تُعدّ البنيوية عند كلود ليفي-ستروس ثورة فكرية في الأنثروبولوجيا، إذ قدّم رؤية جديدة تقوم على اعتبار الثقافة نسقًا من العناصر المتناسقة التي يختلّ معناها إذا اختلّ أي عنصر فيها. انطلق ليفي-ستروس من تكوينه الفلسفي في فرنسا، ثم طوّر مشروعه العلمي في أمريكا بعد تأثره بلسانيات رومان جاكبسون وإرث فرديناند دي سوسير، ما جعله يمزج بين الفلسفة واللسانيات والرياضيات والبحث الميداني. أعاد الاعتبار للعمل الميداني في الأنثروبولوجيا الفرنسية وطبّق منهجه البنيوي على قبائل أمريكا اللاتينية، خاصة البروروس، محلّلًا الأساطير والبنى اللغوية والطقوس والعلاقات القرابية كما في كتابه "نظام الأبوية". وقد اهتم به المفكرون عالميًا لأن أعماله – مثل "الإنسان المتوحش" – قدمت منظورًا كليانيًا يربط البنى الثقافية بالتفكير الإنساني العميق، مما جعله أحد أهم رواد الأنثروبولوجيا البنيوية في القرن العشرين.
- Trainer/in: Mustapha Tiliouine