Einschreibeoptionen

محاضرات مقياس علم النفس المعرفي/ السنة الثالثة أرطفونيا 

جامعة وهران2 محمد بن أحمد

قسم علم النفس والأرطفونيا

أ د :  طالب سوسن

 

محاضرة الانتباه

 

تمهيد :

     يعد الانتباه أول عملية نمارسها عند تعاملنا مع مثيرات البيئة الحسية قبل الادراك ويصبح الهدف من وراء ذلك هو التعرف على طبيعة المثيرات المتواجدة في النظام الحسي للفرد من أجل تحديد أي منها سوف يتم الاهتمام بها ومعالجتها وإدراكها .

والإنسان لا يستطيع أن يتعامل مع كم هائل من المثيرات الحسية عبر الحواس الخمسة، ولكن عملية الانتباه تساعده على انتقاء المثيرات التي يريدها ويعزل الأخرى مما يسمح لها بدخول نظام المعالجة فتصبح عملية الادراك ممكنة .

العلاقة بين الاحساس والانتباه والإدراك :

الاحساس: يحدث الاحساس عندما يستقبل أي عضو من أعضاء الحس كالعين أو الأذن أو الأنف أوغيرها مثيرا منبّها مشيرا إلى حدوث شيء ما في البيئة المحيطة بالإنسان كأن يسمع صوت طرق على الباب.

هذه  الأصوات تنتقل على شكل موجات في الفضاء فترتطم بصوان الأذن فتعبر القناة السمعية عبر الطبلة إلى الأذن الوسطى فالداخلية .

الانتباه : يبدأ الانتباه دوره عند وصول كم هائل من المثيرات إلى الدماغ ليقرر أي المثيرات يهتم بها وأيها يهملها .

الادراك : ينطلق عمله بعد الانتباه حيث يتم تحليل المثيرات القادمة وترميزها وتفسيرها في نظام المعالجة المعرفي إلى غاية ظهور الاستجابة 


تعريف الانتباه :

تعريف عالم النفس الأمريكي وليم جيمس William James: عملية تركيز الوعي أو الشعور على الاحساسات الناتجة عن بفعل المثيرات الخارجية، أو تلك الصادرة من داخل الفرد.

تعريف تتشنر Tichner : عملية اختيارية تعتمد على تركيز الوعي أو الشعور بمثير أو حدث معين دون غيره من المثيرات الأخرى .

تعريف ستنربرغ Sternberg  2003: أن الانتباه هو القدرة على التعامل مع كميات محدودة من المعلومات منتقاة من كم هائل من المعلومات التي تزودنا بها الحواس أو الذاكرة .

أنواع الانتباه :

1- الانتباه الارادي الانتقائي : يكون هذا النوع إراديا حيث يحاول الفرد تركيز انتباهه على مثير واحد من بين عدة مثيرات ويكون انتقائيا؛ بسبب محدودية الطاقة العقلية ومحدودية سعة التخزين وسرعة معالجة المعلومات، كما يتطلب جهدا وطاقة .  

مثال على ذلك : كأن يستمع طالب علم النفس العيادي السنة الثالثة إلى المحاضرة الأولى في مقياس جديد كمقياس الاضطرابات السيكوسوماتية فإن ذلك يتطلب جهدا عقليا وتركيزا جيدين .

2- الانتباه الارادي القسري: يكون هذا النوع لا إراديا وقسريا حيث يركز الفرد انتباهه على مثير يفرض نفسه عليه ودون بذل جهد عالٍ للاختيار بين المثيرات إلى درجة يصبح فيها الانتباه وكأنه لا شعوري وقسري .

مثال على ذلك : الانتباه لصوت بكاء رضيع  ليلا .

3-  الانتباه الانتقائي التلقائي : هو الانتباه لمثير يُشبع حاجات الفرد ودوافعه، حيث يركز الفرد انتباهه على مثير واحد من بين عدة مثيرات بسهولة تامة .

     مثال على ذلك : مشاهدة تشاهد برنامجها التلفزيوني المفضل حول فن الطبخ وتنتظره كل نهاية أسبوع وعلى ساعة محددة .

