المحاضرة الأولى:
مقدمة :
التحرير الإداري يقصد به كتابة وصياغة الوثيقة الإدارية وفقا لضوابط شكلية يجب اتباعها واحترامها وفقا لما يقتضيه التنظيم والعرف الإداريين، فمن الناحية الشكلية نجد أن عنصر الشكل في القرار الإداري يعد من أهم العناصر لمشروعيته خصوصا العناصر الجوهرية التي يترتب على تخلفها بطلان القرار بسبب عدم مشروعيته كالتاريخ والطابع والختم.
كما ان التحرير الإداري يتطلب استعمال أساليب وصيغ معينة ترتكز على أسلوب الاحترام والمجاملة وعبارات التقدير خصوصا إذا كانت الوثيقة موجهة إل هيئة عليا في السلم الإداري. وتختلف هذه الضوابط باختلاف الوثيقة الإدارية، ومن أهم الوثائق الإدارية نجد المراسلة، القرار، المحضر، عرض حال، التقرير،المذكرة..الخ
المحور الأول
قواعد التحرير الإداري
يرتكز التحرير الإداري على مجموعة من الأسس والمقومات الضرورية من أجل القيام بصياغة وكتابة أي وثيقة إدارية، يجب احترام الضوابط الشكلية والقانونية واللغوية ، ولقد أجملنا هذه الضوابط في العناصر التالية :
أولا: احترام السلم الإداري
يعد السلم أو الهرم الإداري من أسس العمل الإداري من حيث التنظيم والتدرج في المسؤولية، حيث نجد في القاعدة الموظفين ثم يبدأ الهرم بالتضييق وفي كل طبقة نجد مسؤولية موظف معين يشغل منصبا نوعيا يكون مسؤولا على فئة من الموظفين، ثم تبدأ المسؤولية تتصاعد نحو القمة لنجد المسؤول الأول عن هذه الهيئة.
1- تعريف السلم الإداري
نجد أن السلم الإداري هو من الركائز والقواعد الأساسية للتنظيم الإداري، فهو من يحدد هيئات ومكاتب التي يقوم عليها الهيكل التنظيمي لكل مؤسسة أو هيئة.وللسلم الإداري أهمية تنظيمية وقانونية في تنظيم المسؤوليات والمهام ووحدة القيادة الإدارة من جهة؛ وتحديد الاختصاصات والطعون من جهة أخرى.
تشكل الإدارة بنية هرمية منظمة تسلسليا من قاعدة الهرم إلى رئيس الدولة الذي هو السلطة العليا في البلاد . فنجد إذن داخل الإدارة الواحدة سلطة تسلسلية تمارس من أعلى إلى أسفل ومرؤوسية تسلسلية من أسفل إلى أعلى . وينتج عن احترام التسلسل الإداري انضباط تعم بدونه الفوضى المطلقة في المصالح
الإدارية، وتعبر الكتابات الإدارية باستمرار عن هذا الاحترام بواسطة تعابير ومفردات خاصة . إن ذوي الخبرة يعرفون علامات الاحترام الضرورية للمحافظة على التسلسل بين أعوان الإدارة.
-2- أهمية السلم الإداري
تقوم الإدارة بأداء أعمالها وفق تنظيم تسلسلي تتدرج من خلاله الوظائف والرتب وفقا لهرم سلمي، وهو ما يسهل على الإدارة ممارسها أعمالها المادية والقانونية حسب معايير معينة ينظمها القانون الإداري، فهذا التنظيم التسلسلي يساعد على الانسجام وضبط الصلاحيات وتحديد المسؤوليات من خلال هذا السلم الإداري .
- يسهل السلم الإداري وظيفة الاتصال بين مختلف المكاتب والمصالح داخل المؤسسة ويربط فيما بينهم بشكل عمودي وأفقي، فمن خلاله يدرك الموظف والمواطن الجهة التي يرسل إليها الوثيقة أو الطلب .
- كما يساهم السلم الإداري في التخفيف من أعباء الرئيس وذلك من خلال الوسائل القانونية المقررة لممارسة الاختصاص في القرار الإداري، كالتفويض والإنابة والحلول والاستخلاف والتكليف وفقا للمنصب الذي يشغله هذا الموظف في السلم الإداري.
ثانيا: المسؤولية
إن تحرير الوثائق الإدارية يلزم الإدارة مسؤولية ما يصدر عنها، فالسلطة الموقعة للوثيقة هي التي تتحمل مسؤولية ما تتضمنه هذه الوثيقة ولو لم تصدر عنها . وتتجلى هذه المسؤولية بالكيفية التالية :
- بيان السلطة الموقعة : يجب ذكر اسم الموقع بوضوح مما يعطي أهمية للتوقيع، كما يجب أن يكتب الاسم كاملا أسفل توقيعه مع بيان صفته القانونية، وان اقتضى الحال السلطة التي خولت له حق التوقيع.
