الاستاذ مجاهد زين العابدين

مناهج البحث في العلوم القانونية 

المنهــــــج الاستدلالــــــــــي

يصنف المنهج الاستدلالي كأحد أهم المناهج البحثية ، حيث يعمل الباحث فيه على استثارة عقله واستنطاقه عن طريق إعمال التفكير المجرد الخالي من الاعتماد على أية أداة أو وسيلة مادية خارجية مؤثرة من أجل جعله قادرا على تقديم معارف جديدة من خلال الاستناد إلى المعارف السابقة  .

    لذلك يعتبر التفكير العقلي المجرد المبني على اعتماد البراهين العقلية و المسلمات كأداة للاستنباط و الاستنتاج العقلي الأداة الرئيسة في اعتماد المنهج الاستدلالي كأداة البحث القانوني في هذا الإطار  باعتباره يقدم إجابات منطقية و عقلية منظمة بشأن الظاهرة المراد البحث فيها دون حاجة إلى إثبات صحتها بالتجربة .

    بل إن الاعتبـــــار التــــــــــــاريخي لوحــــــــــــده كـــــــــافي لان يجعلنا نصنف هذا المنهج ضمن المناهج العلمية الأساسية ،  فهو من حيث النشأة التاريخية قديم ترجع جذوره إلى العهد اليوناني ، ليبلوره "ديكارت" بعدها كمنهج علمي قائم بذاته استخدم في البداية في مجالات الفلسفة والرياضيات ليستهلك بعدها كل المواضيع والمجالات البحثية الأخرى  .

أما في مجال دراستنا فان تساؤلات جمة قد تطرح بشأن مدى ملائمة هذا المنهج مع موضوعات العلوم القانونية  ؟

    قبل الإجابة عن هذا التساؤل، لا بد لنا من معرفة المقصود بالمنهج الاستدلالي ثم بيان خصائصه و أدواته ، و مــــن ثــــم الانتقال بعدها إلى التعرف أكثر على مدى إمكانية تطبيقه ضمن مجال العلوم القانونية ، لننهي إطار الدراسة باستعراض  مختلف الإشكاليات التي تعترض إنفاذه  .

أولا: تعريف المنهج الاستدلالي وخصائصه

 يمكن تعريف المنهج الاستدلالي بأنه :" المنهج الذي يقارب الحقيقة بالاستدلال من حيث كون هذا الأخير عملية عقلية ننتقل فيها من قضية أو مجموعة قضايا إلى قضية أخرى جديدة تستخلص منها مباشرة دون الحاجة لإخضاعها إلى التجربة ، أي أنه عملية استنتاج واستقراء عقلي يقوم على فكرة الانتقال من أشياء مسلم بصحتها إلى أشياء أخرى ناتجة عنها بالضرورة و تكون جديدة بالنسبة للقضايا الأصلية ".

كما يمكن أن يعرف  أيضا على أنه: "عملية عقلية يتم الانتقال فيها من قضية  أو من عدة قضايا أخرى تنتج وتستخلص منها بالضرورة دون اللجوء إلى التجربة ".

يتضح من خلال هذه التعريفات أن العامل المشترك فيما بينها يتمثل في الاعتراف للمنهج الاستدلالي بدوره في استثارة " العقل " و تحريكه بشكل منظم  و  سليم من أجل إثبات صحة النتائج المتوصل إليها انطلاقا من أشياء مسلم بصحتها  دون الحاجة إلى إثباتها بالتجربة .

 ثانيا : خصائص المنهج الاستدلالي 

  1- هو منهج عقلي يعتمد على الصرامة و المنطق في التعامل مع الظواهر  ، أي أنه يعمل على إثبات صحة الأشياء و الحقائق و الظواهر عن طريق المنطق العقلي  .

 2- أنه منهج تحليلي تفسيري ، يعتمد على توظيف العقل لتحليل الظواهر و تفسيرها  .

   3- هو منهج استنباطي ينتقل من العام إلى الخاص ، حيث أن الباحث يحاول من خلاله إثبات أن ما يصدق على الكل يصدق على الجزء أيضا . 

ثالثا: مبادئ الاستدلال

البديهية : هي عبارة عن قضايا واضحة و بينة بذاتها و هي لا تحتاج لبراهين تثبت صحتها ، أي أنها صادقة لا تحتاج إلى إثبات و بيان .

مثال : الكل أكبر من الجزء ، من يملك الكل يملك الجزء .

المصادرة أو المسلمة أو الموضوعة : هي قضية تركيبية يضعها العقل ويسلم بها دون الحاجة إلى برهان يؤيدها  و ذلك بسبب حاجته إليها في البرهنة ، فهي إنشاء عقلي خاص وصريح ليس بنفس مرتبة اليقين الموجود في البديهية إلا انه يصدق النتائج و يسلم بها حتى في حال نقصان اليقين .

مثال : الكل ينشد السعادة _______كثير من المجتمعات تبحث عن الطمأنينة .

  التعريفات: مجموع الصفات التي يتكون منها مفهوم الشيء بما يجعله مميزا عما سواه .

 ويشترط لصحة التعريف :

1- أن يتضمن تعبيرا واضحا لماهية الشيء كبيان جنسه أو نوعه .

2- أن يكون جامعا مانعا .

3-  الاحتراز في تعريف الشيء بما لا يعرف إلا به  .

4- تجنب استعمال ألفاظ غريبة و غير مفهومة في صياغة التعريف  .

رابعا: أدوات المنهج الاستدلالي

يقصد بأدوات المنهج الاستدلالي مختلف الوسائل والأدوات التي يستعين بها الباحث لإثبات صحة الفروض العقلية والنتائج المرتبطة بها داخل العقل و بشكل مجرد من التجربة .

وهي الأدوات التي تتجلى في :

1- القيــــــاس : وهو قول مؤلف من قضايا إذا سلمت لزم عنها قول آخر و هو ما يصطلح عليه بتحصيل حاصل كونه لا يأتي بالجديد .

2-التجــــــريب العقـــلــــــي وهو قيام الباحث باستخراج النتائج المتعلقة بكل الفروض والتحقيقات المتعلقة بظاهرة ما والتي قام بتبنيها وتصورها من أجل التأكد من إمكانية تحققها الفعلي دون تجربة فعلية .

التركيــــــب: عملية عقلية تبدأ من قضية صحيحة معلومة بقصد استخراج النتائج، ومعرفة مدى صحتها .

خـــــلاصــــــــــــــــــة :

   إن الملاحـــــظ على أدوات الاستــــدلال هــــو أنهــا غيــــر مكلفــــة ماديا و مقتـــصـــدة للجهــــد العضــــلي و الأموال و ذلك لان كل العمليات تتم في داخل الذهن و لا تحتاج إلى مخابر و ما يتتبعها من  نفقات بحث ومعدات وتقنيات متطورة .

 كمـــا أنهـــــا قـــد تسمـــح للبـــاحث مـــن أن يفتـــرض فــروضا جــــــــــــريئة قــــــــــد لا يسعــــــه افتراضـــــها أو التفكير فيها واقعا ، بل  قد يتجاوز به حد الافتراض إعمال الخيال والعلم لإنشاء توقعات أو سيناريوهات و احتمالات مختلفة تتعلق بإمكانية تغير الأحداث أو تطويرها استباقا أو احتياطيا .

    لذلك يقول الفيلسوف ديكارت :" على العموم إنني استطيع أن استغني عن إجراء أي تجربة واقعية لأنني استطيع أن اركب في ذهني كل العمليات الممكنة وغير الممكنة " .

 

المحاضرة الرابعة  

خامسا : أنواع الاستدلال

الاستدلال نوعان ، إما استنتاج أو استقراء .

أولا _  الاستنتاج : ويقصد به الحقيقة العلمية المتوصل إليها من قبل الباحث ، بمعنى آخر فان الاستنتاج هو لزوم النتيجة عن المقدمات والفروض التي قدمها الباحث لأجل الوصول إلى الحقيقة . 

ثانيا _  الاستقراء العقلي : هو الحكم على الكلي بما يوجد في بعض أجزائه .

سادسا: تطبيقات المنهج الاستدلالي في مجال العلوم القانونية

إن خاصية التميز التي تجعل من المنهج الاستدلالي منهجا عقليا صارما في نتائجه وفاعلا ومنتجا في فرضياته لا يمكن أن تحول دون ربط التميز بخاصيات أخرى على غرار الثبات و إطلاق الأشياء والحقائق والظواهر ، لأن المنطق بقدر ما يساهم في تقديم صورة أكثر وضوحا على أحقية العقل في أن يحظى بالسبق في بيان حقيقة الظواهر بدون حاجة لبذل مجهود إضافي في المخابر وبتكاليف أكثر فانه في المقابل من ذلك يساهم في قبول عدم التعارض بين المسلم به و البديهي و النتائج من جهة وبين تأثير الفكر على الواقع "المفترض " ، والذي يمكن إثبات صحة أحداثه من خلال العقل المجرد ليس إلا .

  ذلكم هو المنهج الاستدلالي الذي يصلح للتطبيق حيثما كان الوضع مناسبا ،  و الموضوع ملائما بخصائصه التي ذكرنا وأدواته التي بينا .

و في مجال دراستنا قد يطرح التساؤل التالي : إلى أي مدى يصلح المنهج الاستدلالي كأداة تحقق الكفاية في مجال العلوم القانونية ؟

    بداية لا بد من الإشارة إلى أن من بين الأسباب التي دفعت الفقهاء والعلماء إلى تبني المنهج الاستدلالي كأداة متميزة ومنتجة في حقل  الدراسات والبحوث القانونية هو الحاجة إلى أداة تحٌقق الملائمة العلمية بالشكل الذي يعكس حقيقة الانتقال العلمي من مرحلة التفسير الميتافيزيقي و الديني أو الطبيعي للظواهر إلى مرحلة أكثر نضوجا يعتمد فيها الباحث على إحلال التفكير المنهجي العقلي والذي يعتمد على التفسير المنطقي و الاستنتاج الذهني محل التحليل البدائي أو العبثي و الغير منظم للظواهر و الأحداث  .

      لذلك نجد بان سمات مثل الثبات و التجريد ، و التي تشكل الخصائص  المهيمنة على مجال النشاط القانوني بمجالاته المختلفة قبل القرن السابع عشر ظلت تقدم هذا المنهج في صورة المنهج الأكثر حضورا في مختلف الدراسات التي تعنى بالظاهرة القانونية ، خاصة إبان مرحلة التداخل بين القانون والفلسفة التأملية ، حيث  كانت النظرة السائدة حينها للقانون نظرة جامدة يهيمن عليها التحليل الذهني و العقلي للظواهر دون سواه .

وعليه لا غرابة إذا قلنا بأن  استعمال  المنهج الاستدلالي في مواضيع مثل فلسفة القانون و علم الاجتماع القانوني و نظرية الجريمة و علم العقاب ...الخ كان كافيا إلى حد ما من حيث القيمة التي أضافها هذا المنهج لمختلف الدراسات القانونية ، ذلك أن جوهر التفكير الذي يبنى عليه المنطق القانوني ما هو إلا شكل أو فرع من فروع المنطق الصوري ، ومازال هذا المنهج مفيدا ومنتجا في زماننا هذا و في مجالات متعددة كما هو الحال بالنسبة لموضوع تفسير وتركيب المبادئ والقواعد والأحكام القانونية المجردة أو في مجال سريان الأحكام القانونية .

