رسالة فى الطبيعة البشرية لــــــ "دافيد هيوم"

الدرس العاشر:

ماستر 1

تخصص الفلسفة العامة

وحدة التعليم الأساسي

مادة: مصادر فلسفية2

الأستاذ منير بهادي

 

 

رسالة فى الطبيعة البشرية لــــــ "دافيد هيوم"

 

1- السياق التاريخي والمعرفي:إضافة للسياق التاريخي والمعرفي العام الخاص بالإصلاح الديني، وعصر النهضة، وبداية العصر الحديث، والذي نعتبره من أهم المداخل لفهم فلسفة "دافيد هيوم". نعتبر كذلك أن طبيعة التحولات المفهومية التي حدثت فى تاريخ الفلسفة، بانتقال الفكر الفلسفي إلى التركيز على مفهوم الإنسان ومركزيته، من الرؤى المؤسسة لهذه الفلسفة عامة، ولمضمون نص: رسالة فى الطبيعة البشرية، بوصفه نصا مركزيا مؤسسا لفلسفة "هيوم".كما إن الدوافع التي أدت به إلى الاهتمام بالطبيعة البشرية محاولته تأسيس علم للإنسان على طريقة مذهب العقليين المتأثرين بــ"ديكارت"، جاعلا من نظرية "لوك" فى الإحساس منطلقه المعرفي الأساس فى البحث عن القدرات الذهنية وحدودها على حد تعبير"راسل" (انظر راسل، حكمة الغرب،ج2،ص98/99.)

2- السيرة الذاتية: ولد فى ادنبره باسكتلندا سنة 1711م ألف كتابه الأساس"رسالة فى الطبيعة البشرية" فى الرابع والعشرين من عمره، والذي قال أنه وضع خطته وهو فى العشرين.وبعد قدومه إلى لندن سنة 1737م قادما من قرية "لافليش" بفرنسا أين أتم الكتاب، نشر الجزء الأول والثاني من الكتاب سنة 1739م  ثم الجزء الثالث سنة 1740م. وبعدما لم يلقى الكتاب رواجا بين القراء واعترف هيوم بسرعة ذهابه إلى المطبعة، أعاد مراجعته من جديد، فأخرج الجزء الأول بعنوان جديد: " بحث فى العقل البشرى" والذي كان موضوعه الإدراك العقلي والجزء الثالث: "بحث فى مبادئ الأخلاق". كما أنه تعرف على فلاسفة فرنسا أثناء عمله بالسفارة البريطانية بباريس. وكان من بين أصدقائه "جون جاك روسو"الذي رافقه إلى لندن سنة 1766م. وفى سنة 1776م توفى بادنبره تاركا مجموعة من المؤلفات والبحوث التي كان لها الأثر العميق فى تاريخ الفكر الإنساني: (بدوي، الموسوعة،ج2، مادة: هيوم، ص611-614)

-رسالة فى الطبيعة البشرية: الجزء الأول والثاني  1737م

- بحث فى العقل البشري 1748م : إعادة طرح للجزء الأول من الرسالة.

- بحث فى مبادئ الأخلاق سنة 1751م : إعادة طرح للجزء الثالث من الرسالة.

- مقالات أخلاقية وسياسية سنة 1745م.

- تاريخ بريطانيا العظمى1754-1756م

- التاريخ الطبيعي بين سنتي 1756و1761م.

- بحوث سياسية بين سنتي 1756و1761م.

- محاورات فى الديانة الطبيعية.1779م

- حياتي

- خطابات دافيد هيوم (أنظر: زكي نجيب محمود،تراث الإنسانية،ج1،ص106،107)

    

3- موضوع رسالة فى الطبيعة البشرية: تتشكل من ثلاثة أجزاء كما سبق ذكره

أولاً: الجزء الأول: موضوعه الإدراك العقلي أو تكوٌن المعرفة عن طريق الحواس عبر انطباعات مباشرة سواء كانت ظاهرة: مثل ما يحدث عندما تمدنا الحواس بإحساسات مباشرة كالذوق واللمس، أو باطنة كالانفعالات التي تحدثها الانطباعات الحسية فى النفس، وتستمر بعد زوال مؤثراتها وهو ما يسميه"هيوم" بالأفكار. ومنه فإن المعرفة مجرد أفكار تشكلت من انطباعات حسية، زالت مؤثراتها فتحولت إلى صور ذهنية. والفرق بين الانطباع الحسي والفكرة فرق زمني أولا: حيث تأتي الفكرة بعد الانطباع، ونوعي ثانيا: حيث تكون الفكرة أقل وضوحا من الانطباع حين وقوعه، رغم أن الفكرة صورة عن الانطباع الحسي.

