مدخل للعلوم القانونية، نظرية الحق، ملخص دروس موجهة لطلبة السنة الأولى ليسانس، السداسي الثاني. الأستاذة بلملياني أسماء

يتطلع الطالب من خلال هذا المحتوى على أهم المواضيع ذات الصلة بنظرية الحق لاسيما ما إرتبط بالشخص الطبيعي وكذا الشخص المعنوي وما تتضمنه نظرية الحق من أقسام ومحاور كما نتطرق إلىإثبات الحق وزواله بإعتباره كآخر مرحلة في مقياس المدخل للعلوم القانونية

من خلال هذا المقياس يتعرف الطالب عن أهم المبادئ التي يرتكز عليها القانون الدستوري بإعتباره من القوانين العامة التي تحدد فيها أنظمة الحكم والسلطات مع التركيز على كيفية إعداد الدساتير وغيرها من المواضيع ذات الصلة لذلك سنقوم من خلال هذا المقياس خلال هذا السداسي التطرق إلى أهم المحاور التي يستنذ عليها القانون الدستوري


تعريف الحق .

اختلف فقهاء القانون في تعريفهم للحق وترتب على هذا الإختلاف ظهور عدة مذاهب و سنحاول فيما يلي التعرض إلى تعريف كل مذهب للحق و الإنتقادات التي وجهت له .

المطلب الأول : المذاهب المختلفة لتعريف الحق

1 -المذهب الشخصي  ) النظرية الإرادية (:

  ينظر أصحاب هذا المذهب إلى الحق من خلال صاحبه فيعرف الحق بأنه " قدرة أو سلطة إرادية تثبت

للشخص يستمدها من القانون "

ويجعل هذا المذهب من الحق صفة تلحق صاحبه لهذا سمي بالمذهب الشخصي،  فوفقا لهذا فالإرادة هي التي تنشأ

الحق وهي التي تعدله و هي التي تنهيه.

الانتقادات الموجهة للمذهب الشخصي :

انتقدت هذه النظرية بسبب أنها تربط الحق بالإرادة بينما قد يثبت الحق للشخص دون أن تكون لو إرادة كالمجنون  و الصبي غير المميز ، الجنين ...الخ .كما قد يثبت لشخص حقوقه دون علمه كالغائب و الوارث .

فالحق ينشأ و يثبت لصاحبه دون إرادته ، أما استعمال هذا الحق فلا يكون إلا بالإرادة .بالإضافة إلا أن المذهب

الشخصي يخلط بين الحق في حد ذاته  و بين شرط ممارسته .

2 - المذهب الموضوعي :

ينظر  أصحاب هذا المذهب إلى الحق من خلال موضوعه و ليس من خلال صاحبه ، و لذلك يعرف أنصار المذهب الموضوعي الحق بأنه  "مصلحة يحميها القانون " حيث يتضح من هذا التعريف أن الحق يتكون من عنصرين :

*عنصر جوهري : هو المصلحة .

*عنصر شكلي : هو الحماية القانونية المتمثلة في الدعوى .

الإنتقادات الموجهة إلى المذهب الموضوعي :

وجهت إلى المذهب الموضوعي انتقادات مست عناصره ، الجوهري المتمثل في المصلحة و الشكلي المتمثل في الحماية القانونية .

حيث انتقد هذا المذهب لأنه يعرف الحق من خلال غايته ) المصلحة ( فإذا كانت المصلحة هي غاية الحق فإنها لا ترقى إلى مرتبة الحق لأن المصلحة قد توجد و يتخلف الحق ، و إلى جانب ذلك فالمصلحة أمر شخصي وذاتي يختلف من شخص إلى آخر ، فالمصلحة التي يحصل عليها شخص من نفس الشيء قد تختلف من شخص إلى آخر حسب هدف كل واحد من الشيء .

والحقيقة هي أن هذا  المذهب لم يعرف الحق و إنما عرف هدفه وما  يتًرتب عليه من حماية قانونية .

-كما انتقدت هذه النظرية من جهة أخرى لأنها تعتبر الحماية القانونية عنصرا من عناصر الحق إلا أنه لا يمكن اعتبارها كذلك في كل  الأحوال إذ الحماية تأتي بعد نشأة الحق .

 

-3المذهب المختلط :

سمي المذهب المختلط بهذا الإسم لأنه يعرف الحق من خلال الجمع بين  ماهو شرط لمباشرة الحق أخذا بالمذهب

الشخصي و بين ماهو هدف للحق أخذا بالمذهب الموضوعي ، أي يعرف الحق من خلال التوفيق بين هاذين المذهبين ،و لذلك يعرف المذهب المختلط الحق بأنه :" إرادة ومصلحة في نفس الوقت "،ويلاحظ أن أنصار المذهب المختلط و إن كانوا متفقين على الجمع بين عنصري الإرادة و المصلحة ، فإنهم اختلفوا حول تغليب أحد هاذين العنصرين على الآخر.

فعرف الحق عند من يغلبون عنصر الإرادة بأنه " قدرة إرادية يمنحها القانون للشخص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون" .

-أما من يغلب عنصر المصلحة فيعرف الحق بأنه " مصلحة يحميها القانون و يسهر تحقيقها و الدفاع عنها قدرة إرادية معينة "

الإنتقادات الموجهة إلى المذهب المختلط :

جمعع هذا المذهب في إنتقاداته ،  الإنتقادات الموجهة إلى كل من المذهب الشخصي و الموضوعي.

