كلية الحقوق و العلوم السياسية

Faculté de Droit et Sciences Politiques

قسم العلوم السياسية

تخصص إدارة عامة
ماستر1

مقياس: تحرير وتحليل الوثائق                            أ.د جيلالي بلوفة عبد القادر

الإرسال الأول

الوثائق: أنواعها وأهميتها

 

أولاً : مفهوم الوثيقة

1- من الناحية اللغوية كلمة وثيقة مشتقة من الفعل وثق أى ائتمن ، ووثَّق أى أحكم ، نقول ووثَّق الأمر أى أحكمه وأثبته ، والوثيقة هو المحكم ، والوثائق هى كل ما  يعتمد عليه أو يرجع إليه لإثبات أمر وإحكامه وإعطائه صفة التحقق ، أو يؤتمن على وديعة فكرية أو تاريخية تساعد فى البحث العلمى ، أو تكشف عن جوهر واقع ما أو تؤكد على إجراء تصرف قانونى سواء كان عام أم خاص

2- أما من الناحية الاصطلاحية فإننا نقصد بالوثيقة أى مستند أو محرر مسجل - سواء كان فى شكل مخطوط أو مطبوع أو مصوراً أوفى مادة سمعية أو بصرية أو مصغر فيلمى أوفى شكل إلكتروني – نتج عن تصرف قانونى أو واقعة قانونية لشخص طبيعى أو إعتبارى (مؤسسة)

والتصرف القانونى هو التصرف الإرادي النابع من إرادة الشخص الفاعل القانونى ، وقد يكون تصرف فردى مثل الوقف والهبة والأوامر الصادرة عن المسئولين كلٍ فى درجته مثل الرؤساء والملوك والسلاطين والوزراء ورؤساء الحكومات والشركات والمؤسسات ....الخ، وقد يكون تصرف ثنائى أو زوجى نابع من إرادتين مثل البيع والشراء والزواج والمعاهدات والاتفاقيات بين الدول والمؤسسات والإفراد ....الخ ، وقد يكون التصرف صادر عن عدة إرادات مثل اتفاقات المشاركة فى أى تصرف بين أكثر من شخصين

    أما الواقعة القانونية فهى تصرف لاإرادي ، لا دخل لإرادة الشخص فيه مثل الوفاة.

وأياً كان النشاط الصادر عن الشخص الطبيعى أو الإعتبارى ؛ تصرفاً قانونياً أو واقعة قانونية ، فلابد من تضمينه فى مستند أو تسجيله فى محرر لإثباته وإحكامه وإعطائه صفة التحقق من جهة ، وللإعلام عنه .هذا المستند هو الوثيقة

وعلى كل حال فإن الكتابات الرسمية أو شبه الرسمية والصادرة عن الأفراد مثل الأوامر والقرارات والمراسيم والبراءات والاتفاقيات والمراسلات السياسية، والوثائق الشرعية، والكتابات التي تناول مسائل الاقتصاد أو التجارة أو عادات الشعوب أو نظمهم وتقاليدهم أو المشروعات أو المقترحات المتنوعة التي تصدر عن المسئولين في الدولة أو التي تقدم إليهم أو المذكرات الشخصية أو اليوميات، وكذلك الصادرة عن المؤسسات والهيئات هى وثائق لأنها تحمل تصرف قانونى أو واقعة قانونية.

ثانياً :خصائص الوثيقة وسماتها

تتميز الوثائق بمجموعة من الوثائق هى

-        الموضوعية وعدم التحيز : حيث يتم تحريرها بشكل موضوعى من جانب الجهة الرسمية التى تنتجها ، وهى بهذه الصفة تعتبر جزء لا يتجزأ من نشاط المؤسسة التى انتجتها أو تلقتها، لذلك لا يتوقع منها سوى الحقيقة باعتبارها جزء من عمل الإدارة التى أنتجتها

-        المصداقية : وتعنى اشتمالها على معلومات صحيحة خالية من الشك لكونها خضعت للوصاية من الجهة الرسمية التى أنتجتها أو من ينوب عنها شرعا أو قانوناً، وذلك على عكس المعلومات الواردة فى المصادر الروائية كالكتب والدوريات فهى معرضة بشكل إرادي للخطأ والصواب.

-                   الطبيعية : حيث تتكون الوثائق طبيعيا من خلال ممارسة الجهة الرسمية لأعمالها وأنشطتها اليومية المستمرة

-        العلاقات المتبادلة : حيث ترتبط كل وثيقة بعلاقات وطيدة مع بقية الوثائق الأخرى سواء أكانت داخل المجموعة الوثائقية أو خارجها ، لذلك يكون من الصعب – فى أحيان كثيرة - فهم ومحتويات وثيقة ما بدون الرجوع إلى الوثائق الأخرى التى ترتبط بها ، لذلك عند التنظيم يحسن ترتيب الوثائق وفقاً لمبدأ المنشأ أو الأصل

ثالثاً : نظرية الأعمار الثلاثة للوثائق

الوثائق مثلها مثل كافة الأشياء لها مراحل عمرية ، ويقسم علماء الوثائق حياة الوثيقة إلى ثلاث مراحل تعرف بنظرية الأعمار الثلاثة للوثيقة ، وقد بنيت هذه النظرية على أساس القيمة الذاتية للوثائق منذ الولادة والنضج حتى التوقف والإهلاك. وهذه المراحل هى:

1- العمر الإدارى وهى المرحلة الأولى وتبدأ منذ إنشاء الوثيقة فى المؤسسة الإدارية، وهنا تكون الوثائق مستخدمة بشكل منتظم خلال أوجه النشاط الإداري الجارى للمؤسسة التى أنتجتها ، ولذلك توصف الوثائق فى هذه المرحلة بأنها نشطة أو جارية ، وتسمى بالوثائق الإدارية ، ويطلق على هذا المرفق الذى يضمها ويعمل على ضبطها وحفظها وتنظيمها وتيسير إتاحتها للإفادة منها بمركز المعلومات الإدارية.