طبيعة عملية الانتباه :

   لقد تعددت وجهات النظر حول طبيعة الانتباه وخصائصه ويمكن ذكر أبرزها :

1-  يُنظر للانتباه على أنه عملية اختيار تنفيذية لحدث أو مثير والتركيز فيه من أجل معالجته في نظام معالجة المعلومات .

2-  يُنظر إليه أنه عملية شعورية تتمثل في تركيز الوعي أو الشعور في مثير معين دون غيره، والانتباه إليه على نحو انتقائي إلى غاية معالجته، كما يمكن أن تصبح عملية لا شعورية أو أوتوماتيكية في حالة الممارسة المكثفة لبعض المثيرات.

3-  هناك من يرى أن الانتباه مجهودأو حالة استثارة تحدث عندما تصل الانطباعات الحسية عبر الحواس إلى الذاكرة الحسية كأن يقوم الفرد بعمليات حسابية أو أثناء مناقشة موضوع ما؛ فغالبا ما يبذل هؤلاء جهدا عقليا يترافق بتغيرات فسيولوجية وهذا ما دلت عليه المقاييس الخاصة كقياس قطر بؤبؤ العين للدلالة على الانتباه أثناء الانشغال العقلي من خلال التجارب الشهيرة لكل من كاهنمان Kahneman 1973  وبيتي وواجنرBeatty&Wagoner 1978 .

4-  يُنظر إلى الانتباه على أنه طاقة محدودة " Limmited Energy " أو مصدر محدود السعة لا يمكن تشتيتها لتنفيذ أكثر من مهمة بنفس الوقت.

مثال: لا يستطيع الفرد التحدث إلى شخصين في آن واحد أو حل مسألة جبرية وإجراء مكالمة هاتفية معا .

يقترح سولسو Solso (1991،1998) أنه نظرا لكثرة المثيرات الحسية التي يواجهها الفرد وبالرغم من الوعي والإحساس بها إلا أن قدرة الدماغ لا تسمح بمعالجتها جميعا لمحدودية طاقة نظام معالجتها.

 

تجارب الاستماع الموزع Dichotic Listening Procedure:

 في دراسة تشيري Cherry سنة 1953 طُلب من مفحوصين وضع سماعة على كل أذن والاستماع إلى رسالتين صوتيتين مختلفتين مع ضرورة التركيز على إحدى الرسالتين، وكانت النتيجة أن المفحوصين تمكنوا من الاجابة بدرجة جيدة على المعلومات التي سمعت في الأذن التي طُلب منهم التركيز عليها، في حين لم يتذكرو من الرسالة الأخرى سوى معلومات سطحية كنوع الصوت ( صوت امرأة أو رجل) أو طبيعة الصوت ( انسان أو ضجيج ) .

تجارب تكنيك Shadowing technique  :

  أشار إليس Eliss وهنت Hunt إلى دراسات أجريت في السبعينات من القرن العشرين استخدمت نفس الاجراءات السابقة لدراسة تشيري ولكن طُلب من المفحوصين التركيز على رسالة عديمة المعنى مقابل رسالة أخرى ذات معنى في الأذن الأخرى .

فكانت النتيجة عدم تمكن المفحوصين من الاجابة على محتوى الرسالة عديمة المعنى رغم تركيزهم عليها لكنهم استطاعوا الاجابة على أسئلة من الرسالة الأخرى ذات المعنى رغم عدم تركيزهم عليها.

   تؤكد هذه التجارب التي أجريت في الخمسينات والسبعينات أن هناك نموذجان للانتباه :

- النموذج القديم الذي يؤكد أن الانتباه يحدث في الحواس أن الفرد يمارس الاختيار على المعلومات الحسية ليتم التعرف عليها وتحليلها والاستجابة لها .

-النموذج الحديث الذي يؤكد أن الانتباه يحدث في الدماغ وأن الفرد يُمارس نوعاً من التعرف والتحليل قبل عملية الانتباه للمثيرات المرغوبة ( شعوريا أو لا شعوريا ) لتتم عملية الادراك فالاستجابة .