-4المذهب الحديث :

سمي المذهب الحديث بهذا الإسم لأنه أتى بتعريف مستحدث للحق استبعد منه كل من عنصري الإرادة     

 و المصلحة كما استبعد منه فكرة الجمع بينهما ولذلك يعرف المذهب الحديث الحق بأنه استئثار بقيمة معينة يمنحها القانون لشخص و يحميها " ومن هنا يتضح لنا أن الحق وفقا للمذهب الحديث يجمع بين عنصرين :

-العنصر الأول : و هو الإستئثار بما يتبعه من تسلط و هو يمثل جوهر الحق أي العنصر الداخلي له و يقصد به الإنفراد بالمميزات التي يخولها ذا الحق لصاحبه كالمالك الذي ينفرد بالتصرف و الإستعمال و الإستغلال في ملكه

-العنصر الثاني : وهو الحماية القانونية ، و التي تمثل العنصر الخارجي للحق ، فلا يكون الإستئثار بما يخوله من مميزات شرعية إلا إذا تكلل بالحماية القانونية ، و يراعى أن وسيلة تحقيق الحماية القانونية هي الدعوى و هي وسيلة المطالبة بالحماية القانونية سواء  قبل وقوع الإعتداء على الحق في حالة احتمال وقوعه أو بعد حصول الإعتداء على الحق فعلا.

المطلب الثاني: النظرية الحديثة في تعريف الحق

على ضوء الانتقادات التي وجهت الى أصحاب النظريتين السابقتين  ظهرت النظرية الحديثة لتعريف الحق .

-      مضمون النظرية

الحق حسب أصحاب النظرية الحديثة هو استئثار الفرد بشيئ معين أو قيمة معينة يخول له التسلط على ذلك الشيء أو تلك  القيمة و بعبارة أخرى يكون لصاحب الحق سلطة التصرف فيما يملكه . و تأسيسا على ذلك يتكون الحق من أربعة عناصر و هي :

1-  عنصر الاستئثار : يقصد به اختصاص أو إنفراد الشخص بشيء معين أو قيمة معينة و هذا الاستئثار  هو جوهر الحقوهو الذي يحقق المصلحة المقصودة و ليس المصلحة ذاتها . لأنه لا يعني المنافع التي يؤدي إليها و انما الاختصاص أو الانفراد بالشيء و هذا ما يتناسب مع القول في لغتنا هذا الحق لي أو هذا حقي. كما أن عنصر الاستئثار يعني التفرد بالشيء بمعنى ممارسته دون تدخل من الغير مثل حق الشخص في تملك عقار معين فله حق الانتفاع به دون أن يتوقف ذلك على  تدخل الغير .

2-  عنصر التسلط : و هو سلطة التصرف بكل حرية في الشيء محل الاستئثار و هنا فالتسلط و الاستئثار عنصران متلازمان و يترتب عن هذا بأن يصبح التسلط بمثابة قدرة أو سلطة ناتجة عن عنصر الاستئثار تتميز هذه السلطة بأنها حرة ، أي حرية صاحب الحق بالتصرف في الشيء إما بصفة ايجابية أو سلبية .

3-  عنصر احترام الغير : بمعنى أنه يقع على عاتق الجميع  الامتناع بمساس استئثار وتسلط صاحب الحق على الشيء محل الحق .

4-  عنصر الحماية : يقصد بالحماية القانونية و جود سلط عامة تحمي الحق و تتمثل في الدولة و هي التي لها القدرة على وضع نظام قانوني يضمن الحقوق للافراد و تحمى هذه الحقوق عن طريق الدعوى القضائية.

المطلب الثالث : خصائص الحق

1-  الذاتية و الاستئثار : يقصد بالذاتية كون الحق مرتبط بشخص معين بالذات و بالصفات بمعنى أن الحق شيء خاص و ليس عمومي . أما الاستئثار فيعني انفراد صاحب الحق بالشيء محل الحق أو اختصاصه به ، فإذا كانت القاعدة القانونية تتميز بأنها عامة و مجردة فإن القاعدة المكرسة للحق تتميز بالذاتية أي أنها مشخصة في شخص واحد يستأثر بالحق. ويترتب عن هذا النتائج التالية :

أ‌-     افتراض اللامساواة  : تفترض هذه الخاصية عكس القاعدة القانونية التي تقوم على مبدأ المساواة بين الجميع أمام القانون .

ب‌- ضمان للحقوق : ضمان الحقوق للأفراد تتيح لكل شخص حق التصرف في حقوقه و تكرس مبدأ الشرعية فعلى سبيل المثال الاجراءات المتبعة في عملية نزع الملكية للمنفعة العامة بحيث يستفيد صاحب الحق من التعويض.

ج- تجسيد النظام القانوني : تتجسد هذه الخاصية في انتقال النظام القانوني من العالم المجرد الى الواقع المحسوس حيث التعيين و التحديد و هذا العالم هو عالم الحق بأتم معنى الكلمة .

2- خاصية الشرعية و الحماية القانونية

يتميز الحق بخاصية الشرعية و الحماية القانونية و يقصد بالشرعية إعتراف القانون بالحق و بنسبته الى صاحبه أما الحماية القانونية فتعني توفر صاحب الحق على وسائل قانونية لحماية الحق تجاه أي اعتداء يقع عليه من قبل الغير.

 

المطلب الرابع : حدود الحق

1-              تمييز الحق عن الحرية :

         إن الحرية تمثل إباحة أصلية و مطلقة للجميع أما الحقوق فقاصرة على أشخاص معينين . فالقانون يمنح للأشخاص مجموعة من الحريات كحرية المعتقد و حرية التنقل و التملك ..الخ بينما الحق يكون مرتبط بشخص معين بالذات و الصفات . كما أن الحق يرد على محل محدد أو قابل للتحديد أما الحرية فلا ترد على محل محدد بطبيعته أو قابل للتحديد بأي طريقة فهي عبارة عن عن أوضاع عامة غير مقيدة بحدود واضحة فحرية التنقل مثلا تخول للشخص الانتقال بأي وسيلة و في أي وقت معين و اي مكان معين بينما حق التنقل فيخول لصاحبه الانتقال الى مكان معين بواسطة شيء معين و في وقت معين . و الحق يتميز من حيث الأصل بخاصية الذاتية بينما الحريات تتميز بالعمومية. و الحق يقابله دائما التزام في مواجهة الغير بينما الحرية لا يقابلها التزام . و كذلك مصدر الحق يختلف عن مصدر الحرية لأن الحق دائما مصدره الواقعة أو التصرف القانوني بينما الحرية مصدرها المبادئ العامة غي الدستور .

