علم النفس الاجتماعي المدرسي هو دراسة التأثيرات المتبادلة بين الفرد والجماعة في مختلف الأنساق التربوية في ضوء المواقف البيداغوجية التعليمية التفاعلية

                 مقياس علم النفس الاجتماعي / طلبة علم النفس المدرسي     

                                    السنة الثالثة / 2023/2022                     

مناهج البحث في علم النفس الاجتماعي

مفهوم مناهج البحث وأهميته في علم النفس الاجتماعي

ينتمي علم النفس الاجتماعي إلى العلوم الإنسانية والإجتماعية التي تعتمد في بحوثها ودراستها العلمية على المنهج العلمي في معالجة الظواهر بطرق علمية موضوعية بغية الوصول إلى نتائج يمكن تعميمها على المجتمع ، وعلى هذا الأساس تعتبر الطرق العلمية للبحث ضرورية لخدمة المجتمع بالأساليب العلمية بحيث أصبح الأسلوب العلمي هو الطريق الوحيد للوصول إلى الأهداف مما دفع بالباحثين في هذا المجال إلى البحث في العوامل التي تؤدي إلى تماسك الجماعة والتفاعل الاجتماعي بين أفرادها وقادتها والجماعات الأخرى .

وعلى هذا الأساس نجد علم النفس الاجتماعي يعتمد في بحوثه ودراساته للظواهر الاجتماعية على مناهج البحث هادفة إلى إكتشاف العوامل والأساليب التي ينجم عنها السلوك الاجتماعي مما يؤدي إلى ضبطه والتنبؤ به إستنادا على طرق البحث المتاحة من المنهج التجريبي والملاحظة والمقابلة و الطريقة الإحصائية والطريقة التشخيصية ، ومهما تعددت هذه الوسائل إلا أن الباحث يستخدم واحدة منها أو أكثر إلى جانب الطرق والأدوات الأخرى كإختبارات الذكاء أو الشخصية أو مقاييس الإتجاهات ..

يرى بنيقتون 1993 Bennington أن علم النفس الاجتماعي يستخدم ثلاث طرق بحث رئيسية هي البحث الترابطي ، التجارب المخبرية و الدراسات الحلقية . كما تستخدم طرق أخرى كالأرشيف ودراسة الحالة  ، وسنقتصر في معالجة هذا الموضوع على ما يلي :

- الملاحظـــة

تستخدم الملاحظة كطريقة لحصر المعلومات حول الظاهرة المدروسة وذلك في العلوم الطبيعية والإجتماعية . وأن الباحث يجمع الحقائق المتعلقة التي تساعده في تحديد المشكلة . كما تعني الإستيعاب الهادف من قبل الدارس أو الباحث للظاهرة المدروسة . وتطبق الملاحظة على الجماعات الصغيرة  كجماعات التجريب ، فهي عملية مخططة ومثال ذلك : دراسة التأثير على مستمعي المحاضرة أو مشاهدة المسرحية حيث يقوم الباحث بملاحظة النتائج التي تنتج تبعا لتغير الظروف التي تحدث في التجربة .

يوجد نوعان من الملاحظة ، الملاحظة المقصودة وتسمى بالملاحظة العلمية  والملاحظة غير المقصودة وتسمى بالملاحظة الطارئة ، ففي الملاحظة العلمية يحدد الباحث الهدف ويدون ملاحظاته . كما يستخدم الأدوات والأجهزة التي تساعد على السرعة ودقة الملاحظة .

كما تستخدم الملاحظة في عملية الإستطلاع غير المباشر للرأي العام بتدوين وتسجيل للرأي .

أى أن الملاحظ على هذه الطريقة أنها محدودة وضيّقة لأنها لا تتطلب وقتا طويلا وتقدم معلومات عن الظاهرة الخارجية فقط .

- المقابلــة

تعد المقابلة أحد الأساليب المستخدمة في دراسة السلوك الاجتماعي ، وهي بمثابة عن حديث أو حوار يدور بين الباحث والمفحوص ، ويمكن القول أن المقابلة تجرى لإستكمال بعض الأفكار أو توضيحها في إطار الدراسة القائمة أو المبحوث فيها  والتعرف على جوانب لا يمكن للإختبارات أن تصل إليها أو تغطيها كطريقة المفحوص في الحديث ومدى لباقته وعيوب النطق والكلام ...

يمكن القول أن المقابلة  فن إذ تتطلب من القائم بها خصائص علمية وشخصية والخبرة وأن يكون ملما بالعلوم السلوكية ( السيكولوجية) . كما تتطلب المقابلة توفير المكان الذي يرتاح فيه المفحوص للتعبير عن نفسه . وهناك أنواع من المقابلة نذكر منها على سبيل الحصر :

المقابلة الحرة وفيها يترك الباحث للمفحوص حرية التعبير عن نفسه وفي الموضوع الذي يرغب فيه . ويعاب على هذه الطريقة عدم تسجيل كلام المفحوص ، وعدم إثارة عدة موضوعات لعدم تحديدها من قبل .

كما يوجد نوع آخر من المقابلة متمثل في المقابلة المحددة المقيدة حيث يضع الباحث الموضوعات والأسئلة الخاصة بها ، ويقوم الباحث بتوجيه الأسئلة للمفحوص وتسجيل الإجابات .