نظريات الانتباه:

1 - نظرية القدرة غير المحددة Unlimited Capacity Theory :

     أكد جاردنر Gardner أن الأفراد لديهم القدرة على المعالجة من خلال القنوات المتوازية وأن هذه القدرة غير محدودة، كما تشير هذه النظرية إلى أن الدماغ لديه القدرة على الانتباه لعدد كبير من المثيرات وإجراء المعالجة اللاّزمة في الذاكرة العاملة .

2- نظرية القدرة المحدودة Limited Capacity Theory :

    أكد كانمان Kahnman أن أي عملية معرفية تتطلب كمية من الطاقة العقلية والقدرة على المعالجة ، كما أكدت النظرية على أن بعض الأنشطة المعرفية المعروفة والمألوفة تحتاج كميات محدودة من الطاقة وبعض الأنشطة الصعبة تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة من أجل المعالجة .

3- نظرية تخصيص المواردResources Allocation Theory  :

اتفق نورمان وبوبرو Norman&Bobrow  وكانمان في محدودية القدرات والطاقة المتوفرة للانتباه والمعالجة المعرفية، وأكد أن هذه المحدودية تنشأ عن القيام بمهام محدودة المعلومات أو مهام محدودة الموارد.

فإذا كانت المهمة محدودة المعلومات فإنه يتم تخصيص الموارد المتاحة لأداء أكثر من مهمة دون أن يتأثر الأداء في المهمة الرئيسية، أما إذا كانت المهمة محدودة المعلومات فسوف يتم استخدام جميع الموارد المتاحة مما يعني انخفاضا على مستوى الأداء لا سيما إن وجدت مهمات أخرى .

4- نظرية المدخلات المتعددة Multi Mode Theory:

أكد صاحبا النظرية جونستون Johnston وهاينزHeinz على دور الوعي والذاكرة الفاعلة كعناصر هامة في توجيه الانتباه الانتقائي، وقد أكدت هذه النظرية على أن المدخلات الحسية يتم معالجتها وتخزينها في الذاكرة الفاعلة وفق أولويات يفرضها نظام معالجة المعلومات الأمر الذي يوفر لهذه المعلومات فرصة للدخول في الوعي والخبرة مقارنة بتلك التي لا يتوفر لها أي أولويات في حالة الانتباه غير الانتقائي .

 

5-  نظرية المعالجة عديدة القنوات Multi chain Processing Theory:

  اقترح ألبرت Allportأن محدودية الانتباه تعود إلى أن المهام المطلوبة تتنافس عليها آليات آليات عديدة، فإذا كانت لدينا قناة مخصصة للتعامل مع معلومة ما فإنها لن تتمكن من التعامل مع معلومة أخرى في نفس الوقت كأن أسمع لشخصين في آن واحد، بينما يمكن أن يتم الانتباه والمعالجة لمثيرين على حاستين مختلفتين كالسمع والبصر.

وظائف الانتباه: يمكن تلخيص وظائف الانتباه كالآتي:

- توجيه عمليات التعلم والتذكر والإدراك من خلال التركيز على المثيرات التي تساهم في زيادة فعالية التعلم والإدراك .

- تعلم عزل المثيرات التي تعيق عمليات التعلم والتذكر والإدراك ( مشتتات الانتباه ) من خلال التركيز عليها .

- توجيه الحواس نحو المثيرات التي تخدم عملية الانتباه من خلال  حركة الرأس والعينين والأذنين والأطراف إلى مصادر المثيرات البيئية .

- يعمل الانتباه على تنظيم البيئة المحيطة للإنسان فالانتباه لا يسمح بتراكم المثيرات الحسية على حاسة واحدة فقط .

وفي هذا الصدد فقد أشار ستنبرغ Sternberg (2003) إلى ثلاثة وظائف للانتباه وهي:

أ/ الانتباه الموجه Signal Attention: ويتمثل في محاولة الفرد البحث عن حدوث مثير حسي في البيئة التي تحيط به كأن يبحث عن مصدر صوت انفجار.