2-  تمييز الحق عن الرخصة

     تختلف الرخصة عن الحق في كون الرخصة هي اجراء أو مرحلة للوصول الى الحق مبنية على مكنة الاختيار قبل اصدار القرار المختار من قبل الشخص و هذا القرار هو الحق ذاته.

3-تمييز الحق عن السلطة

قد يتشابه مصطلحين من حيث أن كلاهما ظاهرة اجتماعية و أما من حيث المضمون فالحق يختلف عن السلطة ، فالحق يكون صاحبه اما شخص طبيعي أو معنوي يستأثر بشيء له قيمة دون بقية الناس و يستفيد من الحماية التي توفرها له السلطة العمومية . و بهذا تصبح السلطة بمثابة الوسيلة لإضفاء الشرعية و توفير الحماية للحق و ليست الحق ذاته.

 

فقهاء القانون في تعريفهم للحق وترتب على هذا الإختلاف ظهور عدة مذاهب و سنحاول فيما يلي التعرض إلى تعريف كل مذهب للحق و الإنتقادات التي وجهت له .

المطلب الأول : المذاهب المختلفة لتعريف الحق

1 -المذهب الشخصي  ) النظرية الإرادية (:

  ينظر أصحاب هذا المذهب إلى الحق من خلال صاحبه فيعرف الحق بأنه " قدرة أو سلطة إرادية تثبت

للشخص يستمدها من القانون "

ويجعل هذا المذهب من الحق صفة تلحق صاحبه لهذا سمي بالمذهب الشخصي،  فوفقا لهذا فالإرادة هي التي تنشأ

الحق وهي التي تعدله و هي التي تنهيه.

الانتقادات الموجهة للمذهب الشخصي :

انتقدت هذه النظرية بسبب أنها تربط الحق بالإرادة بينما قد يثبت الحق للشخص دون أن تكون لو إرادة كالمجنون  و الصبي غير المميز ، الجنين ...الخ .كما قد يثبت لشخص حقوقه دون علمه كالغائب و الوارث .

فالحق ينشأ و يثبت لصاحبه دون إرادته ، أما استعمال هذا الحق فلا يكون إلا بالإرادة .بالإضافة إلا أن المذهب

الشخصي يخلط بين الحق في حد ذاته  و بين شرط ممارسته .

2 - المذهب الموضوعي :

ينظر  أصحاب هذا المذهب إلى الحق من خلال موضوعه و ليس من خلال صاحبه ، و لذلك يعرف أنصار المذهب الموضوعي الحق بأنه  "مصلحة يحميها القانون " حيث يتضح من هذا التعريف أن الحق يتكون من عنصرين :

*عنصر جوهري : هو المصلحة .

*عنصر شكلي : هو الحماية القانونية المتمثلة في الدعوى .

الإنتقادات الموجهة إلى المذهب الموضوعي :

وجهت إلى المذهب الموضوعي انتقادات مست عناصره ، الجوهري المتمثل في المصلحة و الشكلي المتمثل في الحماية القانونية .

حيث انتقد هذا المذهب لأنه يعرف الحق من خلال غايته ) المصلحة ( فإذا كانت المصلحة هي غاية الحق فإنها لا ترقى إلى مرتبة الحق لأن المصلحة قد توجد و يتخلف الحق ، و إلى جانب ذلك فالمصلحة أمر شخصي وذاتي يختلف من شخص إلى آخر ، فالمصلحة التي يحصل عليها شخص من نفس الشيء قد تختلف من شخص إلى آخر حسب هدف كل واحد من الشيء .

والحقيقة هي أن هذا  المذهب لم يعرف الحق و إنما عرف هدفه وما  يتًرتب عليه من حماية قانونية .

-كما انتقدت هذه النظرية من جهة أخرى لأنها تعتبر الحماية القانونية عنصرا من عناصر الحق إلا أنه لا يمكن اعتبارها كذلك في كل  الأحوال إذ الحماية تأتي بعد نشأة الحق .

 

-3المذهب المختلط :

سمي المذهب المختلط بهذا الإسم لأنه يعرف الحق من خلال الجمع بين  ماهو شرط لمباشرة الحق أخذا بالمذهب

الشخصي و بين ماهو هدف للحق أخذا بالمذهب الموضوعي ، أي يعرف الحق من خلال التوفيق بين هاذين المذهبين ،و لذلك يعرف المذهب المختلط الحق بأنه :" إرادة ومصلحة في نفس الوقت "،ويلاحظ أن أنصار المذهب المختلط و إن كانوا متفقين على الجمع بين عنصري الإرادة و المصلحة ، فإنهم اختلفوا حول تغليب أحد هاذين العنصرين على الآخر.

فعرف الحق عند من يغلبون عنصر الإرادة بأنه " قدرة إرادية يمنحها القانون للشخص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون" .

-أما من يغلب عنصر المصلحة فيعرف الحق بأنه " مصلحة يحميها القانون و يسهر تحقيقها و الدفاع عنها قدرة إرادية معينة "

الإنتقادات الموجهة إلى المذهب المختلط :

جمعع هذا المذهب في إنتقاداته ،  الإنتقادات الموجهة إلى كل من المذهب الشخصي و الموضوعي.

-4المذهب الحديث :

سمي المذهب الحديث بهذا الإسم لأنه أتى بتعريف مستحدث للحق استبعد منه كل من عنصري الإرادة     

 و المصلحة كما استبعد منه فكرة الجمع بينهما ولذلك يعرف المذهب الحديث الحق بأنه استئثار بقيمة معينة يمنحها القانون لشخص و يحميها " ومن هنا يتضح لنا أن الحق وفقا للمذهب الحديث يجمع بين عنصرين :

-العنصر الأول : و هو الإستئثار بما يتبعه من تسلط و هو يمثل جوهر الحق أي العنصر الداخلي له و يقصد به الإنفراد بالمميزات التي يخولها ذا الحق لصاحبه كالمالك الذي ينفرد بالتصرف و الإستعمال و الإستغلال في ملكه

-العنصر الثاني : وهو الحماية القانونية ، و التي تمثل العنصر الخارجي للحق ، فلا يكون الإستئثار بما يخوله من مميزات شرعية إلا إذا تكلل بالحماية القانونية ، و يراعى أن وسيلة تحقيق الحماية القانونية هي الدعوى و هي وسيلة المطالبة بالحماية القانونية سواء  قبل وقوع الإعتداء على الحق في حالة احتمال وقوعه أو بعد حصول الإعتداء على الحق فعلا.