وعليه ، يمكن القول أن المقابلة مهما كان صنفها تميزن بخصائص تنحصر في :

- السرية الكاملة التي روعيت في المقبلات .

- تعاون المفحوصين مع الباحثين .

- التسجيل الدقيق للمناقشات التي تمت أثناء المقابلات .

- التعليمات الدقيقة التي أعطيت ممن قاموا بالمقابلة .

- دراسة الحالـــة

يعتمد ألأخصائي النفساني الاجتماعي أحيانا على هذه الطريقة ـ دراسة الحالة ـ وذلك أن لا يمكن فهم سلوك الفرد فهما كاملا دون المعرفة التامة بالتاريخ الماضي للفرد فيلم الباحث بمعلومات عن الأسرة والمكانة الاجتماعية والإقتصاديةللأسرة ، والتعليم والحالة الصحية والجسمية والميزاجية للمفحوص .

تؤخذ مادة دراسة تاريخ الحالة من عدة مصادر منها المقابلات والإستبيانات والسجلات .. ودراسة الحالة تعتبر مصدرا هاما للبيانات المتعلقة بالأفراد ونحاول حصر بعض البيانات المستوجبة التطرق إليها في دراسة تاريخ الحالة على أن تتضمن النواحي التالية :

- الإطار العائلي - النمو الشخصي المبكر –الإتجاهات نحو الأسرة  - التوافق الاجتماعي في المدرسة  - النمو الجنسي –الإستجابات العاطفية – القدرة على التوافق الاجتماعي . الإحساس بالواقع – الصحــة –الميــول .

- الإستمارة

هذه الطريقة  لاقتإنتشارا واسعا في الأبحاث السيكولوجية الاجتماعية ، وهي عبارة عن أسئلة موجهة لأستضاح مواقف الناس من حادثة إجتماعية أو قيم إجتماعية وكمكمل للإستمارة يمكن إجراء ما يعرف بالمقابلة لتوضيح أو الإستفسار عن أمر ما

- المنهج التجريبي / التجربــة

يعتبر المنهج التجريبي أدق مناهج البحث في علم النفس  بصفة عامة ويقول مورفي 1965 Murphy: إن أهم حدث في علم النفس الاجتماعي هو إدخال المنهج التجريبي والإعتماد عليه بشكل واضح .

يتعين على الباحث تحديد الظاهرة المراد دراستها ثم يقوم بتحديد المشكلة بشكل دقيق مع ضبط المتغيرات والتحكم فيها  ثم بيان الهدف المرجو من الدراسة ثم صياغة الفروض التي يتحقق منها تجريبيا ليتأكد من صحتها أو بطلانها عن طريق مقارنة توقعاتها بالمعطيات الموضوعية التي تم جمعها للوصول إلى النتائج والقوانين الخاصة بالظاهرة المدروسة .

تستخدم الطريقة التجريبية  كثيرا في علم النفس الاجتماعي ويقول نيوكمب أن التجربة هي أكثر الطرق ملائمة لعمل ضبط للمنبهات الاجتماعية ، ويعني بالتجربة معالجة ظروف البحث ومتغيراته بوضع الخطط الكفيلة بذلك.

قد يستلزم الموضوع المبحوث فيه من الباحث إجراء التجربة على العينة المقصودة ، وبواسطة التجربة تبحث الظاهرة المدروسة عمدا وقصدا للوصول إلى نتائج ومن أجل ذلك يوضع المجرب عليهم في ظروف تتطلب نشاطا وتوافقا معينا .

إن التجربة تؤمن تسريع عملية المعرفة بالظاهرة المدروسة وتعميقها ، وبتكرار التجارب تجمع كمية كافية من المعطيات الضرورية للتعميم .

- الطريقة السوسيومترية

القياس الاجتماعي أبتدع من منهج العالم الأمريكي مورينو ، والهدف من هذه الطريقة هو تحديد أنماط وأساليب التعاطف والتنافي أو الإقبال أو الإعراض عن شيء أو عمل داخل الجماعة . ويمكن تلخيص مجريات هذه الطريقة في الآتي :

يطلب من كل فرد من أفراد العينة المدروسة أن يحدد ميله نحو أي فرد من الأفراد يرغب في العيش معه أو مصادقته أو مشاركته في أي جانب من جوانب الحياة الاجتماعية الممارسة ويكتب إسم كل فرد ممن يفضلهم بالترتيب . كما يكتب كذلك أسماء الأشخاص الذين يكرههم  كذلك بالترتيب أو الذين لا يريد أن يشترك معهم في مجالات معينة ، وبهذه الطريقة  يستطيع الباحث إقامة سوسيوغرام ويقول مورينو أن إبداع الشخص يعتمد على وضعه في المركز الملائم له .

والجدير بالذكر أنه عند إجراء الإختبارالسوسيومتري أن يكون عدد أفراد الجماعة التي يطبق عليها صغيرا لتسمح بتفاعل الأفراد ومشاركتهم مع بعضهم البعض في الكثير من الأنشطة ومواقف الحياة اليومية .