ب/ الانتباه الانتقائي Selective Attention: ويتمثل في اختيار المثير الذي نرغب في الانتباه له والمثيرات التي نريد إهمالها كأن نختار مشاهدة فيلم وثائقي بدلا من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي .

ج/ الانتباه المقسم (Divided Attention): يتجلى ذلك عندما يُقرر الفرد الانتباه لأكثر من مهمة في نفس الوقت من خلال متابعة أكثر من مهمة ولكن بطريقة تتابعية .

 

مراحل الانتباه :

 تتضمن عملية الانتباه ثلاث مراحل تتمثل في مرحلة الكشف أو الاحساس فمرحلة التعرف فمرحلة الاستجابة للمثير الحسي .

أولا : مرحلة الكشف أو الاحساس:  

في هذه المرحلة يحاول الفرد أن يكشف عن وجود أي مثيرات حسية في البيئة المحيطة به من خلال حواسه الخمسة، وتعرف هذه المرحلة بالانتباه الموجه .

      ثانيا : مرحلة التعرف:

يُحاول الفرد التعرف على طبيعة المثيرات من حيث شدتها ونوعها وحجمها أو عددها وأهميتها

بالنسبة إليه؛ ويعد نشاطا معرفيا أوليا يتطلب تفحص ومعالجة بدائية للمثيرات لتحديد مدى الحاجة إليها أو الاستمرار في استقبالها.

ثالثا : مرحلة الاستجابة للمثير الحسّي:

 وتتمثل في اختيار الفرد لمثير معين من بين عدّة مثيرات حسّية على نفس القناة الحسية وتهيئة هذا المثير للمعالجة المعرفية الموسعة التي غالبا ما تحدث في الذاكرة القصيرة أو الفاعلة ضمن عملية الإدراك.

العوامل المؤثرة في عملية الادراك :   

  هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر على عملية الانتباه يمكن تقسيمها إلى نوعين عوامل خارجية وأخرى داخلية .

العوامل الخارجية :

1 - شدة المثير من حيث القوة واللون والرائحة والصوت أو الضوء أو الحركة التي تعمل على جذب الانتباه كأن تنتبه لرائحة عطر زكي .

2- حداثة المثير فالمثير الجديد أو الشّاذ أو غير المألوف يجذب انتباه الانسان ( سيارة جديدة ) .

3 - تغير المثير فالمثيرات المتغيرة من حيث لونها أو شكلها أو شدتها أو سرعتها تعمل على جذب الانتباه أكثر من المثيرات الثابتة .

4 - المثيرات الشرطية التي تكونت بفعل الاشتراط تثير انتباهنا أكثر من غيرها كأن تسمع اسمك في وسط حشد من الناس .

العوامل الداخلية :

1 - الاهتمامات والميول والقيم فاهتمامات الفرد وميوله تحدد نوع المثيرات التي تجذب انتباهه فقد يثير اهتمام الطالب المقبل على اجتياز امتحان البكالويا حصة تلفزيونية يُبث فيها دروس الفصل الثالث ؛ كذلك قد يهتم شخص آخر بمواضيع سياسية أو علمية .

2 - يؤثر الحرمان النفسي والجسدي على قدرة الانسان على الانتباه فإذا كان متعبا مرهقا أو في حالة حزن فإن قدرته على الانتباه والتركيز تصبح منخفضة جدا .

3 - إن مستوى الدافعية الداخلية والاعتدال في الاستثارة يضمنان مستوى جيد من الانتباه الذي يؤثر بدوره على عملية التعلم وغيابهما يحدّان من القدرة على الانتباه .

4 - تؤثّر السمات الشخصية على الانتباه وقد أشارت نتائج الدراسات أن الشخص المنبسط الاجتماعي والذي يشعر بالاطمئنان والذّكي ذو النمط - ب - أكثر قدرة على تركيز الانتباه من المنطوي والقلق والأقل ذكاء ذي النمط - أ- .