المطلب الثاني: النظرية الحديثة في تعريف الحق

على ضوء الانتقادات التي وجهت الى أصحاب النظريتين السابقتين  ظهرت النظرية الحديثة لتعريف الحق .

-      مضمون النظرية

الحق حسب أصحاب النظرية الحديثة هو استئثار الفرد بشيئ معين أو قيمة معينة يخول له التسلط على ذلك الشيء أو تلك  القيمة و بعبارة أخرى يكون لصاحب الحق سلطة التصرف فيما يملكه . و تأسيسا على ذلك يتكون الحق من أربعة عناصر و هي :

1-  عنصر الاستئثار : يقصد به اختصاص أو إنفراد الشخص بشيء معين أو قيمة معينة و هذا الاستئثار  هو جوهر الحقوهو الذي يحقق المصلحة المقصودة و ليس المصلحة ذاتها . لأنه لا يعني المنافع التي يؤدي إليها و انما الاختصاص أو الانفراد بالشيء و هذا ما يتناسب مع القول في لغتنا هذا الحق لي أو هذا حقي. كما أن عنصر الاستئثار يعني التفرد بالشيء بمعنى ممارسته دون تدخل من الغير مثل حق الشخص في تملك عقار معين فله حق الانتفاع به دون أن يتوقف ذلك على  تدخل الغير .

2-  عنصر التسلط : و هو سلطة التصرف بكل حرية في الشيء محل الاستئثار و هنا فالتسلط و الاستئثار عنصران متلازمان و يترتب عن هذا بأن يصبح التسلط بمثابة قدرة أو سلطة ناتجة عن عنصر الاستئثار تتميز هذه السلطة بأنها حرة ، أي حرية صاحب الحق بالتصرف في الشيء إما بصفة ايجابية أو سلبية .

3-  عنصر احترام الغير : بمعنى أنه يقع على عاتق الجميع  الامتناع بمساس استئثار وتسلط صاحب الحق على الشيء محل الحق .

4-  عنصر الحماية : يقصد بالحماية القانونية و جود سلط عامة تحمي الحق و تتمثل في الدولة و هي التي لها القدرة على وضع نظام قانوني يضمن الحقوق للافراد و تحمى هذه الحقوق عن طريق الدعوى القضائية.

المطلب الثالث : خصائص الحق

1-  الذاتية و الاستئثار : يقصد بالذاتية كون الحق مرتبط بشخص معين بالذات و بالصفات بمعنى أن الحق شيء خاص و ليس عمومي . أما الاستئثار فيعني انفراد صاحب الحق بالشيء محل الحق أو اختصاصه به ، فإذا كانت القاعدة القانونية تتميز بأنها عامة و مجردة فإن القاعدة المكرسة للحق تتميز بالذاتية أي أنها مشخصة في شخص واحد يستأثر بالحق. ويترتب عن هذا النتائج التالية :

أ‌-     افتراض اللامساواة  : تفترض هذه الخاصية عكس القاعدة القانونية التي تقوم على مبدأ المساواة بين الجميع أمام القانون .

ب‌- ضمان للحقوق : ضمان الحقوق للأفراد تتيح لكل شخص حق التصرف في حقوقه و تكرس مبدأ الشرعية فعلى سبيل المثال الاجراءات المتبعة في عملية نزع الملكية للمنفعة العامة بحيث يستفيد صاحب الحق من التعويض.

ج- تجسيد النظام القانوني : تتجسد هذه الخاصية في انتقال النظام القانوني من العالم المجرد الى الواقع المحسوس حيث التعيين و التحديد و هذا العالم هو عالم الحق بأتم معنى الكلمة .

2- خاصية الشرعية و الحماية القانونية

يتميز الحق بخاصية الشرعية و الحماية القانونية و يقصد بالشرعية إعتراف القانون بالحق و بنسبته الى صاحبه أما الحماية القانونية فتعني توفر صاحب الحق على وسائل قانونية لحماية الحق تجاه أي اعتداء يقع عليه من قبل الغير.

 

المطلب الرابع : حدود الحق

1-              تمييز الحق عن الحرية :

         إن الحرية تمثل إباحة أصلية و مطلقة للجميع أما الحقوق فقاصرة على أشخاص معينين . فالقانون يمنح للأشخاص مجموعة من الحريات كحرية المعتقد و حرية التنقل و التملك ..الخ بينما الحق يكون مرتبط بشخص معين بالذات و الصفات . كما أن الحق يرد على محل محدد أو قابل للتحديد أما الحرية فلا ترد على محل محدد بطبيعته أو قابل للتحديد بأي طريقة فهي عبارة عن عن أوضاع عامة غير مقيدة بحدود واضحة فحرية التنقل مثلا تخول للشخص الانتقال بأي وسيلة و في أي وقت معين و اي مكان معين بينما حق التنقل فيخول لصاحبه الانتقال الى مكان معين بواسطة شيء معين و في وقت معين . و الحق يتميز من حيث الأصل بخاصية الذاتية بينما الحريات تتميز بالعمومية. و الحق يقابله دائما التزام في مواجهة الغير بينما الحرية لا يقابلها التزام . و كذلك مصدر الحق يختلف عن مصدر الحرية لأن الحق دائما مصدره الواقعة أو التصرف القانوني بينما الحرية مصدرها المبادئ العامة غي الدستور .

2-  تمييز الحق عن الرخصة

     تختلف الرخصة عن الحق في كون الرخصة هي اجراء أو مرحلة للوصول الى الحق مبنية على مكنة الاختيار قبل اصدار القرار المختار من قبل الشخص و هذا القرار هو الحق ذاته.