  


              مقياس علم النفس الاجتماعي / طلبة علم النفس المدرسي     

                                    السنة الثالثة / 2020/2021                     

                           

مذهب تارد في علم النفس الاجتماعي

 

يعتبر غابريل تارد ( 1843 ـ 1904) من أشهر المفكرين الذين حاولوا تفسير الظواهر الاجتماعية ببعض الظواهر النفسية ، وتظهر أفكاره جليا في كتابه القوانين الاجتماعية ، وقد وجه تارد النقد إلى المذهب العضوي الذي يأخذ به سبينسر و اسبناس وكذلك إلى  نظرية دركهايم التي بدأت تظهر في ذلك الوقت .

يرى تارد أن العوامل النفسية أهم بكثير من العوامل العضوية أو البيولوجية لذلك سعى لإقامة علم الاجتماع على أسس نفسية ولهذا يصبح علم الاجتماع لديه هو علم النفس يبحث عن العلاقات النفسية بين الأفراد .

يرى تارد أن الباحث لا يستطيع أن يفهم الحوادث الاجتماعية إن هو أغفل أو أهمل الوجهة النفسية أي إذا أهمل ما يجري في نفوس الناس وخواطرهم . كما يرى أيضا أن أفكار الناس وأقوالهم وأعمالهم معادة ومكررة في الغالب ونادرا ما تكون مبتكرة بعض الإبتكار لذلك تتصف هذه الأفكار والأقوال والأعمال بصفة العموم والكلية لكونها معادة ومكررة وبذلك يمكن تأسيس علم النفس الاجتماعي إذ لا علم بالكليات كما قيل منذ القديم .

وصفة  العموم والكلية  في رأي تارد قائمة في الأمور المبحوث عنها في التقاليد والإقتداء أي إقتداء الناس ببعضها البعض وهو السبب في إنتشار الأفكار وتشابه الأعمال والأقوال ولكن الإقتداء لا بد له من بداية يبدأ منها ومصدر يصدر عنه أي لا بد من مبتكر أو مجتهد يقتدي به الناس ويتبعون أثاره ، وهكذا يظهر لنا عنصران أساسيان نفسيان في الحياة الاجتماعية عامة وهما الإختراع والإقتداء .

الإختراع أولا تنشأ نماذج جديدة من الأفكار و الأقوال و الأعمال ،

الإقتداء ثانيا يثبت تلك النماذج وينشرها ويشبّه تارد هذه العمليّة بالحركات الإهتزازية في الفيزياء حيث أنّ لها مركز إهتزازي تصدر الأمواج عنه وتنتشر بعيدة عنه كالنور والصوت .

ويحلل تارد الإقتداء فيرى أنّ له أنواعا فهو يفرق بين الإقتداء في التقاليد والعادات وهو إقتداء الناس بعضم ببعض في الزمان أي إقتداء الجيل اللاحق بالجيل السابق ، وبين الإقتداء في الأزياء وهو إقتداء الناس بعضهم ببعض في المكان والزمان حيث يحدث بين المعاصرين أي في الجيل الواحد ثم أن الإقتداء ينتشر في المجتمع وفقد يعوق إنتشاره تفاوت الناس في العرق وعدم تجانسهم وهو يجري بوجه عام من الأعلى إلى الأسفل أي الناس كما يرى تارد مسوقين ( موضوعين) بطبائعهم أي تقليد من هو أعلى منه  من حكام ورؤساء وطبقات عالية. كما يجرى من الباطن إلى الظاهر أي أنه يجرى أولا في الأمور النفسية ثم يظهر في أعمال الشخص المقلد ، ويشرح تارد المعارضة بالنسبة للإقتداء أن لكل رأي طريق واعتقاد جديد يصدر عنه موج من الإقتداء لا يلبث أن يلتفت بموج آخر فإما أن تتفق الأمواج فتتراكم وإما أن تتنافر وتتحطم وفي هذا شبه  بحوادث التداخل في الحركات الإهتزازية ويميّز تارد نوع من الإقتداء يسميه الإقتداء العدي وهو عبارة عن مخالفة الرأي المنتشر ومقابلة العمل بهذه على علم وهمد فهو في الحقيقة شكل مقلوب من أشكال الإقتداء .

أما الإختراع فهو أمر فردي وتارد يطوي أي يثني على الرجال العظماء الذين أستطاعوا أن يكونوا أقطاب الشعب روحا وتفكيرا . ويرى أن التاريخ عبارة عن مجموعة إبتكارات بعثت أقواما من الإقتداءات .

مناقشة مذهب تارد

لقد أعتبر تارد الإقتداء شكلا من أشكال الحكم شبيها بالتنويم المغناطيسي يلتقي فيه الأراء وينقلها ويخالفها عفويا ثم أعدّ العلاقات الاجتماعية في هذا الطراز أي أنها آلة لأن الإقتداء العفوي بارد جدا . كما أظهر الدكتور جورج دومة بأن الإيحاء منوطا بكل ما تسهل تعطيل الإبتكار ويمنع النقد .