 

الانتباه والتعرف على العناصر ( آلية حدوث الانتباه ) :

  تساءل علماء النفس المعرفي حول آلية حدوث الانتباه فانبثقت نظريتين : نظرية النماذج المتقابلة و نظرية تحليل العناصر .

نظرية النماذج المتقابلة Template Matching Theory : تؤكد هذه النظرية أن كل ما يدخل الحواس يصل الدماغ ويجب مقابلته مع معلومات أو نماذج مشابهة لهذه المثيرات في ذاكرة الانسان وتعرف باسم مرحلة التعرف، فإذا حدث تطابق بين نموذج المثير ونموذج آخر في الذاكرة يحدث التعرف وتتم الاستجابة له، أما إذا لم يحدث التطابق فلا يحدث الادراك ويتشتت الانتباه دون حدوث الاستجابة .

وعليه فقد افترضت هذه النظرية ثلات افتراضات لحدوث التطابق وهي :

1 - أن يكون لكل مثير في البيئة نموذجا مماثلا في الدماغ أو ذاكرة الانسان .

2 - أن يكون المثير والنموذج بنفس التوجه لحدوث التطابق .

3 - أن تكون المثيرات بنفس الأحجام والأشكال لحدوث التطابق .

والشكلين المواليين سوف يوضحان حالتي التطابق وعدم التطابق .                                                                     

نظرية تحليل العناصر (Feature Analysis Theory): تؤكد هذه النظرية على أن لكل مثير في البيئة مجموعة من العناصر الأولية، وأن ما تتم مطابقته مع نماذج الذاكرة هو العناصر الأولية للمثير وليس المثير كاملا ، وعند وصول عناصر المثير كاملة يتم تجميعها ومطابقتها مع المثير الأصلي الوارد في البيئة .   

في هذا الصدد يذكر بسكيست Buskist وغيربينك Gerbing 1990 أن هناك أربع خطوات عند تحليل المثير إلى عناصره الأولية وهي :

1 - تحديد المثير الذي تم استقباله من البيئة .

2 - تحليل المثير إلى عناصره الأولية .

3 - البحث عن عناصر مشابهة لعناصر المثير البيئي في الذاكرة .

4 - تقويم عملية البحث ليتوصل الفرد إلى حالة التطابق أو عدم التطابق .

 

التعرف على العناصر والسياق :

   يتأثر التعرف لدى الفرد على العناصر بالسياق الذي يرد فيه المثير وذلك لأن الفرد بحكم الخبرة السابقة قد يضيف  مكونات جديدة على المثير ليست منه أصلا أو قد يكمل بعض العناصر الناقصة على المثير ما يُظهر أثر التعرف على الذاكرة والإدراك .

ففي الشكل الموالي تقرأ السطر الأول  العمودي على أنه الأرقام : 12 - 13 - 14 بينما تقرأ في السطر الثاني الأفقي الرقم 13 على أنه الحرف B  بفعل السياق الذي وردت فيه وهو ثلاثة حروف: A B C .

 تأثير السياق على الانتباه والإدراك

نماذج الفلترة ( الانتباه الانتقائي ) :

 السؤال الذي يمكن طرحه قبل عرض هذه النماذج هو كالآتي ما الذي يقوم به الانتباه قبل معالجة المعلومات وترميزها وتحليلها خلال عملية الادراك ؟

إن فكرة محدودية نظم معالجة المعلومات ومحدودية سعة الذاكرة أدى إلى التسليم بوجود نوع من الانتباه الانتقائي وعليه ظهرت نماذج أطلق عليها اسم نماذج الفلترة ( المصفاة ) أهمها :

1- نموذج برودبنت  Broadbent سنة 1958  للفلترة(المصفاة) المبكرة : أساس هذه النظرية هو انتباه الانسان للمثيرات القادمة عبر القنوات الحسية محدود وانتقائي حيث توجد مصفاة داخل الانسان تحذف أو تبعد المثيرات التي لا ينتبه إليها؛ وقد صمم نموذجه على افتراضين تمثلا فيما يلي :

أ/ أن هناك عدد من المحددات على عدد من المثيرات التي يستطيع الجهاز العصبي نقلها في وقت محدد بسبب حساسية الألياف العصبية الناقلة للمعلومات .