3-تمييز الحق عن السلطة

قد يتشابه مصطلحين من حيث أن كلاهما ظاهرة اجتماعية و أما من حيث المضمون فالحق يختلف عن السلطة ، فالحق يكون صاحبه اما شخص طبيعي أو معنوي يستأثر بشيء له قيمة دون بقية الناس و يستفيد من الحماية التي توفرها له السلطة العمومية . و بهذا تصبح السلطة بمثابة الوسيلة لإضفاء الشرعية و توفير الحماية للحق و ليست الحق ذاته.

 


يتعلق هذا الملخص بنظرية المرفق العام أين نتناول فيه تعريف المرفق العام و عناصره لنعرج على بعض أنواعه 

تستعرض كذلك مسـألة الإنشاء و الإلغاء  ثم أهم المبادئ التي تحكم سير المرافق العام 

نحاول كذلك معرفة بعض العقود الإدارية   

و في الأخير نبرز أهم العقود المستحدثة و الواقعة لتجسيد فكرة المرفق العام عبر طريقة التفويض

يعتبر هذا الملخص كوثيقة لغرض البحث و الممارسة التفاعلية بين الأستاذ و الطالب بحصص التطبيق

أ/ بن مسعود سفيان 

التنظيم الاداري و الشخصية المعنوية 

التنظيم الإداري

يقصد بعبارة التنظيم الإداري ، تصنيف أو ترتيب الأجهزة الإدارية في الدولة و بيان تشكيلها     و كيفية ممارستها لاختصاصها، وهذا المعطى أو الأساس يستند على أساس قانوني يتمثل في فكرة الشخصية المعنوية ، كما يستند أيضا على أساليب فنية و تقنية  تتلخص  في طرق و كيفيات توزيع النشاط الإداري بين مختلف تلك الأجهزة .

و يعتبر التنظيم الإداري ضرورة لابد منها لكي تقوم السلطة الإدارية بوظائفها . إذ في غياب التنظيم الإداري لا يتسنى للسلطة الإدارية أن تقوم بتجسيد السياسة العامة للدولة.

و تباشر الإدارة نشاطها بواسطة موظفين يصدر عنهم أثناء مباشرة هذا النشاط أعمالا مادية و آخری قانونية وهم حين يزاولون هذا النشاط إنما يزاولونه بوصفهم ممثلين للشخص الإداري، و يستتبع ذلك أن الحقوق والالتزامات الناتجة عن مباشرة هذا النشاط ، تعود إلى الشخصي الإداري نفسه و ليس إلى الموظف. من أهم الأشخاص الإدارية نجد الدولة و البلدية و الولاية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري .

و دراسة التنظيم الإداري تبدأ بتحديد الأشخاص المعنوية العامة التي تجتمع في إطارها السلطات الإدارية، لكن مادامت السلطات الإدارية تختلف بإختلاف الأشخاص المعنوية العامة و بحسب السلطات الممنوحة لكل شخص ، الشيء الذي يتطلب أن تكون هناك أشخاص معنوية عامة مركزية و أشخاص معنوية عامة محلية ، وأشخاص معنوية عامة مرفقيه.

كنتيجة لما سبق عرضه يتضح أنه بتعداد الأشخاص المعنوية العامة تتعدد أساليب التنظيم الإداري التي تتمثل في المركزية الإدارية واللامركزية الإدارية، بالإضافة إلى التركيز وعدم التركيز الإداري وهما تطبيقان لأساليب التنظيم الإداري.

 

المبحث الأول: الأشخاص المعنوية

يقصد بالشخص المعنوي كل مجموعة من الأشخاص و الأموال اعترف لها القانون   بالشخصية القانونية  حتى تتمكن من تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله.  و يترتب على ذلك أن يكون للشخص المعنوي أهلية قانونية  تمكنه من اكتساب الحقوق و تحمل الالتزامات ، مستقلا في ذلك عن الأشخاص    و العناصر المالية المكونة له.

وقد نشأت الشخصية المعنوية في مجال القانون الخاص إلا أن أهميتها في مجال القانون العام تفوق أهميتها في القانون الخاص. نظرا لاهتمام القانون الخاص بالأشخاص الطبيعيين ، أما القانون العام فلا يعرف الأشخاص الطبيعيين إلا بصفتهم ممثلين للأشخاص المعنوية.

غير أن الفقه اختلف في تحليل طبيعة الشخص المعنوي إلى مذاهب متعددة، فهي عند البعض مجرد افتراض أو مجاز قانوني وعند البعض الآخر حقيقة واقعية لا مجاز فيها ولا افتراض بينما هي عند فريق ثالث لا قيمة لها.  

و لدراسة الأشخاص المعنوية يتطلب منا ذلك التمييز بين الأشخاص المعنوية في المطلب الأول ثم نتطرق ومن خلال المطلب الثاني إلى تكييف طبيعة الشخص المعنوي على أن يكون المطلب الثالث خاصا بالنتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية، بينما يتعلق المطلب الرابع والأخير بفكرة انقضاء الشخص المعنوي.

المطلب الأول: التمييز بين الأشخاص المعنوية

تطرقت المادة 49 من القانون المدني إلى تعداد الأشخاص الاعتبارية وهي:

- الدولة، الولاية، والبلدية

- المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.

- الشركات المدنية والتجارية.

- الجمعيات والمؤسسات.

- الوقف.

- كل مجموعة من أشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية قانونية.

هذه المادة حددت أنواع الأشخاص المعنوية، إذ تقسم الأشخاص المعنوية إلى أشخاص القانون الخاص أو ما يعرف بالأشخاص المعنوية الخاصة ، مثل الشركات التجارية و الجمعيات الخاصة       و الوقف و أشخاص معنوية عامة يحكمها القانون العام مثل الدولة، الولاية، البلدية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.

 ولعل أهم مسألة تطرح في هذا النطاق هي قضية التمييز بين الأشخاص المعنوية الخاصة والأشخاص المعنوية العامة.

