يؤدي القانون الجبائي دورا هاما، انطلاقا من الهدف الأساسي الذي يسمو إليه والمتمثل في التوزيع العادل لتحملات الدولة بين جميع المواطنين، في إطار الاحترام التام لمبدأ المساواة والعدالة، وهو ما سيؤدي حتما إلى تحقيق سياسة اجتماعية، وتنمية اقتصادية داخل الدولة.

ومن تم فإذا كان يقع على عاتق الدولة أن توفر الموارد والعائدات الضريبية ضمانا للقيام بمهامها المنوطة بمرافقها، فإنه بالمقابل تلزم بمراعاة مصالح الخاضعين للضريبة.وضمان المساواة والإنصاف في تحمل الأعباء، والعمل على خلق نوع من التوازن بينها وبين الخاضع الطرف الضعيف في هذه العلاقة.

وهذا التوازن لن يتأتى إلا عن طريق سن نصوص تشريعية ، تسير نحو تحقيق نوع من العدالة بين الدولة والخاضع لها، وهو ما تم فعلا من خلال سن العديد من القوانين الجبائية تعمل على حماية حقوق الطرفين معا، حقوق كل من الدولة متجسدة في شخص الإدارة الضريبية، أو الخزينة العامة والخاضع الذي يكون إما شخصا ذاتيا أو معنويا.

    ترتبط نشأة المحاسبة العمومية بنشأة الدولة، التي اقتضى قيامها بتقديم الخدمات العامة للمواطنين والحصول على الموارد اللازمة لتمويل هذه الخدمات، وكان لابد من وجود وسيلة لتتمكن الدولة من تنظيم مواردها ونفقاتها العامة، لتحقيق الشفافية والرقابة على  التصرف بالمال العام، وتمثلت هذه الوسيلة في نظام المحاسبة العمومية.
       نظرا لتطور مفهوم المحاسبة العمومية تبعا لتطور النشاط الحكومي في تنوعه وازدياد حجمه، الذي ترتب عليه ازدياد كبير في حجم النفقات وتنوع مجالاتها، و في حجم الإيرادات وتنوع مصادرها،  فقد أصبحت المحاسبة العمومية أداة مهمة في تقييم أداء الحكومة، ومصدرا مهما للبيانات اللازمة لأغراض التخطيط الاقتصادي والمالي، كما تعتبر النظام الذي يوفر جملة من الأدوات المستعملة في الرقابة والحفاظ على المال العام.

    وتعتبر الجزائر كباقي الدول التي تبحث عن مواكبة أنظمة المحاسبة العمومية الحديثة، في ضل     التبعية إلى مختلف الهيآت الدولية، وانضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة التي تشترط  الشفافية والانفتاح الاقتصادي، وعصرنة النظم الإدارية والمالية وغيرها؛ حيث انطلقت الجزائر في الإصلاحات الهيكلية منذ سنوات التسعينات، بحثا عن تفعيل الأداء الحكومي المالي والاقتصادي، وقد اعتمدت الجزائر مؤخرا كغيرها من الدول عدة إصلاحات توجها لعصرنة مختلف أنظمة الإدارة العامة، ومن أهمها تحديث النظام المحاسبي للدولة