  بل إن تلك الأهمية تجاوزت اهتمامات البحث و الدراسة  إلى الإعمال في المجال  القضائي بدخول المبدأ معترك البحث في جوهر العمل القضائي وكل ما له علاقة بهذا المجال الحيوي ، على غرار علم القرائن و الأدلة المرتبطة بها ، و أيضا التدقيق في تصريحات الشهود ومقابلتها ومقارنتها بالوقائع و في موضوع تكوين الاقتناع الشخصي للقاضي بشأن الجرائم المعروضة عليه  .

   كما أنه في مجال إعداد البحوث والمذكرات القانونية لا يمكن أن نتصور تقديم الباحث لنتائج قريبة من الفرضيات التي قدمها خارج إطار الالتزام  باحترام قواعد التسلسل المنطقي للأفكار، كالانتقال من القواعــــد العامة إلى الاستثنــــاءات و مـــن المسائل الرئيسية إلى المسائل الفرعية  و التنويع في دراسة و عرض المسائل القانونية و تقديم الإجابات عنها بشكل عقلاني أيضا  .

سابعا :الانتقادات الموجهة لإعمال المنهج الاستدلالي في مجال البحوث والدراسات القانونية

     في مقـــــابل المــــزايا و الإضافــــــات التي قدمها رواد المنهج الاستدلالي لميدان العلوم القانونية ، فان ذلك لم يشفع لهم في مواجهة الانتقادات التي أراد من خلالها أصحابها تقديم المعرفة العلمية في المجال القانوني بشكل ملموس و ظاهر للعيان و بصورة أكثر واقعية .

     فــــفي نظــــــرهم ليست كــــل الظـــــواهر تستحــــق الإثبــــات و الاستنـــــتاج العقــلي المجرد بل إن بعضها يقتضي البيان بالعيان و الإثبات بالتجربة المدركة بالعين المجردة أو باستعمال الأدوات التي تقوم مقامها  و التي لا يستطيع العقل المجرد إدراكها باستعمال التفكير لوحده دون اقتراب عميق و منظور .

   لذلك و أمام القصور الذي اعترى هذا  المنهج  ، اتجهت اغلب التشريعات و الأنظمة القانونية  في نهاية القرن التاسع عشر ميلادي ، خاصة  المرحلة التي تلت نضج العقلية العلمية الموضوعية ، إلى المناداة بضرورة تبني طريق المنهج التجريبي كأداة تسهم في الفهم و التحليل الصحيح للظواهر  بدل البرهان العقلي الجامد  .

مجاهد زين العابدين

                                                                                  المحاضرة الخامسة

2. المنهج التجريبي:

        نظرا للعيوب التي رافقت إعمال المنهج الاستدلالي كما بيناه سابقا و نتيجة لحاجة المجتمعات لفهم الظواهر فهما واضحا و شاملا  ، اتجه كثير من الفقهاء و الباحثين في مجال العلوم القانونية إلى الاعتماد على المنهج التجريبي كوسيلة يمكنها المساهمة في تقديم الظاهرة و فهمها بشكل آخر ،خاصة من حيث اعتبارها حدث يخضع في عناصره إلى آليات التطور و التحول و التغير و التكيف بشكل يصعب استنتاجه بالعقل دوما .

وهي الحالة التي لا يمكن تصور بلوغها من قبل الباحث بشكل يسير و هين ، لأن كثير من الشواهد التاريخية أثبت فشل كثير من الدراسات و البحوث نتيجة طبيعة التعقيد التي تهيمن على الظاهرة في  دون إهمال القيمة المضافة للوسائل و المعدات و الظروف المحيطة بالعينات المدروسة خاصة في مجال الدراسات الإنسانية و الاجتماعية كما سنأتي على بيانه لاحقا  .

 لكن في مقابل حدة المعاناة واستمرارها ، وبقدر ما يعتبر ذلك عاملا سلبيا مؤثرا في التوازن النفسي و الوظيفي للباحث إلا أنه  يعد ضروري لتطوير الإحساس لديه بقيمة المشكلة العلمية و يدفعه إلى تطوير ملكاته و رصيده العلمي و المعرفي و يجعله قادرا  على قبول التحديات المرتبطة بمجال البحث والدراسة ، وهو في حد ذاته معيارا دالا على أهمية وقيمة التجارب البحثية وقدرتها على تقديم القيمة المضافة للباحث و للدراسات في آن واحد  .

هذا ولكون التجربة تتجلى في أنواع وأوصاف حسب الحاجة والغاية المرجوة منها فهي وان كانت على الأغلب تظهر في صورة التجربة العلمية المبنية على منهج المعاينة المدركة عيانا وبشكل ملموس كما بيناه سابقا إلا أنها قد تتخذ صورا أخرى على غرار التجربة الأخلاقية و التجربة الاجتماعية و غيرها من التجارب ، وأما منطقيا فهي ملاحظة حادث صنعي للتأكد من صحة الافتراض المرتبط بها   .

ومن اجل تقديم صورة واضحة عن المنهج التجريبي، حري بنا أن نوجه دراستنا إلى بيان مفهومه، بتعريفه وتحديد خطواته، والتعرف أكثر على مقوماته، والطرق و الأدوات التي تستعمل في التجريب العلمي، لنعرج بعدها إلى تحديد مجالات تطبيقه و الوقوف على مواطن القصور و الضعف التي تعتري إنفاذه في مجال العلوم القانونية  .

أولا - مفهوم المنهج التجريبي  

        إن مقتضيات الدراسة المنهجية تقتضي منا كباحثين و دارسين  للمنهج التجريبي بيانه من خلال تعريفه  .

         فقد ذهب جانب من الفقه إلى تعريف المنهج التجريبي على  أنه :" كل تغيير متعمد ومضبوط للشروط المحددة للواقعة أو الظاهرة التي تكون موضوعا للدراسة ، و ملاحظة ما ينتج عن هذا التغيير من آثار قي هذا الواقع و الظاهرة "  ، أو هو :" المنهج الذي يعتمد على التحاور بين العقل و الحواس أو بين اليد و الدماغ و بالمصطلحات الميثودولوجية لفلسفة العلم نقول بين التجريب والتنظير أو بين الملاحظة والفرض " .

    كما ذهب جانب آخر من الفقه إلى تعريف المنهج بالنظر إلى اعتباره : " الطريق المستخدم حين نبدأ من وقائع خارجة عن العقل، سواء كانت خارجة عن النفس أو باطنية فيها لنفسرها بالتجربة، دون الاعتماد على مبادئ وقواعد المنطق الصورية ".

   من خلال هذه التعريفات يظهر جليا بأن أساس المنهج التجريبي هو الاحتكام إلى استشهاد الوقائع عن طريق الحواس والتجارب دون الاعتماد على صورية العقل، ولعل من أهم الصور التي يتجلى فيها إعمال هذا المنهج هو قانون المتغير الوحيد .

        والذي مفاده أنه إذا كان هناك موقفان متشبهان تماما من جميع النواحي، ثم أضيف عنصر معين إلى أحد الموقفين دون الآخر، فإن أي اختلاف يظهر بعد ذلك بين الموقفين يعزى إلى وجود هذا العنصر المضاف، وأما في حالة تشابه الموقفين، وحذف عنصر معين من أحدهما دون الآخر، فإن أي اختلاف يظهر بين الموقفين يعزى إلى غياب ذلك العنصر .

       ويسمى المتغير الذي يتحكم به عن قصد في التجربة بطريقة محددة سلفا و منظمة عمليا بالمتغير المستقل أو التجريبي، أما نوع السلوك أو الفعل الناتج عن المتغير المستقل فيسمى بالمتغير التابع أو المتغير المعتمد ، هذا و يمكن أن تشمل التجربة أكثر من متغير مستقل، وأكثر من متغير تابع حسب طبيعة البحث و مجاله  .

ثانيا: خطوات المنهج التجريبي

     إن مسألة تقديم الباحث لصورة  و نتائج مقبولة تتلاءم و الغاية المرجوة من بحثه للواقعة أو الظاهرة  أمر مرهون  بالتوظيف الصحيح و الملائم للمنهج التجريبي و كذا للخطوات المتبعة حين الاستعانة به.

و هي الخطوات التي تنقسم إلى خطوات شاملة أو مختصرة  .

 

أ/ الخطوات الشاملة للبحث و الدراسة التجريبية :

 من أهم الخطوات الشاملة المعتمدة في البحث التجريبي :

·       التعرف على مشكلة البحث وتحديد معالمها .

·       صياغة الفرضية أو الفرضيات واستنباط ما  يترتب  عنها .

·       وضع تصميم تجريبي يحتوي على جميع النتائج الممكنة و بيان  علاقتها يبعضها  ، و هو الإجراء الذي يتطلب من الباحث أن يقوم بالخطوات التالية :

_ اختيار العينة المستهدفة بدقة  " مجتمع عربي " ، " مجتمع غربي " ، "جنوح الأحداث في الجزائر " ...الخ  .

_ تصنيف العينات ضمن مجموعات متجانسة .

_ تحديد العوامل الخارجية الغير قابلة للتجريب و ضبطها .

_ تحديد الوسائل والمتطلبات الخاصة بقياس نتائج التجربة والتأكد من صحتها .

_ القيام باختبارات أولية استطلاعية لتحديد الاختلال الفني و الارتياب الذي قد يعتري الوسائل و الأدوات الفنية أو التصميم التجريبي في حد ذاته .

_ تحديد الإطار المكاني و الزمني لتنفيذ التجربة وتاريخ بدايتها و الانتهاء منها .

·       مرحلة التنفيذ الفعلي للتجربة المطلوبة .

·       تنظيم و تقييم القراءات و النتائج المتوصل إليها بشكل موضوعي وغير منحاز .

·       تطبيق اختبار التثبت لتحديد  مصداقية النتائج أو الدراسة .

ب / الخطوات المختصرة  للبحث والدراسة التجريبية

وهي الخطوات التي صنفها الفقيه عبد الرحمن بدوي صاحب كتاب مناهج البحث العلمي في خطوات ثلاث :

 

 أ : مرحلة التوصيف ثم التعريف ثم التصنيف

وفيها يقوم الباحث بملاحظة الظاهرة بشكل مباشر عن طريق الحواس أو بالاستعانة بالآلة التي تعتبر امتدادا لها كأداة تمنح الباحث فرصة الاقتراب أكثر من الظاهرة أو الوقائع و التعرف عليها بدقة متناهية على خلاف الملاحظة البسيطة  .

و عليه فان هذه المرحلة هي مرحلة تعريف و تصنيف و توصيف للظاهرة و ليست مرحلة تفسير أو تجريب  .

ب :  التحليل

في هذه المرحلة يتم تحليل الأصناف المدروسة بعينات مماثلة لها ، وذلك من أجل بيان طبيعة العلاقة التي تربطها فيما بينها وبين الأصناف المشابهة و استخراج القوانين  التي تنظم سيرها ، و بالتبعية وضع القوانين التي تحكم الظاهرة ككل .

        ج. التركيب:

        في هذه الخطوة يتولى الباحث صياغة القوانين الكلية التي تحكم الظاهرة من خلال تركيب القوانين الجزئية التي ترتبط بها تمهيدا لوضع إطار قانوني كلي عام يصلح لأن تستخلص منه القوانين الفرعية   .  

