Options d’inscription

محاضرات علم النفس المعرفي

السنة الثالثة أرطفونيا

قسم علم النفس والأرطفونيا

أ د: طالب سوسن

البريد الالكتروني : talebsaoussane53@gmail.com

 

الذّاكرة

 

تمهيد:

  خلق الله تعالى وميزّه بالعقل عن باقي الكائنات الحية فبه ينتبه، يفكر، يتخيل، يتذكر فهذه النعمة الجليلة تمكنه من فهم ذاته وفهم المحيط الذي يعيش فيه، كما تمكنه من التكيّف والتوافق النفسي والاجتماعي .

  وتعد الذاكرة إحدى العمليات العقلية التي لا يمكن أن يستغني عنها الانسان فلو فقد الانسان ذاكرته تضطرب ذاته وسلوكياته ويصبح شخصا آخر، وتعد الذاكرة وسيلة من وسائل التعلم فنحن نقيس تعلم الطالب بالرجوع إلى الذاكرة وما تم تسجيله وتخزينه واسترجاعه،هذا ما سوف نعرضه في هذه المحاضرة .

   ويعود الفضل إلى جهود ابنكهاوس(Ebbinghauss) البحثية مع نهاية القرن 19 حول الذاكرة حيث كتب كتابا عن الذاكرة (On Memory) حيث اهتم بنموها وقياسها ، كما كان لجهود جيمس (James) مع بداية القرن 20 أثر واضح في التمييز بين الذاكرة القصيرة والذاكرة الطويلة.

 

 

أولا :تعاريف الذاكرة :

تعريف أندرسون (Anderson)(1995): دراسة عمليات استقبال المعلومات والاحتفاظ بها واستدعائها عند الحاجة .

تعريف هابرلاندت (Haberlandet)(1994): الذاكرة على أنها القدرة على تذكر ما تعلمه الفرد سابقا.

تعريف ستينبرغ (Sternberg)(2003): أنها العملية التي يتم من خلالها استدعاء معلومات الماضي لاستخدامها في الحاضر.

ثانيا: مراحل الذاكرة:

مرحلة الترميز: يتم إعطاء المعاني للمثيرات الحسية الجديدة من خلال عمليات التسميع والتكرار والتنظيم والتلخيص ...

مرحلة التخزين (الاحتفاظ): هناك نظامين للتخزين نظام التخزين المؤقت في الذاكرة القصيرة ونظام التخزين الدائم في الذاكرة الطويلة مما يجعل المعلومات منظمة وجاهزة للاستخدام وقت الحاجة.

مرحلة الاسترجاع (التذكر): تتمثل في استرجاع أو استدعاء المعلومات والخبرات السّابقة التي تم ترميزها وتخزينها في الذاكرة الدّائمة .

  لقد ارتبطت دراسة الذاكرة مع نظام معالجة المعلومات ولذا سوف يتم عرض وبإيجاز نماذج معالجة المعلومات .

نماذج معالجة المعلومات:

  لقد ساد لسنوات عديدة نموذج معالجة المعلومات، وانتشر في هذا النموذج شكل متزامن مع انتشار الكمبيوتر ونتيجة زيادة فهمنا الذي تشكل من مجالات علمية متعددة: العلوم العصبية، وعلم النفس المعرفي، وعلم النفس التطوري.

 

 

أنظمة التخزين:

   اهتمت نظرية معالجة المعلومات بالذاكرة لاسيما عندما توّج أتكنسون(Atkinson) وشيفرن(Shiffrin)(1968) النظرية بنموذج التخزين المتعدد Multi store للذاكرة واعتبرت الذاكرة من خلال هذا النموذج مشاركة في انسياب المعلومات بين عدة أنظمة تخزين تتمثل في:

• الذاكرة الحسية

• الذاكرة قصيرة المدى

• الذاكرة طويلة المدى

• والتي تتطلب عدة أنواع من المعالجة :

• الانتباه  

 •التكرار

• الاسترجاع

   وبعد ثلاث سنوات من نموذج أتكنسون وشيفرن قام بادلي(Baddeley) وهيتش (Hitch) بإدخال فكرة الذّاكرة العاملة والتي هي مفصولة عن الذاكرة القصيرة STM .

  أما النماذج التي جاءت بعد أتكنسون وشيفرين فهي:

  التوجه نحو مستوى المعالجة التي قدمها كريك(Craick) والقائم على خصائص فيزيائية أو حسية وعلى المعنى .