الفرع الأول: أهمية التمييز بين الأشخاص المعنوية الخاصة والأشخاص المعنوية العامة.

تتجلى أهمية التمييز في النقاط التالية :

من خلال تحديد طبيعة الشخص المعنوي كونه شخصا معنويا عاما أم شخصا معنويا خاصا له أهمية كبيرة تتجلى في :

1-  في معرفة نوعية وطبيعة النظام القانوني الذي يحكم هذا الشخص ،  فالشخص المعنوي العام يخضع في تنظيمه لقواعد و أحكام القانون الإداري و يختص بالفصل في المنازعات الخاصة به قضاء إداري . أما الأشخاص المعنوية الخاصة نجدها تخضع للقانون الخاص و يختص القضاء خاص ألا و هو القضاء العادي بالنظر و الفصل في منازعاته.

2-   كما أن التفرقة و التمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والأشخاص المعنوية الخاصة لها أهمية في تحديد طبيعة و وصف الأعمال التي تصدر من كل شخص، فالشخص المعنوي العام يصدر أعمال قانونية تتمثل في القرارات الإدارية و العقود الإدارية وكذا أعمال إدارية مادية، أما الأعمال التي تصدر من طرف الأشخاص المعنوية الخاصة لا تتصف بالطابع الإداري، بل هي أعمال عادية.

 

المطلب الثاني:  طبيعة الشخص المعنوي و أنواعه

إذا كان المشرع هو الذي يقوم بإنشاء الشخص المعنوي العام مثل ما تطرق إليه نص المادة 49 و المادة.417 من القانون المدني، إلا أن مسألة تحديد و تكييف طبيعة الشخص المعنوي تبقى مسألة شائكة فهل هي مجرد افتراض أم هي حقيقة واقعية مثلها مثل الشخص الطبيعي، و هل لهذه الفكرة مبرر لوجودها أم يمكن الاستغناء عنها.  هذه الأفكار كلها تبلورت في شكل نظريات نحاول من خلال هذا المطلب أن نعرج إلى تكييف طبيعة الشخص المعنوي من خلال الفرع الأول ثم نتطرق إلى أنواع الأشخاص المعنوية في الفرع الثاني.

الفرع الأول:  طبيعة الشخصية المعنوية

لقد تعددت النظريات فيما يتعلق بنطاق تحليل طبيعة فكرة الشخصية المعنوية من بينها نجد:  نظرية المجاز أو الافتراض القانوني، النظرية الحقيقية، بالإضافة إلى النظرية المنكرة للشخصية المعنوية

نحاول أن نتعرض لهذه النظريات مبرزين موقف المشرع الجزائري.

أولا : نظرية الافتراض القانوني  

يرى أنصار هذه النظرية أن الشخصية المعنوية ما هي إلا مجرد اقتراض قانوني مخالف للواقع ، صنعها المشرع لتسهيل التعامل مع هذه الهيئات والمؤسسات بغرض تمكينها من القيام بواجباتها لأن الشخص  القانوني الوحيد هو الإنسان الذي يتمتع بالقدرة والإدراك والإرادة، وهو الذي يمكنه أن يكون أهلا لاكتساب الحقوق و تحمل الالتزامات. و بالمقابل ينشئ المشرع شخصا مفترضا يضفي عليه الشخصية المعنوية بغية تمكينه من تسيير بعض الشؤون العامة أو إدارة أموال عمومية، لذلك فإن إسباغ الشخصية على مجموعة من الأفراد أو الأموال إنما هي في حقيقة الأمر مجرد حيلة قانونية يلجأ إليها المشرع كي تتمكن هذه المجموعات من العمل و بالتالي أكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات. مما يؤدي إلى بالقول بأن الشخصية المعنوية ليست شخصية حقيقية وإنما هي مجرد أسلوب يلجأ إليه المشرع كي تتمكن بعض الجماعات والهيئات من تحقيق أهدافها وأغراضها بإفتراض خلق شخصية معنوية تمكنها من اكتساب الحقوق و تحمل الالتزامات، و تبقى طبيعة الشخص المعنوي  أستثناء مخالف للأصل و الحقيقة،  يجب الاعتراف به في نطاق ضيق بالقدر اللازم لتحقيق الهدف من وجوده . و بناء على ذلك تبقى مسألة وجوده مرهونة و متوقفة على إ رادة المشرع وفي ظل القيود و الشروط التي يضعها المشرع في الدولة، فهو الذي ينشئه ويحدد له تاريخ بدايته _ وتاريخ نهاية ويحدد له أهدافه كما يضع له القيود التي يعمل في نطاقها.

-        تقييم هذه النظرية:

من بين الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية نجد:

1- إن هذه النظرية أثبتت عجزها في وجود الشخصية المعنوية للدولة، فإذا كانت الشخصية المعنوية مجرد افتراض وضعه المشرع فمن الذي أنشأ الدولة.

رد أنصار هذه النظرية بالقول أن الدولة هي الشخص المعنوي الوحيد و الأصيل الذي ينشأ بمجرد توفر أركانها، أما الأشخاص المعنويين الآخرين هم مجرد افتراض قانوني .

1-    هذه النظرية تؤدي بالمشرع إلى إطلاق سلطان إرادته في إنشاء الأشخاص المعنوية وفي تقييد حدودها ومجال نشاطها، بل أبعد من ذلك تؤدي إلى فرض أو عدم فرض المسؤولية مدنيا أو جنائياً.

 

ثانيا نظرية الشخصية الحقيقية

تكيف الشخصية المعنوية حسب أنصار هذه النظرية على أنها حقيقة واقعية مثلها مثل الشخصية الطبيعية المقررة للإنسان، تفرض نفسها على المشرع الذي لا يملك عند اكتمال مقومات اِلا التسليم بها . إلا أن أنصار هذه النظرية انقسموا إلى نظريتين:

 -1 الفريق الأول:  يرى أن الشخصية المعنوية هي حقيقية قائمة فعلا و ليست افتراض أو ضربا من الخيال لأن الشخص المعنوي  مثل الشخص الطبيعي له إرادة ذاتية مستقلة وقائمة بذاتها ناتجة عن تجمع إرادات الأفراد واشتراكهم في هدف واحد و من ثمة  إنشاء هذه الإرادة ،  تصبح حقيقة واقعية تفرض وجودها على الدولة وما على المشرع إلا التسليم والاعتراف بالشخص المعنوي مثله مثل الشخص الطبيعي الذي يصبح حقيقية حتمية مفروضة على المشرع.