2- العمر الوسيط : أو المرحلة الثانية حيث يتوقف استخدام الوثيقة الإدارية بصفة منتظمة خلال أوجه النشاط الجارى ولكنها تحتفظ ببعض الاستخدامات الإدارية العرضية ولذلك توصف الوثائق فى هذه المرحلة بأنها غير نشطة أو غير جارية وتسمى بالمحفوظات ، وهنا تمر الوثائق فى هذه المرحلة بأخطر فترات حياتها حيث يتقرر مصيرها بصفة نهائية فهى إما أن تحيا وتحول إلى الأرشيف التاريخى لتستخدم كمصدر للبحث العلمى والتاريخى ، وإما أن تعدم فوراً ، وحتى لا يكون الحكم على مصيرها مستعجلاً ولكى تتوافر ضمانات الدقة وعدم التسرع توضع فى مكان مستقل يتولى أمر فحصها وتقييمها والحكم عليها، فضلاً عن حفظها بقصد الرجوع إليها عند الحاجة، وهذا المكان يطلق عليه مركز الأرشيف الوسيط ، أو دار المحفوظات.

3- العمر التاريخى : أو المرحلة الثالثة فى حياة الوثيقة حيث أصبحت لا تطلب للاستخدام الإدارى وتم تقييمها فى مركز الأرشيف الوسيط والحكم عليها بالحفظ الدائم لقيمتها الدائمة كمصدر لدراسة تاريخ الدولة ، وتسمى الوثائق فى هذه المرحلة بالوثائق التاريخية أو الأرشيف ، ويطلق على المرفق الذى يضمها ويعمل على ضبطها وحفظها وتنظيمها وتيسير إتاحتها للإفادة منها من قبل الباحثين والمؤرخين بدار الوثائق التاريخية أو مركز الوثائق القومية .

رابعاً : أنواع الوثائق

هناك أكثر من أساس يمكن اعتماده لتقسيم الوثائق إلى أنواع :

1- فمن حيث نوع المادة المكونة للوثيقة هناك:  الوثائق البردية – الورقية – السمعية أو الصوتية – البصرية – الفيلمية – الالكترونية أو الرقمية

2- ومن حيث الموضوعات المحتواة فى الوثائق هناك الوثائق الدينية – السياسية – الاقتصادية – العسكرية – الإدارية – التاريخية – الأدبية

3- ومن حيث علاقتها بالمؤسسات فهناك: وثائق المؤسسات الحكومية - الجامعات - وثائق المعابد– الأديرة– البنوك– المجالس التشريعية– المؤسسة العسكرية- المحاكم

4- ومن حيث مصدرها هناك : الوثائق العامة الصادرة عن السلطة العامة والخاصة بالمجتمع ككل مثل الدساتير والقوانين والمعاهدات ، والوثائق الخاصة وهى الخاصة بالتصرفات القانونية للأفراد طبيعيين أو اعتباريين

5- ومن حيث تداولها والاطلاع عليها هناك:

- وثائق يجوز الاطلاع عليها وتداولها وهى التى تتعلق بموضوعات عامة غير سرية وتم نشرها أو إبلاغها للجهات والأشخاص الطبيعيين والاعتباريين ، وتتاح مثل هذه الوثائق للباحثين والدارسين للاستفادة منها فى البحث العلمى ، ومن أمثلتها الأنظمة واللوائح والسياسات والخطط والبرامج والميزانيات والإحصاءات والتقارير

- وثائق يحظر تداولها لغير الموظفين المختصين أو بأمرهم لسريتها أو لاشتمالها على معلومات تخص أشخاص معينين أو مؤسسات محددة وليس من المصلحة الاطلاع عليها أو إفشاء ما تتضمنه من معلومات

6- وبالإضافة إلى ذلك تقسم الوثائق من حيث المراحل العمرية للوثيقة – كما سبق أن ذكرنا- إلى ثلاثة أنواع هى :

- الوثائق الإدارية

– والمحفوظات

    - الوثائق التاريخية .

 وهو التقسيم الوظيفى الشائع بين المتخصصين ، وسوف نتناولها بشيء من التفصيل مع التركيز أكثر على الوثائق الإدارية والوثائق التي لها علاقة بها كالوثائق التاريخية والمحفوضات :

ويمكن تقسيم الوثائق وفق أسس أخرى:

1. من حيث الغرض الذي يرمي إليه الفاعل القانوني من كتابة الوثيقة:

وتقسم إلى نوعين:

-          وثائق يقصد بها أن تكون مستنداً أو دليلاً أمام القضاء يثبت بها الفعل أو التصرف القانوني الذي يتم بمجرد توافق الإرادتين

-         وثائق ضرورية لقيام عمل قانوني، ومثال ذلك: الهبة التي لا تتم من الناحية القانونية إلا بوثيقة

إن هذا التقسيم مهم من وجهة نظر القانون فكلما زاد الاعتماد على الوثائق المكتوبة في دعم رأي أو عمل ما كان ذلك دليلاً على تقدم النظم القانونية والحضارية في الدولة، إذ إن الكتابة تفوق الشهادة، والكلام ينسى وتبقى الكتابة

2. من حيث صحتها ومبلغ الاعتماد عليها

وتقسم إلى:

2ـ1ـ الوثيقة الكتابية

وتتكون من:

ـ كل ما أؤتمن على وديعة مخطوطة باليد وتظهر بأجزاء متتابعة أو مدة محددة وزمن معين وكتبت من مسؤول رسمي وهذه الوثائق صحيحة لايمكن الطعن فيها

