المنازعات الناشئة عن الصفقات العمومية
يحوز قانون الصفقات العمومية أهمية كبيرة في القانون الإداري، نظرا لاحتوائه على أحكام قانونية مميزة عن أحكام القانون الخاص ، إذ تتميز الصفقة العمومية بنفس مميزات العقد الإداري، لكن المتمعن للمرسوم الرئاسي 15/247 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية خاصة المادة الثانية منه،يجد أن المشرع عند تعريفه للصفقة العمومية أكتفي بوصفها بأنها عقود مكتوبة دون تحديد طبيعتها القانونية فيما إذا كانت تنمي إلى طائفة العقود المدنية والتجارية ، أو إلى طائفة العقود الإدارية، خاصة وأن النظام القضائي في الجزائر عرف الازدواجية منذ دستور 1996.
من جهة أخرى اقتصر تنظيم الصفقات العمومية الحالي بخصوص تسوية نزاعات الصفقات العمومية على المواد 153و154و155، دون ذكر التفاصيل المتعلقة بالجهات القضائية المختصة بالفصل في نزاعاتها بصفة صريحة. وفي مواضع أخرى يحيل فض المنازعة إلى القواعد العامة المعمول بها كما جاء في نص المادة 82 من المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر، كل هذا جعل النظام القانوني للصفقات العمومية يتوزع بين النص العام ممثلا في القانون 08/09 المؤرخ في 15 فبراير 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية من جهة و بين النص الخاص ممثلا في المرسوم الرئاسي 15/247، وهو أمر انعكس عن طبيعة المنازعة الناشئة عن الصفقة العمومية في حد ذاتها لذا يتعين علينا بداية ضبط مفهوم منازعة الصفقات العمومية ثم محاولة إعطاء تصنيف لها:
أولا: مفهوم منازعات الصفقات العمومية
إن الفصل في "منازعات الصفقات العمومية " أمر متوقف على ضرورة ضبط مفهوم لها، خاصة وأن هذا المصطلح يتشابه مع مصطلحات أخرى على غرار مصطلح "المنازعات الإدارية" ومصطلح "منازعات العقود الإدارية" خصوصا، لذا سنحاول إيجاد تعريف لمنازعات الصفقات العمومية ثم نحاول تمييزه عن باقي المنازعات التي تتشابه معها،من خلال تسليط الضوء على جهود كل من التشريع والقضاء وكذا الفقه في محاولة إيجاد تعريف لمنازعات الصفقات العمومية.
1- التعريف التشريعي:
و يتعلق الأمر بالنص الخاص متمثلا في المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ،والنصوص العامة ممثلة في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية 08/09 سالف الذكر.
أ- في النص الخاص: ( ممثلا في المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية).
باستقراء مواد المرسوم الرئاسي 15/247 سالف الذكر وجدنا أن التشريع الجزائري، وعلى غرار باقي التشريعات المقارنة، لم يتطرق إلى تعريف منازعات الصفقات العمومية و إنما اكتفي بالإشارة إلى الطرق والإجراءات المتبعة في تسويتها، حيث جاء ذلك في قسم فرعي مستقل تحت عنوان:"التسوية الودية للنزاعات"،من خلال ثلاث مواد أساسية هي المواد 153،154و155.
ب-في النصوص القانونية العامة (ممثلة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية) :
نجد أن الطابع الإجرائي لقانون الإجراءات المدنية والإدارية يحتم عليه في العديد من المواضيع عدم الخوض في إعطاء تعريفات لبعض المسائل القانونية. كذلك هو الحال بالنسبة لمنازعات الصفقات العمومية، والتي أشير إليها ضمنا بنص المادة 800 من ق إم إ المتعلقة بالاختصاص القضائي بالنسبة لأشخاص القانون العام والتي تنص: " المحاكم الإدارية هي جهات الولاية العامة في المنازعات الادارية . تختص بالفصل في أول درجة ، بحكم قابل للاستئناف في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو احدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الادارية طرفا فيها."