قام الدكتور برنهايم  بإحصاء تبيّن له أن الإقتداء أكثر ما يحدث عند القدماء من الموظفين والجنود ، ويمكن القول أليس الإقتداء عندئدذ هو العنصر الأساسي الذي يشرح به تارد  الحياة الاجتماعية التني هو نفسه من أمور إجتماعية ومرتبطا بها بدلا من أن يكون منتجا لها ثم أن تارد يوسع من معنى الإقتداء ليشمل كل شيء وقد تبيّن لشارل بلو أن تارد يطبق الإقتداء الآلي على أمور تمد في الواقع إلى اختيار الشخص وإلى حريته ، ولقد أراد تارد أن يفسر جميع الحوادث الاجتماعية بشيء واحد وهو الإقتداء لذلك أضطر إلى توسيع معناها وتعميمها حتى أفقده مدلوله جزئيا ، وهذا لا يمانع من القول في أن ما جاء به تارد يشرح جانبا من الحياة الاجتماعية فكثيرا ما يداخل الحياة الاجتماعية التقليد والتمثيل . ولقد رأى العلماء الذين فحصوا أحوال القردة أن التقليد صفة منم صفات الإنسان وهذا التقليد يرجع في الغالب إلى ضعف في الشخصية وأن عدم ضبط النفس ضبطا تاما فيصبح الشخص مهيئ لتأثير الأخرين وتقليدهم والإقتداء بهم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


جامعة وهران (2)

كلية العلوم الاجتماعية

قسم علم النفس والأرطوفونيا

الأستاذ أسيا عبد الله

                      مقياس علم النفس الاجتماعي / طلبة علم النفس المدرسي     

                                        السنة الثالثة / 2020/2021                     

 

القيـــادة

تمهيــد

      أهتم علماء النفس الاجتماعي بدراسة القيادة والقائد محلولين ضبط ذلك  بنظريات وصفات القائد ، وهل كل قائد هو رئيس ؟ وخلصوا إلى وضع مجموعة من النظريات ومن أشهرها نظرية السمات والنظرية الوظيفية والنظرية الموقفية والنظرية التفاعلية ونظرية الرجل العظيم .

تعريف القيادة

للقيادة دور إجتماعي رئيسي يقوم به القائد أثناء تفاعله مع غيره من أفراد الجماعة والأتباع ، ويتم هذا الدور بأن من تكون له القوّة والقدرة على التأثر والتأثير في الآخرين وتوجيه سلوكهم في سبيل بلوغ هدف هذه الجماعة ، والقاعدة بطبيعة الحال شكل من أشكال التفاعل الاجتماعي بين القائد والأتباع حيث تبرر سمة القيادة .

القيادة سلوك يقوم به القائد للمساعدة على بلوغ أهداف الجماعة وتحريك الجماعة نحو هذه الأهداف وتحسين التفاعل الاجتماعي بين الأعضاء والحفاظ على تماسك الجماعة وتيسير الموارد للجماعة ، وهكذا يمكن النظر إليها كسمة وقد ينظر إليها كسمة سلوكية . والقيادة دائما تفاعل إجتماعي وتتطلب التمييز بين القيادة الدفع وقيادة الجذب حسب رأي كوبر kouber وماك جو  Mak  Joe  1963.

إن مفهوم القيادة يرتبط بالجماعة أكثر من ارتباطه بالأفراد وهذا رأي جيب 1963 لأن القائد هو أيضا شخص يقود جماعة من الأفراد ويؤثر في سلوكهم ويوجه أعمالهم وبذلك يكون بؤرة لسلوك أعضاء الجماعة ويكون الشخص المركزي في الجماعة .

القيادة و الرئاسة

يستوجب تحديد أهم الفروق بين القيادة والرئاسة :

أ القيادة : تنبع القيادة من داخل الجماعة وتظهر تلقائيا ، وتكون مسبوقة بعملية الصراع والتنافس من قبل عدد من أعضاء الجماعة ، والجماعة هي التي تحدد هدفها وليس القائد ، والتفاعل الدينامي بين الأفراد شرط أساسي لظهور القيادة ، وسلطة القائد يخلعها عنه أفراد الجماعة الذين يختارونه كقائد لهم ويصبحون أتباعها له في نفس الوقت .

ب الرئاســة : تقوم الرئاسة نتيجة لإعتراف تلقائي من جانب الأفراد بمساهمة الشخص في تحقيق أهداف الجماعة ، ويختار الرئيس الهدف ولا تحدده الجماعة نفسها . وتتميز الجماعة بمشاعر مشتركة قليلة ويوجد تباعد إجتماعي كبير بين الرئيس وأعضاء الجماعة فيحاول الرئيس الإحتفاظ بالرئاسة كوسيلة للسيطرة على الجماعة ودفعها لتحقيق مصالحه ، وتستند الرئاسة على السلطة والسيطرة .

نظريات القيادة

تعددت نظريات القيادة بتعدد البحوث في سيكولوجية القيادة ، وسوف نتناول أهم هذه النظريات .

1نظريـة السمات

أهتم بعض الباحثين في مجال القيادة على دراسة شخصية القائد وسماته وخصائصه الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية ، فقامت نظرية السمات في أوّل الأمر على أن القيادة سمة موحّدة يتميّز بها القادة أينما وجدوا بصرف النظر عن نوع القائد أو الموقف أو الثقافة إلا أنّ هذه النظرية عارضها الواقع وذلك أن هناتك أنواع مختلفة من القيادة و تنشأ حسب الثقافات المختلفة ، وصحيحا أن هناك سمات معيّنة شائعة بيت القادة إلا أنّ الدلائل لا توحي بأن القيادة شمة موحّدة عامة . بينما ركز البعض على توافر بعض السمات الخاصة وكانت معظم سمات القائد فيما مضى نظرية مبالغا فيها وتعبر عما يريد الناس أن يكون ولا تدل على ما هو كائن فعلا ، فظهرت قوائم من السمات مثل التديّن والخيال والحدس ، ولكن بتقدم البحث العلمي حول سمات القيادة وخاصة سمات القائد الجيّد فأصبحت تشتق من نتائج الإختبارات والمقاييس العلمية التي تطبق وتفسر بحرص وعناية . ولقد أجريت دراسات حول السمات الجسمية والعقلية ...محاولين وضع معايير

يرجع إليها الأخصائي الاجتماعي في الحكم على القائد الجيّد.