ـ وثائق قام بتحريرها أفراد دون الرجوع إلى موظف رسمي مختص أو أنها ليست معتمدة من جهة رسمية

2-2 الوثيقة التصويرية

ويأتي هذا النوع من الوثائق في درجة تلي الوثيقة الكتابية، وتعد في علم التوثيق وثيقة مساعدة بمعنى أنه لا يعتد بها وحدها، لأن المحتوى فيها موضع ترجيح أو شك وهي في الغالب رسم ما نقل بالزيت أو بالقلم أو بالفحم أو صورة أو نقش في الحجر أو صورة شمسية

2ـ3 الوثيقة التشكيلية

وتعد أيضاً من الوثائق المساعدة، وهي مماثلة للوثيقة التصويرية حيث إنها مماثلة لها في كثير من المقومات وهي تكون بناء قصور لأشخاص مرموقين أو مؤسسات رسمية أو معالم أو آثار معمارية كقصر الحمراء في غرناطة أو أهرام الجيزة ومسجد قرطبة، وقصر إشبيلية وجامعة القرويين في فاس وقبة الصخرة وكنيسة القيامة في القدس وغيرها من المعالم الخالدة

2ـ4 الوثيقة السمعية

وتدخل هذه أيضاً في نوع الوثائق المساعدة التصويرية والتشكيلية وهي في الغالب تسجيلات صوتية أو إذاعية أو تسجيل أسطواني أو شريط سينمائي

ومع التطور المعاصر والتطورات الإلكترونية أصبحت هذه الوثيقة يعتمدها الخبراء في دراسة الغناء ومستوى الصوت وطبقاته، وأيضاً دراسة اللهجات الخطابية وأسلوب الحوار والنقاش عند رجال السياسة وزعماء العالم فيستندون بذلك على دراسة شخصياتهم ومدى تأثيرهم على الجماهير

3ـ  من وجهة نظر المؤرخين

تقسم الوثائق إلى:

3ـ1 وثائق ديوانية:

صدرت عن ديوان أو دواوين وتتبع قواعد وأساليب ثابتة في صياغتها وطرق إخراجها وشكلها

3ـ2 وثائق غير ديوانية:

أصدرتها هيئة أو مؤسسة ليست لها قواعد أو أساليب أو أشكال ثابتة

3ـ3 وثائق قومية:

تحفظ تراث الأمة القومي الذي يعكس نشاطها في كل المجالات ولاسيما المخطوطات والرسائل وأشكال الوثائق.

خامسا: الوثائق الإدارية

أولا: مفهوم الوثيقة الإدارية:

تعرف الوثائق الإدارية بأنها “محررات في حوزة الإدارة تتضمن وقائع إدارية معينة”.

وأهم مميزات الوثيقة الإدارية أنها كتابة وفي حوزة الإدارة وأن تاريخها قابل للإثبات وأنها تدل على واقعة إدارية معينة، فكما قد تكون على نماذج إدارية أو تحمل اسم الجهة التي أصدرتها أو خاتمها، أو موقعة من أحد الإداريين أو مؤشر عليها منه، فإنها كذلك قد تكون مجرد ورقة غير موقعة ولا مؤرخة ومليئة بالشطب والتحشير، يكفي توافر السمات المشار إليها فيها، ويجب أن يكون دخولها في حوزة الإدارة بمقتضى النظام المعمول به في الهيئة الإدارية.

والوعاء الطبيعي لحفظ الوثائق الإدارية هو الملفات والسجلات، وقد جرى العمل الإداري على ضم الوثائق المتعلقة بموضوع واحد في ملف واحد، ذو رقم معين، وتعنون جميع الوثائق التي يتضمنها الملف بهذا الرقم، وترقم بتسلسل، ويمكن هذا التسلسل من إثبات تاريخ الوثيقة.

وللإحاطة أكثر بمفهوم الوثيقة الإدارية يجب التعرض إلى بعض الوثائق المشهورة التي يمكن اعتبارها مما يدخل ضمن هذا المفهوم.

فمن حيث شكلها: قد تكون الوثائق الإدارية في حقيقتها أوراقا رسمية، وهي تلك التي تحتوي على تصرف قانوني يحرره ضابط عمومي أو موظف عام، ومن أشكال الوثائق الرسمية الوثائق الصادرة عن موظفي المصالح الإدارية والسندات القضائية وشبه القضائية الصادرة عن القضاة والموثقين والمحضرين القضائيين وكتاب الضبط، وقد تكون أوراقا عرفية صادرة عن الأفراد دون أن يتدخل في إصدارها موظف عام، ودون التزامها بشكلية معينة يقررها القانون، ولكنها دخلت في حوزة الإدارة وأشر على استلامها موظف بالإدارة.

كما يمكن أن تكون في شكل قرار إداري مهما كانت مرتبته، ويمكن أن تتخذ شكل عقد مودع بملف بالإدارة، أو عقد إداري، كما يمكن أن تكون من قبيل المنشورات والتعليمات الإدارية والتنظيمات الداخلية، كما قد تكون من قبل المحاضر الإدارية؛ مثل محاضر الجلسات التأديبية ومحاضر فرز الأصوات في العمليات الانتخابية أو تقارير فنية.

ومن حيث مصدرها: يمكن أن تكون الوثيقة الإدارية صادرة عن موظف عام مختص بالإدارة، كالمذكرات والتقارير والمحاضر، أو عن شخص عادي كما هو الحال بالنسبة للطلبات الواردة إلى الإدارة من شخص عادي بخطه وإمضائه، والتي تحفظ بالملفات الإدارية وتعطى رقما متسلسلا وتاريخا ويكون مؤشرا عليها من طرف الإدارة.