. 2- الطبيعة القانونية للصفقات العمومية
أول ما ميز به المشرع الجزائري الصفقات العمومية عند تعريفها، أنها عقود مكتوبة ، فكان التكييف القانوني للصفقة بأنها عقد، تكييفا صريحا من قبل المشرع محددا من خلاله خصائص هذا العقد في الخصائص التالية:
أ- الصفقات العمومية عقود مكتوبة: وهو ما حدده المشرع الجزائري صراحة عند تعريفه الصفقات العمومية بأنها عقود مكتوبة.
ب - الصفقات العمومية عقود إدارية: تكيّف عقود الصفقات العمومية باعتبارها عقود إدارية أحد طرفيها شخص من أشخاص القانون العام، حدده تنظيم الصفقات العمومية تحت مسمى "المصلحة المتعاقدة".
ج- الصفقات العمومية عقود تبرم بمقابل مع متعاملين اقتصاديين: بمفهوم المخالفة لا تعد صفقة عمومية ما يبرم بين اشخاص القانون العام، فيما بينهم من عقود، وهو ما حددته صراحة المادة السابعة من المرسوم الرئاسي 15-247، المتضمنة الاستثناءات الواردة على نطاق تطبيق قانون الصفقات العمومية.
د- الصفقات العمومية عقود تبرم وفقا لشروط خاصة حددها التنظيم المتعلق بالصفقات العمومية: وهو ما يتلخص في الشروط و الاجراءات و الكيفيات الخاصة لابرام الصفقات العمومية ، وهو أيضا ما يؤكده صراحة نص المادة الثانية المتضمنة تعريف الصفقة العمومية بأنها تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم...".
ه- الصفقات العمومية عقود تبرم لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجالات محددة في القانون :
ثانيا : التسوية القضائية لمنازعات الصفقات العمومية
لقد أتاح المشرع الجزائري من خلال المرسوم الرئاسي 15ـ247 إمكانية اللجوء للقضاء لتسوية النزاعات في مادة الصفقات العمومية ، بعد فشل كل المحاولات الودية للتوفيق بين طرفي النزاع ، حيث جاء بنص المادة 153 في فقرتها الأولى: " تسوى النزاعات التي تطرأ عند تنفيذ الصفقة في إطار الأحكام التشريعية و التنظيمية المعمول بها " ، و يختص بالفصل في منازعات الصفقات العمومية كأصل عام وثابت القاضي الإداري على اعتبار احد أطرافها شخص من الأشخاص المذكورة بنص المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية باستثناء بعض المنازعات ، وتخضع الإجراءات المتبعة في سير الدعوى لقانون الإجراءات المدنية والإدارية باعتباره القانون الإجرائي الذي يحكم المنازعات الإدارية بصفة عامة .لذلك لابد من تحديد الدعاوى الإدارية المتاحة لتسوية المنازعات في مادة الصفقات العمومية ثم التطرق للإجراءات القضائية الإدارية لحل هذه المنازعات .
1-
صور الدعاوى
المرفوعة لحل منازعات الصفقات العمومية
تحتل الدعاوى القضائية مكانة هامة فهي تضطلع بدور حيوي في حل منازعات الصفقات العمومية وحماية فكرة دولة القانون وحقوق المتعامل المتعاقد ضد الأعمال غير المشروعة الصادرة عن المصلحة المتعاقدة ، وبالرغم من ذلك فان القاضي الإداري لا يتدخل من تلقاء نفسه في شؤون المتعاقدين حتى لو أخلت المصلحة المتعاقدة بالتزاماتها ، إذ يتوقف تدخله بناء على تحريك دعوى قضائية سواء من طرف المتعامل المتعاقد أو الغير و الوسيلة المقررة لذلك تكمن في قضاء الاستعجال ما قبل الإبرام أو دعوى الإلغاء أو دعوى القضاء الكامل . بما أننا أمام عقد ينعقد الاختصاص لقاضي العقد الذي يملك سلطات واسعة في هذا المجال .