السمات الجسمية :

يرغب القادة أن يكونوا أطول من الأتباع وأثقلهم وزنا وخاصة حين يشترط في القادة أن يكونوا أقوى من منم أعضاء الجماعة . كما نجد القادة أكثر حيوية وأوفر نشاطا من الأتباع.

السمات العقلية المعرفية :

يلاحظ أن القادة أكثر تفوقا من ناحية الذكاء العام من الأتباع خاصة في الجماعات التي تكون ذات طابع أكاديمي على أنه لوحظ أن القائد الذي تزيد نسبة ذكائه عن موسط ذكاء أفراد الجماعة أكثر من إنحرافين معريين يكون الفارق بينه وبين أتباعه واضحا في الميل والقيم والإتجاهات .

كما لوحظ أن القائد يميل إلى أن يكون أغنى ثقافة وإثراء معرفة وأوسع أفاقا وأبعد نظرة وأنفذ بصيرة وأقدر على التنبؤ بالمفاجآت والإستعداد لها وأحسن تصرفا وأعلى مستوى في الإدراك والتفكير وفي إتخاذالقرارات .

السمات الإنفعالية :

يتصف القائد بالثبات الإنفعالي والنضج وقوّة  الإرادة والثقة في النفس والضبط والإتّزان النفسي.

السمات الاجتماعية :

في هذه الخصية نجد أنّ القادة يتّسمون أكثر من الأتباع بالتعاون وتشجيع روح التعاون بين الأعضاء والقدرة على التعامل مع الآخرين واحترامهم والإنصات وعدم المشاكسة والمعرفة الخاصة بمشكلات الجماعة والقدرة على حلها .

كما يجب على القائد التحلي بالإنبساطية والمرح وأقدر على المحافظة والإحتفاظ  بأعضاء الجماعة ومراعة مشاعرهم وكسب ثقتهم وهو أكثر أعضاء الجماعة ميلا إلى المشاركة والإسهام بشكل إيجابي بالنشاط الاجتماعي والقدرة على خلق روح معنوية عالية في الجماعة وأبرز في جمع الشمل للجماعة والإبقاء عليها.

سمات عامة :

هذه السمات تشمل حسن المظهر والمحافظة على الوقت والمعرفة بالعمل والأمانة وحسن التمتع بعادات شخصية حسنة والتمسك بالقيم الروحية والمعايير الاجتماعية والتواضع .

2 النظرية الوظيفية

تتجلى القيادة في ضوء هذه النظرية هي القيام بالوظائف الجماعية التي تساعد الجماعة على تحقيق أهدافها . وينظر إلى القيادة هنا في جملتها على أنها وظيفة تنظيمية ، ويهتم أصحاب هذه لنظرية بالسؤال عن كيف تتوزع الوظيفة القيادية في الجماعة ؟

فقد يكون توزيع الوظائف القيادية على نطاق واسع وقد يكو على نطاق ضيّق جدا لدرجة أنّ كل الوظائف القيادية تنحصر في شخص واحد هو القائد ، وتتلخص أهم وظائف القائد في الجماعة في النقاط التالية :

1 – التخطيط للأهداف القريبة أو البعيدة المدى .

2 – وضـع السياسة .

القائد هنا يتحرك في إطار تحديد الهدف ، فيمكن أن يحدد القائد في ذلك الإطار والهدف المنشود ، وهذا الإطار ينبع من ثلاث مصادر علوية أو فوقية من السلطات العليا للجماعة كما في الجماعة العسكرية ، ومصادر تحتية تابعة من قرارات أعضاء الجماعة ككل وحتى القائد نفسه . حيث تفوضه السلطة العليا أو الجماعة نفسها في حالة الثقة الكاملة فيه فينفرد بوضع السياسة لجماعته.

3 –الإيديولوجية .

هنا ينظر إلى القائد كإيديولوجي فهو في كثير من الأحيان قد يعمل كمصدر للأفكار ومعتقدات وقيم الأعضاء .

4 –الخبــرة .

ينظر إلى القائد كخبير ومصدر للخبرة الفنيّة والإدارية والمعرفية في الجماعة .

5 – الإدارة والتنفيذ ة وتحريك التفاعل الاجتماعي وتنسيق سياسة وأهداف الجماعة بالإضافة إلى مراقبة تنفيذ السياسة وتحقيق الأهداف .

6 - الحكم والوساطـة .

هنا يكون القائد حكما ووسيطا فيما قد ينشب من صراعات ومشاحنات داخل الجماعة .

7 – الثواب والعقاب .

حيث يكون القائد هو مصدر الثواب والعقاب وهذا يمكّنه من المحافظة على الضبط والربط في الجماعة .