-2 الفريق الثاني:  يرى أنصار هذا الفريق أن أنصار الفريق الأول أسسوا فكرة الشخصية المعنوية على الإرادة و بالغوا في تشبيه الشخص المعنوي بالشخص الطبيعي كما يرون بأن الشخصية المعنوية هي مجرد مصلحة يقرها و يحميها القانون و بالتالي ليست الإرادة هي أساس وجوهر الحق، بل المصلحة هي أساس و جوهر الحق فتارة تعد شرطا لاستعمال الحق و وأحيانا أخرى تقيد استعمال الحق ، بحيث لا يسوغ استعماله لتحقيق مصلحة أخري وكلا الأمرين مظهران لدور المصلحة في تقييد الحق بغايته عند استعماله ، مسترسلين في القول أنه مادام أن الحق مصلحة معتبرة يقرها القانون و يحميها، يبقى كل صاحب مصلحة هو صاحب حق و بالتالي لا يكون الحق مقتصرا على الشخص الطبيعي فحسب، بل حتى الشخص المعنوي ومن ثم فإن الأشخاص المعنوية هي حقيقة.  كما أنه يمكن للشخص الطبيعي أن يكون بلا شخصية مثلما كان يعرف في نظام العبيد وكذا نظام الشخصية القانونية الحكمية أي امتداد شخصية الإنسان بعد موته حتى تصفى تركته  . فيحسب هذه النظرية الشخصية المعنوية ليست منحة من الدولة، بل هي حقيقة واقعية متى اجتمعت مجموعة من الناس أو الأموال نشأت وتحققت فكرة الشخصية المعنوية وما على المشرع إلا التسليم بها لتصبح حتمية طبيعية كواقعة ميلاد الشخص لطبيعي.

تقييم النظرية:

تؤدي هذه النظرية إلى الحد من تدخل الدولة في خلق الأشخاص المعنوية، بالإضافة إلى إسراف هذه النظرية في تشبيه لأشخاص الطبيعيين بالأشخاص المعنوية.

ثالثا۔ نظرية المنکرة للشخصية المعنوية `

يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى إنكار وجود شخصية قانونية أو ما يسمى بالشخص الاعتباري، و لا فائدة من الإبقاء على نظرية الشخصية المعنوية ، بل يتعين التخلص منها نهائيا لما تحدثه من خلط في الأفكار، فيمكن استبدالها بإحدى الفكرتين:

أولاهما أن هناك مجموعة من الأموال رصدت لغاية معينة، وهو الهدف نفسه من تجمع مجموعة من الأفراد أو رصد مجموعة من الأموال لكن ما يعاب على أنصار هذا الاتجاه  أنهم يخلطون بين معنى الشخص في نظر القانون و معناه في لغة الفلسفة والأخلاق، كما أن هذه النظرية تتعارض مع ما هو مسلم به في القوانين من أن الحقوق والالتزامات لا تسند فقط إلى الأشخاص .

في حين الفكرة الثانية تتمثل في كون الأشخاص المعنوية وما ينسب إليها من أموال هى ملكية جماعية أو مشتركة لمن يتستر وراءها من أشخاص طبيعيين وعليه يمكن استبدال فكرة الشخصية المعنوية بفكرة الملكية المشتركة.

تقييم النظرية.

النقد الموجه لهذه النظرية أنها لا ترى في الهيئات ذات الكيان المستقل سوى مال تملكه رغم أن هذا الأخير ما هو إلا مجرد وسيلة يمكن أن تستعين بها هذه الهيئة كما لا يمكن الاستغناء عن فكرة الشخصية المعنوية و استبدالها بالأفكار السابقة لأنها لا تقتصر على الأغراض المالية بل هي أعم بكثير من الأفكار البديلة

رابعا - موقف المشرع الجزائري من فكرة الشخصية المعنوية

يعترف المشرع الجزائري كبقية دول العالم بفكرة الشخصية المعنوية نظرا لأهميتها كأداة قانونية في النظام الإداري الجزائري، فيبدو أن المشرع الجزائري يتبنى نظرية الافتراض القانوني في تكييف طبيعة الشخصية المعنوية، هذا ما يتضح من خلال ن ص المادة 49 والمادة 51 القانون المدني السابق الإشارة إليهما، كما يجتهد المشرع في سياسة منح الشخصية المعنوية و تحديد نطاقها.  

الفرع الثاني: أنواع الأشخاص المعنوية

تنقسم الأشخاص المعنوية إلى نوعين:

أشخاص معنوية خاصة تخضع لأحكام القانون الخاص مثل الشركات المدنية والتجارية والجمعيات والمؤسسات الخاصة ، و أشخاص معنوية عامة، و التي بدورها تنقسم إلى قسمين:

- أشخاص معنوية إقليمية

- أشخاص معنوية مصلحية أو مرفقية.

و لما كانت الأشخاص المعنوية العامة هي التي تخاطب بأحكام القانون العام بما فيه القانون الإداري نحاول أن نبينها بشيء من التفصيل على النحو التالي:

أولا:  الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية

يعود هذا التقسيم إلى مدى اختصاص الشخص المعنوي من الناحية الإقليمية، إذ حدد له المشرع حيزا إقليميا لا يستطيع ممارسة اختصاصاته إلا داخل هذا الحيز.  أهم هؤلاء الأشخاص المعنوية ، نجد الدولة التي تمارس اختصاصها داخل إقليمها، بالإضافة إلى أنواع أخرى من الأشخاص الإقليمية الذين يمارسون اختصاصاتهم في حدود جغرافية معينة.