نموذج تولفينج (Tulving) (1972) الذي يقسم فيه الذاكرة طويلة المدى إلى ذاكرة الأحداث، وذاكرة المعاني، والذاكرة الإجرائية.

نموذج معالجة التوزيع الموازي: ويقترح أن نشاط عمل الذاكرة موزع عبر شبكات من الترابطات تتصل ببعضها البعض عن طريق النيرونات العصبية.

 

قياس الذاكرة :

   يعد قياس الذاكرة من أكثر المواضيع تعقيدا وفي هذا الصدد فقد تحدث علماء النفس عن تباين مدخلات الذاكرة (المثيرات) والمخرجات (الاستجابة) وأن سبب ذلك يعود إلى عمليات معرفية وخصائص شخصية وعوامل ترتبط بالمثيرات نفسها مما يؤثّر على الاستجابة .

ويتأثّر قياس الذاكرة من حيث كمالها ودقتها بعدد من العوامل يمكن تلخيصها كالآتي:

1 -  تؤثّر الحالة الانفعالية والنفسية للفرد على عملية استقبال المثيرات أو استرجاعها فحالة القلق أو التوتر تؤدّي إلى انخفاض في درجة كمال ودقة الذاكرة.

2 - تقييم الفرد لمادة الذاكرة من حيث أهميتها الشخصية أو انسجامها وتناغمها مع أفكاره، اتجاهاته وقيمه.

3 - درجة الثقة بالمادة المراد استرجاعها فكلما زادت درجة الثقة كلما زادت الدقة والكمال في التذكر.

4 - مدى فعالية آليات واستراتيجيات المعالجة المعرفية أثناء الترميز والتحليل والتفسير، فكلما كانت هذه الاستراتيجيات أكثر فعالية كلما زاد كمال الذاكرة ودقتها.

 

   ولقد كان لتجارب ابنكهاوس في تذكر مقاطع من الكلمات عديمة المعنى في النصف الثاني من القرن 19 أكبر الأثر في توجيه الاهتمام إلى قياس الذاكرة بمختلف أشكالها .

لقد اهتم ابنكهاوس بقياس القدرة على تذكر أكبر عدد من المقاطع عديمة المعنى وتكرارها بدون أخطاء (قياس الاسترجاع) ، كما اهتم بقياس قدرة الأفراد على تذكر مجموعة من المقاطع بعد مرور فترات زمنية (قياس الاحتفاظ).

أشكال الذاكرة:

1 - الاسترجاع (Recall): يتمثل في تذكر الأحداث والخبرات التي تعلمها الفرد في السابق، يتم ذلك دون الحاجة إلى وجود المثيرات أو المواقف التي أدت إلى حدوث التعلّم والتّخزين.

والاسترجاع هو بحث في خزانات الذاكرة واستعادتها على شكل استجابة ظاهرية؛ لذلك فإن البحث عن المعلومات في الذاكرة الحسية أو القصيرة غالبا ما يكون أسهل من الذاكرة الطويلة لأن المعلومات في الأولى تكون أقل عددا وتُخزن لفترة زمنية محدودة.

أما في الذاكرة الطويلة، فإن المعلومات كثيرة وتبقى إلى أمد غير محدد مما يُشكل صعوبة أكبر في الاستدعاء لأنه يتطلب التحقق من كم هائل من المعلومات والتأكد من وجودها أولا ، ثم فحص المعلومات المتوفرة من أجل إعادة تفسيرها والتحقق من خصائصها من حيث المحتوى والزمان والمكان والحجم.

2 - التعرف (Recognition): هو أحد أشكال الذاكرة أسهل من الاسترجاع حيث تعتمد قدرة التعرف على وجود المثير الذي تم تعلمه في الماضي من بين مثيرات. يصفه علماء النفس على أنه شعور بأن ما يراه الفرد أو يسمعه في الحاضر هو جزء من خبرة سابقة تكونت في الماضي .

مثال: ففي الامتحانات مثلا بعض الأساتذة تكون أسئلتهم من نوع اختبار الاختيار من متعدد كأن يقدم الأستاذ سؤالا أو عبارة ما ويضع أمامها ثلاث اختيارات ( بدائل ) وهنا يحدث التعرف عندما يقارن الطالب بدائل المثير مع ما هو مخزن في الذاكرة لمطابقته مع أحد هذه البدائل.