أ- قضاء الاستعجال ما قبل الإبرام . لقد أحسن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية باستحداث القضاء ألاستعجالي ما قبل الإبرام لحل منازعات الصفقات العمومية قبل الإبرام كلما ثبت وجود تجاوزات لمبدأي العلنية والمنافسة
· مجال اختصاص قاضي الاستعجال : يختص قاضي الاستعجال بالنظر في الطعون المرفوعة ضد إخلال المصلحة المتعاقدة بمبدأ الإشهار و الاعلان عن الصفقة خلال مرحلة الإبرام ، فقد اوجب المرسوم الرئاسي 15ــ247 إبرام الصفقة العمومية في ظل احترام أحكام المنافسة التي تحكمها قواعد خاصة تتناسب مع الطبيعة الخاصة للصفقة فهي غير مفتوحة لجميع الأشخاص العمومية بل تتعلق بأشخاص محددين بصفاتهم وهم الأشخاص الذين توجه لهم المصلحة المتعاقدة الدعوى ضمن الإعلان و الإشهار عن الصفقة . ويجب الإعلان عن الصفقة عن طريق الإعلان الوطني ويجب أن يحرر الإعلان عن طلب العروض باللغة العربية ولغة أجنبية واحدة وينشر إجباريا في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي وعلى الأقل في جريدتين وطنيتين موزعتين على المستوى الوطني ، حسب نص المادة 65 من تنظيم الصفقات العمومية . مع وجوب الالتزام ببعض البيانات الإلزامية التي يجب أن يتضمنها الإعلان و المذكورة على سبيل الحصر بنص المادة 62 من المرسوم الرئاسي 15ــ247 وغياب أي بيان من هذه البيانات في الإعلان عن الصفقة يفتح المجال للطعن الإستعجالي ما قبل الإبرام. كما تشير المادة 66 للآجال المحدد لتحضير العروض و الذي يجب أن يتناسب مع درجة تعقيد المشروع ، فقد تستعمل المصلحة المتعاقدة المدة الممنوحة لتحضير العروض كأسلوب للتحايل على مراحل الإبرام قصد إقصاء بعض المتعاملين لذلك يمكن للمتعامل الاقتصادي الذي يرى أن المدة الممنوحة لتحضير العروض غير مناسبة يمكن له رفع طعن استعجالي ، إضافة إلى ذلك هناك حالات معفاة من الإعلان والتي تتمثل في التراضي البسيط. وبالنسبة للإجراءات المكيفة عندما يقل المبلغ عن السقف المالي المطلوب حسب ما ورد بنص المادة 13 من المرسوم الرئاسي 15ــ247 تعفى المصلحة المتعاقدة من الالتزام بإجراء الاستشارة.
· إجراءات الدعوى الاستعجالية: يرفع الطعن أمام القضاء الاستعجالي بناء على إخطار المحكمة الإدارية بعريضة افتتاح الدعوى في حالة إخلال المصلحة المتعاقدة بالالتزامات المتعلقة بالإشهار و الإعلان أو التي تخضع لها عملية إبرام عقود الصفقات ، وتثبت الصفة والمصلحة لكل من له مصلحة في إبرام العقد أومن قد أصابه ضرر من السلوكات المنافية لمبدأ المنافسة حسب نص المادة 946 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و يفصل قاضي الاستعجال في هذا النوع من الطعون خلال اجل 20 يوم حسب نص المادة 947 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بتشكيلة جماعية . وهناك نوع آخر من الاستعجال يسمى بالاستعجال الفوري أو طلب المحافظة على الحريات الأساسية التي يتم انتهاكها خلال عملية الإبرام ، و يهدف لحماية قواعد العلنية و المنافسة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية خلال عملية الابرام بشكل فعال قبل إتمام عملية إبرام الصفقة بمنح القاضي الإداري سلطات واسعة تختلف عن تلك الموجودة في القواعد العامة للاستعجال الإداري بهدف التصدي لأي إخلال بالتزامات العلنية والمنافسة –