ثالثا: الضوابط اللغوية والشكلية
- إن تحرير الوثائق الإدارية يعتمد على استعمال عبارات وصيغ تتناسب مع طبيعة الأسلوب الإداري، فيجب مراعاة المصطلحات والتراكيب السليمة والواضحة والمفهومة حتى لا يكون هناك غموض أو إبهام. أما بالنسبة للقواعد الشكلية فتتميز الوثائق الإدارية بطابعها الرسمي وذلك من حيث تحديد بعض القواعد الشكلية الجوهرية والتي نجدها في كل الوثائق.
المحور الثاني
الأسلوب الإداري
إن تحرير الوثائق الإدارية يرتكز على استعمال الأسلوب الإداري في تحرير هذه الوثائق، فهو يختلف عن غيره من الأساليب نتيجة للتراكيبوالمصطلحات التي تميزه عن غيره من الأساليب المستعملة في مختلف نواحي الحياة كانت اقتصادية أو سياسية.
أولا: تعريف الأسلوب الإداري
الأسلوب لغة من مصدر كلمة "سلب" ويقال للسطر من النخيل أسلوب، وكل طريق ممتد فهو أسلوب، والأسلوب هو الطريق والوجه والمذهب؛ ويقال أنتم في أسلوب سوء ويجمع على أساليب، فيقال للسطر من الكتابة في التعبير عن معنى من المعاني بطريق الإيجاز أو الاختصار ، كما أنه الوجه أو المذهب
الأسلوب في اللغة هو الطريق والمذهب، يقال سلكت أسلوب فلان في كذا بمعنى طريقته ومذهبه. والأسلوب هو طريقة الكاتب في كتابته، كما يقصد به الفن يقال أخذنا في أساليب من القول بمعنى فنون متنوعة. والأسلوب كذلك الصف من النخل ونحوه. فالأسلوب الإداري هو طريقة للتعبير عن فكرة معينة باستعمال ألفاظ وصيغ محددة يتم تركيبها وترتيبها وفق منهج معين وبكيفية تمكن القارئ من استيعاب الفكرة بكل وضوح. وللأسلوب ميزاته وخصائصه تميزه عن غيره من الأساليب الأخرى كالأدبية والسياسية والصحفية . إذن فالأسلوب الإداري هو النهج أو الطريقة التي تعتمدها الإدارات العمومية في كتابة الوثائق الصادرة عنها، وذلك بتميزها من الناحية الشكلية والموضوعية عن غيرها من الوثائق الأخرى.
2 - خصائص الأسلوب الإداري
يتميز الأسلوب بمجموعة من الخصائص وهي كالتالي:
أ - الوضوح والدقة في المصطلحات
يجب الاعتماد على تحديد وضبط الأفكار المستعملة في تحرير الوثائق الإدارية، حيث أن الفكرة في الحياة الإدارية غالبا ما تفرضها متطلبات عملية أو أوضاع معينة، غير أن الفكرة غير كافية في ذهن المحرر . تتطلب إخراجها في مجموعة من الألفاظ والعبارات المناسبة التي تتلائم معها من حيث المفهوم والوضوح لتتحقق النتيجة المطلوبة . فالدقة تتطلب اختيار الأحسن للعبارات المناسبة والمفهومة مع الإيجاز دون التكرار في تحيد الفكرة حتى يفهم المخاطبين من محتواها دون إبهام أو غموض حاى تكون الفكرة واضحة
ب - الموضوعية-
تعتبر الموضوعية من أهم خصائص الأسلوب الإداري وهي نتيجة حتمية تفرضها ضرورة العمل الإداري الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامةوالحفاظ على النظام العام، فالموضوعية تتمثل في محتوى الوثيقة الإدارية من عبارات وصيغ تتضمن تطبيق القانون في مسألة معينة بعيدا عن الجانب العاطفي والمحاباة وغيرها لأن الإدارة في تصرفاتها يجب أن تتمتع بالحياد والسهر على تطبيق القانون.
ج - المجاملة
إن الصبغة والطابع الرسمي للإدارة يفرض عل المحرر استعمال مصطلحات تتناسب مع طبيعة ومكانة السلطة الإدارية وما تتمتع بهمن امتيازات السلطة العامة، ولكل سلطة ترتيبها في السلم الإداري، والمجاملة تتمحور في عبارات التقدير والاحترام حسب طبيعة السلطة وموضوع الوثيقة.