ويمكن قياس التعرف من خلال المعادلة التالية:

علامة التعرف= عدد الاجابات الصحيحة - عدد الاجابات الخاطئة / العدد الكلي للمثيرات × 100

 

3 - الاحتفاظ (Retention): يُسمى كذلك درجة الوفر أو إعادة التعلم ويشير إلى أن المعلومات التي تعلمها الفرد في الماضي تصبح قابلة للنّسيان بعد فترة من الزّمن وخصوصا مع غياب التدريب والتعزيز، ومع ذلك فإن هذا الانخفاض على مستوى الذاكرة لا يعني نسيانها أو فقدانها بأكملها، لذلك فإن إعادة التعلم بعد فترة من الزمن تستغرق وقتا وجهدا أقل مما استغرقه الفرد في المرة الأولى.

ويمكن قياس علامة الوفر من خلال المعادلة التالية :

علامة الوفر= الزمن الأول للتعلم الأول- الزمن اللّازم للتعلم الثاني/ الزمن اللّازم للتعلم الأول × 100

 

أنماط الذّاكرة:

   تحدث علماء النفس المعرفيون عن ثلاثة أنماط للذّاكرة تتمثل في : الذّاكرة الحسّية، الذّاكرة القصيرة والذّاكرة الطويلة .

اعتبر أتكنسون وشيفرن أن هذه الأنماط منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض، حيث تدخل المعلومات الحواس ثم تخزّن للمرّة الأولى في الذّاكرة الحسية لأقل من الثّانية ثمّ تنتقل إلى الذّاكرة القصيرة حيث تتم المعالجة المعرفية للمعلومات لمدة قصيرة ثمّ تصل إلى الذّاكرة الطويلة لتخزينها وقت الحاجة.                           

أولا: الذّاكرة الحسّية (Sensory Memory):

    يقوم العالم من حولنا بتزويدنا بآلاف من المثيرات الصوتية والبصرية واللّمسية والشّمية والذّوقية التي تعبر الحواس التي تقوم  بنقل هذه المعلومات إلى المرحلة القادمة من التخزين وهي الذّاكرة القصيرة، وبفعل الانتباه فبعض المعلومات يصل إلى الذّاكرة القصيرة بينما يتم نسيان بقية المعلومات التي لا يتم تركيز الانتباه عليها.

  ويمكن تعريف الذّاكرة الحسية على أنها المخزن أو المسجل الحسّي، ويتمثل دورها في أخد المعلومات الواردة إلى الدّماغ من خلال المستقبلات الحسية وتُبقيها جزء من الثانية إلى حين اتخاذ القرار بشأن ما يمكن عمله إزاءها .

مميزات الذّاكرة الحسّية:

1 - تنظيم عملية تمرير المعلومات بين الحواس والذّاكرة القصيرة حيث تسمح بنقل حوالي 4-5 وحدات معرفية في الوقت الواحد . ( الوحدة المعرفية قد تكون حرفا، رقما، جملة، صورة )

2 - تخزّن الذّاكرة الحسية المعلومات لمدة قصيرة من الزّمن لا تتجاوز الثانية بعد زوال المثير.

3 - تنقل الذّاكرة الحسّية صور حقيقية عن العالم الخارجي بدرجة من الدقة عن طريق الحواس الخمسة.

4 - لا تقوم الذّاكرة الحسّية بأية معالجات معرفية للمعلومات بل تترك ذلك للذّاكرة القصيرة .

 

  الذّاكرة الحسية البصرية (Visual Memory):

    يعد نيسر (Neisser)  أول من أشار إلى هذه الذّاكرة وأطلق عليها الذّاكرة التصويرية  Iconic Memory  ليدلل على الانطباعات البصرية التي تنقلها هذه الذّاكرة إلى المعالجة المعرفة اللّاحقة.

   وقد كان لدراسات سيبرلينج (Sperling) في السّتينات من القرن العشرين الأثر الأكبر في الاهتمام بهذا النمط من الذاكرة، وكان سبيرلينج يعرض في تجاربه قائمة من (12) حرفا على شاشة لمدة 50 ملثانية ويطلب من الطلبة تذكّر هذه الحروف كما هو موضح في الشكل الموالي:

  X     M      R       G

                                       G     N      K        P

                                       V      F      L        B

                           

                              قائمة الحروف في تجارب سبيرلينج

   وكان العرض بطريقتين إما بعرض القائمة كاملة أو عن طريق عرض أربعة أحرف من سطر واحد، ولقد أظهرت النتائج أن تقديم المثير على مراحل من أربعة أحرف فقط تسمح بتسجيل المعلومات وتذكّرها بشكل أفضل، كما توصل سبيرلينج إلى أنه كلما طالت المدة الزمنية بين إخفاء المثير(الحروف) عن الشاشة وتذكرها، كلّما قلت القدرة على التذكّر.

