Options d’inscription


محاضرات علم النفس الأورام

ماستر1 علم النفس الصحة

أد: طالب سوسن

البريد الالكتروني: talebsaoussane53@gmail.com

 

الآثار النفس- اجتماعية للسّرطان

 

تمهيد:

      مما لا شك فيه أن العلوم الطبية قد تطورت، وتكنولوجيا الكشف والفحص كذلك وأدى ذلك إلى علاج العديد من أنواع السرطان لاسيما إذا تم اكتشافها في مرحلة مبكرة، وبالنسبة للمجتمع الأمريكي مثلا فإن نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات وبالنسبة لكل أنواع السرطان المشخصة ما بين 1999 و2005 بلغت 68% مقارنة بنسبة بقاء على قيد الحياة 50% ما بين سنة 1975 و1977.

هذا بالنسبة للمجتمع الأمريكي حيث الطب متقدم والرعاية الصحية في أعلى مستوياتها، ومع ذلك فإن المريض لا يحتاج فقط إلى فحص وعلاج طبي فلديه حاجات نفسية اجتماعية وجدانية لا ينبغي إغفالها سواء تحدثنا عن أمريكا أو الجزائر.

  لا يخلو أي مرض من انعكاسات نفسية واجتماعية وحتى مادية على المصاب، ولكن قد يكون تأثيرها أشد على مريض السرطان تحديدا بسبب التشخيص أولا، فالخضوع للعلاج  وما يُفرزه من تأثيرات على المستوى الجسدي والنفسي في آن واحد وهذا ما سوف نحاول عرضه .

 

الأسى أو الكرب النفسي:

   لقد أشارت دراسات أن الأسى له ارتباط مرتفع بحدوث السّرطان وانخفاض البقاء على قيد الحياة وارتفاع نسبة الوفاة بسبب السّرطان، وفي هذا الصدد سوف أتحدث عن حالة حقيقية حالة مفحوص متزوج له ثلاثة أطفال أخفي عنه المرض على أنه سرطان وقيل له التهاب، وعندما تحسنت حالته تم توجيهه من مستشفى جامعي إلى مستشفى آخر لإجراء فحوصات وعلاج عن طريق زرع نخاع العظم وهناك أخبره الطبيب أنه سرطان وأن ما يخضع له من علاج كيماوي له تأثيرات صحية سلبية ومن بينها عدم الانجاب؛ فانتكست حالته وظل في حالة أسى وحزن عميقين وخلال وقت قياسي لم يتعدّ 19 يوما  توفى عقبها.

الاكتئاب:

   يعد الاكتئاب خبرة مشتركة بين مرضى السّرطان على الرغم من أن نسبة انتشاره تختلف من دراسة إلى أخرى، فقد توصل كريستنسن وآخرون (Christensen et al)  إلى نسبة(13.7%) كنسبة انتشار للإكتئاب الكبير .

وضمن عينة دنماركية مصابة بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة بلغ عددها 3232، لوحظ ارتفاع نسبة انتشار الاكتئاب لدى من هم في سن شبابي إذ بلغت 17.9% ما بين سن 18-35 سنة.

وبصورة عكسية لدى المسنين إذ بلغت النسبة 11.2% ما بين سن 60-69 سنة.

   ويمكن للاكتئاب أن يرتبط بالاختلالات البدنية عقب المرض وعند الطور المتقدم منه وخلال تواجد الألم ، كما أن العلاج الكيميائي والجراحي قد يشكل مصدرا لإحداث الاكتئاب لديهم بسبب الآثار الجانبية السلبية كاضطراب الصورة الجسمية والأعراض البدنية .

   وقد توصل كل من واطسون(Watson) وهافيلاند(Haviland) وجرير(Greer) ودافيدسون (Davidson) أن مستويات الاكتئاب تكون مرتبطة وبصورة دالة مع ارتفاع نسبة الوفاة عقب5 سنوات  بين مجموعة مرضى السرطان الذين هم على قيد الحياة.