يقصد بالمجاملة استعمال عبارات يراعى من خلالها احترام مشاعر المخاطبين و تجنب استعمال العبارات المحقرة أو المضايقة، و تتجلى هذه المجاملة بالخصوص في استعمال صيغ خاصة عند الرد على طلبات
المواطنين أو المستخدمين، حيث يتوجب على المحرر التحلي باللباقة وانتقاء العبارات الإيجابية التي تترك باب الأمل مفتوحا في حس المخاطب . و من مقتضيات المجاملة استعمال الصيغ التشريفية ) يشرفني، لي الشرف )...... عند افتتاح المراسلات، و العبارات المهذبة (يسرني، يؤسفني) للرد على الطلبات بالقبول أو الرفض. يعتبر الموظف ممثلا للسلطة الإدارية المعنية بتحرير المراسلة يفرض عليه استعمال صيغ محترمة تجسيدا للمنفعة العامة التي هي الهدف الأول والأخير من وراء كل الأعمال الإدارية، لكي تترك أثرا طيبا على نفسية المواطن من خلال معاملاتها حتى ولو لم تستجب لرغباته حفاظا على ثقته
بها وحتى ينعكس عمليا مبدأ الإدارة في خدمة المواطن الألفاظ المستعملة في المراسلات وذلك تجنبا للمخاطر التي يمكن أن تترتب عليها .
المحور الثالث
التحرير الإداري
أولا: تعريف التحرير الاداري و أهميته:
-1 تعريف التحرير الاداري : للتحرير الاداري عدة مفاهيم منها ما تم ضبط مصطلحاته
لغة و اصطلاحا ليصل الى المعنى العام له،و منه ما تم وضع مفهوم جامع له من طرف الباحثين و الأساتذة في شتى المعاهد التكوينية و الجامعات و من خلال هذا تم الوصول الى مفاهيم تتقارب للتحرير الاداري و هو ما سيتم التطرق اليه في هذا العنصر حسب مايلي:
1-1 تعريف التحرير الاداري لغة:لا يوجد في المعاجم شرح أو تع ريف دقيق للتحرير الاداري لغة و هنا يتحرى أن أقسم مصطلحاته كل على حدى لمعرفة مدلولها اللغوي و بالتالي يتم التطرق الى تعريف مصطلح التحرير لوحده ثم الاداري، لنصل الى وضع تعريف جامع لكلا المصطلحين في الجانب الاصطلاحي في العنصر الموالي.
1- تعريف مصطلح التحرير لغة:
جاء مصطلح تحرير في معجم المعاني الجامع حسب التالي:
- "تحرير : )اسم(. - تحرير مصدر ح حرَّحر .- الجمع : تحارير .
كما يكتب: تحريرًا في : أي بمعنى " كتِب أو صدر في تاريخ معيَّن ".
- تحرير نصّ : مراجعةٌ نقديَّة لنصٍّ بما في ذلك دمج عناصر موثوقيّة من مصادر مختلفة".
- و جاء في معجم اللغة العربية المعاصرة مايلي:
"تحْريريّ ]مفرد[:اسم منسوب إلى تحرير و تحرير كتابيّ، عكسه شفهيّ "امتحان تحريريّ - إعلان
تحريريّ : ي نشر بمثابة مقالة عاديّة في الجريدة أو المجللة" أو أي وثيقة.
و جاء في قاموس لسان العرب ما يلي: حرر يحرر أي كتب،و تحرير الكتاب و غيره تقويمه.
و تحرير الكتابة : إقامة حروفها و إصلاح السقط و السقط هو الخطأ في القول و الحساب و الكتابة
هو لغة مشتقة من حرر أي أطلق صراح الفكرة أو إعطاء الحرية للتعبير .
2- خصائصه و مميزاته:
يجب على المحرر الاداري معرفة هذه الخصائص و المميزات للتحكم الجيد في التحرير الاداري من حيث الأسلوب و معرفة قواعده و ما يترتب عليه و من بين هذه الخصائص أذكر:)احترام التسلل الاداري، المسؤولية و الحذر،واجب المحافظة على سر المهنة(،
أما مميزاته فأذكر منها)الموضوعية،الوضوح و البساطة،الايجاز و الدقة.).
- 1- التحكم في ضوابطه الشكلية و الموضوعية:
يجب على المحرر هنا معرفة كل العناصر الشكلية و الموضوعية لكل مراسلة أو وثيقة إدارية.و هو ما يتم ذكره لاحقا.
-2- الإلمام بجوانبه الادارية:
يقصد بالجوانب الإدارية هنا هو معرفة شتى الهيئات الإدارية )وزارة،مديرية...(والمصالح التابعة لها)مصلحةالمستخدمين،المالية...(إضافة إلى معرفة المناصب)مدير،رئيس مصلحة،رئيس مكتب...(،التسلسل الاداري...إذ يعتبر التحكم فيها أساسي لكتابة أي محرر إداري.
