منهجية التعليق على قرار قضائي
يمثل التعليق على الأحكام والقرارات القضائية أهم أنواع الدراسات التطبيقية ، لأن التعليق على الحكم أو القرار القضائي يقتضي الجمع بين المعارف النظرية التي تعلمها الطالب و طرق و أساليب المنهجية القانونية التي تسمح بتقييم الحكم أو القرار.
فالتعليق هو التحليل الدقيق لقرار قضائي ، انطلاقا من المعلومات الشخصية التي تلقاها الطالب في دراسته النظرية
حول الموضوع . وينصب التعليق عادة على القرارات الصادرة من المحكمة العليا باعتبارها مرجعا قضائيا لباقي الأحكام . كما يمكن أن يتناول التعليق أحكام المحاكم من الدرجة الاولى أو الاحكام الاستئنافية .
و مما ينبغي على الطالب معرفته هو أن منهجية التعليق على حكم أو قرار قضائي هي دراسة نظرية و تطبيقية في آن واحد لمسألة قانونية معينة ، تهدف الى تطبيق المعلومات النظرية التي تلقاها الطالب من أجل ترسيخها في ذهنه . ولكي يكون التعليق صحيحا لابد من تتبع المراحل التالية :
المرحلة الاولى : تحليل القرار القضائي
لا تتم هذه المرحلة الا من خلال عرض الوقائع و الاجراءات و الحجج و المشكل القانوني والحل المقترح الذي أفصح عنه القرار القضائي .
1- التعريف بأطراف النزاع وموضوعه وعرض الوقائع
يبدأ المعلق مرحلته بذكر أطراف النزاع لأن تحديد الاطراف له أهمية بخصوص معرفة جهة الاختصاص سواء كان القضاء عادي أو اداري .
ثم تحديد موضوع النزاع كأن يذكر مثلا بأنه يتعلق بالطرد التعسفي أو نزع الملكية ..الخ و تحديد موضوع النزاع مهم لمعرف القانون الواجب التطبيق على الخصومة أو النزاع . فالنزاع اذا كان موضوعه اسقاط الحضانةفإن الواجب التطبيق هو قانون الاسرة.
ثم ذكر الوقائع و يقصد بها مجموعة الاحداث و الافعال المادية و القانونية التي أدت الى نشوب النزاع وهي تختلف من منازعة لأخرى.
2- تحليل الاجراءات
يقصد بتحليل الاجراءات عموما المراحل التي مر بها النزاع و هذا أمر يختلف من منازعة لأخرى فإن كان القرار صادر عن مجلس الدولة و جب على الطالب أن يستعرض تطوره من الناحية الاجرائية على مستوى قضاء الدرجة الاولى أي المحكمة الادارية . و ينبغي التركيز على هذه النقطة لأنه من المحتمل تجاوز بعض الاجراءات أو إهمالها. كما ينبغي التركيز على مواعيد رفع الدعوى و الاستئناف و الطعن و التبليغ ...الخ
3- الحجج المطروحة أو المعروضة
لا شك أن رافع الدعوى عندما يقصد القضاء يعرض مجموعة حجج من خلال دعواه يريد اقناع هيئة الحكم بها و مما لا شك فيه أن خصمه سيعرض حججا يحاول من خلالها دحض ادعاءات خصمه و ينبغي عرض هذه الحجج من خلال ما ورد في القرار أو الحكم دون زيادة أو نقصان أو تصرف أو إبداء الرأي . فبعد عرض الوقائع ثم عرض الحجج التي يتمسك بها كل خصم ، سيساعده ذلك على الميل لقوة حجة مطروحة على أخرى.
4- حصر الاشكال القانوني المطروح
عند دراستنا للقرار القضائي نحاول حصر موضوع النزاع من خلال التمعن في الحجج التي يطرحها كل طرف . فكل خصم يحاول أن يطرح على هيئة المحكمة سؤال أو مجموعة من الأسئلة ، فإذا تعلق الأمر بطرد تعسفي دون تمكين الموظف من ممارسة حقه في الدفاع ، فإن رافع الدعوى سيتساءل عن مدى مشروعية قرار الفصل. و هذا ما يشبه عنصر الاشكالية في البحث العلمي .
5- الحلول القانونية ( الحل المقترح من خلال القرار)
ان كل نزاع يعرض على القضاء يتوج بحل يصل اليه القاضي و يواجه الاشكال القانوني المطروح عليه و المطالب بالفصل فيه . اذا لكل إشكال قانوني حل قضائي . فالباحث أو المعلق و هو يقرأ القرار القضائي في الشق المتعلق بالتسبيب و الحيثيات يصل الى معرفة قناعة القاضي و الحل الذي اهتدى إليه لمعالجة الاشكال القانوني المطروح. و لا بد للقاضي و هو يعرض الحل المقترح أن يقدم جملة من الأسانيد القانونية الواجبة التطبيق على النزاع أو يعرض اجتهاد المحكمة العليا أو مجلس الدولة عند عدم وجود النص .
المرحلة الثانية : التعليق على القرار القضائي
في هذه المرحلة يكون المعلق أمام احتمالين و هما:
أ- تأييد الحل الوارد في القرار: اذا أيد المعلق الحل الموجود في القرار ، تعين عليه أن يبرز قوته القانونية و تماسكه و تأسيسه و قوة حيثياته.
ب- عدم تأييد الحل الوارد في القرار: اذا كان رأي المعلق يختلف عن الحل الذي ذهب اليه القاضي ، تعين عليه ابراز جوانبه السلبية و نتائجه على المستوى القانوني و مدى ابتعاده عن التشريع و مبادئ العدالة و هذه مهمة في غاية الصعوبة .
- مدير: Fatima safer