- Gestionnaire: MUSTAPHA AMCHANI
المادة: الحركات الاجتماعية
مقدمة :
تعتبر فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مرحلة مؤسسة للدراسات العلمية والاهتمام الدقيق بالحركات الاجتماعية على مستوى السوسيولوجيا؛ فقد شهدت هذه الفترة نقاشات حادة ودراسات حول الحركات الاحتجاجية انطلاقا من أشكالها التقليدية كالنضال الطبقي إلى الأشكال الجديدة للحركات الاجتماعية التي أصبحت تشمل كل ميادين ومظاهر الحياة الاجتماعية: كالنضال من أجل البيئة أو مناهضة العولمة أو النضال من أجل حقوق المرأة والطفل إلخ.. وتضم كل الطبقات والفئات الاجتماعية دون تمييز، وتقوم على أساس تنظيم محكم وإمكانيات كبيرة.
إن الفعل الاحتجاجي ممارسة قديمة وليس وليد اليوم؛ فإذا رجعنا إلى التاريخ فإننا نسجل الكثير من الحركات والثورات الاجتماعية التي قامت من أجل تغيير واقع معين والطموح لبناء مجتمع جديد، كثورة العبيد وثورة الفلاحين والعمال. وكل هذه الحركات كانت ترمي إلى صياغة علاقات جديدة ومجتمع جديد، ولهذا اتجهت مختلف العلوم الاجتماعية والإنسانية نحو دراسة هذه الحركات الاجتماعية ومنها السوسيولوجيا بالخصوص لفهم أسباب وصيرورة ومآل الحركات الاجتماعية.
في بداية الخوض في هذا الدرس يجب التطرق إلى بعض التعاريف المختلفة والتي _لاشك_ أنها تخضع لخلفية معرفية وإيديولوجية متنوعة.
1- كل عمل جماعي مطلبي يعمل من أجل هدف مادي أو غير مادي ويهدف لتغيير نظام اجتماعي قائم.
2- إن الحركات الاجتماعية تعني كل عمل جماعي يهدف لتغيير التصرفات والمؤسسات في اتجاه إيجابي لصالح جماعة نشطة ومنظمة.
3- الحركات الاجتماعية هي مجموعة شبكات غير رسمية من تنظيمات مبنية على أساس قيم مشتركة وفكرة التضامن، التي تتجسد من أجل قضايا موضوع نزاع وحيث تستعمل مختلف أشكال الاحتجاج.
4- ويعرف تشارلز تيلي Charles TILLY الحركات الاجتماعية على أنها سلسلة من الأداء المتواصل والمعارضات والحملات التي يقوم بها أشخاص عاديون لرفع مجموعة من المطالب.
5- يشيــــر بلومر BLUMER إلى أن الحركات الاجتماعية هي ذلك الجهد الجماعي الرامي إلى تغيير طابع العلاقات الاجتماعية المستقرة في مجتمع معين، فهي نظرة مشاريع اجتماعية تستهدف إقامة نظام جديد للحياة ويستند إلى إحساس بعدم الرضا على النمط السائد والرغبة في إقامة نسق جديد.
6- غي روشي Guy ROCHER يعرفها على أنها تنظيم مهيكل ومحدد له هدف علني يكمن في جمع بعض الأعضاء للدفاع عن قضايا محددة ذات طبيعة اجتماعية عموما.
7- ألان توران Alain TOURAINE: إن الحركات الاجتماعية عبارة عن فعل خاص يؤشر على سلوك جمعي لفاعلين من جماعة معينة تناضل ضد جماعة أخرى من أجل القيادة الاجتماعية.
إن أهم عنصر في الحركات الاجتماعية هي بعدها الجماعي، فكل عمل فردي بعيد عن الأساس الجماعي لا ‘يؤخذ بعين الاعتبار في علم الاجتماع، فالحركات الاجتماعية هي فعل جماعي إرادي في إطار منطق احتجاجي، فهي فعل جماعي يهدف إلى وضع نظام حياة جديد ذو طابع عام أو محلي.
إن البعد الجماعي هو في كثير من الأحيان رهان صعب تحقيقه بالنسبة للجماعة التي تريد إسماع صوتها خاصة وأن الحركات الاجتماعية تتطلب تجنيد جماعات من الناس أكثر فأكثر واستمرارية العمل النضالي.
العمل الجماعي المطلبي الذي يهدف إلى تغيير واقع معين هو طريقة للتدخل في العمل السياسي من طرف جماعات مقصية من النظام السياسي، فهو سلاح الضعفاء الذي يسمح لهم بإسماع صوتهم.