ب/ أن الأجزاء السفلية من الدماغ تستقبل العديد من المثيرات ولكن عددا محددا منها يستطيع الوصول إلى المناطق العليا من الدماغ تمهيدا لمعالجتها .

  ومن خلال هذين الافتراضين يتبين أن هناك بعض المعلومات يتم فقدانها أو نسيانها في المراحل الأولية من الفلترة ( التصفية ) ولا تتم معالجتها في المراحل اللاّحقة من المعالجة ، وقد شبه برودبنت هذه العملية بــــ : عنق الزجاجة Bottleneck Approach  أو فلترة الاضعاف .

   ويقصد بالمصفاة وجود شيء يشبه الغربال يتوسط بين ذاكرة الأثر وهي الذاكرة التي لا تبقى فيها المنبهات التي يستقبلها الكائن الانساني أكثر من ثانيتين، وبين الذاكرة القصيرة المدى وهي الذاكرة التي لا تبقى فيها المنبهات أكثر من 20 دقيقة تقريبا، وهذه المصفاة تسمح بدخول بعض المعلومات من الأثر إلى الذاكرة قصيرة المدى، وعادة ما تكون المعلومات ذات أهمية بالنسبة للإنسان.

 

2 - نموذج الاضعاف لتريزمان  Treisman سنة 1960: إن الأساس الذي استندت إليه تريزمان في تفسير نظريتها هو أنه من الممكن أن تمر بعض المعلومات غير المنتبه إليها من المصفاة عبر القناة، وتعتمد هذه النظرية على الأسس التالية :

 - إن المصفاة ( الفلتر ) الانتقائية لا تعمل بطريقة الكل أو اللاّشيء بل هناك احتمال قائم في أن بعض المعلومات غير المنتبه لها يمكن أن تعبر هذه القناة .

- إن مفهوم المصفاة يكون فيه نوع من الاحتمال أي احتمال نسبة عالية من المعلومات في القناة المنتبه لها سوف يتم الانتباه إليها والتعرف عليها، ونسبة قليلة من المعلومات في القناة غير المنتبه لها سوف يتم الانتباه إليها والتعرف عليها أيضا .

وقد صنفت الانتباه إلى مستويين الأول يعتمد على وجود القنوات الحسية المحددة للمعلومات، والمستوى الثاني يعتمد على تعرف معاني هذه المعلومات قبل رفضها أو قبولها ومعنى ذلك أن الجزء المهم من المعلومة يكون باتصال مباشر مع الذاكرة، أما المعلومة غير المهمة فييتم إضعافها أو تخفيفها .

3 - نموذج دتش- نورمان Deutch - Norman  في الفلترة المتأخرة (1968): ترى هذه النظرية بأن المعلومات يتم التعرف عليها قبل حدوث عملية الانتباه إذ تتلقى معالجة إدراكية  (تحليل) من خلال إثارة دلائلها وتمثيلاتها في الذاكرة ، وأن عملية الانتباه تتم من خلال انتقاء المعلومات التي يتم التعرف عليها والتي تلقت معالجة تحليلية في الذاكرة، فالمدخلات التي تستقبل ترسل حيث تحصل عملية التعرف من خلال تحليل وتأويل دلالاتها وتمثيلاتها، وبعد أن تتم عملية التعرف يحدث الانتباه للمعلومات المنتقاة .

 

الانتباه والتعلم :

من أجل حدوث تعلم جيّد لابد من انتباه جيّد لأنه شرط ضروري لحدوث الادراك الفعّال وفي هذا الصدد أشار علماء النفس المعاصرون والمختصون في مجال التعلم والتعليم أن الفرد لا يمكنه أن يتعلم ما لم ينتبه، فلكي يحدث التعلم يستلزم توافر الانتباه أولا والمحافظة عليه ثانيا .