ومن جملة الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من تجارب سبيرلينج حول الذاكرة الحسية البصرية:

1 - تخزّن المعلومات في الذاكرة الحسية البصرية لفترة لا تزيد عن الثانية .

2 - يمكن  استدعاء المعلومات البصرية من الذّاكرة الحسية البصرية مباشرة.

3 - دخول معلومات حسية جديدة إلى الذّاكرة الحسّية البصرية يمحي المعلومات القديمة.

4 - كلما بقيت المعلومات في الذاكرة الحسية البصرية فترة أطول كلّما سهل تذكرها.

5 - تمرر الذّاكرة الحسية البصرية حوالي 9-10 وحدات من المعلومات إلى الذّاكرة القصيرة من أجل معالجتها.

6 - لا تحدث أي معالجات معرفية للمعلومات في الذّاكرة الحسية البصرية. بل في الذاكرة القصيرة.

 

الذّاكرة الحسّية السّمعية(Auditory Memory):

  بعد توقف المثير السّمعي، تبقى المعلومات في الذّاكرة الحسّية لبعض الوقت قبل تمريرها للذّاكرة القصيرة؛ هذا ما أسماه نيسر (Neisser)(1967) بالذّاكرة السمعية (Echoic Memory).

تعمل الذّاكرة الحسّية البصرية على استقبال المعلومات السمعية والاحتفاظ بها لفترة قصيرة من الوقت ثم تمررها إلى الذّاكرة القصيرة للمعالجة وفق آلية الانتباه.

   وبشأن الذّاكرة السمعية أجريت العديد من الدراسات لإخبار فعاليتها ومن بينها دراسة داوين (Darwin) وتيرفيه (Turvey)، كرودر(Crowder)(1972)، حيث صمموا تجارب لاختبار الذاكرة السمعية من خلال سماعات ثلاثة تسمح بسماع المفحوصين لثلاث رسائل صوتية بنفس الوقت وذلك من خلال الأذن اليمنى واليسرى ومنتصف الرأس العلوي، وقد سمح لبعض المفحوصين سماع رسالة صوتية واحدة فقط مع تلميحات بصرية حول تحديد مصدر الرسالة مقابل سماع ثلاثة رسائل صوتية في نفس الوقت.

  وقد توصلت نتائج دراساتهم إلى إستراتيجية العرض من خلال المصادر الصوتية الثلاثة أدت إلى قدرات أقل في التذكّر من استراتيجية التقديم المقتصر على مصدر صوتي واحد.

 

ومن جملة الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من تجارب دارون وزملائه حول الذاكرة الحسية السمعية ما يلي :

1 - تخزّن المعلومات في الذّاكرة الحسّية السمعية لفترة من 2-3 ثواني .

2 - إن دخول معلومات حسية جديدة إلى الذّاكرة الحسية السمعية يمحي المعلومات القديمة أو يحلّ محلّها.

3 - تمرر الذّاكرة الحسية السمعية حوالي ( 4-5 ) وحدات من المعلومات السمعية إلى الذّاكرة القصيرة من أجل معالجتها .

4 - لا تحدث أيّة معالجات معرفية للمعلومات في الذّاكرة الحسّية السمعية .

 

ثانيا: الذاكرة القصيرة المدى (Short-Term Memory):

   تتوسط الذاكرة القصيرة كل من الذاكرة الحسية والذاكرة الطويلة حيث تستقبل معلوماتها إما من الذاكرة الحسية في طريقها عبر فلاتر( مصفاة ) الانتباه إلى الذاكرة القصيرة، أو من خلال الذاكرة الطويلة عندما تحتاج إلى المعلومات الاضافية والخبرات السابقة من أجل ممارسة عمليات الترميز والتحليل للمعلومات الجديدة.