أما من حيث موضوعها: فقد يكون موضوع الوثيقة الإدارية إثبات تصرفات قانونية، أو وقائع مادية تتعلق بنشاط الإدارة وسير العمل بها أو بوقائع متعلقة بالموظفين أو بالمتعاملين معها، كالموردين والمقاولين، أو ممن مستهم قراراتها، أو عقودا بين الإدارة ومتعامليها أو محاضر وصفية لمجريات سير مختلف العمليات الإدارية.

سادسا: المحفوظات 

تعريف المحفوظات

هى جميع الوثائق الإدارية التى أنعدم تداولها تماماً فى إداراتها المنشئة وفقدت بالتالى قيمتها الإدارية وتم حفظها فى مكان منعزل بغرض تقييمها وغربلتها وانتقاء ماله قيمة للأبحاث التاريخية والاقتصادية والاجتماعية تمهيداً لتحويلها إلى دار الوثائق التاريخية و النظر فى إهلاك ما ليس له تلك القيمة.

أهمية المحفوظات

تحتفظ بنفس أهمية الوثائق فى مرحلتها الإدارية حيث:

- يرجع إليها كأدلة إثبات عند الدخول فى منازعات بين المؤسسة وأى جهة أخرى

- تستخدم فى عمليات صنع القرار بالنسبة للمديرين ومتخذي القرار

- تستخدم كمرجع تاريخى لأعمال المؤسسة

- تجيب على أسئلة مختلفة عن تطور سير العمل الإدارى بالمؤسسة

سابعا:  الوثائق التاريخية

تعريف الوثائق التاريخية

هى ذلك الجزء من المحفوظات التى وضحت تماماً قيمته للأبحاث التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية ، وأودعت دار الوثائق التاريخية ونظمت بالشكل العلمى الذى يجعلها صالحة للاستخدام من جانب الباحثين

أهمية الوثائق التاريخية

      تبدو أهمية الوثائق التاريخية فيما يلى :

-   بوصفها رصيد الشعوب و ذاكرته ومادته الأولى وهي العنصر الرئيس المكون للوعي التاريخي، ومن أهم مصادر المعرفة، وهي الأصول النزيهة التي يجد العلماء والباحثون بين ثنايا سطورها من الحقائق ما يسد الثغرات الناقصة ويستكمل منها الحلقات المفقودة، وتعد الوثائق من المصادر الأصلية والأساسية لدراسة التاريخ والحضارة لكونها منبعاً مادياً أصلياً يجد فيه الباحث والمؤرخ الكثير من الحقائق الأصلية التي تحتوي على معلومات تاريخية تتناول مسائل السياسة والاقتصاد والتجارة وعادات الشعوب وتقاليدهم ونظم الحكم، وكل ما يتعلق بالحقائق العلمية والحضارية عن الماضي، فهي الذاكرة الحية للأوطان تعين في فهم الماضي والكشف عن أسرار قواعد العلوم وأصولها في كل المجالات الطب، الفلك، النظم السياسية، الاقتصاد، والمال والفن والثقافة...إلخ.

-   بوصفها مصدراً رئيساً للتاريخ ، حيث أن العلاقة بين علمي التاريخ والوثائق علاقة عضوية تربط بين المؤرخ وعالم الوثائق برباط الهدف الذي يسعى إليه كل منهما وهو الوصول إلى الحقيقة ، ولقد أصبح المنهج الوثائقي أحد الروافد الأساسية في مجرى الحقائق التاريخية فبدون الوثائق وأشكالها المختلفة لا يمكن كتابة التاريخ ، وأي تاريخ يكتب في غياب الوثائق، تاريخ ينقصه الكثير من الحقائق.

-   أهميتها السياسة والقانونية فالوثائق هي التي تسجل بها أحداث الدولة وأعمالها الرسمية، وغير الرسمية، ولاشك أنها اكتسبت قيمتها التاريخية والسياسية فيما دون فيها من حقائق ثابتة ينتفع بها في دعم حق من الحقوق أو البرهنة على رأي والاستدلال على حالة من الحالات، ولقد أتاحت الفرصة أمام المؤرخين والسياسيين في إثبات الحقوق السياسية للأمة العربية. وأظهر مثال على ذلك ماحدث لجمهورية مصر العربية عندما أرادت إثبات حقوقها في الحدود عند طابا. فإن اللجان التي شكلتها الحكومة المصرية وكلفتها بالبحث عن الوثائق عثرت على الخرائط التي تبين مواضع العلاقات المتنازع عليها عند الحدود.

-   أهميتها اللغوية حيث تفيد الباحث فى علم اللغة وفقه اللغة فى رصد تطور اللهجات واللغات والمصطلحات التى كانت تستعمل فى وقت معين فى منطقة محددة .
مراجع معتمدة ومساعدة:

جمال الخولي، الوثائق الادارية بين النظرية و التطبيق

مميش العربي ورزاق العربي، التحرير الإداري.

دعلوس الأخضر، تقنيات التحرير ومعالجة البريد الإدراي.

محمود أحمد إتيم، التحليل الموضوعي للوثائق : الفهرسة الموضوعية والتكشيف والإستخلاص والنشاطات الملازمة للفهرسة والتحليل الموضوعي

محمود أحمد إتيم، الدليل العملي للتحليل الموضوعي والتكشيف.



    

مادة منهجية البحث العلمي                             الأستاذ: بن سادات نصرالدين

    يعتبر البحث العلمي ضرورة حتمية لكل المجتمعات، فهو المحرك الرئيسي لكل تقدم في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولم تصل أي دولة من الدول المتقدمة إلى ما وصلت إليه، إلا بفضل تشجيعها الدائم وسهرها على تطوير البحث العلمي.