· ويشترط في الدعوى الاستعجالية توافر أسباب جدية بناء على توفر حالة استعجال وعدم تعلق النزاع بالنظام العام ويجب رفع الدعوى خلال آجال معقولة حيث ينتفي عنصر الاستعجال إذا كانت المدة التي تفصل بين الوقائع وتاريخ رفع الدعوى طويلة
· سلطات قاضي الاستعجال: يفصل قاضي الاستعجال في الطعون المقدمة بموجب أوامر تهدف لتوقيف إجراءات الإبرام و تصحيح الاختلالات التي تحدث خلال مرحلة الإبرام ، من خلال تمكينه من عدة سلطات تتمثل في سلطة الأمر بالامتثال للالتزامات التعاقدية في مواجهة المتسبب في الإخلال بمبادئ المنافسة أو تأجيل إمضاء العقد إلى نهاية الإجراءات المحددة لمدة 20 يوم كـأقصى حد و كذلك تمكينه من سلطة توقيع الغرامة التهديدية ضد الإدارة المخلة بالتزاماتها المتعلقة بالإشهار إثر رفضها لتطبيق أوامر القاضي الإستعجالي في هذا المجال . لذلك قضاء الاستعجال في مجال الصفقات هو بمثابة قضاء موضوع فاصل في أصل الحق يتعلق بالبت في منازعات الإبرام بأحكام قطعية وحائزة لحجية الشيء المقضي فيه ولا يهدف لاتخاذ تدابير وقائية
ب- قضاء إلالغاء: إن الحرية الكاملة للإدارة في اختيار تقنية إبرام الصفقات العمومية تكون خارج مجال تطبيق قانون الصفقات العمومية ، لذلك يعمل القاضي الإداري على بسط رقابته على الأعمال التي تقوم بها المصلحة المتعاقدة في سبيل إبرام الصفقة أو تنفيذها لضمان مطابقتها للإجراءات و الشروط القانونية المحددة حصرا بالمرسوم الرئاسي 15ــ247 ، وتنصب رقابته على القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة.
ا- أنواع القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة : تصدر المصلحة المتعاقدة مجموعة من القرارات الإدارية في نطاق العملية العقدية بهدف التمهيد لعملية الإبرام وتنظيمها أو لتنفيذ الصفقة والتي يجوز أن تكون محلا لدعوى الإلغاء متى أمكن فصلها عن العملية العقدية ، وتتمثل هذه القرارات فيما يلي :
1 ــــ القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة الصادرة قبل مرحلة إلابرام
· قرار عدم الجدوى : تقوم المصلحة المتعاقدة بالإعلان عن عدم جدوى إجراء طلب العروض في حالة لم يقدم لها أي عرض أو كانت العروض المقدمة غير مطابقة لدفتر الشروط ، و يكفي تبليغ هذا القرار للمتعهدين دون الحاجة لإعلان في الجرائد اليومية التي جاء فيها الإعلان عن طلب العروض .
· قرار الإقصاء: تقوم المصلحة المتعاقدة بإصدار قرار الإقصاء من المشاركة في إبرام الصفقات العمومية بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين المرتكبين لمخالفات خطيرة ويكون هذا الإقصاء بصفة نهائية أو مؤقتة ، تلقائيا أو بناء على مقرارت ، حسب الحالات المنصوص عليها في المادتين 75 و84 . و تخضع ّ هذه المقرارات لإجراء التبليغ و تسري على المتعاقد الذي صدر في حقه هذا القرار بتسجيله في البطاقية الوطنية للممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية ويمتد نطاق تطبيقه لجميع المصالح المتعاقدة.
· قرار المنح المؤقت للصفقة : تصدر المصلحة المتعاقدة هذا القرار بإعتماد احد العروض التي تحصّلت على أعلى علامة في التقييم ، ويجب أن ينشر في نفس الجرا ئد التي ورد فيها طلب العروض ولا يجوز رفع طعن ضده إلا من طرف الأشخاص الذين شاركوا في طلب العروض .