مــلاحـظــــــــــــة : في هذه المرحلة يظهر جليا مدى التداخل بين المنهج التجريبي والمنهج الاستدلالي حيث إذا كان دور الباحث في المنهج التجريبي يقوم على وضع القوانين الجزئية  فان الاستدلال هو الأداة و الوسيلة التي تمكن من صياغة المبادئ العامة والقواعد الكلية التي تحكم الظاهرة .

 

 

المحاضرة السادسة

ثالثا: مقومات المنهج التجريبي

        للمنهج التجريبي ثلاث مقومات: هي الملاحظة، و الفرضية، و التجربة.

أ‌.       الملاحظة

ب‌.  الفرضية

ت‌.  التجربة

 

رابعا: أنواع التجارب

        يتم التجريب بناء على تصميم مسبق و بتصميمات متعددة و متباينة يتمتع كل منها بمجموعة من المزايا و الخصائص التي تميزه عن غيره ، بسبب خاصية التأثير التي تحققها المتغيرات المؤثرة في المتغير التابع  ، وهي التصميمات التي تعتمد على أساليب التجريب ضمن المجموعة الواحدة ، أو عن طريق التجريب على المجموعات المتكافئة ، أو بطريقة تدوير المجموعات أو ما يصطلح عليه عند بعض الفقه بالطرق التبادلية .

1.   طرق المجموعة الواحدة:

تطبق هذه الطرق على مجموعة واحدة كما هو الحال بالنسبة للتجارب المركزة على البحث في مستوى تحصيل طلاب قسم دراسي معين في الظروف العادية ، من خلال مقارنتهم بتحصيلهم في ظل ظرف آخر كما هو الحال في ظل جائحة كورونا ، وهي التجربة  التي تقتضي إتباع الإجراءات الآتية :

أ‌)       اختبار قبلي للمجموعة (قبل إدخال المتغير المستقل).

ب‌)  استخدام المتغير المستقل تبعا لمخطط الباحث.

        ج) اختبار بعدي للمتغير التابع لمعرفة مدى تأثير التابع المستقل.

        د) حساب الفرق بين القياسين القبلي و التابع ، ثم اختبار دلالة هذا الفرق إحصائيا .

ملاحظة:

        يمكن وضع تصميم آخر يستخدم المجموعة الواحدة لكي تمر بحالتين إحداهما تضبط الأخرى .

 

 

2.   طرق المجموعات المتكافئة:

        وأبسط هذه الطرق تصميم التجربة بأخذ مجموعتين، واحدة ضابطة والأخرى تجريبية،  تتكافئان في المعطيات و العناصر  قبل التجربة  و من ثم دراستهما من خلال المتغيرات التي تعترضهما و قياس التكافؤ و التناسب فيما بينها .

3.   طرق تدوير المجموعات:

        تعتمد هذه الطريقة على نظام تدوير الإجراءات أو المجموعات المحددة في التجربة، فإن طبقت على مجموعة واحدة  فإن ذلك يستلزم تغيير وقت تتابع الوحدات الضابطة والتجريبية ففي الدورة الأولى يبدأ بالطريقة الضابطة ثم يلجأ إلى اعتماد الطريقة  التجريبية، وفي الثانية يبدأ بالطريقة التجريبية فالضابطة ، ويمكن تطبيق ذلك في المجموعتين المتكافئين

خامسا- شروط التجريب الجيد والناجح  

تتمثل أهم شروط  التجريب الناجح فيما يلي  :

1.    أن تكــون الفــرضيات أو الفــــرض المـــراد إخضــــاعه للاختبــــار التــــــــــــجريبي واضـــحا و محددا و معلوما في ذهن الباحث .

2.   التطبيق الدقيق للاختبارات التجريبية للفروض.

3.   ضرورة إخضاع التجربة للملاحظة الدقيقة الموضوعية الإيجابية الفاحصة 

4.   تأمين احتياجات التجربة من أجهزة القياس و الملاحظة الدقيقة ، إضافة إلى توفير الأدوات و الوسائط التي تمكن من تقديم أحسن قراءة ممكنة بعيدا عن الارتياب الغير مقبول فنيا أو تقنيا  .

5.   التأكد من صحة النتائج المتوصل إليها عن طريق تكرار التجربة لعدة مرات مع حرصه الباحث على توفير نفس الظروف و المعطيات .

المحاضرة السابعة

 

سادسا : الإشكاليات و الصعوبات التي تعترض تطبيق المنهج التجريبي

    لا يمكــــــــن أن نسلـــــم مـــــــن الناحيـــــــــة المنطقيــــــــة بخلو المنهج التجريبي من العيب أثناء إعماله  خاصة مع الطبيعة المتغيرة للظواهر و الوقائع و الأحداث أو للأسباب المرتبطة بالجوانب المادية و الفنية أو نتيجة للظروف النفسية التي تتحكم في سلوك العينات المدروسة و تحديد موقفها من الخضوع للدراسة البحثية أو العكس ،  دون إهمال الحالة الشعورية التي يوجد فيها الباحث في حد ذاته .

    و هي الصعوبات التي ترتسم من خلالها نتائج الدراسة بشكل قد يؤدي إلى تحقق نتائج عكسية يدفعنا إلى إنهاءها كما بدأت ، أو تضعنا أمام خيار إعادة صياغة و صناعة العملية البحثية بالشكل الذي يحقق الغرض المرجو من الدراسة  .

حيث تتلخص هذه الصعوبات و العقبات فيما يلي :

·       الوقوع في الخطأ بسبب صعوبة ضبط و اختبار العينات .

·       عــــــدم امتــــلاك الباحث القدرة على التحكم في الحقائق و الظروف الذاتية للعينات المدروسة أو الخيــــارات المفحـــــوصة لأسباب مختلفة ، كالمكانة الاجتماعية مثلا أو المرجعية الدينية أو الإيديولوجية السائدة  أو التصنيفات الجندرية  .... الح

·       الصعوبة في إيجاد مجموعات متكاملة .

·       صعـــــــــوبة تطبيــــــــق المنهج التجريبي في مجال الدراسات الإنسانية حيث يكون للتجريب أخطاره ومحاذيره كعدم القدرة على إعادة الحال إلى ما كانت عليه في حالة الخطأ في التجريب و أيضا بسبب المتغير النفسي و السلوكي المهيمن على العينة المفحوصة نتيجة مثلا كصعوبة  استبقاء العينات تحت التجربة لمدة أطول أو في ظروف غير معتادة أو ضمن وسط غير مألوف....الخ .

·       صعـــوبــــــة الحصول على الوسائـــــل و الأدوات الفنية القادرة على تقديم نتائج أكثر دقة و صحة سواء بسبب عــــدم توفــــــرها أو عــــــدم امتلاك الباحث أو الدول إمكانيات اقتناءها  ، و هو ما ينعكس على النتائج كازدياد مساحة الارتياب و الخطأ  و يؤدي إلى نتائج عكسية و بالنهاية فشل البحث .

·       إمكانية وقوع الباحث تحت طائلة التحيز عند قيامه بالدراسة .

·       إمكــــانية تحيـــــز العينــــة المفحوصة بسبب ميلها لإنهاء التجربة بشكل مستعجل عوض التزامها بالبقاء بعيدة عن التدخل في رسم نتائجها .

 

سابعا  تقييم المنهج التجريبي في مجال الدراسات القانونية

   لقـــــد برهنــت النتائـــج و التقدم المذهل في مختلف مجالات الدراسات الطبيعة و السلوكية للجمادات و علم الكائنات الحية  على سلامة الأخذ بالمنهج التجريبي ، كونه حقق في زمن وجيز ما عجز عنه المنهج الاستدلالي   .

    أما في مجال العلوم القانونية فقد قدم كثير من الفلاسفة والباحثين في هذا الصدد نماذج واقعية وحقيقية تترجم التمكين الفعلي لتطبيق المنهج التجريبي في الدراسات والبحوث القانونية وفي غيرها من المجالات التي تعنى بالبحث في الظواهر و الوقائع المختلفة و التي تشكل حجر الزاوية في صناعة الإجابات القانونية الملائمة للمواضيع العالقة أو تلك التي تنتظر حلولا مبتكرة أو عاجلة و جدية في الحالات العادية أو الحالات الغير عادية .

     فمن خلال قيام الباحث بعملية الملاحظة والقياس  فان تطبيق المنهج سيكون مجديا و منتجا مهما بلغت المشكلات والظواهر حدا من التعقيد ، لأننا نعتقد بعلمية المنهج من باب أولى لذلك فليس من الغريب أن يستوعب علم المنهج التجربة متى أمكن ذلك ، وهو إمكان واسع لا حدود له .

  فمجالات ومواضيع  قانونية كان ينظر لها سابقا على أنها لا تصلح للتجربة والقياس ، أضحت اليوم محاور بحث و تطوير مستمر كما هو الحال بالنسبة لعلمي الإجرام و العقاب ، حيث اعتنت المدارس الفقهية بإفراد مباحث كثيرة و مساحة هائلة لهذىن التخصصان و  هو الاهتمام  و العناية التي خصتها به التشريعات أيضا ، خاصة من خلال إعادة النظر في موقفها من تطوير فلسفة التجريم و العقاب لديها و التفاعل مع مواضيع أخرى كجدوى العقوبات و نظم تأهيل الجناة في مختلف الأنظمة العقابية و طرق الإثبات و أداوته المستحدثة  على غرار البصمة الوراثية و نحوها  ...الخ  .

    كما بينت النتائج الجيدة لتطبيقه في مجال الفقه و التشريع ، صواب استخدامه في مجالات البحوث المرتبطة بتجديد العلاقة بين القانون والحياة الاجتماعية، وعلاقة القانون بتقسيم العمل الاجتماعي، والحماية القانونية للعامل في بيئة العمل مثلا و أيضا أهميته في تنقيح الدراسات ذات الصلة بمجال إصلاح نظم السياسة التشريعية و القضائية في الدولة  .

    فقـــد طبقـــه الفيلسوف الفرنسي ايميل دوركهايم بنجاح في دراسته للعلاقة بين القانون و بين الروابط الاجتماعية، و علاقة التأثير والتأثر المتبادل بينهما و ذلك ضمن أطروحته الموسومة بعنوان "تقسيم العمل الاجتماعي " La division du travail social سنة 1893 م و الذي استخلص من خلاله نتائج عملية باهرة   .

هي إذن كلها مواضيع ابتكرها أهل الاختصاص القانوني بالاعتماد على المنهج التجريبي مقدمين حلولا مجدية و قيمة لمختلف المعضلات و المشكلات اليومية التي تعترض السير الطبيعي لحياة المجتمعات المعاصرة تحديدا ، لذلك يظل هذا المنهج من أهم المناهج البحثية التي تستحق التعويل عليها و الاهتمام  بتطويرها كلما اقتضى الأمر ذلك  .


الاستاذ مجاهد زين العابدين

المحاضرة الثامنة

3.المنهج التاريخي

        إن صـلة التــاريـــــخ كعلـــم بالمنهـــج التجــــريبي كأحــــد أهــــــم منــــاهــج البــــحث العلمــــي وثيقـــــة  فالتـــــاريخ كعلم يعتبر الأداة الأكثر تفاعلا مع التطورات و التحولات التي ساهمت في رسم مسار الحيـــــــــــاة الإنســـانية من خلال البحث في الإنسان و مجتمعه والحوادث البشرية التي مضت و انقضت و تجسدت فيها و معها الذكريات و السير العامة للبشرية في مظاهرها المختلفة .