       ولذلك فإن التدريب على البحث العلمي بالنسبة للطلبة في شقه النظري والتطبيقي يعتبر عاملا أساسيا ومهما في تنمية قدرات الطالب العلمية والبيداغوجية، وتساعده في ذات الوقت على كتابة الأبحاث وإعداد مذكرة تخرج في نهاية المطاف.

 وإذا كانت هذه هي مكانة البحث العلمي، فما هي أنجع السبل وأسهل الطرق لتمكين الطالب من التقيد بقواعد وأسياسيات البحث العلمي ؟


كلية الحقوق و العلوم السياسية

Faculté de Droit et Sciences Politiques

قسم العلوم السياسية

تخصص إدارة عامة

ماستر1

مقياس: تحرير وتحليل الوثائق                                  أ.د جيلالي بلوفة عبد القادر

 

الإرسال الأول(15 ديسمبر 2020 – 02 جانفي 2021)

 

الوثائق: أنواعها وأهميتها

 

أولاً : مفهوم الوثيقة

1- من الناحية اللغوية كلمة وثيقة مشتقة من الفعل وثق أى ائتمن ، ووثَّق أى أحكم ، نقول ووثَّق الأمر أى أحكمه وأثبته ، والوثيقة هو المحكم ، والوثائق هى كل ما  يعتمد عليه أو يرجع إليه لإثبات أمر وإحكامه وإعطائه صفة التحقق ، أو يؤتمن على وديعة فكرية أو تاريخية تساعد فى البحث العلمى ، أو تكشف عن جوهر واقع ما أو تؤكد على إجراء تصرف قانونى سواء كان عام أم خاص

2- أما من الناحية الاصطلاحية فإننا نقصد بالوثيقة أى مستند أو محرر مسجل - سواء كان فى شكل مخطوط أو مطبوع أو مصوراً أوفى مادة سمعية أو بصرية أو مصغر فيلمى أوفى شكل إلكتروني – نتج عن تصرف قانونى أو واقعة قانونية لشخص طبيعى أو إعتبارى (مؤسسة)

والتصرف القانونى هو التصرف الإرادي النابع من إرادة الشخص الفاعل القانونى ، وقد يكون تصرف فردى مثل الوقف والهبة والأوامر الصادرة عن المسئولين كلٍ فى درجته مثل الرؤساء والملوك والسلاطين والوزراء ورؤساء الحكومات والشركات والمؤسسات ....الخ، وقد يكون تصرف ثنائى أو زوجى نابع من إرادتين مثل البيع والشراء والزواج والمعاهدات والاتفاقيات بين الدول والمؤسسات والإفراد ....الخ ، وقد يكون التصرف صادر عن عدة إرادات مثل اتفاقات المشاركة فى أى تصرف بين أكثر من شخصين

    أما الواقعة القانونية فهى تصرف لاإرادي ، لا دخل لإرادة الشخص فيه مثل الوفاة.

وأياً كان النشاط الصادر عن الشخص الطبيعى أو الإعتبارى ؛ تصرفاً قانونياً أو واقعة قانونية ، فلابد من تضمينه فى مستند أو تسجيله فى محرر لإثباته وإحكامه وإعطائه صفة التحقق من جهة ، وللإعلام عنه .هذا المستند هو الوثيقة

وعلى كل حال فإن الكتابات الرسمية أو شبه الرسمية والصادرة عن الأفراد مثل الأوامر والقرارات والمراسيم والبراءات والاتفاقيات والمراسلات السياسية، والوثائق الشرعية، والكتابات التي تناول مسائل الاقتصاد أو التجارة أو عادات الشعوب أو نظمهم وتقاليدهم أو المشروعات أو المقترحات المتنوعة التي تصدر عن المسئولين في الدولة أو التي تقدم إليهم أو المذكرات الشخصية أو اليوميات، وكذلك الصادرة عن المؤسسات والهيئات هى وثائق لأنها تحمل تصرف قانونى أو واقعة قانونية.

ثانياً :خصائص الوثيقة وسماتها

تتميز الوثائق بمجموعة من الوثائق هى

-        الموضوعية وعدم التحيز : حيث يتم تحريرها بشكل موضوعى من جانب الجهة الرسمية التى تنتجها ، وهى بهذه الصفة تعتبر جزء لا يتجزأ من نشاط المؤسسة التى انتجتها أو تلقتها، لذلك لا يتوقع منها سوى الحقيقة باعتبارها جزء من عمل الإدارة التى أنتجتها

-        المصداقية : وتعنى اشتمالها على معلومات صحيحة خالية من الشك لكونها خضعت للوصاية من الجهة الرسمية التى أنتجتها أو من ينوب عنها شرعا أو قانوناً، وذلك على عكس المعلومات الواردة فى المصادر الروائية كالكتب والدوريات فهى معرضة بشكل إرادي للخطأ والصواب.

-                   الطبيعية : حيث تتكون الوثائق طبيعيا من خلال ممارسة الجهة الرسمية لأعمالها وأنشطتها اليومية المستمرة

-        العلاقات المتبادلة : حيث ترتبط كل وثيقة بعلاقات وطيدة مع بقية الوثائق الأخرى سواء أكانت داخل المجموعة الوثائقية أو خارجها ، لذلك يكون من الصعب – فى أحيان كثيرة - فهم ومحتويات وثيقة ما بدون الرجوع إلى الوثائق الأخرى التى ترتبط بها ، لذلك عند التنظيم يحسن ترتيب الوثائق وفقاً لمبدأ المنشأ أو الأصل

ثالثاً : نظرية الأعمار الثلاثة للوثائق

الوثائق مثلها مثل كافة الأشياء لها مراحل عمرية ، ويقسم علماء الوثائق حياة الوثيقة إلى ثلاث مراحل تعرف بنظرية الأعمار الثلاثة للوثيقة ، وقد بنيت هذه النظرية على أساس القيمة الذاتية للوثائق منذ الولادة والنضج حتى التوقف والإهلاك. وهذه المراحل هى:

1- العمر الإدارى وهى المرحلة الأولى وتبدأ منذ إنشاء الوثيقة فى المؤسسة الإدارية، وهنا تكون الوثائق مستخدمة بشكل منتظم خلال أوجه النشاط الإداري الجارى للمؤسسة التى أنتجتها ، ولذلك توصف الوثائق فى هذه المرحلة بأنها نشطة أو جارية ، وتسمى بالوثائق الإدارية ، ويطلق على هذا المرفق الذى يضمها ويعمل على ضبطها وحفظها وتنظيمها وتيسير إتاحتها للإفادة منها بمركز المعلومات الإدارية.