وتجدر الاشارة في هذا المقام ومن خلال تجربتي البحثية الميدانية أن أذكر أن الاكتئاب لا يرتبط بالمرض وتطوره فحسب بل يرتبط بما يعيشه المريض من ظروف استشفاء طويلة، وغياب طويل عن المنزل والأهل، ناهيك عن رؤية ومشاهدة أشخاص يعانون نفس المشكل الصحي وقد كوّن المريض معه علاقة صداقة قوية يموتون الواحد تلو الآخر، فنجد يستجيب ويتفاعل بصورة أخرى مختلفة عما عهدناه عليها، فينزوي في غرفته، ولا يعود يتفقد أحوال زملائه المرضى ويستغرق في النوم ليل نهار، ويرى أن مصيره الموت المحتم وأنه سيخرج ميتا من هذه المستشفى.

الانتحار:

   التفكير بالانتحار والفعل الانتحاري يكون مرتفعا بالنسبة لمرضى السّرطان  مقارنة بغيره من المجموعات الطبية المرضية(Rockett,Wany et al :2007) ولاسيما في الدول الغربية، فمرضى السرطان لهم إحتمال مضاعف للانتحار مقارنة بالمجتمع الاجمالي. فقد أوجدت دراسة بالولايات المتحدة الأمريكية أن هناك ارتباط دال بين المرض "السرطان" والانتحار.

كما توجد عوامل خطر ترفع من الأفكار الانتحارية والسلوك الانتحاري لدى مرضى السرطان ومن بينها الشعور بأنهم عبء على الآخرين، والاكتئاب وفقدان الأمل، والألم ، ونقص الدعم الاجتماعي، والخوف من المستقبل.

اضطراب الصورة الجسمية :

  مشكلات الصورة الجسمية تعد من أعمق الانعكاسات النفسية الناتجة عن علاجات السرطان، لاسيما إن تركت العلاجات آثارا أو جروحا أو ندبات تُذكّر المريض بتجربة مؤلمه مما يولد ضغطا واكتئابا تنعكس على مجالات حياته المختلفة سواء مع عائلته أو أشخاص آخرين .

فالمرأة التي خضعت لجراحة الثدي(استئصال) تتأثر بهذه العملية وتنشغل حول ما استجد على صورتها الجسمية إذ يترتب على ذلك أسى، وتشعر بانخفاض على مستوى الجاذبية، ففي دراسة لــــ 546 مريضة تتراوح أعمارهن ما بين 22-50 سنة خضعن لعلاج جراحي على مستوى الثدي((Fabian et al :2006   فأسفرت الدراسة أن ما يزيد عن نصف العينة نقلن تجربتهن حول مشكلات تتعلق بالصورة الجسمية بعد عملية الاستئصال حول حياتهن الجنسية لاسيما مشكلات فهم الشريك، مشكلات في فهم وجدانات المرأة، وفقدان الشعر الناجم عن العلاج الكيماوي انخفاض لتقدير الذات، وانشغالات حول اكتساب الوزن.

 

مشكلات في الوظيفة الجنسية :

    قد يفرز السّرطان مشكلات على مستوى الوظيفة الجنسية وهذا حسب نوع السّرطان وموقعه وباختلاف الجنسين.

فقد أشار فوبار (Fobair)وسبيجال(Spiegel)(2009) بالنسبة للمصابات بسرطان الثدي الذين ظلوا على قيد الحياة تحدثن عن مشكلاتهم الجنسية إذ تراوحت النسبة ما بين 50-47% .

تتضمن مشاكل الوظيفة الجنسية فقدان الرغبة الجنسية لدى كل من الرجل أو المرأة، اختلال في وظيفة الانتصاب لدى الرجل، آلام في العلاقة ، وقد تستمر اختلالات الوظيفة الجنسية حتى سنوات من العلاج، كما يمكن أن تفرز بعض العلاجات مثلا كاستئصال البروستات أو الرحم العقم.