        أما المنهج التاريخي فهو المنهج الذي يعمل من خلاله الباحث على وصف و تسجيل الوقائع و الأحداث السابقة و الماضية ثم يعمل على تحليلها و تفسيرها بناءا على أسس علمية صارمة  بقصد الوصول إلى نتائج و تعميمات تساهم في فهم الماضي والحاضر، والتنبؤ بالمستقبل بشكل منظم و موثوق .

      وفي دراستنا له سنناقش الصعوبات التي يجابهها تطبيق هذا المنهج ، ثم نحاول الرد على المشككين حول هويته كمنهج علمي يستطيع من خلال الباحث تقديم الأحداث و تفسيرها بشكل علمي  مقبول فلسفيا و علميا  ثم نبين أهميته، والعمليات الأساسية التي يستطيع القيام بها ، لنصل إلى تطبيقاته العملية  و بخاصة في العلوم القانونية .

أ‌.       المنهج التاريخي: التحدي والرد                  

        تتميز الظاهرة التاريخية بجملة من الخصائص، تشكل مجتمعة أو منفردة عقبات قد تحول دون إخضاعها الصحيح للمنهج العلمي، وهي تقريبا العقبات الموجودة أيضا في مختلف العلوم الإنسانية بصورة عامة. ولكن بفوارق متباينة،  نتيجة للخصائص المميزة لكل علم سلوكي عن الآخر ، حيث تستمد هذه العوائق و العقبات وجودها من التعارض القائم بين الحرية و الحتمية .

      فالسلوك الإنساني متأثر بالعقل والحرية والإرادة، وأما الحادثة التاريخية، فهي بالإضافة إلى كونها إنسانية فإنها حادثة اجتماعية فريدة  ذات معنى أو دلالة، ثم أنها لا يمكن أن تخضع للملاحظة المباشرة لانقضائها زمنيا و انطماس بعض معالمها أو كلها ماديا، وهي من حيث هي كخبر معرضة لكذب الرواة ، وتزييف الوثائق و الآثار و كل أشكال المعالم المرتبطة بها .

       لذلك يجب على المنهج التاريخي و هو بصدد دراسة الظاهرة ، أن يتغلب على هذه العقبات والصعوبات، ليتمكن من بلوغ الكليات من دراسته للحوادث الفريدة، وذلك بإثبات صحتها والكشف عن الروابط السببية بينها ، وأما بخصوص عدم إمكان إجراء الملاحظة والتجربة على الحادثة التاريخية مباشرة، فان على المنهج التغلب على ذلك بالملاحظة غير المباشرة، وبالتجريب على ما بقي من هذه الحوادث من وثائق وآثار، وبمحاولة العيش في الماضي الافتراضي و استرداد الوقائع إلى الحد المعقول و الموثوق علميا .

     من هنا تظهر الأهمية العملية للمنهج التاريخي كأداة تقدم المعرفة و العلم بشكل تاريخي استردادي يهدف من خلاله الباحث  إلى الوصول إلى وضع التعميمات أو القوانين التي تفيد في الحاضر أو التنبؤ و الاستشراف المستقبلي ، و أيضا تحقيق الأهداف التالية :

أ ـــــــ أهداف إعمال المنهج التاريخي

1.   التأكد من صحة الأحداث السابقة باستعمال الدليل العلمي .

2.   الكشـــف عـــن أســـباب الحادثــــــــة ، و دراستهــــــا ضمن إطارها الزمــــني و المكـــــــاني و المجتمعـــــــي و التعـــــــــرف على الظــــــروف المحيطـــــة بهـــــا .

3.   الكشف عن المعنى الحقيقي للحادثة أو الوقائع التاريخية  .

 

 

ب- أهمية المنهج التاريخي في العلوم القانونية

تظهر أهمية المنهج التاريخي في العلوم القانونية من خلال العناصر التالية :

1-             اتســــــاع مجــــالات استخـــــــدامه ، فهــــــو لا يقتصر على دراسة التاريخ من خلال التعرض  للأحداث و الوقائع التاريخية بشكل سردي أو أدبي فحسب ، و إنما يستخدم في العلوم الاجتماعية والقانونية وغيرها مادام الغاية و الهدف من الدراسة هو التعرف على تاريخ ارتبط بحياة الإنسان ضمن ظروف انتهت وانقضت بلا رجعة و من ثم العمل على نقلها إلى المجتمعات المعاصرة بكافة الوسائل المتاحة .  

2-             يستخـــــدم هذا المنهــج في التعرف على أدبيات البحث القانوني و الدراسات السابقة و مواقف الباحثين منها و الإضافات المقدمة بشأنها   .

3-             يسمح بإجراء المقارنات بين المراحل المختلفة من مراحل تطور الظاهرة محل البحث والدراسة .

4-             يتيح هذا المنهج للباحث القانوني معرفة أسباب ظهور المشكلات المختلفة و التعرف على آليات تطورها و موقف المجتمعات و الدراسات السابقة منها   .

5-             يقدم الموقف المجتمعي من المشكلات الاجتماعية و الاقتصادية ... الخ التي تحتاج إلى بحث أو إجابات و حلول تشريعية ، بصورة تتلاءم واحتياجات الأجيال و المجتمعات و استشراف الحلول المستقبلية .

 

ج- أهم المراحل المتبعة في مجال البحث التاريخي

        هناك عدة خطوات تعتبر ضرورية عند الاعتماد على المنهج التاريخي في العلوم القانونية و هي تقريبا نفسها المعتمدة في إطار البحث العلمي بشكل عام  ، وتتمثل هذه الخطوات في :

1-             اختيار موضوع البحث و تحديده .

2-             جمع البيانات و المعلومات .

3-             نقد المادة التاريخية التي تم جمعها .

4-             صياغة الفروض و تحقيقها .

5-             استخلاص النتائج  و كتابة التقرير النهائي للبحث .

1 اختيار موضوع البحث:

        يتم اختيار موضوع البحث التاريخي على ضوء المعايير المعتمدة في اختيار البحوث ، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد و الظروف و المتغيرات التي صاحبت وقوع الأحداث لاسيما :

-       تحديد نوع النشاط الذي تضمنه الحدث التاريخي و الوقائع التي تناولها  .

-       مكان وقوع الأحداث المطلوب دراستها و سبب وقوعها .

-       المعرفة بالأشخاص الذين دارت حولهم الأحداث، أو اتصلوا بها .

2.جمع البيانات والمعلومات :

ويقصد بهذا جمع كل ما له علاقة بالحدث موضوع الدراسة من مصادره الأولية أو الثانوية و يستوي في ذلك أن تكون هذه المصادر مباشرة ترتبط بالواقعة بشكل مباشر كالوثائق و المخطوطات و الآثار و السجلات و المدونات و المذكرات و الرسائل و الصور و الأساطير و الحكايات ... الخ و غيرها من الشواهد التاريخية الناقلة لحضارة انتهت أو لأحداث لا تزال محل استكشاف ميداني ، بالإضافة إلى المعلومات الغير مباشرة و المستقاة من المصادر الثانوية على غرار كل ما كتب أو نقل عن المصادر الأولية  .

3. نقد مصادر المعلومات :

 تخضع مصادر المعلومات إلى عملية النقد الخارجي و الداخلي من اجل التأكد من صحتها ، و هي عمليات النقد التي سنحاول بيانها على النحو الآتي :    

1.   النقد الخارجي لمصادر المعلومات :

        يهدف النقد الخارجي للمعلومات إلى التحقق من صحة الوثائق أو الأثر و من صدقها ، عن طريق البحث في عناصرها الشكلية و الموضوعية كالتحقق من إطارها الزمني و المكاني و الأشخاص الذين عاصروا الوقائع أو نقلوها و من ثم التساؤل عن دوافع ومبررات نشأتها و قيمتها الدلالية من حيث كونها أصلية أم مقلدة أم مستنسخة أم مصطنعة أم مزورة أو غير مطابقة للوقائع و الأحداث .

 و النقد على هذا النحو نوعان  :

         أ-نقد الاستعادة و التصحيح.       ب- نقد المصدر

أ‌-                نقد الاستعادة و التصحيح:

        يهدف نقد التـــــصحيح إلى التأكد من صحة الوثيقة الخاصة بحادثة أو واقعة معينة أو أكثر من أجل تحديد مدى صحة المعلومات التي تتضمنها ، و مدى حقيقة نسبتها إلى أصحابها .

       حيث يلجأ الباحث هنا إلى فحص الوثيقة بكافة الوسائل الممكنة بما فيها الفنية و التقنية وذلك نظرا لما قد تتعرض له من تزييف و تزوير أو تحريف للمعلومات و المعطيات و البيانات عن طريق الإضافة فيها أو الانتقاص منها ، و لا يهم بعدها الدافع أو الباعث سواء كان الفعل مقصودا و متعمدا أو لأسباب غير مقصودة كالحالة التي يمكن ردها إلى الأخطاء التي تصاحب التعامل اليدوي أو التقني مع الوثيقة أو بسبب الظروف المناخية مثلا أو البيئة المحيطة  .

    فالوثيقة التاريخية قد تكون بخط يد المؤلف نفسه كما قد تكون مكتوبة بخط يد الغير ، لذلك يكون من واجب الباحث العمل على إثبات صحة نسبتها لصاحبها  أثناء قيامه بنقل محتواها إلى الجمهور.

   بالإضافة إلى هذا كله فان الباحث قد يعيش حالة التأكد من صحة الوثيقة من خلال التنقل إلى أماكن عدة قصد الحصول على أصول أو نسخ  منها لمقارنتها فيما بينها  ، من أجل تحديد أصليها من المقلد أو المزور .

        ب-نقد المصدر

المقصود من هذا النوع من النقد ، هو معرفة صحة الوثيقة من خلال تحديد مصدرها و معرفة مؤلفها و تاريخ كتابتها ، للتأكد من نسبتها لصاحبها .

هذا و تخضع عملية التحقق من صحة المصدر إلى ضوابط إجرائية و موضوعية متعددة نذكر منها :

1-             التحليل المادي والمخبري للوثيقة ، و ذلك من خلال استخدام التحليل الفني والتقني الذي يعتمد على الآلات أو الكواشف المختلفة على غرار الفحم المشع 14، بالنسبة للوثيقة الكربوهيدراتية و الماسحات التي تعمل بالأشعة الحمراء و الأشعة ما فوق البنفسجية ...الخ .

2-             دراسة   الخطوط و الأحرف و الرموز الموجودة في الوثائق و مضاهاتها بغيرها إن اقتضت الضرورة ذلك. .

3-             التأكد من صحة الوقائع الواردة ذكرها في الوثيقة ، ومقارنتها بالأحداث المنسوبة إليها .

4-             معرفة  مصدر  الوثيقة .

5-             تفحص الاقتباسات و الأمانة العلمية .

 

2.   النقد الداخلي:

         و يقصـــــد به النقـــــد الذي يقــــــوم به الباحـــــث للتحقـــــق مـــــن صـــــدق محتــــوى الأشيـــــاء الموجودة في الوثيقة و من ثم العمل على تقديم الإجابات المتعلقة بصحة مضمونها و المقاصد التي تنصرف إلى تحقيقها و هل أن المعاني الظاهرة و الملاحظة و المقروءة حرفيا من الوثيقة تعبر حقا عن الإرادة و القصد الحقيقي لصاحبها ؟

-      هذا وينقسم النقد الداخلي إلى قسمين هما: النقد الداخلي الإيجابي، والنقد الداخلي السلبي .

