على خلاف ما كانت عليه النظريات السابقة (تحت سلطان المدرسة الفزيوقراطية) والتي كانت ترفض تدخل الدولة في الاقتصاد بحجة أن القوانين الاقتصادية مثلها مثل القوانين الطبيعية لا يمكن عرقلتها، فالنظريات الحديثة عرفت تصورا آخر.
على رأسها رجل الاقتصاد الإنجليزي "جون مينارد كينز"، نادت النظرية الكينزية بتدخل الدولة لأن - في اعتقاد كينز- لا يمكن للسوق أن تأتي بكل الحلول للمشاكل الاقتصادية.
يلاحظ أن الفكر الاقتصادي الليبرالي عرف تطورا محسوسا وانعكس ذلك على وظائف الدولة. ففي ظل القرنين 19 و 20 كانت الدولة مجردة من أي تدخل في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية كون أن النظام الذي كان سائدا هو نظام ليبرالي قائم على حرية الصناعة والتجارة تحت شعار "دعه يعمل دعه يمر". في تلك الفترة، كانت الدولة تسمى بالدولة الحارسة Etat gendarme لأن وظائفها كانت مقصورة على الحفاظ على الأمن الداخلي، الدفاع الوطني وتحقيق العدالة أي ما يسمى بالوظائف التقليدية للدولة، لذا لم يظهر آنذاك القانون العام الاقتصادي الذي من شأنه دراسة وتنظيم تدخل السلطات العمومية أم الأشخاص المعنوية العامة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
لكن بتحول الدولة إلى دولة متدخلةEtat interventionniste ، بدأت بوادر القانون العام الاقتصادي في الوضوح شيئا فشيئا وذلك راجع إلى كثرة تدخل الأشخاص العامة من دولة، ولاية، بلدية، مؤسسة عمومية اقتصادية، هيئات عمومية ذات طابع إداري وهيئات عامة ذات طابع صناعي وتجاري في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
من الناحية التاريخية إذن، يعود نشوء القانون العام الاقتصادي إلى سنوات الربعينات يعني بعد الحرب العالمية الثانية بازدياد تدخل الدولة إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الاقتصاد. على هذا الأساس، سندرس مادة القانون العام الاقتصادي من خلال اتباع الخطة التالية :
1. مفهوم القانون العام الاقتصادي ومصادره
2. أشكال تدخل الدولة :
أ. التدخل التأطيري (عن طريق التخطيط)
· عبر الزمان (الخطط الاقتصادية)
· عبر المكان (التهيئة العمرانية)
ب. التدخل عن طريق الضبط
· مفهوم الضبط وأهدافه
· سلطات الضبط الاقتصادي في الجزائر
ت. التدخل الاستغلالي عن طريق :
· المرافق العامة ذات طابع صناعي وتجاري EPIC
· المؤسسات العمومية الاقتصادية EPE
- Gestor: Nassima YELLES CHAOUCHE