· قرار إلغاء الصفقة: يجوز للمصلحة المتعاقدة في نطاق امتيازات السلطة العامة إلغاء عملية الإبرام برمتها لدواعي المصلحة العامة ولا يجوز للمتعهّدين طلب تعويض حسب نص المادة 73 من المرسوم الرئاسي 15-247.
2- القرارات التنفيذية للصفقة العمومية.
هي مجموع القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة المتضمنة تنفيذ الصفقة العمومية أو المتضمنة توقيع عقوبات جزاءات إدارية ومالية في حق المتعامل المتعاقد معها حيث يراقب القاضي الإداري سلطة المصلحة المتعاقدة في فرض هذه العقوبات من حيث توافر شروط توقيع الجزاء ومدى ملائمته .
ويمارس القاضي الإداري رقابة مشروعية على هذه القرارات من حيث المشروعية الخارجية المتعلقة بمدى مطابقة القرا ر الصادر للإجراءات والشروط الجوهرية المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي 15 - 247 او دفتر الشروط الخاص بالصفقة ومن حيث مشروعيتها الداخلية المتعلقة بركن الاختصاص والغاية والمحل.
3- الطعن ضد القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة حسب صفة الطاعن .
إن العقد الإداري يرتب التزامات وآثار على أطراف العقد فقط ويختص بالفصل في منازعاته قاضي العقد الذي لا يجوز إلا لأطراف العقد التقاضي معه .
أ- رفع الطعن من قبل أطراف العقد.
لا يجوز كأصل عام لأطراف العقد الطعن في القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة بدعوى الإلغاء إذا أصدرتها المصلحة المتعاقدة استنادا لبنود دفتر الشروط ، لان أمامه قاضي العقد ويجب عليه استعمال وسيلة القضاء الكامل إذا أصدرتها المصلحة المتعاقدة استنادا للقوانين والتنظيمات في مواجهة المتعامل المتعاقد بصفته مواطن يجوز له في هذه الحالة رفع دعوى الإلغاء.
ب- رفع الطعن من قبل الغير.
يجوز رفع دعوى الإلغاء ضد القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة من طرف الغير إذا تضررت
مصالحهم بسبب تلك القرارات غير المشروعة ، بناء على ذلك يمكن رفع طعن ضد القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة غير المشروعة في نطاق دعوى الإلغاء بالنسبة للغير وبإتباع دعوى القضاء الكامل بالنسبة للمتعامل المتعاقد كما أنها تعتبر وسيلة لتسوية بقية المنازعات المتعلقة بالعقد في مرحلة الابرام أو التنفيذ.
ج- دعوى القضاء الكامل.
يفصل القاضي الإداري في دعاوى القضاء الكامل المتعلقة بمنازعات الصفقات العمومية ، حيث تدخل في ولاية القضاء الكامل المنازعات الإدارية المتعلقة بعقد إداري سواء كانت المنازعة خاصة بانعقاد العقد أو صحة تنفيذه دون المنازعات الخاضعة لولاية قضاء الإلغاء ، وتشمل دعاوى القضاء الكامل في مادة الصفقات العمومية دعاوى المطالبة بالحصول على مبالغ مالية التي يسعى المتعامل المتعاقد من خلالها الحصول على حقوقه المالية أو التعويض عن الأضرار اللاحقة به بسبب تنفيذ الصفقة شرط أن تؤسس مطالبه لإحدى النظريات المتعلقة بنظرية فعل الأمير أو نظرية الظروف الطارئة أو نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة ، وتشمل كذلك دعاوى فسخ الصفقة ودعاوى إلغاء القرارات الإدارية التي تصدرها المصلحة المتعاقدة والمخالفة للشروط والإجراءات القانونية المنظمة بمقتضى بنود دفتر الشروط . إضافة إلى ذلك تشمل دعاوى القضاء الكامل صنف من المنازعات العادية المتعلقة بالصفقة العمومية التي تبرمها المصلحة المتعاقدة وفقا لأساليب القانون الخاص في حدود العتبة المالية الدنيا المحددة بنص المادة 21 من المرسوم الرئاسي 15- 247 أين تتحرر من شروط و اجراءات الإبرام ، وتخضع مختلف هذه الدعاوى القضائية لإجراءات موّحدة وهي الاجراءات المقررة في المادة الإدارية.