أ‌.       النقد الداخلي الإيجابي:

    ويهدف إلى تحديد المعنى الحقيقي للنص من خلال الاطلاع على المدلول الحرفي له دون إضافة أو نقصان   .

ب‌. النقد الداخلي السلبي:

    يهدف النقد الداخلي السلبي إلى معرفة مدى الصدق ، أو الخطأ، أو التحريف، أو التزييف،الذي تعرضت له الوثيقة من خلال التأكد من أمانة و صدق  الكاتب أو صاحب الوثيقة أو مترجمها ، و التعرف على تجاربه و التساؤل عن حقيقة تواجده ضمن الإطار الزمني والمكاني للوقائع بالاطلاع على تاريخ ميلاده ووفاته و التحري أيضا حول حالته النفسية و العقلية و المرجعية و الإيديولوجية التي كان يعتنقها قبل و أثناء و بعد إصداره للوثيقة  .

3_  صياغة الفروض وتحقيقها :

    إن الفرض في البحث التاريخي يبدأ على هيئة تصور ذهني عام ينطلق منه الباحث فيعمل على تجميع البيانات الملائمة التي يحتمل أن تزيد ذلك التصور جلاء ووضوحا ، وكما يقول الفقيه دالين " من شأن الفرض أن يساعد المؤرخ في تحديد المادة العلمية اللازمة لدراسته واستبعاد تلك التي لا تهمه "

   بل انه من واجب الباحث بعد صياغته لفرضياته أن يكرس جهده في جمع الأدلة بعناية و يعمل على تحليلها نقديا كي يتحقق من أن فرضه يعطي تفسيرا أكثر إقناعا من الفروض الأخرى .

   هذا و لا يكاد يختلف الفرض في المنهج التاريخي عن الفرض في أي منهج آخر ، مع ضرورة احترام طابع الخصوصية بالنسبة للبحوث التي يفترض المنهج فيها إتباع نظرية معينة في التحقق من الفرض  لأنه في هذه الحالة سيكون التحقق بهذا الشكل جزءا مهما في الدراسة تندرج تحته كل الوقائع بشكل مؤثر ومنتج في الدراسة .

4 _ التركيب التاريخي :  و هو النتاج الكلي للدراسة ، وفيه يتم ما يلي:

أ‌-                 تــــــرتيب الـحــــــوادث، وذلك بانتقـــاء الحوادث الهامة كالتي تشكل انعطافا في مجرى الوقائع و الأحداث أو تساعد على تفسير الحوادث اللاحقة، مثلا تحديد موقف الايديولوجيات من عقوبة الإعدام .

ب‌-           تنسيــــــــــق الحــــــــــوادث بحيــــث تكتمل فيما بينها ، وتشكل وحدة واحدة غير قابلة للانفصال و التجزئة ..

    ج-    العمل على تدارك الفراغات الزمنية و التاريخية التي تفصل بين الحوادث و الوقائع و التي لم تتعرض لها الوثائق التاريخية مثلا  كتلك الأحداث المبهمة والغير معروفة  .

    د-     شرح الحوادث وتفسيرها، بأدوات التفسير التاريخية مع الالتزام  بتعليلها.   .

5 ــــــــ استخلاص النتائج  و كتابة التقرير النهائي للبحث .

بعد انتهاء المؤرخ أو الباحث من جمع معلوماته و نقدها و فحصها و تحليلها و من صياغة الفروض المختلفة لتفسير الحوادث والظواهر التاريخية التي يدرسها و من تحقيق و اختبار كل فرض من فروض التي قدمها فان عليه أن ينتقل إلى المرحلة النهائية من بحثه و هي مرحلة استخلاص النتائج و كتابة تقرير بحثه الذي يلخص فيه الحقائق و النتائج التي توصل إليها في أسلوب علمي بعيد عن المبالغات و الخيال الرومانتيكي و المحسنات البديعية المبالغ فيها .

 

تقييم المنهج التاريخي في العلوم القانونية

 يعتقد البعض أن الدراسات التاريخية التي تستخدم المنهج التاريخي في البحث ليست دراسات علمية و ذلك لعدم خضوعها للتجريب و عدم القدرة على ضبط العوامل المؤثرة و تثبيتها أو عزلها كما هو الحال في المنهج التجريبي مثلا ، بينما يرى اتجاه فقهي آخر بأن إخضاع المادة التاريخية للنقد الداخلي و الخارجي يوفر قدرا من الدقة و الموضوعية يرقى بالمنهج التاريخي إلى مستوى الأسلوب العلمي .

إلا أن النظر إلى المنهج التاريخي كأسلوب علمي لا يمنع من تعرضه للنقد للأسباب التالية :

·       المعــــرفــــــة التاريخيــــــــــــة معرفـــــة جزئية بطبيعتها حيث لا يمكن الحصول على معرفة كاملة بالماضي و ذلك بسبب قلة مصادره و إمكانية تعرضها للتلف و التزوير .

      حيث  كما يقول الفقيه دالين :" إن من شهدوا الماضي لا يتذكرون سوى جزءا منه و لم يسجلوا سوى جزءا مما تذكروا و ضاع جزء مما سجلوا و اكتشف الباحثون صحة جزء مما هو مسجل و فهموا جزءا من التسجيل الصحيح و نقلوا جزءا مما فهموا و بذلك تبقى المعرفة التاريخية معرفة جزئية " .

·       يعيش الباحثون الذين يستخدمون الأسلوب التاريخي صعوبات جمة تتمثل في صعوبة حصر الإطار الزمني لبعض الإحداث بشكل دقيق و صعوبة إخضاعها للتجربة و صياغة الفروض المتعلقة بها و صعوبات التنبؤ بالمستقبل .

·       إن عدم خضوع المادة التاريخية للتجريب يصعب من إثبات صحة الفرضيات المتعلقة بها  ويجعل من تحقيقها تجريبيا امرأ صعبا قد تعتريه الأخطاء التقديرية ، فالمصادر التاريخية ليست على مستوى واحد من الصحة و الدقة و المصداقية  .

·       يصعب على الباحث في الأبحاث التاريخية الوصول إلى نتائج تصلح للتعميم و ذلك لارتباط الظاهرة التاريخية بظروف زمنية و مكانية محددة و معينة بذاتها حيث يصعب تكرارها بنفس تفاصيلها التي نشأت في ظلها  .

تطبيقات المنهج التاريخي في الدراسات القانونية:

        يساهم المنهج التاريخي في مجال البحوث القانونية برسم ملامح المسار العلمي و الموقف الفلسفي و الإنساني من الأحداث و الظواهر المختلفة ، كما انه يوضح بدقة التطور التراكمي لتلك الأحداث و الحقائق التاريخية و مدى تأثيرها على تأسيس  المدارس الفقهية و تطور الأفكار و الآراء  الفلسفية و النظريات القانونية المرتبطة بها و التي انعكست على تطوير نظم التشريع منذ بداية الحضارات الإنسانية  و عملت على مقارنتها فيما بينها لتدارك أخطاء الماضي و تقديم حلول تتلاءم وتطلعات المجتمعات البشرية في نهاية المطاف .


يتحصل الطالب من خلال مقياس مدخل إلى الشريعة الإسلامية على أساسيات القانون والمبادئ العامة لتكوين ملكة قانونية تدفعه لتفكير قانوني، فيدرس مفهوم الشريعة الإسلامية وخصائصها ومصادرها الكبرى، والقواعد الفقهية الخمس المشهورة، لكونها عمدة التشريع الفقهي.

محاضرات مادة المنهجية القانونية المستوى السنة أولى

مقياس السداسي الثاني الفوج 3

المنهجية القانونية

 

مقدمة

•              تعتبر مادة مناهج البحث العلمي من المقاييس ذات الأهمية البالغة في المسار العلمي لكل طالب علم، وهو ما تؤكده مختلف التخصصات التي تجعل منه مقياسا أساسيا ، سواء تعلق الأمر بالعلوم الاجتماعية أو العلوم الإنسانية.

•              ترمي منهجية البحث العلمي إلى منح الطالب أو الباحث وسيلة فعالة من أجل محاربة الجمود الفكري والنهوض بفكره نحو الإبداع والابتكار والتجديد. مما يسمح بالإطلاع للدراسات العليا، خاصة للعمل الجامعي في تخصص معين.


الفصل الثاني : المناهج العلمية

 

بعد التعرض في الفصل الأول إلى علمية العلوم الاجتماعية نتطرق من أجل تكملة هذا السداسي بإذن الله الذي نسأله أن يرفع عنا هذا البلاء ويجزي الجميع خير الجزاء، ويوفق البلاد والعباد . الدعاء من أستاذتكم فنينخ نوال

رغم علمية المناهج التي يسترشد بها العالم والباحث للقيام بالبحوث العلمية، إلاأنها تتفاوت في أهميتها، حيث ترتب إلى مناهج أساسية وأخرى ثانوية.

المبحث الأول : المناهج العلمية الأساسية تتحدد هذه المناهج في المنهج الاستدلالي 

- المنهج التجريبي

-المنهج التاريخي

المبحث الثاني: المناهج العلمية الثانوية

وهي تتحدد في عدة مناهج محددة ومتنوعة تذكر على سبيل المثال.

المبحث الأول : المناهج العلمية الأساسية

•            عند إعداد البحث العلمي يتعين على الباحث الاعتماد على منهج معين

أو أكثر حتى يتسنى له الوصول إلى النتيجة المبتغاة. ولكن الدراسة

تستوجب اختيار أسلوبا علميا يتحدد في هذه المناهج الأساسية التيتتضمن كل من المنهج الاستدلالي والمنهج التجريبي والمنهج التاريخي.

•            المطلب الأول: المنهج الاستدلالي

•            يقوم الاستدلال على البرهان كعملية عقلية ينتقل فيها من قضية أو عدة

قضايا مسلم بها إلى أخرى، تستخلص منها أو تستنتج مباشرة دونالاعتماد على التجربة. شريطة أن تكون القضايا المستنتجة جديدةبالنسبة للقضايا الأصلية

•            الفرع الأول : أسس وأدوات المنهج الاستدلالي

•            1- أسس المنهج الاستدلالي

•            بقوم المنهج الاستدلالي على عدة مبادئ هي التي تميز هذا المذهب.

•            أولا: البديهية

•            إن الظاهرة محل الدراسة لا تحتاج إلى برهان، فهي صادقة، ولا يمكن البرهان عليها، وتتسمبثلاث خاصيات في كونها - بينة نفسية، حيث تتبين وتتضح للشخص بطريق تلقائي؛- وأوليةمنطقية، حيث لا يمكن أن تستخلص من مبادئ أو قضايا أخرى؛- وقاعدة صورية عامة، أي قضيةمشتركة حيث تسلم بها كافة العقول.

•            ثانيا: المصادرة

•            وتنعت بالقضايا الموضوعة أو المسلمة، أي يتعلق الأمر بقضية تركيبية أقل يقينية من البديهية،يضعها العقل ليصادر على صحتها ويسلم بها. وتكمن صحتها في نتائجها المتعددة والصحيحةوغير المتناقضة. كمثال لذلك طلب الإنسان للسعادة أو

•            ثالثا: التعريف

•            هو التعبير عن ماهية المعرف عنه وحده وعينه وكله، ويتركب من: - المعرَّف وهو الشيء المراد تعريفه؛ ثم المع رٍّف وهو القول الذي يحدد خواص وعناصر الشيء المعرف. ويشترط لصحة التعريف التقيد بالتعبير عن ماهية الشيء أو الظاهرة من حيث الجنس والنوع والفصيلة بطريقة

جامعة مانعة دون تعريفه بما يساويه في المعرفة أو الجهالة. كما يجب تجنب ذكر اسم المعرف في التعريف، أو استعمال ألفاظ غريبة وحشية غير مفهومة .