8 – نموذج يهتدى به ومثل أعلى للسلوك بالنسبة و لأعضاء الجماعة .

9 – رمز للجماعة واستمرارها في أداء مهامها .

10 – صورة للأب ورمز مثالي للتوحد والتقمص .

3 النظرية الموقفية :

تنظر هذه النظرية إلى وظائف القيادة والسلوك الذي يعبر عنه والذي يقوم به الفرد في موقف معيّن على أنها هي القيادة ، وتشير في نفس الوقت هذه النظرية إلى أن أي عضو في الجماعة قد يصبح قائدا في موقف يمكّنه من القيام بالوظائف القيادية التي تتناسب مع الموقف ، والمعروف أن الفرد الذي يكون قائدا في موقف ما قد لا يكون بالضرورة قائدا في الموقف الآخر فعلى سبيل المثال قد لا يصلح قائد الجماعة على أن يكون قائدا لجماعة التصالح أو الصلح وهذا رأي " ستودجل"  .

ترى هذه النظرية أن القائد لا يمكن أن يظهر إلا إذا تهيأت له الظروف في المواقف الاجتماعية باستخدام إمكانياته القيادية والعلمية ، ويضرب أصحاب هذه النظرية الأمثال بأن قادة الفكر والعباقرة المخترعين كأديسون مخترع فتوكراف و فورد مخترع السيارة لو كان قد ظهر في القرن 17 حيث لم يكن التقدم العلمي فلم يتمكنا من الإنجاز  لما وصل إليه .

4النظرية التفاعلية :

تقوم هذه النظرية على أساس التكامل والتفاعل بين كل من المتغيّرات الرئيسية في القيادة ، ويمكن وصفها على النحو التالي :

أ - القائد  وشخصيته ونشاطه في الجماعة .

ب - الأتباع واتجاهاتهم وحاجاتهم ومشاكلهم .

ج - الجماعة نفسها والعلاقة القائمة بين أفرادها وخصائصها .

د – المواقف كما تحددها العوامل المادية وطبيعة العمل وظروفه ، وتركز هذه النظرية  على تفاعل القائد مع الأتباع .وإدراك القائد لنفسه وإدراك الأتباع له بالإضافة إلى إدراك القائد لهم . كما لا يهمل الإدراك المشترك بين كل من القائد واـباع للجماعة .

ويمكن القول أن هذه النظرية تقوم في أساسها على أن القيادة عملية تفاعل إجتماعي فالقائد يجب أن يكون عضوا في الجماعة يشاركها معاييرها وقيّمها واتجاهاتها وآمالها ومشاكلها وسلوكها الاجتماعي ، وحسب هذه النظرية يمكن التعرف على شخصية القائد وعلى الموقف الاجتماعي وعلى التفاعل بينهما .

5 نظرية الرجل العظيم :

يعد فرنسيس جالتون من أوائل دعاة هذه النظرية إذ يرى أنّ بعض الرجال العظام يبرزون في المجتمع لما يتّسمون به من قدرات ومواهب وخصائص وعبقرية غير عادية تجعل منهم قادة ومن أمثلة الرجال العهظام الذين تردد ذكرهم ازنهاور .

سلوك القيادة : أهتم المشتغلون بالبحث في علم النفس بدراسة السلوك القيادي وحصر أهم خصائصه :

1 - المبادرةوالإبتكار والمثابرة والطموح ، فالجماعة تنتظر من القائد أن يكون أكثر الأعضاء مبادرة بالعمل وأكثرهم قدرة على الإبتكار في المواقف الاجتماعية .

2 –التفاعل الاجتماعي، إن الجماعة تنتظر من القائد أن يكون أكثر الأعضاء مساهمة ونشاطا وإيجابية في التفاعل الاجتماعي ، وأن يكون أكثر حيوية في الإستجابةالإنفعالية .

3 –السيطـــرة : قد تكون للقائد رغبة في السيطرة وعلو المركز الاجتماعي وتركيز  السلطة والقوّة في يده .

4 –التمثيل الخارجي للجماعة :يعمل القائد كممثل خارجي وسفير للجماعة لدى الجماعات الأخرى .

5 –العلاقة العامة : يعمل القائد كضابط للعلاقات العامة الداخلية بين أعضاء الجماعة .

6 –التكامـــل : يعمل القائد على تحقيق التكامل الاجتماعي في جماعته . كما يعمل على تخفيف حدّة التوتّر وجمع شمل الجماعة .

7 –التخطيط والتنظيم : يعمل القائد بالإشتراك مع جماعته على التخطيط وتنظيم السلوك الاجتماعي للجماعة وتنسيقه وتوجيهه .

8 –الإعــلان : يلعب القائد دورا مهما كرجل إعلان في الجماعة إذ يطلعها على حقائق الأمور.

9 –التقبل والإعتراف المتبادل بين القائد وأتباعه ومراعة مشاعر الأخرين .

10 –الإنتــاج : يقوم القائد بسلوك المنتج وتركيز كل إهتماماته في القيام بدوره وإعطاء كل إمكانياته للعمل ، ويعمل القائد دائما على خلق نواحي جديدة في أعمال الجماعة  وأن يشجعها على مثل هذا السلوك.