-3- معرفة أنواع المحررات الادارية:
على المحرر معرفة أي نوع من المحررات التي يريد كتابتها و يرجع هذا على حسب الموضوع و المضمون فقد توجد رسالة إدارية و وثائق إدارية كما سبق الإشارة إليه.
4-تحمل المسؤولية القانونية في تبعاته:
ترتب مسؤولية قانونية على كل محرر من حيث الأخطاء التي يقوم بها و قد تصل بعض الجزاءات إلى الفصل و الحبس و الغرامة مثل التزوير.و بعض الأخطاء الأخرى في التحرير قد ترجع لتقييم الموظف من حيث الكفاءة فيساهم في ترقيته أو في المردودية أو في ادماجه...أو العكس.
هذا بالنسبة لمفهوم التحرير الإداري و الذي قد لا نجد اختلافا كبيرا في تحديد مصطلحاته و مفهومه
العام،و هنا يست وجب معرفة جزئياته للوصول الى معطياته.
بعد التطرق الى مفهوم التحرير الاداري يجب على الطالب أو المكون أو المحرر أن يعرف أهميته و هو
ما يتم التطرق اليه في العنصر التالي:
-2 أهمية التحرير الإداري
للتحرير الإداري أهمية بالغة في الأعمال الإدارية بواسطة المراسلات و الوثائق الإدارية التي تحرر من جهة لأخرى و منها ما يلي :
- 1وسيلة لتنظيم الإدارة:اذ تعتبر المحررات الإدارية وسيلة للتنظيم الحسن للإدارة من حيث
التسجيل،الحفظ،الارسال،معرفة المعلومات،الإتصال،التواصل...
2- وسيلة اتصال ما بين الإدارات و مصالحها
اذ أن للمراسلات الإدارية مكانة خاصة في النشاط الإداري فهي من بين الوسائل الغالبة و الجارية العمل و التعامل بها في العلاقات الإدارية و هي من بين أهم العوامل التي تساهم في نجاح أي تنظيم إداري. حيث تعتبر المحررات الادارية وسيلة خطاب و نقل المعلومات ما بين المصالح والهيئات الإدارية في شتى المواضيع والأعمال.
- 3- أنها مادة عمل وميدان للتطبيق:
فأهميتها العملية تشمل كل من العاملين بالإدارة والمتعاملين معها ، فإذا كان كلاما بينهم متبادلا بالكلمة يسمى اتصالا ،أما إذا كان بالكتابة فتسمى مراسلة أو مكاتبة.
4-تعتبر كوسيلة اثبات :
الكتابة هي أقوى الأدلة في الإثبات وتكون لصورتها الرسمية ،و المحررات الادارية هي سندات إثبات إدارية أمام شتى الجهات الأخرى.
- 5- يسهل التعاملات الإدارية و حركتها داخل الإدارة:
و هذا بكونه بسيط الإستعمال، قليل التكاليف سهل الحفظ و يسهل الرجوع إليه عند الحاجة ".
-6- وسيلة لحفظ المعلومات:
تعبر الوثائق الإدارية كسندات إدارية كما تم الإشارة إليه أعلاه،و بالتالي تعبر هذه المحررات كوسيلة لحفظ شتى المعلومات الخاصة بالأعمال الإدارية يمكن الرجوع إليها في حالة الاستفسار،الإثبات،الرقابة...
-7 - أداة لتقييم الموظف:
من خلال المحررات الإدارية التي يقوم بها أي موظف يتم تقييمه و مراقبة مدى كفاءته في التحرير من حيث الأسلوب المستعمل ،قوة المصطلحات و ضبطها،اللغة،التحكم في الجانب الفني و الإلمام بالجانبين الشكلي و الموضوعي و بالتالي إذا وفق المحرر في ذلك فهذا يزيده مكانة و كفاءة من بين الموظفين و بناء عليه يتم تقييمه خاصة ما يتعلق بالأداء و يكافئ على ذلك سواء بالمردودية أو يحتسب له في الترقية حسب المعيار المحدد لهذا.
-8- وسيلة تقييم للسير الحسن للإدارة:
و هذا من خلال المحررات الادارية من حيث جانبها الشكلي و الموضوعي اذ الالمام بجوانب التحرير الاداري-الشكلية و الموضوعية- لدى موظفي الإدارات يعكس المستوى العام لها و من ناحية أخرى يحسن مجال الخدمة العمومية في الربط بين المواطن و الإدارة و سهولة الوصول الى المعلومة وايصالها.
- Enseignant: Fatima safer