الأشخاص المعنوية العامة هي فيما يلي:

1-    الدولة:  و هي شخص معنوي إقليمي إذ تعد من أهم الأشخاص المعنوية العامة، رغم أنها لا تحتاج إلى نص قانوني يقرها إذ تثبت لها هذه الشخصية تلقائيا بمجرد نشوؤها و تمنح الدولة بعد ذلك الشخصية المعنوية العامة للهيئات الإدارية الأخرى.  

2-  الولاية:  هي شخص معنوي إقليمي تمارس صلاحياتها داخل حيز جغرافي معين يضم عدة أجزاء . و الدولة الجزائرية مقسمة إلى 58 ولاية،  يسري في عليها القانون رقم.12-07 المؤرخ في 21/02/2012  المتضمن قانون الولاية.

3-  البلدية : وهي شخص معنوي إقليمي قاعدي في الإدارة الجزائرية،، حيث تنقسم الولاية إلى عدة بلديات تمارس صلاحياتها داخل حدودها الإقليمية التي حددها القانون و تخضع لقانون رقم 11-10 المؤرخ في 22/06/2011 المتعلق بالبلدية . هذا ولم يعترف المشرع  للدائرة بالشخصية المعنوية بالرغم من أنها هيئة إدارية .

 

 

ثانيا: الأشخاص المعنوية العامة المرفقية `

وهي التي يطلق عليها الفقهاء تسمية المؤسسات العامة فحسب التعريف الكلاسيكي ، هي مرفق عام يدار عن طريق منظمة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية و تمتاز بجملة من الخصائص جعلتها متميزة عن أشخاص القانون العام الإقليمية منها:

1-  إذا كان اختصاص شخص القانون العام مقيدا بالحدود المكانية للإقليم ،  فإن اختصاص الشخص الإقليمي أو المرفقي مقيد بالغرض الذي من أجله أنشئ .

2-    ينتهي الشخص المعنوي المصلحي بحسب انتهاء الشخصية للمرفق العام ، أو بالاستغناء عن المرفق ذاته أو بإدماج الهيئة العامة في هيئة عامة أخرى .

3 – قد تكون الهيئات المصلحية بعضها إقليمية تتبع الهيئات الإقليمية كالمعاهد و المستشفيات يشرف عليها الشخص الإقليمي الذي أنشاها .

المطلب الثالث: النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية

الفرع الأول: النتائج العامة

يهدف المشرع من وراء إضفاء الشخصية المعنوية إلى تمتع الشخص الاعتباري  بمزايا معينة، لذا يترتب على منح الشخصية المعنوية العامة كانت أو الخاصة النتائج التالية:

- أن يكون له ذمة مالية مستقلة.

- أهلية في الحدود التي يعينها ويرسمها له القانون.

- يکون له نائب يعبر عن ارادته.

الفرع الثاني: النتائج الخاصة

1-التمتع لإستقلالية

2-    التمتع بسلطة القرار `

3- أهلية التقاضي

4- الاستقلال الذمة المالي

المطلب الرابع: نهاية الشخص المعنوي

تنتهي الشخصية المعنوية بأسباب يؤدي تحققها إلى زوال الشخصية القانونية لهذا الشخص، منها زوال أي رکن آو شرط من الشروط أو المقومات التي ينشأ الشخص المعنوي استنادا إليها، مما يؤدي إلى انقضاء هذا الشخص المعنوي. وعليه سوف نتطرق من خلال الفرعين التاليين إلى زوال الأشخاص المعنوية الخاصة، ثم زوال الأشخاص المعنوية العامة.

 

الفرع الأول : أسباب زوال الأشخاص المعنوية الخاصة

1-  حل مجموعة الاشخاص أو الأموال كأن ينسحب جميع الأشخاص منها أو نفاذ جميع الأموال المكونة لها.

2-   انقضاء الغرض التي أنشئت من أجله

3-  انتهاء المدة المحددة للشخص المعنوي

4-   الحل الجبري للشخص المعنوي إما إداريا أو قضائيا.

الفرع الثاني : أسباب زوال الأشخاص المعنوية العامة

الدولة كشخص معنوي عام لا تزول الا بزوال أحد أركانها أو جميعها و هي الشعب و الاقليم و السلطة أو السيادة كما لو اندمجت في دولة أخرى أو تفككت الى عدة دول. أما بالنسبة الى للاشخاص الاخرى سواء كانت اقليمية أو مرفقية فيمكن أن تنتهي بسبب دمج الاقاليم أو تفكيكها . و أما بالنسب للاشخاص الاعتبارية المرفقية فانها تنتهي بانتهاء الغرض الذي انشئت من أجله أو بادماج المرافق مع بعضها أو بالاستغناء عنها.


        في عهد الرومان كانت وظيفة الضبط الإداري من مهام الحكام والتي اختلطت مع باقي صلاحياتهم وخصوصا العدالة، وكانت كل إمارة توضع تحت سلطة قاض يجمع بين يديه الإدارة العامة،العدالة والضبط.

وحاليا فإن المحافظة على النظام العام في الدولة، في ظل الإفراط من بعض المواطنين في استغلال الحياة بصفة مطلقة دون ضوابط، أدى إلى ضرورة وجود سلطة مختصة تعمل على تحقيق أغراض الوظيفة الإدارية في الدولة سميت "بالضبط الإداري" أو "البوليس الإداري" لضبط الحريات حتى لا يساء استعمالها من أجل المحافظة على النظام العام.

                                                                                         

لا شك في أن جوهر نشاط الحكومة في أي دولة يتجسد في تشغيل المرافق العامة التي  تعد المظهر الإيجابي لنشاط الإدارة، والذي تسعى بواسطته إلى إنجاز وتحقيق وظائف إشباع الحاجات العامة في الدولة وفي المجتمع بانتظام وباضطراد وعلى أفضل صورة والتي تعتمد أساسا على عدة مبادئ أساسية أهمها مبدأ المساواة أمام المرافق العمومية،ومبدأ إستمرارية هذه المرافق وكذا قابليتها للتغيير المستمر وهذا ما يطلق عليه بمبدأ التكييف.