•            ويلاحظ أن مبادئ الاستدلال متداخلة فيما بينها ومتكاملة في تحقيق العملية الاستدلالية من أجلا استخلاص النتائج والبرهنة على صحتها.

•            2- أدوات الاستدلال

•            تتمثل أدوات الاستدلال في القياس والتجريب العقلي و التركيب

•            أولا: القياس

•            القياس هو قضية عقلية منطقية تنطلق من مسلمات إلى نتائج افتراضية غير مضمون صحتها، وعكسه البرهان الرياضي الذي يقدم حقيقة جديدة لم تكون موجودة في الاول.

•            إن القياس قول يتكون من قضايا إذا تم التسليم بها لزم عنها قول آخر

•            ثانيا: التجريب العقلي

•            نعني به قيام الإنسان في ذهنه بكافة الفروض والتحقيقات التي يعجز عن القيام بها في الخارج، وذلك قصد استخلاص النتائج الذهنية. وقد يكون التجريب العقلي خياليا ذا قيمة فنية وأدبية، كما قد يكون علميا قائم على وقائع تستخلص منها النتائج التي تؤدي إليها الفروض داخل الذهن الإنساني.

•            ثالثا: التركيب

•            هو عملية عقلية عكسية تبدأ من قضية صحيحة معروف صحتها بقصد الوصول إلى تحصيل نتائج وتأكيد مدى صحتها.

•            الفرع الثاني: تطبيقات المنهج الاستدلالي في مجال العلوم القانونية

•            للمنهج الاستدلالي أهمية كبيرة في العمل القانوني فيما يتعلق بتدقيق أقوال الشهود ومضاهاة الوثائق لمعرفة مدى صحتها، وفي إعداد البحوث والمذكرات القانونية التي تفرض الالتزام بالقواعد المنطقية وتحليل الأفعال وتكييف القضايا القانونية.

•            وفي مجال تفسير القانون عادة ما يستخدم المنهج الاستدلالي

ونظامه وأدواته في تفسير قواعد النظام القانوني الساري المفعول.

•            المطلب الثاني: المنهج التجريبي

•            هو المنهج الذي يحتكم إلى الوقائع دون العقل، ويستخدم حين البدء من وقائع

خارجة عن العقل لتفسيرها بالتجربة دون الاعتماد على مبادئ وقواعد المنطق الصورية. فهو يقوم على أسلوب التجربة العلمية واكتشاف العلاقات السببية بين المتغيرات وتفاعل القوى التي تحدث في الموقف التجريبي، أي أثناء التجربة.

•            الفرع الأول: خطوات ومقومات المنهج التجريبي

•            1- خطوات المنهج التجريبي

•            تتمثل هذه الخطوات في كل من :

•            أولا: التعريف والوصف والتصنيف

•            ثانيا : التحليل

•            يستعمل التحليل لبيان العلاقات والروابط بين الظواهر والقضايا واستخراج القوانين.

•            ثالثا: التركيب

•            بموجب التركيب يتم تركيب القوانين الجزئية المستخلصة سابقا في قوانين كلية وعامة.

•            2- مقومات المنهج التجريبي

•            يتعلق الأمر بأسس المنهج وتتمثل في ما يلي:

•            أولا : الملاحظة

•            الملاحظة في معناها العام هي الانتباه العفوي إلى ظاهرة أو واقعة أو أمر معين دون قصد أو سابق اصرار وتعمد وإرادة .

•            أما الملاحظة العلمية فتتمثل في ملاحظة حسية مقصودة ، منظمة

ودقيقة للحوادث أو والظواهر والوقائع بغاية اكتشاف أسبابها وقوانينها ونظرياتها عن طرق اعمال النظر والتعريف والوصف و التصنيف قبل تحريك عمليتي وضع الفرضيات والتجريب.

وتكون الملاحظة علمية حينما تطرح إشكالية .

•            ثانيا: الفرضية

•            الفرضية هي شرح أو تفسير مؤقت يضعه العالم أو الباحث، وعلى

ضوئه يلاحظ الوقائع من جديد، أو يجري تجاربه استنادا لهذه الفرضية

للتأكد من صحتها من عدمه. فتصلح بعد ذلك إما فرضيات زائفة أو  قانون يفسر الظواهر. ويشترط في الفرضية ما يلي:

•            - أن تكون مرتبطة بالوقائع وناتجة عن ملاحظتها.

•            - أن يكون بالإمكان التحقق منها.

•            - أن تقدم تفسيرا لظاهرة لم يسبق تفسيرها، أو تفسيرا أفضل عما سبقه.

•            - عدم تناقض مع الوقائع التي أثبتتها الملاحظة

•            - أن لا تحتوي على تناقض في منطوقها.

•            - أن تكون متعددة و متنوعة للواقعة أو الظاهرة الواحدة .

•            ثالثا : التجربة

•            تتم التجربة بغاية إثبات مدى صحة الفرضيات من خلال التنوع في التجريب على ذات الفرضيات.

•            الفرع الثاني : تطبيقات المنهج التجريبي في مجال العلوم

القانونية

•            ازدهرت         استخدامات      المنهج  التجريبي        في      مجال   العلوم

الجنائية عندما تم اكتشاف حتمية العلاقة والتكامل بين العلوم

الجنائية و علم النفس الجنائي وعلم الاجتماع القانوني وعلم

الطب     النفسي والطب  العيادي وعلم    الوراثة.          كما     تبرز تطبيقات  المنهج  التجريبي        في  مجالات          قياس   الذاكرة والسلوكات  المنحرفة والحكم في الأدلة المادية .

•            المطلب الثالث : المنهج التاريخي

•            هو المنهج الذي يستحضر الماضي و آثاره، وهو منهج

تقريري تقدم فيه المادة العلمية بوصفها وصفا كميا أو كيفيا

أو كميا وكيفيا معا، وتعرض عرضا اخباريا يساهم في فهم المشاكل المعاصرة و التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل.

•            ويكشف المنهج التاريخي عن الحقائق التاريخية من خلال

تحليل وتركيب الوقائع والحواد ث المسجلة في الوثائق .وتفسيرها واستشراف تنبؤات علمية عامة في شكل نظريا ت وقوانين عامة و ثابتة نسبيا.

•            الفرع الأول : خطوات المنهج التاريخي

•            إن استعمال المنهج التاريخي يستوجب إتباع أربع خطوات

•            أولا: تحديد مشكلة البحث

•            ثانيا : جمع الحقائق المتصلة بالمشكلة (جمع المادة التاريخية)

•            ثالثا: تصنيف الحقائق وتحليلها ومحاولة الربط بينها ونقدها.

•            رابعا: عرض النتائج و تفسيرها

•            الفرع الثاني: تطبيقات المنهج التاريخي في مجال العلوم القانونية

•            للمنهج التاريخي دور حيوي في العلوم القانونية، حيث تستعين به وتبرز

تطبيقاته في دراسة تطور حركة التشريع، والتطور التاريخي للعقوبات في النظم القانونية المختلفة، فهو يسمح بمعرفة أصل التشريعات السابقة وذلك عبر حقب زمنية مختلفة.

•            كما يمكن من خلاله التعرف على الحقائق العلمية التاريخية المتعلقة بالنظريات القانونية القديمة. ويساعد على إجراء المقارنة بين النظم القانونية عبر التاريخ لإدراك أفضل لطبيعة العلاقات بين المجتمعات البشرية وتطورها من جهة ؛ وبين القانون وتطوره من جهة أخرى، قصد تجنب السلبيات التي وجدت في النظم السابقة وتطوير الايجابيات التي أحدثت في التشريعات الحالية بناء على خبرة الماضي.

•            المبحث الثاني: المناهج العلمية الثانوية

•            على خلاف المناهج العلمية الأساسية، يلاحظ أن المناهج

العلمية الثانوية متعددة ويمكن استعمال أكثر من منهج  في البحث أو الدراسة الواحدة، وتفصل هذه المناهج في المطالب

التالية.

•            المطلب الأول: المنهج الاستقرائي

•            يقوم المنهج الاستقرائي على الاستدلال التصاعدي، أي الانتقال من الظاهرة الجزئية نحو الظاهرة الكلية. وتدل كلمة استقراء على حركة

العقل عند قيامه بعمليات يتوصل من خلالها إلى قاعدة كلية تحكم

الجزئيات والفروع، ويصدق العكس بالنسبة للاستنباط الذي ينتقل من الكل إلى الجزء.

•            الفرع الأول: خطوات ومميزات المنهج الاستقرائي

•            خطوات المنهج الاستقرائي

•            عند انتهاج المنهج الاستقرائي يتعين إتباع الخطوات الثلاثة التالية:

•            - تحديد الظاهرة موضوع الدراسة

•            -جمع المعلومات المتعلقة بالظاهرة

•            -التوصل إلى النتائج

•            2 مميزات المنهج الاستقرائي

•            يتميز المنهج الاستقرائي بعدة خصائص هي:

•            الضبط و الموضوعية

•            تجنب الذاتية أو العاطفية

•            إجراء المقارنة بين المفردات

•            التحليل و التركيب وقياس الظواهر الغائبة على الحاضرة أو الشاهدة

•            الفرع الثاني: تطبيقات المنهج الاستقرائي في مجال العلوم القانونية

•            إن المنهج الاستقرائي يكتسي أهمية كبيرة في مجال العلوم القانونية ويعتبر من المناهج الأكثر استعمالا لاسيما بصدد الدراسات المتعلقة بالقانون الدستوري، والقانون الاجتماعي التي تهتم بتحليل الظواهر القانونية ووضع القواعد العامة التي تنطلق من دراسة جزئيات.

•            المطلب الثاني: المنهج الدياليكتيكي )الجدلي)

•            المنهج الجدلي هو المنهج الذي يستعمل عند إجراء دراسات وبحوث خاصة, فما معنى هذا المنهج وما هي أسسه وخصائصه وكيف يتم تطبيقه في العلوم القانونية

•            الفرع الأول: تعريف المنهج الجدلي وأسسه وخصائصه

•            أولا: تعريف المنهج الجدلي

•            الجدل لغة يعني شدة الخصومة والتنازع في الآراء والاتجاهات، حيث يقول تعالى:

)وَجَادِلْهُمْ بِالتَِّي هِيَ أحَْسَن( .

•            أما اصطلاحا، فالجدل هو تقرير الادعاء من الخصم حقا كان أو باطلا، معاندة و مطاولة.

•            ويعرف باليونانية باسم دياليكتيكـ أي الحوار، وقد حدد أرسطو الديالكتيكية بأنها من البرهنة والنقض، ومواجهة الخصم بالنقائض، ولكنها في حقيقتها فن التوصل إلى معرفة صحيحة.

•            وقد ظهرت نظرية الدياليكتيك قديما عند الإغريق على يد الفيلسوف )هيراقليطس(، الذي أعلن أن كل شيء يتحرك ويجري ويتغير، ثم تطورت الدياليكتيك على يد الفيلسوف الألماني هيقل الذي أكد أن كل الأشياء والظواهر والعمليات هي في حالة حركة وتغير وتبدل وتطور ارتقائي مستمر ومتدرج.

