النهضة (المرحلة1): وهي الفترة التي تلت مباشرة اكتشاف القارة الأمريكية سنة 1492. عرفت هذه المرحلة دينامية حقيقة فيما يخص الرحلات الاستكشافية التي سمحت للغرب الأوروبي برسم خريطة جل سواحل العالم وكذا التعرف على "أجناس بشرية" غريبة، مختلفة تماما عن الجنس الأوروبي المألوف. ولقد غذت سرود (قصص) الرحالة (المستكشفين) المخيال الاجتماعي للمجتمع الأوربي والذي تم إسقاطها في كتابات أدبية كالروايات والمسرحيات التي تشيد بمزايا الفرد الأوروبي وتحذر في الوقت ذاته من الخطر الذي قد يأتي من الغريب المتوحش. غير أنه تجدر الإشارة إلى أن، و حتى إذا كان التصور العام لهذه الأجناس هو تصور سلبيا وأن هذه المجتمعات الغريبة كانت كلها تصنف على أنها متوحشة، بربرية بدائية، الخ. بالنسبة لثلة من المفكرين من أمثال مونتاني استطاعوا استنباط شكلين من أشكال "البدائية" والمتمثلة في الحكيم البدائي من جهة والمتوحش من الجهة الأخرى. و في ها الصدد كتب "مونتاني"  (Montaigne)في أحد محاولاته سنة 1580 مايلي: "تبدو لي هذه الشعوب (يخص بذلك الشعوب الأمريكية-الهندية) بربرية لأنها لا تمتلك قسطا كبيرا من التفكير الآدمي، وهي أقرب ما تكون من سذاجة الإنسان الأول (قديم)، الطبيعة لازالت تتحكم فيهم بقوانينها.. ولكن في الوقت نفسه يعيش هؤلاء في انسجام تام مع بيئتهم فلا حاجة لهم لفنون ولا آداب و لا حتى الفلسفة" (مونتاني بتصرف).

        فلاسفة الأنوار (المرحلة2): ما يميز تفكير فلاسفة الأنوار هي تلك النزعة "الانسانوية" مفادها أنه لا يجدي الخوف من "الغريب" نفعا، فلا ربما كان هذا بعيدا كل البعد من الطابع الوحشي الذي ينسب إليه. كتاب  الرسائل الفارسية للفيلسوف الفرنسي مونتيسكيو  (Montesquieu)خير دليل على ذلك، والسؤال الشهير الذي يحتويه هذا الكتاب يؤكد ذلك : كيف لي أن أكون فارسيا؟ (Comment peut-on être persan ?) ويلخص النزعة الإنسانوية المحتواة بفكر الأنوار.

        المرحلة الثالثة هي المرحلة التي دخلتها الممارسة الأنثروبولوجيا في الفترة التي تلي مباشرة الحرب العالمية الثانية. وهي المرحلة التي سنتطرق إليها في المحور الخاص بأنثروبولوجيا القريب.

Last modified: Saturday, 24 October 2020, 2:21 PM