11 –التوافق النفسي الاجتماعي وهذا ضروريا في السلوك القيادي ويرتبط به الثبات والرزانة وعدم التأثر بالنقد وتقبله ،والإعتراف بالخطأ والمبادرة إلى إصلاحه .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


َجامعة وهران (2)

كلية العلوم الاجتماعية

قسم علم النفس والأرطوفونيا

الأستاذ أسيا عبد الله

                      مقياس علم النفس الاجتماعي / طلبة علم النفس المدرسي     

                                        السنة الثالثة / 2020/2021

 

مدخل إلى علم النفس الاجتماعي

من الطبيعي أن نجد العلوم ترتبط فيما بينها وأن نجد هذا الإرتباط يبلغ أشده في العلوم الإنسانية ، فإذا كان علم الاجتماع يرتبط ويتشابك مع علم الأحياء فإن هذا الإرتباط وهذا الإشتباك يكون أقوى وأشد مع علم النفس وأن مباحث علم الاجتماع ومباحث علم النفس تمد بصلة إلى بعضها البعض ولهذا نقول أن مباحث علم الاجتماع على إختلافإتجاهاتها تتصل إتصالا وثيقا بمباحث علم النفس والسبب في ذلك كما يرى بعض علماء  الاجتماع يعود إلى كون أن الفرد والمجتمع كلاهما تجريد من تجريدات الذهن وليس لأحدها حقيقة منفكة أو مستقلة عن الآخر فهما وجهان لحقيقة واحدة هي الحياة الإنسانية الاجتماعيةفبهذا فكثيرا ما تتشابه مباحث علم الاجتماع ومباحث علم النفس حتى يصعب تعيين الحدود بينهما تعيينا دقيقا ، فالمباحث النفسية تنصب  في الغالب في المباحث الاجتماعية تخالط المباحث النفسية وتجاربها حين تناول علاقة الفرد بالحياة الاجتماعية وما تتضمن من هيئات وتأثيرات وعادات وثقافات  ، فعلم النفس الاجتماعي يسعى إلى دراسة العمل الاجتماعي الذي يقوم به الأفراد داخل الجماعة التي ينتسبون إليها مهما اختلفت هذه الجماعة لذلك يرى بعض علماء الاجتماع وخاصة المدرسة الأمريكية أن الإنسان جملة من الطاقة تظهر على شكل عمل وارتياح الإنسان وطمأنينته ورضاه العميق منوط بهذا العمل الذي يعمله والذي تعود نتائجه عليه بتحقيقه لذاته  وبناء شخصيته وجعله موضوع إحترام في نظر الجماعة التي ينتسب إليها .

وإذا حاولنا البحث عن تعريف علم النفس الاجتماعي نجد أن هناك عدة تعريفات وتنوعت بتنوع وجهات النظر بين العلماء .

فقد عرف أطو كلنبرغ علم النفس الاجتماعي بأنه الدراسة العلمية لسلوك الفرد بالنسبة للآخرين ، وبهذا فهو يبحث في الفرد في إطار الجماعة .

 وتعرفه كمبال يونغبأنه  دراسةالأشخاص من حيث تأثير بعضهم في بعض وتتبع نتائج هذا التأثير المتبادل في أفكارهم وعواطفهم وهياجاناتهموعاداتهم.

بنما عرفه كرتش و كروتشفيلد بأنه " ذلك العلم الذي يتناول بالدراسة سلوك الإنسان في الجماعة "أي يتناول كافة مظاهر سلوك الفرد ضمن الجماعة وفي المجتمع .

أما هولاندر فيعرف علم النفس الاجتماعي بأنه " الدراسة العلمية لسلوك الإنسان في المجتمع".

ويرى سلامة عبدالغفار أن علم النفس الاجتماعي هو فرع من فروع علم النفس يهتم بالدراسة العلمية المنظمة للتفاعل الذي يحدث بين الفرد والآخرين أو ما يمثله الآخرون وما ينتج عن مثل هذا التفاعل .

في حين أنّبارون و بارين يعرفان علم النفس الاجتماعي تعريفا أقرب إلى الناحية العلمية بأنه " العلم الذي يدرس الطريقة التي يتأثر أو يتحدد سلوك وشعور وتفكير الفرد بسلوك أو خصائص الآخرين" .

بينما نجد بعض العلماء وخاصة دافيد اقريش و رتشارد قشفييران بأن علم النفس العام فهو بالضبط علم النفس الاجتماعي لأن كليهما يبحث في ظواهر وقوانين واحدة ما دام الإنسان لا يمكن تصوّره منفصلا عن الآخرين . كما يران أن الظواهر الاجتماعية تندرج تحت مستويات ثلاث :

1 - مستوى سلوك الفرد .

2 – مستوى سلوك الجماعة .

3- مستوى المنظمات والهيئات الاجتماعية .

ويضربان المثال التالي للتفريق بين المستويات الثلاث وهو دراسة سلوك وتماسك الأسرة وعلى الباحث أن يدرس سلوك الفرد المنتسب للأسرة معيّنة ومقدار خضوعه أو خروجه على سلطتها وما يحدثه في نفسه قدوم شخص جديد على الأسرة كالغيرة مثلا عند ميلاد طفل ولذلك يعمد إلى تبيّن أفكار الشخص وأرائه عن الأسرة في جملتها أو عن كل عضو من أعضائها .