•            ثانيا: أسس المنهج الجدلي

•            إن القوانين هي المقومات التي يقوم عليها المنهج وهي بمثابة أسسه التي تميزه ويقومعليها وأهم القوانين التي يأخذ بها المنهج تتمثل في ثلث هي

•            1- قانون التطور من التحولات الكمية إلى التحولات النوعية والكيفية

•            وهذا يصدق على عملية تسخين الماء المستمر التي تجعله في حالة تطور وتبدل وتحول كمي مع بقاء الطبيعة والنوعية والتركيبة الطبيعية والكيميائية للماء ، لكن عندما تبلغ عملية التسخين معيار وحدة الغليان فإن الماء يتغير ويتبدل في نوعيته وطبيعته ويتحول إلى بخار. وهذا هو مضمون وجوهر قانون التطور والتحول من التغيرات الكمية إلى التغيرات النوعية والطبيعية والكيفية.

2- قانون وحدة وصراع الأضداد والمتناقضات

•            هو قانون يؤدي إلى خلق الطاقة و القوة والحركة والتغير و التطور في الأشياء والأفكار،

مما ينتج عنه نشوء ظواهر وعمليات وأفكار جديدة على أنقاض صراع ومتناقضات وأضداد الأشياء والظواهر والأفكار القديمة.

•            3- قانون نفي النفي

•            ويسمى بقانون التطور و التقدم في الأشياء والظواهر والعمليات والأفكار، وهو قانون يعمل بانتظام إطراد وبطريقة متواصلة ومتسلسلة ومتجددة.

•            ثالثا: خصائص المنهج الجدلي

•            يتميز المنهج الجدلي بعدة خصائص تتمثل أهمها في:

•            العلمية و الموضوعية والفلسفية

•            الشمولية

•            استغراق         تطبيقات         المناهج الأخرى،         حتى    يكاد     المنهج التجريبي أن يكون خطوة من خطواته التطبيقية .

•            صلاحه للبحث في مختلف العلوم التي تقع خارج النطاق الاستدلالي الصوري.

•            الفرع الثاني: تطبيقات المنهج الجدلي في العلوم القانونية

•            للمنهج  الجدلي  دور     حيوي  للسماح باكتشاف         وتفسير

النظريات والقوانين العلمية و التنبؤ بها، مثل تلك المتعلقة

بتفسير أصل وغاية و الدولة، وأصل وغاية القانون في

المجتمع وتفسير  وتأصيل         فكرة    السلطة وتحليل وظائفها وعلاقتها بالقانون والحرية. ونشأة وتطور ظواهر الجريمة ،وظاهرة علاقة الحرية و السلطة والقانون والدولة.

•            كما برز تأثير هذا المنهج في دراسة فلسفة القانون ونظرية الدولة والعلوم السياسية، والطبقات الاجتماعية والصراع الطبقي والحراك الاجتماعي.

المطلب الثالث: المنهج المقارن

•           المنهج المقارن هو المنهج القائم على إجراء المقارنة، فما هي المقارنة وما هي الخطوات التي تتبع عند انتهاجه وكيف يطبق في مجال العلوم القانونية

•           الفرع الأول: تعريف المنهج المقارن وخطواته

•           1- تعريف المنهج المقارن

•           يقصد بالمقارنة تلك العملية التي يتم من خلالها إبراز أوجه

التشابه و الاختلاف بين شيئين أو أمرين أو ظاهرتين متماثلتين

أو أكثر. وبذلك لا يمكن أن تجرى المقارنة بين شيئين متناقضين. لذلك فالمنهج المقارن هو ذلك المنهج التجريبي غير المباشر ، ما يقول دور كايم والذي يعتمد على المقارنة في دراسته لظاهرتين أو أكثر من حيث إبراز أوجه الشبه والاختلاف فيما بينها.

•           خطوات المنهج المقارن

•           عند اعتماد المنهج المقارن يتعين اتباع الخطوات التالية :

•           تحديد الظواهر المتماثلة

•           جمع المعلومات حول هذه الظواهر

•           تحليل وتصنيف المعلومات ومقارنتها

•           الفرع   الثاني:  تطبيقات         المنهج المقارن في      مجال   العلوم القانونية

•           تبرز أهمية المنهج المقارن من خلال اكتشاف النقائص

والفراغات في النظم القانونية المتعددة مما يساعد في إجراء

التعديل وسد  الفراغات في المنظومات القانونية، بما يتوافق مع مستجدات العصر.

•           المطلب الرابع: المنهج الإحصائي

•           هو منهج يعتمد على الكم وجمع المعلومات والبيانات المتعلقة بظاهرة

معينة ومقارنتها وتفسيرها وتحليلها رياضيا قصد التوصل إلى نتائج دقيقة وبطريقة موضوعية . فما هي المراحل التي يمر بها المنهج الإحصائي وما هي خصائصه وكيف يطبق هذا المنهج في العلوم

القانونية

•           الفرع الأول: خصائص ومراحل المنهج الإحصائي

•           1 - خصائص المنهج الإحصائي

•           يتميز المنهج الإحصائي بخصائص أنه

•           الاعتماد على الكم ولغة الارقام

•           استقراء الظاهرة محل الدراسة

•           الانطلاق من الجزء نحو الكل

•           2 - مراحل المنهج الإحصائي

•           يمر المنهج بعدة مراحل هي:

•           أولا: تحديد المشكلة من خلال جمع البيانات الإحصائية

•           ثانيا: تنظيم البيانات المتحصل عليها في شكل جداول أو دوائر نسبية أو منحنيات بيانية، أي تمثيلها بالطرق الممكنة .

•           ثالثا: تحليل البيانات وتفسيرها واستخلاص نتائجها من الأرقام المحصلة القابلة للتعميم.

•           الفرع الثاني: تطبيقات المنهج الإحصائي في العلوم القانونية

•           من مظاهر تطبيق المنهج الإحصائي في العلوم القانونية ما يطبق في مجال القانون الدستوري من تعداد المترشحين والمنتخبين وإحصاء الاقبال على

العملية الانتخابية وعدد الأصوات المقبولة والأصوات الملغاة، و بالتالي تحديد المترشح الفائز.

•           فيساهم هذا المنهج في توفير الأدوات الرياضية المناسبة والدقيقة التي تحول الإسهاب التحليلي إلى لغة علمية دقيقة.

•           المطلب الخامس: المنهج الوصفي.

•           يستشف من تسمية المنهج أن هذا المنهج يرتكز على الوصف الذي هو نقل صورة مفسرة ومحددة لخصائص الموصوف. لذلك يهتم المنهج الوصفي بدقة ذكر الخصائص

والمميزات للشيء الموصوف معبرا عنها بصورة كمية وكيفية, وهو أيضا طريقة من

طرق التحليل والتفسير والمقارنة بشكل علمي قصد الوصول إلى أغراض محددة لوضعية اجتماعية معينة.

•           الفرع الأول: خطوات المنهج الوصفي وأنواع الدراسات الوصفية

•           1خطوات المنهج الوصفي

•           عند انتهاج المنهج الوصفي في إعداد دراسة أو بحث معين يجب اتباع جملة من الخطوات تتمثل في ما يلي:

•           تحديد الظاهرة محل الدراسة

•           جمع المعلومات المتعلقة بالظاهرة

•           وضع الفرضيات

•           اختيار عينة الدراسة

•           اختيار أدوات البحث

•           التوصل إلى النتائج

•           تحليل النتائج وتفسيرها و تعميمها

•           2- أنواع الدراسات الوصفية

•           تتخذ الدراسات الوصفية صورا مختلفة تظهر كالتالي:

•           أولا: منهج الدراسات المسحية

•           يعتمد منهج الدراسات المسحية على الدراسة الشاملة وجمع البيانات والمعلومات وتحليل الوضع الراهن في بيئة محدد ة ووقت محدد.

•           ويستعان في هذا المنهج بأدوات تتمثل في الملاحظة والمقابلة والاستبيان.

•           ثانيا: منهج دراسة الحالة

•           يعتني منهج دراسة الحالة بدراسة وحدة من وحدات المجتمع دراسة تفصيلية من مختلف جوانبها قصد التوصل إلى تعميما تتطبق على غيرها من الوحدات.

الفرع الثاني: تطبيقات المنهج الوصفي في العلوم القانونية

يلعب المنهج الوصفي دورا هاما في إجراء المسح الاجتماعي

اللازم لتطوير المنظومة القانونية ويبرز هذا المنهج عند دراسة

المؤسسات الاستثمارية في مجالات معينة ومحاولة استخلاص الحلول بغاية توجيه الاقتصاد نحو الاستثمار الناجح كالدراسات التي تمت حول إحجام الناس عن إيداع أموالهم في العديد من

البنوك مما نتج عنه النقص الكبير في السيولة ولكن بفضل

صدور القانون المتعلق بالصيرفة الإسلامية فسيفتح المجال نحو استقطاب السيولة بفضل ما يمنح من ضمانات تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية ؛ وكذلك الدراسة المؤسسات العقابية وإجراء التحقيق عن أسباب النزاعات القانونية، وكذا دراسة الدوافع الإجرامية، حيث يتوجب التعمق في دراسة الحالة من أجل تفسير السلوك الإجرامي وعلاقته بالظروف الاجتماعية والاقتصادية.


•              وتقدم وسائل العمل ومناهجه خلال مختلف مواضيع التدريب لمجموع الدراسات القانونية، جملة من النصائح تبقى ذات أهمية بالغة بالنسبة للطلبة خلال مختلف مراحل دراسات التدرج وما بعده. ويتفهم الطالب تدريجيا أهمية هذه النصائح عند تطلعه شيئا فشيئا إلى المعلومات الجديدة وتوسع معارفه.

•              لذلك ينصح الطلبة بالاحتفاظ بهذه الوثائق بعد السنة الأولى. والاكتساب السريع لمنهجية جيدة للعمل والتمارين الخاصة هي ضمان نجاح الطالب. ويجد فيما يلي بعض المراجع المتعلقة بمادة المناهج القانونية ثم موجز لبقية البرنامج.

•              بعد التعرض خلال السداسي الأول إلى دراسة أصول القانون ثم فلسفة القانون، حيث تم

فحص كل من المذاهب الشكلية و الموضوعية التي تهتم بنشأة القانون؛ فتم خلال السداسي الثاني إتمام البرنامج بالتطرق إلى المذاهب المختلطة التي تدرس القاعدة القانونية من حيث جوهرها ومظهرها الخارجي أي الصياغة القانونية وبعدها تفسير القاعدة القانونية.

•              وبمواصلة نفس الوتيرة تضمنت المحاضرات الأولى لمقياس المنهجية القانونية على:

مقدمة موجزة للبرنامج، ثم في فصل تمهيدي كيفية إعداد البحث العلمي  وبعدها التعرض من خلال الفصل الأول إلى علمية العلوم الاجتماعية ، أما الفصل الثاني خصص لدراسة المناهج العلمية ، يبقى فصل آخر هو يتعلق بالبحث العلمي.