ثانيا : الإجراءات القضائية الإدارية لحل منازعات الصفقات العمومية .
تعتبر إجراءات التقاضي في المادة الإدارية من الطرق التي يجب على المتقاضي إتباعها عند لجوءه للقضاء الإداري الفاصل في المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية قصد الاعتراف له بالحق الذي يزعمه ، وهذه الإجراءات منصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية وتتعلق أساسا بالمراحل التي تمر بها الدعوى لغاية صدور الحكم .
1- الاختصاص الاقليمي لرفع الدعوى
إن القواعد العامة بالنسبة للاختصاص الاقليمي في مادة الصفقات العمومية تختلف عن القواعد العامة ّ بنص المادة 803 من قانون الاجراءات المدنية و الإدارية ، حيث تنص المادة 804 من نفس القانون على وجوب رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية التي يقع في دائرة اختصاصها مكان تنفيذ الأشغال بالنسبة صفقات الأشغال وأمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إبرام العقد أو تنفيذه بالنسبة لصفقات اللوازم و الدراسات والخدمات .
2- اجراءات سير الدعوى :
ترفع الدعوى القضائية أمام المحاكم الإدارية بعريضة مكتوبة وموقعة من طرف محامي وجوبا مع إعفاء المصلحة المتعاقدة من هذا الشرط حسب مضمون المادة 827 من ق ا م و ا . بالنسبة لآلجال المقررة لرفع الدعوى أمام القضاء الإداري هي ّ 4 أشهر من تاريخ التبليغ أو النشر . قبل السير في إجراءات المحاكمة لا بد من اتخاذ كافة الإجراءات التحقيقية من طرف القاضي الإداري أو بناء على طلب الخصوم في حالة عدم كفاية الأدلة للوصول لإثباتات حول الوقائع التي لا يمكن للأطراف إثباتها من خالل عرائضهم ، حيث يتدخل القاضي الإداري بالسلطات التحقيقية التي يتمتع بها لتحقيق نوع من التوازن بين طرفي الدعوى الإدارية من خلال سلطة إصدار أوامر للإدارة بتقديم المستندات التي يراها لازمة للتحقيق في القضية ، نظرا لكون المصلحة المتعاقدة في مركز ممتاز فهي تحوز كل الوثائق و المستندات المتعلقة بالقضية ، وقد يلجأ القاضي أثناء التحقيق لاتخاذ بعض التدابير كالخبرة لتوضيح مسالة علمية أو تقنية ، و يصدر أحكامه في القضية بقرارات مسببة بالاستناد لكافة الأدلة و الإثباتات .
3- تنفيذ الأحكام القضائية.
إن الأحكام الصادرة عن الأجهزة القضائية الإدارية حائزة لقوة الشيء المقضي فيه فهي عنوان للحقيقة فلا
يجوز تعديلها ولا إلغاءها بل على الأطراف الالتزام بتنفيذ هذا الحكم.
وفي حال تعنت الإدارة العامة نظرا لما لها من امتيازات السلطة العامة عن تنفيذ الحكم مكّن قانون الإجراءات المدنية والإدارية القاضي الإداري مجموعة من السلطات في مواجهة الإدارة العامة ولفرض أحكامه ، من بين هذه السلطات فرض الغرامة التهديدية على الأشخاص المعنوية العامة لإجبارها على إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ الأحكام الإدارية أو تمكينه من وسيلة المتابعة الجزائية بالنسبة للموظف الذي يعترض على تنفيذ الحكم ، وقد استحدث قانون الإجراءات المدنية والإدارية آلية توجيه أوامر للإدارة بالتنفيذ وهذه الوسيلة تعد ضمانة لاحقة لتنفيذ الحكم.
- Gestionnaire: Fatima safer