إن مثل هذه الاختلالات قد تعزى أيضا إلى العلاج الكيميائي، الاشعاعي، الجراحي، مضادات الألم، مضادات الاكتئاب والذهان .

الهذيان:

   الهذيان مشكل سيكاتري ينجم عن الآثار المباشرة للسّرطان على الجهاز العصبي، والآثار غير المباشرة لتعقيدات المرض والعلاج الكيماوي.

  إن ضعف الوظائف المعرفية من انتباه وتركيز ووعي إضافة إلى الاستثارة الهيجانية تعد منبئة ودالة على الهذيان هذا ما أشار إليه كيلي (Kellyلجيبيسفلجرفيك(Ljubisavljevic).

وتظهر بصورة جلية لدى مرضى السرطان وبصورة مرتفعة في مراحلهم النهائية وهذا ما لاحظته جليا عند مريضة بسرطان الدم أصبحت تتحدّث عن أمور غريبة وكأنها ترى أشخاص سود وكأنها في عالم آخر وكان انتباهها وتركيزها ليس كالمعتاد مقارنة بما كانت عليه في أولى المقابلات، وهنا كانت صعوبة كبرى في التحدث معها والتدخّل النفسي مع طور خطير من المرض يلازمه الألم الحاد، وتدهور قدراتها المعرفية.

 

مشكلات علائقية:

   مما لاشك فيه أن تداعيات السرطان لا تنحصر في الفرد وبصورة فردية ولكن تتعداها إلى الجانب العلائقي مصاب- عائلة ، مصاب-طبيب ، مصاب- فرقة طبية.

وبسبب الوضع النفسي والصحي الذي يكون عليه المريض قد تتأثّر وتضطرب العلاقة، فانشغال وقلق العائلة قد يُنقل إلى المريض وتظهر مظاهره في سلوكياتهم، فيدرك أن الوضع خطير جدّا وتزداد حالته تأزما .

وعلى أهل المريض وعلى الطبيب وعلى الفرقة المعالجة معرفة الوضع النفسي للمريض بالموازاة مع وضعه الصحي من أجل أفضل تكفل نفسي وطبي .

أذكر حالة مراهق يبلغ من العمر 17 سنة اشتد به المرض في أقصى حالات الألم إلى درجة عدم تحمله وشدة حساسيته من اللّمس البسيط ، كان المفحوص في حالة قلق وغضب من الفرقة الطبية التي تدرك صعوبة الفحص وألمه ( فحص نخاع العظم المتكرر)، ولم يرغب في البقاء في المستشفى ورغب في الخروج ولو لفترة قصيرة لتغيير جو الاستشفاء ولكن دون جدوى ، بعد فترة قصيرة توفي الشاب .

ولهذا نذكّر أن العمل لابد أن يكون من قبل فرقة متعددة التخصصات لمساعدة المريض على التعايش مع المرض ومن أجل أن يكون أيضا متعاونا مع الطاقم الطبي.

مشكلات مادية :

  قد لا نولي اهتماما بالجانب المادي للمريض وعائلته، ولكن ينعكس الوضع الاقتصادي على  الوضع النفسي والصّحي للمريض.

فالمريض الذي لا يتوفر على امكانيات مادية ولا أهله سوف تتعثّر لديه مسألة علاجه، فعوضا أن لا ينشغل فكره بتكاليف العلاج فسوف يزداد عبء التكلفة المادية على عبء الاصابة بالسرطان وتطوره، ولهذا فقد وجدنا حالات توقفت عن العلاج، أو لم تعاود الظهور مجددا إلى المستشفى، وهناك حالات أخرى تبيع ما لديها من مقتنيات وأجهزة وغيرها لتضمن تكاليف التنقل، التحاليل، وفحوصات أخرى قد يصعب جمع المال من أجل القيام بها.


Les visiteurs anonymes ne peuvent pas accéder à ce cours. Veuillez vous connecter.