2- العمر الوسيط : أو المرحلة الثانية حيث يتوقف استخدام الوثيقة الإدارية بصفة منتظمة خلال أوجه النشاط الجارى ولكنها تحتفظ ببعض الاستخدامات الإدارية العرضية ولذلك توصف الوثائق فى هذه المرحلة بأنها غير نشطة أو غير جارية وتسمى بالمحفوظات ، وهنا تمر الوثائق فى هذه المرحلة بأخطر فترات حياتها حيث يتقرر مصيرها بصفة نهائية فهى إما أن تحيا وتحول إلى الأرشيف التاريخى لتستخدم كمصدر للبحث العلمى والتاريخى ، وإما أن تعدم فوراً ، وحتى لا يكون الحكم على مصيرها مستعجلاً ولكى تتوافر ضمانات الدقة وعدم التسرع توضع فى مكان مستقل يتولى أمر فحصها وتقييمها والحكم عليها، فضلاً عن حفظها بقصد الرجوع إليها عند الحاجة، وهذا المكان يطلق عليه مركز الأرشيف الوسيط ، أو دار المحفوظات.

3- العمر التاريخى : أو المرحلة الثالثة فى حياة الوثيقة حيث أصبحت لا تطلب للاستخدام الإدارى وتم تقييمها فى مركز الأرشيف الوسيط والحكم عليها بالحفظ الدائم لقيمتها الدائمة كمصدر لدراسة تاريخ الدولة ، وتسمى الوثائق فى هذه المرحلة بالوثائق التاريخية أو الأرشيف ، ويطلق على المرفق الذى يضمها ويعمل على ضبطها وحفظها وتنظيمها وتيسير إتاحتها للإفادة منها من قبل الباحثين والمؤرخين بدار الوثائق التاريخية أو مركز الوثائق القومية .

رابعاً : أنواع الوثائق

هناك أكثر من أساس يمكن اعتماده لتقسيم الوثائق إلى أنواع :

1- فمن حيث نوع المادة المكونة للوثيقة هناك:  الوثائق البردية – الورقية – السمعية أو الصوتية – البصرية – الفيلمية – الالكترونية أو الرقمية

2- ومن حيث الموضوعات المحتواة فى الوثائق هناك الوثائق الدينية – السياسية – الاقتصادية – العسكرية – الإدارية – التاريخية – الأدبية

3- ومن حيث علاقتها بالمؤسسات فهناك: وثائق المؤسسات الحكومية - الجامعات - وثائق المعابد– الأديرة– البنوك– المجالس التشريعية– المؤسسة العسكرية- المحاكم

4- ومن حيث مصدرها هناك : الوثائق العامة الصادرة عن السلطة العامة والخاصة بالمجتمع ككل مثل الدساتير والقوانين والمعاهدات ، والوثائق الخاصة وهى الخاصة بالتصرفات القانونية للأفراد طبيعيين أو اعتباريين

5- ومن حيث تداولها والاطلاع عليها هناك:

- وثائق يجوز الاطلاع عليها وتداولها وهى التى تتعلق بموضوعات عامة غير سرية وتم نشرها أو إبلاغها للجهات والأشخاص الطبيعيين والاعتباريين ، وتتاح مثل هذه الوثائق للباحثين والدارسين للاستفادة منها فى البحث العلمى ، ومن أمثلتها الأنظمة واللوائح والسياسات والخطط والبرامج والميزانيات والإحصاءات والتقارير

- وثائق يحظر تداولها لغير الموظفين المختصين أو بأمرهم لسريتها أو لاشتمالها على معلومات تخص أشخاص معينين أو مؤسسات محددة وليس من المصلحة الاطلاع عليها أو إفشاء ما تتضمنه من معلومات

6- وبالإضافة إلى ذلك تقسم الوثائق من حيث المراحل العمرية للوثيقة – كما سبق أن ذكرنا- إلى ثلاثة أنواع هى :

- الوثائق الإدارية

– والمحفوظات

    - الوثائق التاريخية .

 وهو التقسيم الوظيفى الشائع بين المتخصصين ، وسوف نتناولها بشيء من التفصيل مع التركيز أكثر على الوثائق الإدارية والوثائق التي لها علاقة بها كالوثائق التاريخية والمحفوضات :

ويمكن تقسيم الوثائق وفق أسس أخرى:

1. من حيث الغرض الذي يرمي إليه الفاعل القانوني من كتابة الوثيقة:

وتقسم إلى نوعين:

-          وثائق يقصد بها أن تكون مستنداً أو دليلاً أمام القضاء يثبت بها الفعل أو التصرف القانوني الذي يتم بمجرد توافق الإرادتين

-         وثائق ضرورية لقيام عمل قانوني، ومثال ذلك: الهبة التي لا تتم من الناحية القانونية إلا بوثيقة

إن هذا التقسيم مهم من وجهة نظر القانون فكلما زاد الاعتماد على الوثائق المكتوبة في دعم رأي أو عمل ما كان ذلك دليلاً على تقدم النظم القانونية والحضارية في الدولة، إذ إن الكتابة تفوق الشهادة، والكلام ينسى وتبقى الكتابة