•              الفصل التمهيدي: كيفية إعداد البحث العلمي

•              الفصل الأول: علمية العلوم الاجتماعية

•              الفصل الثاني : المناهج العلمية

•              الفصل الثالث: البحث العلمي

الفصل التمهيدي: كيفية إعداد البحث العلمي

•              المبحث الأول : ماهية المنهجية

•              يقصد بالمنهجية الطريقة أو الكيفية المتبعة لممارسة أي نشاط ، أما المنهج فهو في اللغة الطريق الواضح أي المسلك البين الذي يسير ويمشي عليه الناس وهذا استنادا إلى قوله

سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: )لِكُلٍ جَعلَْناَ مِنْكُمْ شِرْعَ ةً وَمِنْهَاجًا( الآية 48 من سورة المائدة.

•              المطلب الأول: تعريف المنهج و المنهجية

•              المنهجية هي الطريقة العقلانية المنتظمة والمضبطة لممارسة أي عمل بكونها أسلوب علمي يميزها عن باقي الطرق العشوائية والعفوية لاكتساب العلم و المعرفة.

•              الفرع الأول: تعريف المنهج لغة و اصطلاحا

•              يقصد بكلمة منهج لغة: الطريق الواضح الذي يسلكه الشخص لبلوغ أمر معين.

•              أما المعنى الاصطلاحي فهو المعنى العلمي للمنهج وهو البرنامج المحدد مسبقا لجملة من العمليات الواجب القيام بها، فيوحي إلى اتجاه محدد المعالم يتبع بصفة منتظمة في عملية ذهنية ، وهي الطريقة العقلانية لتقصي الحقائق وإدراك المعارف

•              الفرع الثاني: كلمة منهج في اللغات الأجنبية

•              يقصد بالمنهج في اللغات الاوروبية السبيل لتحقيق الغايات . فهو بالفرنسية والانجليزيةméthodes) ). وهي كلمة مشتقة من اليونانية (methodos) والتي تعني المتابعة. وهي من الأصل odes)) ويعني الطريق. وقد تعني عند الفقيه اليوناني أفلاطون معاني البحث و النظر والمعرفة.

•              ولكلمة منهج معنى فلسفي يراد به طريقة للحصول على ترديد ذهني للموضوع محل الدراسة. وهو لا يخلو من أهمية في الأبحاث العلمية ، وبمقتضاه يتطور العلم تطورا سريعا أدى إلى اختلاف مستوى الحضارات بين مختلف البلدان التي تقود ركب العلم أو تسايره، لذلك أصبح التفكير العلمي يمثل في العالم المتقدم اتجاها ثابتا يستحيل العدول عنه أو الرجوع فيه مما أدى بالدول المتخلفة عن هذا الركب في محاولة الخوض في غماره من اجل ارساء مبادئ الفكر العلمي الأساسية.

•              المطلب الثاني : مختلف التعاريف للمنهجية

•              لقد تداولت تعاريف المنهجية بين العديد من الكتاب. فتعرفها مادلين كرافيتس الباحثة في علم الاجتماع "بأنها مجموع العمليات العلمية المترابطة التي تستهدف تطوير حقول المعرفة"؛ أما الأستاذ توماس كون يرى

بكونها الطريقة العقلانية المنضبطة لتلقي المعارف؛ أما الأستاذ عبد الرحمان بدوي فيعرفها "بفن التنظيم الصحيح للأفكار إمّا من أجل الكشف عن الحقيقة حين جهلها، وإما من أجل البرهنة عليها وتلقينها للآخرين حين نكون بها عالمين"

•              Madeleine GRAWITZ, Méthodes des sciences sociales , 3ème éd., Dalloz,1976, p.

333.

•              Thomas KUHN, The structure of scientific revolution, Chicago,77.

•              المبحث الثاني: أهمية المنهج

•              تبرز أهمية المنهج بكونه أسلوب علمي ومن خلال الوظيفة التي يؤديها,

•              المطلب الأول : أهمية المنهج كأسلوب علمي

•              تستند الثورة العلمية على المنهج العلمي كأسلوب ناجح ودقيق يؤدي إلى إثراء حقول المعرفة بقدرات ومكتسبات علمية ، وبكونه أسلوب علمي يكون أقرب واصوب طريق لبلوغ العلم والمعرفة،حيث يمَكِّنُ من الاختزال والايجاز وتفادي الاطالة وبمقتضاه يتم اقتحام الموضوع والتمكن منه بطريق بين ودقيق 

•              المطلب الثاني: الوظيفة التي يؤديها المنهج

•              يعتبر المنهج كأداة للتوصل إلى الحقائق وبلوغ الأهداف والغايات. كما يمثل خطوة نحو تكوين التفكير المنظم الذي يتنخدم في شؤون الحياة اليومية أو النشاطات التي تمارس في المهن المختلفة باختلاف درجاتها من العامل البسيط إلى غاية العلاقات بين مختلف المجتمعات.

•              ويمكن التطلع إلى هذه الوظيفة من خلال مختلف المراحل التاريخية الطويلة للمدتمعات البشرية والتي فيها تطور الفكر العلمي ؤؤؤعبر الازمنة، و التي يكاد يجمع الدارسون و والباحثون

المفكرون في هذا المجال على تقسيمها إلى ثلاث مراحل كبرى هي مرحلة التفكير البدائي ومرحلة التفكير ديني أو الميتافيزيقي ، وأخيرا مرحلة التفكير العلمي والتي تم التطرق إلى هذه المسائل سابقا مع طلبتي للفوج 3 من السنة الأولى.

•              المبحث الثالث: مميزات المنهج العلمي

•              يوصف الفكر العلمي بالفكر المنهجي المنظم والقائم على قواعد عقلانية محكمة تسعى إلى شرح الظواهر المعقدة و المستعصية وإدراك ما يخفى من حقائق بغاية توسيع دائرة معارف الإنسان. وعلى ذلك فهو يتميز بالموضوعية والمنهجية و العلية والسببية

•              المطلب الأول: الموضوعية

•              المطلب الثاني: المنهجية

•              المطلب الثالث: العلية

•              المطلب الرابع: والسببية

•              - نموذج للمنهج العلمي عند ابن خلدون

•              لقد برز العلامة ابن خلدون بالبحوث التي قام بها واقترن اسمه بالمنهج العلمي للبحث في العلوم الإنسانية.

ووضع له أسسه وقواعده ووضع حدا فاصلا بين الميتافيزيقية وعلم الاجتماع الموضوعي وكان بروزه في هذا المجال قبل كل من ايميل دوركايم واوكيست كونت. لقد قام بصقل قواعد وأركان العلوم الإنسانية .

وبفضله أصبح التاريخ علما راقيا يوجه الفكر بعد أن كان مجرد آداب وخرافات وأساطير، حيث أصبحت دراسة المجتمعات علما، وقد ابن خلدون ذلك في مقدمته المشهورة التي تعتبر ملخصا للمنهجية العلمية

الموضوعية. وقد تضمنت المقدمة فصل علم التاريخ ومذاهبه وقواعد المنهجية العلمية الموضوعية لكتابة التاريخ وضرورة إتباعها، كما تضمنت فصول علم العمران وتاريخ العرب وتاريخ البربر.


الفصل الأول: علمية العلوم الاجتماعية

لقد أصبح العلم من الأسلحة النفيسة التي تستحوذ عليها الأمم و به تتميز المجتمعات والأفراد مصداقا لقوله تعالى

"هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون". فلا مكان للجهل والضعف في رحاب العلم. وتعد البحوث العلمية من الوسائل السليمة و الناجعة للتوصل إلى معرفة الحقائق.

المبحث الأول: مفهوم العلم

•             لذلك فمدلول العلم لا يشمل فقط العلوم الدقيقة كالفيزياء والرياضيات، كما لا يقتصر على مجموع معارف هذه العلوم ، إنما ينصرف إلى مجال الدراسات والبحوث الجادة الموضوعية في جميع المجالات ، حيث تتضمن العلوم الإنسانية عدة فروع كعلم

الحضارات وعلم الفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد السياسي وعلم الجغرافيا وعلم التربية.

•             فمثلا يهتم علم الاجتماع بدراسة و تحليل الظاهرة الاجتماعية ، و شرح معانيها والوقوف عند أسبابها وقواعدها للتحكم في نتائجها وآثارها.

•             فهذا المصطلح "العلم " يعني إدراك الشيء وحقيقته هو اليقين و المعرفة وقد وردت عدة تعريفات للعلم قد تم التعرض إليها آنفا:

•         " "

•         " "

•         " "

•             فمهما يكن لا يمكن وضع تعريف شامل جامع مانع وصحيح من كافة جوانبه ، بذبك فالأنظمة التي تحكم العالم الخارجي سواء كانت قوانين أو فروض أو نظريات ، هي مجموه المعارف الإنسانية الشاملة والمتضمنة لمختلف العلوم.

•             ومن ذلك أمكن تقسيم المعارف إلى علوم تجريبية وعلوم تجريدية.

المبحث الثاني: مميزات العلم

•           إن العلم يبتعد عن كل ما يرتبط بأهواء الشخص أو القيم. فهو يسعى إلى البحث عن العلاقات بين الظواهر استنادا إلى المعرفة الدقيقة بغاية الوصول إلى نتائج مثبتة والمدعمة

بالحقائق. لذلك تتطلب العقلية العلمية خصائص ومميزات يجب أن يتصف بها العالم تتلخص أساسا:

•           (راجع الدروس المتعلقة بمميزات الروح العلمية)

•           المرونة،  البرهنة ، الموضوعية، الأمانة العلمية، المنهجية ،

البحث الثالث: وظيفة العلم

*للعلم وظيفة الاكتشاف والتفسير والتوقع العلمي والتنبؤ والضبط و التحكم

*لا يتم تفصيله.

المبحث الرابع: موقع علم القانون بالعلوم الأخرى

•              يختلف العلم عن مفاهيم أخرى تقاربهه أو تشابهه ومن ذلك ارتباط العلم بالمعرفة بمختلف درجاتها واقترابه بالثقافة والفن ، ومن جهة أخرى تحتل العلوم القانونية مكانة مهمة ضمن حقل العلوم الاجتماعية .

•              المطلب الأول: المفاهيم المقاربة لمفهوم العلم

•              الفرع الأول : العلم و المعرفة

•              الفرع الثاني: العلم والثقافة

•              الفرع الثالث:العلم والفن

•              المطلب الثاني: القانون والعلوم الاجتماعية الأخرى

•              ترتبط العلوم القانونية ارتباطا وثيقا بالعلوم الاجتماعية ، و يبرز هذا الارتباط في مختلف الميادين والمجالات التي تتشعب لها الحياة الاجتماعية ، فيعتمد عليه في التعرف على الظواهر الاجتماعية ،حيث يسهل تنظيمها عن .......

•              الفرع الأول: علاقة القانون بعلم الاقتصاد السياسي

•              الفرع الثاني: علاقة القانون بعلم السياسة

•              الفرع الثالث :علاقة القانون وعلم النفس

•              الفرع الرابع: علاقة القانون بعلم الاقتصاد




:بطاقة المقياس

الاستاذ المحاضر: أ.د. بن صالح نوال

السنة: الأولى حقوق

الفرع: 2و3

المعامل: 1

وحدة التعليم: استكشافية

طريقة التقييم: امتحان

:أهداف التعليم

يهدف هذا المقياس الى:

·       تزويد الطالب بمعارف عامة حول الاقتصاد السياسي و النظريات الاقتصادية المختلفة.

·       التعرف على أهم المدارس و الأنظمة الاقتصادية.

·       تحليل العلاقة بين الاقتصاد السياسي والقانون.

·       التعرف على الاقتصاد الاسلامي.