ثانياً-  الجزء الثاني: موضوعه العواطف: ولها معنى واسعا يشمل الغرائز والرغبات، والميول والانفعالات، والدوافع النفسية، والحب والكراهية.إلا أن ما هو متعلق بالإدراك مباشرة والمتولد عن الانطباعات الحسية فقد ألحقه "هيوم" بغير العواطف أي بالإدراك لا بالوجدان: كالشعور باللذة والشعور بالألم. وتنقسم العواطف إلى أربعة مجموعات: م1/عواطف أولية وهي ما لا يستند الى خبرات سابقة، كالشهوات الفطرية(شهوة الطعام وشهوة الجنس). م2/ عواطف مشتركة مع العواطف الأولية فى استنادها على الطبيعة البشرية، لكنها تختلف عنها من ناحية أنها تستند إلى خبرات سابقة عن اللذة والألم، كإضافة نوع الطعام إلى شهوة الطعام الفطرية.م3/ العواطف غير المباشرة وهي الخبرات السابقة مع الأفكار غير ذات صلة مباشرة  بموضوع الشهوة؛ وهي أربعة أنواع: الزهو، والضعة، والحب، والكراهية. م4/ العواطف الناشئة عن تأمل الجمال والقبح الكائن فى الأشياء والأفعال، تأملا يحدث فينا الإحساس بالمتعة بالجميل، والنفور من القبيح.تشترك المجموعات الثلاثة الأخيرة (الثانية والثالثة والرابعة) فى أنها عواطف ثانوية متفرعة عن المجموعة الأولية ذات الصلة بالغرائز الفطرية، لكنها مختلفة عنها بما تضيفه من خبرات وأفكار.

 

ثالثا: الجزء الثالث وموضعه الأخلاق: لا يكون الحكم الخلقي قائما على العقل وحده، لأن الموقف الخلقي يجمع بين الإرادة والعمل، أما العقل معرفة وإدراك، توصف عملياته الفكرية بالحق أو الباطل. لكن الفعل الخلقي يوصف بالخير أو الشر طبقا لخاصيته العملية ودلالة الوجوب التي يحملها(افعل أو لا تفعل). وعليه يكون مصدره الإحساس بالرضا كشعور يحس به الإنسان، وحكمه على الأفعال بأنها خير أو أنها شر، حيث يتحول الخير إلى لذة والشر إلى ألم، كما يتحولان إلى قيمتين خلقيتين فطريتين فى الطبيعة البشرية. وهكذا يكون الشعور بالرضا أساس الحكم الخلقي، بعد ما يؤدي العقل وظيفته بتحليل الأفعال الإنسانية وتبيانها على حقيقتها، مما يحدث شعورا بالرضا أو الضجر (= تبرم،سخط، استياء..) منها، وهو ما يكون سببا فى الحكم عليها إما بالخير أم بالشر. (هيوم،الرسالة)  

4-  الاستنتاج:

- حاول تأسيس مفهوم الطبيعة البشرية على أسس تجريبية.

- تجاوز الرؤى الميتافيزيقية التي ركزت على مفهوم الفطرة.

- تأثر بالمنحى التجريبي للفلسفة الإنجليزية.

- تأثر بتحولات العلوم التجريبية فى عصره. 

 5- مصادر ومراجع:

- ديفيد هيوم، رسالة فى الطبيعة الإنسانية، ترجمة عبد الكريم ناصيف، دار الفرقد، ط1،بيروت، 2016

- ديفيد هيوم، رسالة فى الطبيعة الإنسانية، ج2 ترجمة وتقديم: وائل علي سعيد، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق 2008.

- زكي نجيب محمود، رسالة فى الطبيعة البشرية لــ"ديفيد هيوم"، تراث الإنسانية،ج1، دار الرشاد الحديثة، منشورات وزارة الثقافة، مصر 1962.

- برتراند راسل، حكمة العرب، ج2،ترجمة فؤاد زكريا، سلسلة عالم المعرفة، ط1 المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، الكويت1983.

- عبد الرحمن بدوي: موسوعة الفلسفة، الجزء الثاني المؤسسة العربية للدراسات والنشر،ط1، بيروت، 1984