إن أهمية النشاط الفكري والدور الذي يلعبه في ترقية وتطور الثقافة أدى بالمشرع الجزائري إلى ضمان حرية الابتكار الفكري والعلمي والفني في أسمى نص قانوني، وهكذا ينص صراحة في المادة 38 من الدستور على ان "حقوق المؤلف يحميها القانون". كما ينظم المشرع حماية حقوق المؤلف بموجب الأمر رقم 03-05 المؤرخ في 19 يوليو 2003 والمتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. يعتبر هذا النص الأساس القانوني لحماية حقوق المؤلف بحيث يحدد شروط حماية المصنفات وأنواعها كما يتناول كافة الحقوق المقررة لصاحب الابداع الفني وكذا الاستثناءات الواردة عليها .

أ – شروط حماية المصنفات بحقوق المؤلف

ينص المشرع في المادة 3  من الأمر رقم 03-05 على أنه : " يمنح كل صاحب ابداع أصلي لمصنف أدبي أو فني الحقوق المنصوص عليها في هذا الأمر." ويضيف في الفقرة الثانية من نفس المادة أنه " تمنح الحماية مهما يكن نوع المصنف ونمط تعبيره درجة استحقاقه ووجهته، بمجرد إيداع المصنف سواء أكان مثبتا ام لا بأية دعامة تسمح بإبلاغه الى الجمهور".

يتضح من خلال هذا النص أن الشرط الأساسي لإضفاء الحماية في  نظام الحقوق المؤلف هو الابتكار أي الإبداع الأصلي، يعني ذلك أنه يجب ان يتسم المصنف بالأصالة حتى يتمتع بالحماية، أي أن يعطي المؤلف لإنتاجه طابعا شخصيا يميزه عن باقي المصنفات، وذلك بغض النظر عن نوع المصنف ودرجة استحقاقه ووجهته  كما أنه لا يهم ما اذا كان المصنف مثبتا أم لا على الدعامة التي تسمح بإبلاغه إلى الجمهور.

الشرط الوحيد للحماية القانونية هو الإبداع الأصلي  بحيث أنه على خلاف الملكية الصناعية والتجارية فإن المبدأ في نظام حقوق المؤلف هو عدم اشترط إجراء الإيداع من أجل منح الحماية ، فإنها تمنح بمجرد الإبداع بدون استكمال أي إجراء وعلى الرغم من ذلك وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من نص المادة 3 يظهر أن المشرع استعمل مصطلح "الإيداع" لإقرار الحماية للمصنفات الأدبية والفنية فنص أنه "تمنح الحماية...بمجرد إيداع المصنف" فيتعلق الأمر بخطأ مطبعي بحيث كان يقصد المشرع من خلال ذلك بالإبداع وليس الإيداع وهذا ما يتبين عند الرجوع إلى النص المادة 3 الفقرة الثانية باللغة الفرنسية  فإن المشرع استعمل "la protection et accordée…dès la création"

فلو تعلق الأمر حقيقتا بالإيداع لإستعمل المشرع مصطلح "dépôt" باللغة الفرنسية  للدلالة على أنه شرط للحماية في نظام حقوق المؤلف.

وعليه ينبغي على المشرع تصحيح الخطأ الوارد في نص المادة 3 باللغة العربية من أجل تفادي أي خلط أو غموض فيما يخص أساس الحماية في مجال حقوق المؤلف.    

ب – المصنفات المحمية بحقوق المؤلف

ينص المشرع في المادة 4 من الأمر رقم 03-05 على مجموعة من المصنفات المحمية بحقوق المؤلف وجاء التعداد على سبيل المثال بحيث أن الحماية تشمل كل انتاج فكري يتوافر على شرط الإبداع الأصلي حتى ولو لم يتم ذكره ضمن التعداد القانوني. ويصنف الفقه المصنفات المحمية بحسب طبيعتها وشكلها كالتالي:

1-   المصنفات الأدبية المكتوبة والشفوية: تتمثل المصنفات المكتوبة في المحاولات الأدبية، البحوث العلمية والتقنية، الروايات ، القصص، القصائد الشعرية. أما المصنفات الأدبية الشفوية فيمكن أن تكون على شكل محاضرات، خطب و مواعظ.

2-   المصنفات الموسيقية: بطبيعتها تعتبر الموسيقى فنا سمعيا، فيشمل هذا النوع من الإنتاج، المصنفات الموسيقية المغناة أو الصامتة، والتي تستعمل فيها آلة موسيقية أم لا، ويشمل أيضا مصنفات الدرامية، الدرامية الموسيقية والإيقاعية والتمثيليات الإيمائية. ويتفق الفقه على أن المصنفات الموسيقية تحتوي على ثلاث عناصر: اللحن، التنسيق و الإيقاع.

3-   المصنفات السمعية البصرية والسينمائية: ولهذا النوع من الإنتاج مجال واسع فهو يشمل كافة المصنفات التي تتضمن على عنصر الصورة ولكن بشرط أن لا تكون ثابتة أي يجب ان تكون متحركة سواء كانت مصحوبة بأصوات أو بدونها، ويمكن ذكر على سبيل المثال الأفلام بصفة عامة، الأشرطة الوثائقية الرسوم المتحركة. 

4-   المصنفات الفنية: يدخل ضمن نطاقها مصنفات الفنون التشكيلية والتطبيقية كالرسم، الرسم الزيتي، النحث والنقش، الطباعة الحجرية وفن الزرابي. وتخص أيضا الرسوم والرسوم التخطيطية والمخططات، والنماذج الهندسية المصغرة للفن والهندسة المعمارية بالإضافة إلى الرسوم البيانية والخرائط والرسوم المتعلقة بالطبوغرافيا أو الجغرافيا أو العلوم.

5-   المصنفات الرقمية: وهي المصنفات التي يتم إنجازها بتدخل وسائل التكنولوجيا الحديثة ويتم تداولها في المحيط الرقمي، ومثالها اللوجسيال، قواعد البيانات ومصنفات الوسائط المتعددة. كما يمكن أن تخص مصنفات تقليدية يتم نقلها إلى الوسط الرقمي عن طريق الرقمنة.

تجدر الإشارة في الأخير أن هذه المصنفات المحمية بحقوق المؤلف يمكن أن  تكون أصلية كما يمكن ان تكون مشتقة من الأصل. ويقصد بالمصنف المشتق من الأصل ذلك الإنتاج الذي يتطلب من أجل إنجازه مصنفا سابق الوجود، فلا يتم إنجاز هذا نوع من المصنفات إلا بعد الحصول على ترخيص من صاحب المصنف الأصلي. وعليه يجب التمييز في هذه الحالة بين حقوق مؤلف المصنف الأصلي وحقوق مؤلف المصنف المشتق من الأصل الذي بدوره يتمتع بحماية بالنظر للجهد الفكري الذي بدله في تجسيد المصنف. ومثال هذا النوع من المصنفات: أعمال الترجمة والإقتباس، التوزيعات الموسيقية والمراجعات التحريرية وباقي التحويرات الأصلية للمصنفات الأدبية والفنية.

Modifié le: dimanche 20 mars 2022, 14:10