تحتفظ الذاكرة القصيرة بالمعلومات لفترة قصيرة لا تتجاوز 18 ثانية قبل استبدالها بمعلومات أخرى أو بعد انقطاع المعالجة وتعرف بتسميات أخرى كالذاكرة العاملة أو الفاعلة وتعد الذّاكرة الوحيدة التي تقوم بمعالجات معرفية بصورة مستمرة من ترميز وتحليل وتفسير إلى أن تصبح المعلومات بشكل يسمح تخزينها في الذاكرة الطويلة، أو للاستجابة الفورية على ضوئها.

  ومن أهم المميزات التي تتميز بها الذاكرة القصيرة المدى:

 1 - مدة الاحتفاظ بالمعلومات محدودة تتراوح ما بين 15-18 ثانية ما لم يتم تكرارها أو معالجتها .

2 - الطاقة التخزينية للذاكرة قصيرة المدى محدودة ما بين 5-9 وحدات حسب ميلر (Miller).

3 - إذا مرّت الفترة الزمنية (18 ثانية)  على وصول مثير للذاكرة القصيرة، ولم تتم معالجته أو تكراره أو التدريب عليه فسوف يتم نسيانه.

4 - في حالة حدوث مشتتات للانتباه خلال معالجة المعلومات في الذاكرة القصيرة يؤدي إلى إضعاف احتمالية معالجة المعلومات في الذاكرة الطويلة .

5 - إن سرعة توالي دخول معلومات جديدة إلى الذّاكرة القصيرة يُجبر المعلومات القديمة على الخروج   ( مفهوم الاستبدال ) .

كيف يتم ترميز المعلومات في الذّاكرة القصيرة؟

يتم ترميز المعلومات في الذاكرة القصيرة بثلاث طرق وهي :

1 - الترميز الصوتي (Acoustic Coding): يتمثل في ترميز المثيرات- حتى البصرية منها بطريقة صوتية وفقا لمنطوق الكلمات أو الأعداد أو الرموز أو الأصوات الناتجة عنها كأن نتذكر القطة بما تصدره من صوت .

2 - الترميز البصري (ٍVisual Coding): يتمثل في ترميز المعلومات وفقا لشكلها إذ تمثّل المعلومات بسلاسل من الصور التي تحدد المثير، وهذا ما يُعرف بالذّاكرة الفوتوغرافية ونجده عند الأشخاص الذين يتميزون بدقة الملاحظة كالعلماء ورجال الأمن ..

3 - ترميز المعنى (Semantic coding): ويتم ترميز جميع أنواع المثيرات حسب معانيها وليس بالضرورة صوتها أو صورتها، وهذا الترميز يختصر الوقت والجهد يتأثر بقدرات الفرد .

ومن أمثلة ترميز المعنى تصنيف الحيوانات إلى حيوانات أليفة وأخرى مفترسة .

 

ثالثا: الذاكرة الطويلة (Long-Term Memory):

     الذّاكرة الطويلة خزّان يضم كمًّا هائلا من المعلومات والخبرات التي اكتسبها الفرد عبر مراحل حياته المختلفة، ففيها ما يتعلق بالصور والأصوات، والأفكار والمشاعر، وفيها ما يتعلق بالمعارف والحقائق والأحدات ، والتواريخ والأسماء وغيرها من الأمور.

وسعة الذاكرة الطويلة  غير محددة بكم معيّن من المعلومات، وغير محددة بزمن معين في التخزين حيث تبقى المعلومات مخزّنة فيها مادام الانسان على قيد الحياة.

تستمد الذاكرة الطويلة معلوماتها من الذاكرة القصيرة ، ومن المهتمين بوظيفة الذاكرة من رأى أن وظيفتها تتمثل في حفظ المعلومات لوقت الحاجة، ولكن الجشتالتيون أشاروا إلى أن المعلومات المخزنة في الذاكرة

الطويلة تتغير طبقا لنموذج كيفي مع مرور الوقت فتصبح المعلومات غير الواضحة أو غير الكاملة أكثر وضوحا وتنظيما مما يعني القدرة على استدعائها في وقت أقصر .

وتأكيدا وتأييدا لذلك فقد عرض رايلي (Riley) (1975)مجموعة من الأشكال الغامضة وغير المتناسقة ثم طلب من الفحوصين إعادة رسمها بعد رؤيتها بثلاثين ثانية أو يوم أو أسبوع، وقد أشارت نتائج دراسته أن هناك تغيرا تقدميا نحو الشكل الأفضل والأوضح مع زيادة الزمن.