2. من حيث صحتها ومبلغ الاعتماد عليها

وتقسم إلى:

2ـ1ـ الوثيقة الكتابية

وتتكون من:

ـ كل ما أؤتمن على وديعة مخطوطة باليد وتظهر بأجزاء متتابعة أو مدة محددة وزمن معين وكتبت من مسؤول رسمي وهذه الوثائق صحيحة لايمكن الطعن فيها

ـ وثائق قام بتحريرها أفراد دون الرجوع إلى موظف رسمي مختص أو أنها ليست معتمدة من جهة رسمية

2-2 الوثيقة التصويرية

ويأتي هذا النوع من الوثائق في درجة تلي الوثيقة الكتابية، وتعد في علم التوثيق وثيقة مساعدة بمعنى أنه لا يعتد بها وحدها، لأن المحتوى فيها موضع ترجيح أو شك وهي في الغالب رسم ما نقل بالزيت أو بالقلم أو بالفحم أو صورة أو نقش في الحجر أو صورة شمسية

2ـ3 الوثيقة التشكيلية

وتعد أيضاً من الوثائق المساعدة، وهي مماثلة للوثيقة التصويرية حيث إنها مماثلة لها في كثير من المقومات وهي تكون بناء قصور لأشخاص مرموقين أو مؤسسات رسمية أو معالم أو آثار معمارية كقصر الحمراء في غرناطة أو أهرام الجيزة ومسجد قرطبة، وقصر إشبيلية وجامعة القرويين في فاس وقبة الصخرة وكنيسة القيامة في القدس وغيرها من المعالم الخالدة

2ـ4 الوثيقة السمعية

وتدخل هذه أيضاً في نوع الوثائق المساعدة التصويرية والتشكيلية وهي في الغالب تسجيلات صوتية أو إذاعية أو تسجيل أسطواني أو شريط سينمائي

ومع التطور المعاصر والتطورات الإلكترونية أصبحت هذه الوثيقة يعتمدها الخبراء في دراسة الغناء ومستوى الصوت وطبقاته، وأيضاً دراسة اللهجات الخطابية وأسلوب الحوار والنقاش عند رجال السياسة وزعماء العالم فيستندون بذلك على دراسة شخصياتهم ومدى تأثيرهم على الجماهير

3ـ  من وجهة نظر المؤرخين

تقسم الوثائق إلى:

3ـ1 وثائق ديوانية:

صدرت عن ديوان أو دواوين وتتبع قواعد وأساليب ثابتة في صياغتها وطرق إخراجها وشكلها

3ـ2 وثائق غير ديوانية:

أصدرتها هيئة أو مؤسسة ليست لها قواعد أو أساليب أو أشكال ثابتة

3ـ3 وثائق قومية:

تحفظ تراث الأمة القومي الذي يعكس نشاطها في كل المجالات ولاسيما المخطوطات والرسائل وأشكال الوثائق.

خامسا: الوثائق الإدارية

أولا: مفهوم الوثيقة الإدارية:

تعرف الوثائق الإدارية بأنها “محررات في حوزة الإدارة تتضمن وقائع إدارية معينة”.

وأهم مميزات الوثيقة الإدارية أنها كتابة وفي حوزة الإدارة وأن تاريخها قابل للإثبات وأنها تدل على واقعة إدارية معينة، فكما قد تكون على نماذج إدارية أو تحمل اسم الجهة التي أصدرتها أو خاتمها، أو موقعة من أحد الإداريين أو مؤشر عليها منه، فإنها كذلك قد تكون مجرد ورقة غير موقعة ولا مؤرخة ومليئة بالشطب والتحشير، يكفي توافر السمات المشار إليها فيها، ويجب أن يكون دخولها في حوزة الإدارة بمقتضى النظام المعمول به في الهيئة الإدارية.

والوعاء الطبيعي لحفظ الوثائق الإدارية هو الملفات والسجلات، وقد جرى العمل الإداري على ضم الوثائق المتعلقة بموضوع واحد في ملف واحد، ذو رقم معين، وتعنون جميع الوثائق التي يتضمنها الملف بهذا الرقم، وترقم بتسلسل، ويمكن هذا التسلسل من إثبات تاريخ الوثيقة.

وللإحاطة أكثر بمفهوم الوثيقة الإدارية يجب التعرض إلى بعض الوثائق المشهورة التي يمكن اعتبارها مما يدخل ضمن هذا المفهوم.

فمن حيث شكلها: قد تكون الوثائق الإدارية في حقيقتها أوراقا رسمية، وهي تلك التي تحتوي على تصرف قانوني يحرره ضابط عمومي أو موظف عام، ومن أشكال الوثائق الرسمية الوثائق الصادرة عن موظفي المصالح الإدارية والسندات القضائية وشبه القضائية الصادرة عن القضاة والموثقين والمحضرين القضائيين وكتاب الضبط، وقد تكون أوراقا عرفية صادرة عن الأفراد دون أن يتدخل في إصدارها موظف عام، ودون التزامها بشكلية معينة يقررها القانون، ولكنها دخلت في حوزة الإدارة وأشر على استلامها موظف بالإدارة.

كما يمكن أن تكون في شكل قرار إداري مهما كانت مرتبته، ويمكن أن تتخذ شكل عقد مودع بملف بالإدارة، أو عقد إداري، كما يمكن أن تكون من قبيل المنشورات والتعليمات الإدارية والتنظيمات الداخلية، كما قد تكون من قبل المحاضر الإدارية؛ مثل محاضر الجلسات التأديبية ومحاضر فرز الأصوات في العمليات الانتخابية أو تقارير فنية.