يُمكن الانتباه الانسان من التذكر كما يساعده على التفكير والتخيل ولكن الأشخاص الذين يعانون

من مشاكل في الانتباه كأن يكون لديهم ضعفا على مستوى التركيز أو تشتتا للانتباه فغالبا ما يعانون من صعوبات في التعلم لعدم تمكنهم من الاستفادة من مواقف ومثيرات التعلم مقارنة بأقرانهم ذوي الانتباه الجيد ويشكلون عائقا أمام عملية التدريس والمدرس .

ولهذا نجد المعلمون والأساتذة يحاولون جذب انتباه تلامذتهم وطلابهم لمواكبة مستوى التعلم الجيد                                               

بحثا عما يؤثّر على نفسيتهم ويؤثّر على انتباههم وتركيزهم واستمراره أثناء الحصة التدريسية هذا من جهة ؛ ومن جهة أخرى فعلى هؤلاء المربون والمدرسون اتقان فنيات ومهارات استثارة وجذب انتباه تلامذتهم وطلابهم نحو المواد التعليمية كاستخدام لغة الجسد ، توظيف الألوان ، تقديم رسومات ومخططات ، استخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم وغيرها ...

 

تشتت الانتباه وفرط الحركة  Attention Deficit-Hyperactivity Didorder   (ADHD):

   يتميز الأطفال الذين يعانون من اضطراب الانتباه وفرط الحركة بمجموعة من الأعراض فإذا توفرت ثماني من هذه الخصائص ولمدة ستة أشهر على الأقل فيمكن تشخيص الطفل بهذا الاضطراب .

ومن هذه الخصائص أو الأعراض ما يلي :

1 - يمكن تشتيت انتباهه بسهولة .

2 - يجد صعوبة في انتظار دوره في لعبة جماعية .

3 - يجد صعوبة للبقاء جالسا على مقعده لفترة من الزمن .

4 - لديه صعوبة في اتباع التعليمات .

5 - يتنقل بين مهمة وأخرى دون أن يكمل أيًّا منهما .

6 - يجد صعوبة في اللعب بهدوء .

7 - الاجابة على الأسئلة قبل الانتهاء من سماعها .

8 - كثير الكلام .

9 - يجد صعوبة في الاستماع ( الانصات ) .

10 - يفقد أغراضه الضرورية للدراسة أو اللعب .

11 - كثير الحركة على مقعده .

 12 - تتحرك أطرافه بشكل ملحوظ أثناء نشاط ما .

    إن مثل هؤلاء الأطفال بحاجة إلى عناية خاصة مع ضرورة توفير أقسام خاصة لتحقيق أهداف التعلم والتعليم ، ومن الجدير بالذكر أن هذا الاضطراب لا يمكن اعتباره مقياسا دالا على

 انخفاض الذكاء بل هناك حالات تمتاز بذكاء مرتفع ؛ كما تشير بعض الدراسات إلى ارتباطه ببعض المشكلات النفسية ، ودراسات أخرى تشير إلى ارتباطه باضطرابات دماغية .

ملاحظة : من أجل توسيع المفاهيم والمعلومات بشأن موضوع الانتباه  وصور ومخططات بشأنه وبشأن موضوعات علم النفس المعرفي عموما يمكن العودة إلى المراجع التالية:

- رافع النصير الزغلول ، عماد عبد الرحيم الزغلول،(2011).علم النفس المعرفي. ط1 .

   دار الشروق للنشر والتوزيع. الأردن .

- شذى عبد الباقي محمد ، مصطفى محمد عيسى، (2011).إتجاهات حديثة في علم النفس المعرفي. ط1 . دار المسيرة للنشر والتوزيع .عمان، الأردن.

- عدنان يوسف العتوم،(2012).علم النفس المعرفي النظرية والتطبيق. ط3 . دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة. عمان، الأردن .  

 

 

 

 

         

               

                                                                                                      

 


Gäste können auf diesen Kurs nicht zugreifen. Melden Sie sich bitte an.