 

طبيعة الذّاكرة:

   تنقسم محتويات الذّاكرة الطويلة إلى نوعين : الذاكرة الاجرائية والذاكرة التقريرية .

1 - الذاكرة الاجرائية (Procedural Memory): تتمحور معلومات هذه الذّاكرة حول المهارات الأدائية التي تعلمها الفرد من خلال الممارسة والخبرة، ومثال عن ذلك مهارات الفحص الطبي التي تعلمها الطبيب العام كجس النبض، قياس الحرارة، قياس ضغط الدم وغيرها فهي مهارات تعلمها خلال مراحل تعلمه  وممارساته بكلية الطب إلى جانب الخبرة السابقة .

2 - الذّاكرة التقريرية (Declarative Memory): تتمحور معلومات هذه الذّاكرة حول الحقائق والمعارف التي تعلمها الفرد خلال مراحل حياته المختلفة، وتتميز بأنها سهلة التعلم وسهلة النسيان لكثرة معلوماتها وتشعباتها وتأثرها بالممارسة، وتنقسم بدورها إلى نوعين:

أ/ الذّاكرة العرضية (Episodic Memory): تحتوي على المعلومات ذات الصلة بالسيرة الذّاتية للفرد وخبراته الماضية وفق تسلسل زمني ومكاني محدّد. كذكريات الطالب الجامعي عندما يناقش شهادة اللّيسانس أو الماستر أو الدكتوراه وما يتم إعلانه من نتائج .

ب/ ذاكرة المعاني (Semantic Memory): تمثّل خلاصة معاني المعارف والحقائق والمعلومات عن العالم المحيط بنا كمعلوماتنا عن حيوانات، جمادات، أشياء، نظريات، قوانين...

مراحل الاسترجاع من خلال الذاكرة الطويلة :

   حسب سترنبرغ (Sternberg) يمر الاسترجاع بثلاث مراحل:

1 - مرحلة البحث عن المعلومات: يبدأ الفرد في البحث عن المعلومات في الذاكرة الطويلة من خلال التحقق من وجودها فيها، ثم فحص المعلومات المتوفرة من حيث حجمها، زمانها، مكانها وعناصرها

فتحديد المعلومات المطلوب استرجاعها.

2 - مرحلة تجميع المعلومات المطلوبة وتنظيمها: إعادة تجميع المعلومات وترتيبها بشكل يسهل التعامل معها وفهمها لتصبح بصورة منطقية ومعقولة، وقد يواجه الناس بعض الصعوبات في ذلك فيظهر ما يعرف بــــظاهرة على رأس اللّسان.

3 - مرحلة الأداء أو الاستجابة: وتظهر هنا الاستجابة الظاهرة أو الضمنية كالضغط على  زر تشغيل الكبيوتر ، أو سلوك القفز أو قراءة سورة قرآنية ...

أشكال الاسترجاع:

1- الاسترجاع التلقائي: هو شبه آلي لا يحتاج إلى جهد وزمن طويل كالتعرف على إيقاع موسيقي أو أداء رياضي معين.

2- الاسترجاع المقصود: يحتاج إلى جهد ووقت كتذكر الأستاذ لاسم طالب درّسه منذ مدة ، استرجاع قوانين تتعلق بمادة الرياضيات .

 

مميزات الذاكرة الطويلة: يمكن ايجازها فيما يلي:

1-  لا توجد حدود لكمية المعلومات التي يمكن استيعابها في الذّاكرة الطويلة.

2-  لا توجد حدود على الزمن الذي يمكن للذاكرة الطويلة أن تحتفظ بالمعلومات لمدة زمنية ثابتة.

3-  جميع المعلومات التي تصل إلى الذّاكرة الطويلة يتم تخزينها حتى لو فشلنا في استدعائها لاحقا.

4-  تتأثر عملية استرجاع المعلومات من الذّاكرة الطويلة بعدة عوامل منها فعالية الترميز في الذاكرة القصيرة، الحالة المزاجية والانفعالية للشخص عند الترميز أو الاسترجاع، درجة أهميتها..

5-   الترميز الجيد للمعلومات في الذّاكرة القصيرة يوفّر تلميحات ودلالات تساعد على تذكّرها لاحقا في الذّاكرة الطويلة.


Les visiteurs anonymes ne peuvent pas accéder à ce cours. Veuillez vous connecter.