ومن حيث مصدرها: يمكن أن تكون الوثيقة الإدارية صادرة عن موظف عام مختص بالإدارة، كالمذكرات والتقارير والمحاضر، أو عن شخص عادي كما هو الحال بالنسبة للطلبات الواردة إلى الإدارة من شخص عادي بخطه وإمضائه، والتي تحفظ بالملفات الإدارية وتعطى رقما متسلسلا وتاريخا ويكون مؤشرا عليها من طرف الإدارة.

أما من حيث موضوعها: فقد يكون موضوع الوثيقة الإدارية إثبات تصرفات قانونية، أو وقائع مادية تتعلق بنشاط الإدارة وسير العمل بها أو بوقائع متعلقة بالموظفين أو بالمتعاملين معها، كالموردين والمقاولين، أو ممن مستهم قراراتها، أو عقودا بين الإدارة ومتعامليها أو محاضر وصفية لمجريات سير مختلف العمليات الإدارية.

سادسا: المحفوظات 

تعريف المحفوظات

هى جميع الوثائق الإدارية التى أنعدم تداولها تماماً فى إداراتها المنشئة وفقدت بالتالى قيمتها الإدارية وتم حفظها فى مكان منعزل بغرض تقييمها وغربلتها وانتقاء ماله قيمة للأبحاث التاريخية والاقتصادية والاجتماعية تمهيداً لتحويلها إلى دار الوثائق التاريخية و النظر فى إهلاك ما ليس له تلك القيمة.

أهمية المحفوظات

تحتفظ بنفس أهمية الوثائق فى مرحلتها الإدارية حيث:

- يرجع إليها كأدلة إثبات عند الدخول فى منازعات بين المؤسسة وأى جهة أخرى

- تستخدم فى عمليات صنع القرار بالنسبة للمديرين ومتخذي القرار

- تستخدم كمرجع تاريخى لأعمال المؤسسة

- تجيب على أسئلة مختلفة عن تطور سير العمل الإدارى بالمؤسسة

سابعا:  الوثائق التاريخية

تعريف الوثائق التاريخية

هى ذلك الجزء من المحفوظات التى وضحت تماماً قيمته للأبحاث التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية ، وأودعت دار الوثائق التاريخية ونظمت بالشكل العلمى الذى يجعلها صالحة للاستخدام من جانب الباحثين

أهمية الوثائق التاريخية

      تبدو أهمية الوثائق التاريخية فيما يلى :

-   بوصفها رصيد الشعوب و ذاكرته ومادته الأولى وهي العنصر الرئيس المكون للوعي التاريخي، ومن أهم مصادر المعرفة، وهي الأصول النزيهة التي يجد العلماء والباحثون بين ثنايا سطورها من الحقائق ما يسد الثغرات الناقصة ويستكمل منها الحلقات المفقودة، وتعد الوثائق من المصادر الأصلية والأساسية لدراسة التاريخ والحضارة لكونها منبعاً مادياً أصلياً يجد فيه الباحث والمؤرخ الكثير من الحقائق الأصلية التي تحتوي على معلومات تاريخية تتناول مسائل السياسة والاقتصاد والتجارة وعادات الشعوب وتقاليدهم ونظم الحكم، وكل ما يتعلق بالحقائق العلمية والحضارية عن الماضي، فهي الذاكرة الحية للأوطان تعين في فهم الماضي والكشف عن أسرار قواعد العلوم وأصولها في كل المجالات الطب، الفلك، النظم السياسية، الاقتصاد، والمال والفن والثقافة...إلخ.

-   بوصفها مصدراً رئيساً للتاريخ ، حيث أن العلاقة بين علمي التاريخ والوثائق علاقة عضوية تربط بين المؤرخ وعالم الوثائق برباط الهدف الذي يسعى إليه كل منهما وهو الوصول إلى الحقيقة ، ولقد أصبح المنهج الوثائقي أحد الروافد الأساسية في مجرى الحقائق التاريخية فبدون الوثائق وأشكالها المختلفة لا يمكن كتابة التاريخ ، وأي تاريخ يكتب في غياب الوثائق، تاريخ ينقصه الكثير من الحقائق.

-   أهميتها السياسة والقانونية فالوثائق هي التي تسجل بها أحداث الدولة وأعمالها الرسمية، وغير الرسمية، ولاشك أنها اكتسبت قيمتها التاريخية والسياسية فيما دون فيها من حقائق ثابتة ينتفع بها في دعم حق من الحقوق أو البرهنة على رأي والاستدلال على حالة من الحالات، ولقد أتاحت الفرصة أمام المؤرخين والسياسيين في إثبات الحقوق السياسية للأمة العربية. وأظهر مثال على ذلك ماحدث لجمهورية مصر العربية عندما أرادت إثبات حقوقها في الحدود عند طابا. فإن اللجان التي شكلتها الحكومة المصرية وكلفتها بالبحث عن الوثائق عثرت على الخرائط التي تبين مواضع العلاقات المتنازع عليها عند الحدود.

-   أهميتها اللغوية حيث تفيد الباحث فى علم اللغة وفقه اللغة فى رصد تطور اللهجات واللغات والمصطلحات التى كانت تستعمل فى وقت معين فى منطقة محددة .

مراجع معتمدة ومساعدة:

جمال الخولي، الوثائق الادارية بين النظرية و التطبيق

مميش العربي ورزاق العربي، التحرير الإداري.

دعلوس الأخضر، تقنيات التحرير ومعالجة البريد الإدراي.

محمود أحمد إتيم، التحليل الموضوعي للوثائق : الفهرسة الموضوعية والتكشيف والإستخلاص والنشاطات الملازمة للفهرسة والتحليل الموضوعي

محمود أحمد إتيم، الدليل العملي للتحليل الموضوعي والتكشيف.