لكن متى يكون العمل الجماعي أو الحركات الاجتماعية ذات طابع سياسي أم لا؟
تأخذ هذه الحركات الاجتماعية الطابع السياسي عندما تتوجه بمطالبها للسلطات السياسية لتقديم الحل وتحدد السلطات السياسية كمسؤولة وكطرف في المشكلة التي أدت إلى العمل الجماعي.
إن كل التعاريف تتفق على أن الحركات الاجتماعية هي عمل اجتماعي تهدف إلى تغيير بعض القيم والقوانين والمعايير أو نظام اجتماعي قائم أو علاقات اجتماعية مستقرة والرغبة في تغييرها وإقامة نظام عادل جديد وتشجيع التغيير بدل الثبات والجمود.
غير أن هناك حركات اجتماعية راديكالية وهي حركات تطمح لتغيير أنظمة اجتماعية وسياسية بشكل جذري كالثورات ضد الاستعمار مثلا أو أنظمة ديكتاتورية.
تعمل الحركات الاجتماعية باعتبارها كلا طبقيا غير متجانس جامع لفئات اجتماعية متعددة تلعب أدوارا ريادية في ملء الفراغ النجم عن تراجع دور الأحزاب والنقابات والمؤسسات السياسية
إن تاريخ كل حركة اجتماعية يبدأ بمرحلة التعبئة والتجميع كما يقتضي كذلك أن يتحرر الأفراد من القيود التقليدية، وأن يطوّروا قدرة تنظيمية يستطيعون بفضلها تحديد أهداف مشتركة ووضع الموارد المطلوبة للوصول لهذه الأغراض.
نلاحظ في بداية الحركات الاجتماعية مبادرات لامركزية وغير منسقة تأخذ شكل الانفجارات غير المتوقعة تطبع بصورة عامة بدايات الحركة، ثم بعد ذلك تتوسع وتنتشر في مناطق مختلفة.
خصائص الحركات الاجتماعية:
1- ذات بعد جماعي: تتكون من عدد كبير من الأفراد وليس من شخص واحد أو عدد قليل جدا، وهذا أهم التحديات التي تواجه الحركةـ
يجب الأخذ بعين الاعتبار عنصرين هامين: أولا: قدرة الحركة على تعميم الرهانات وإعطاؤها معنى وقدرة التوسع خارج نطاق المكان الذي وجدت فيه هذه الرهانات وثانيا: الأخذ بعين الاعتبار قدرة الحركة على ضم قطاعات أو جماعات أكثر فأكثرـ
2- ذات هدف أو خصم محدد، ومطالب محددةـ إن التهميش والظلم والفساد والتهميش السكني والمجالي، كلها عوامل أساسية ومركزية لإنتاج الفعل الاحتجاجي. ومن تمّ تتحدد الأهداف والمطالب وتتحدد الجهات المعنيةـ
3- وجود نظام قيم أو مشروع مشترك أو بناء فكري موحد وشعور بالانتماء للجماعة وتضامن داخلي؛ أي وجود قضية محددة أو مطالب محددة تجمع أفراد الحركة وتوحدهم على هدف واحد وتجعلهم يبنون مشروع مشترك في إطار فكري يؤطر المشروع ويجعل من كل أفراد الحركة الاجتماعية ينتمون إلى الجماعة ويتبنّون قيمها وبالتالي يشعرون بالتضامن مع جميع أعضاء الحركةـ
4- وجود بناء تنظيمي قادر على تجنيد وتجميع عدد كبير من الأفراد من أجل أحداث وحركات احتجاجية محددة: كل حركة اجتماعية تتطلب حدا أدنى من التنظيم ومن آليات وقواد وسلوك والتدبير والتعبيرـ كما تستوجب خطابا مؤطرا وموجها لفكرة الاحتجاج، كما أنه يمكن اعتبار البحث والسؤال حول مآل ومستقبل الحركة سؤالا أساسيا ومفصليا يدل على شكل ومضمون الحركةـ
5- الحركات الاجتماعية مستقلة: أي أن الحركات الاجتماعية لا تمثل ولا تنتمي إلى السلطة السياسية المركزية أو السلطات المحلية أو أي مؤسسة رسمية ولا تمول من قِبلها. وهذا ما يجعلها تكتسب استقلالية في الرأي والتعبير، ولا تلتزم بالسياسة الرسمية، بل تنتقدهاـ
يتبع.....
- Gestionnaire: MUSTAPHA AMCHANI
- Gestionnaire: OUMEIMA MAHMOUDI