبر الكفالة بالنسبة للدائن عملاً نافعاً نفعاً محضا). كما يجب أن يكون رضا الكفيل خالياً من عيوب الرضا وفقاً للقواعد العامة أي لإكراه، او الغلط، أو التدليس أو الغبن ( الرجوع الى المواد 81-82-86-88-90 ق م ).

وأما رضا المكفول عنه فهو غير معتبر في عقد الكفالة لأنه ليس طرفاً فيها. فإيجـاب الكفيل وحده يكفي لانعقاد الكفالة و حتى رغم معارضته و هو ما نص عليه المشرع بالمادة 647 ق م : " تجوز كفالـة المـدين بغيـر علمـه ، وتجـوز أيضا رغـم  معارضته".

2.      المحل : وهو الركن الثاني لعقد الكفالة فيتحدد التزام الكفيل في الكفالة تبعـا للالتـزام الأصـلي المكفول من حيث وجوده أو إمكانية وجوده أو صحته وأن يكـون مشـروعاً وصـحيحاً وكذلك يجب على الكفيل أن يكون التزامه معين تجاه الدائن .

فالكفالة أصلاً عقد تابع لالتزام أصلي ودون هذا الأخير لا تقوم دونه. غير ان المشرع أجاز بالمادة 650 ق م  كفالة الالتزام مستقبلي و كفالة الالتزام معلق على شرط:

-          كفالة التزام مستقبلي: أجاز المشرع كفالـة الـدين المستقبلي شريطة أن يحدد مقدماً المبلغ المكفول وذلك حماية للكفيل، الذي سيكفل ديناً لم يوجد بعد، فأقل حق له أن يعلم مقدار هذا الدين. فإذا كان الكفيل لدين مستقبلي لم يعين مدة الكفالة، كان له في أي وقت أنْ يراجع فيها،  ما دام الدين المكفول لم ينشأ بعد. و عليه يستنتج من هذا الحكم أن المشرع لم يشترط تحديد مدة كفالة الالتزام المستقبل.

-          كفالة دين معلق على شرط : وقد جاء أيضا بأحكام  المادة 650 من ق م ما يلي :"تجوز الكفالة في الدين المشروط". فإذا كان الدين الأصلي معلقاً على شرط واقف مثلا، كان التزام الكفيل كذلك، فـإذا تحقـق الشرط أصبح التزام المكفول عنه نافذاً وتبعه التزام الكفيل، وإذا تخلف الشـرط يـزول. و على حد سواء تجوز كفالة الدين المعلق على شرط فاسـخ، بحيث يزول التزام الكفيل فإذا تحقق الشرط الفاسخ فإن الدين الأصلي ينفسخ بأثر رجعي وكذلك ينفسخ التزام الكفيل تبعـا له.

3.      السبب: و هو الرابط القانوني والدافع الحقيقي للعقد. ويجب أن تتوافر في سبب عقد الكفالة الشروط العامة وهي أن يكون موجوداً وصحيحاً ومباحاً وغير مخالف للنظام العام والآداب.

4.      إثبات عقد الكفالة: نص المشرع  بالمادة 645  على ما يلي " لا ثبت الكفالة إلا بالكتابة،  ولـو  كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة." و يترتب عن مقتضيان ما جاء بهذه المادة أن الكفالة  عقد رضائي يتم بمجرد الإيجاب مع القبول، لذلك فإن الكتابة رسمية كانت أو عرفية تشترط للإثبات وليس للانعقاد، فالكتابة قررت لمصلحة الكفيل والدائن لأن الكفالـة ضمانة مهمة لحق الدائن، فإذا أضاع السند الكتابي أو سرق أو تلف أو إذا وجـد مـانع أدبي فإنه يجوز الإثبات بطرق الإثبات الأخرى .

 


Última modificación: domingo, 1 de mayo de 2022, 02:21