وإما أن يدرس طبيعة الأسرة وسلوكها جملة واختلاف هذه الطبيعة حسب الأحوال والشروط كما لو دهم خطر ينذر بزوال سعادتها وما يؤثر في علاقات الطاعة موت عضو أو انضمام عضو إليها بالزواج ، وكيف تعزم الأسرة عزما مشتركا . وفي هذا النوع من الدراسة يعمد الباحث إلى قياس مدى مرونة الأسرة أو صلابتها وقوّة السلطة فيها والجو الجمعي .

أو يعمد الباحث إلى دراسة الأسرة بوصفها منظمة إجتماعية فيبحث أشكالها في مختلف الطبقات الاجتماعية عن الفقراء والأغنياء في المدن والأرياف ومدى تماسك صيغ الأسرة بالقياس إلى نسبة الإجرام وإلى نسبة الطلاق أو المواليد . كما يدرس تطور أشكال الأسرة وتطوّر العادات والقيم فلو أخذنا مثلا فلان من الناس ودرسناه في المستوى الأول نوع إدراكاته النفسية وهيجاناته ومشاعره المتعلقة بأسرته، وفي المستوى الثاني علائق وصلات أفراد الأسرة ومدى إتفاقهموتلاؤمهم . كما يظهر من سلوك الأسرة المعتبرة كمجموعة أو كلا . بينما في المستوى الثالث الأسرة بوجه عام من جهة كونها منظمة إجتماعية وانفعالاتها بمختلف الأحداث الخارجية .

ومما لا شك فيه أن تحليل الظواهر الاجتماعية يقتضي دراسة المستويات الثلاث التي يكمل بعضها بعضاولا غرابة في تسمية علم النفس العام بعلم النفس الاجتماعي مادام علماء النفس الحدثين حين يدرسون سلوك الإنسان والظواهر النفسية يجدون لها جوانب نفسية / إجتماعية .

 حيث أن الحياة النفسية لا تنفصل عن الحياة الاجتماعية ولذى أهتم علماء علم النفس الاجتماعي بدراسة التفاعل القائم بين الفرد والآخرين والعوامل المؤثرة في هذا التفاعل . كما قاموا بدراسة العمليات النفسية المختلفة التي تحصل أثناء التفاعل وما ينجم عنها من إكتساب الفرد للأسباب السلوكية والقيم والمعايير التي ترضى عنها الجماعات في نطاق الحياة الاجتماعية للمجتمع .

مما سبق من هذه التعاريف نجد أنّ هناك تأكيدا واضحا على سلوك الفرد متضمنا خبراته وتفكيره والمواقف الإجتماعية التي مرّ بها والمجال الاجتماعي الذي يتم فيه تشكيل هذا السلوك

مصادر علم النفس الاجتماعي

أتفق العلماء على أنّ هناك مصدرين رئيسيين لعلم النفس الاجتماعي منها ما هو رئيسي ومنها ما هو فرعي ونوضح ذلك في الآتي :

1 –المصادر الرئيسية :

تتجلى المصادر الرئيسية في علم النفس وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا والمسماة بعلم البشر والتي تهتم بدراسة أصول الحياة البشرية / الاجتماعية ، ومظاهر الثقافة وتطورها .

أما علم النفس فيهتم بدراسة السلوك بصفة عامة هادفا التوصل إلى القوانين العامة التي تحكم هذا السلوك . وأن السلوك الصادر عن الفرد ما هو إلا نتيجة للتفاعل الحاصل بين الفرد وبيئته معبرا عن نشاط جسمي أو عقلي أو إنفعالي أو إجتماعي ومدى أثر الدوافع النفسية على السلوك الاجتماعي للأفراد .

كما أنه يدرس الإتجاهات والتعصب على أساس أنها دوافع إجتماعية مكتسبة إضافة إلى دراسته إلى التعلّم والإدراك من حيث كيفية تأثير المنبهات والمواقف الاجتماعية عليها مما دفع بعلماء النفس التطوري إلى البحث في أثر وأهمية العمر الزمني والخبرات السابقة في تشكيل السلوك ، والتعرف على الخصائص العامة لأنماط السلوك الشائعة في كل مرحلة عمرية .ولهذا فإن السلوك النفسي ـ الاجتماعي لا ينجم عن الوراثة فحسب بل إن مواقف التنشئة الاجتماعية تتداخل معها في إيجاد هذا السلوك .

كما لعب علماء الاجتماع دورا فعالا في تطوير أساليب الإنسان ، فعملية التعارف تعتمد على أبنية إجتماعية تساعد على حدوثها .

2- المصادر الفرعية :

يعد علم الاقتصاد وعلم السياسة من أهم المصادر الفرعية لعلم النفس الاجتماعي ونوضح ذلك في الآتي :

يهتم علم الاقتصاد بعملية ووسائل العرض والطلب للسلع والبضائع وكيفية تسويقها وتزويد الزبائن بالمعلومات عن هذه السلع في حين نجد علم النفس الاجتماعي يدرس سيكولوجية المستهلك، وسيكولوجية الإعلان ، وسيكولوجية البائع وهو بذلك يعالج هذه النواحي بصفتها أنماط من السلوك صادرة عن أنماط من البشر .

أما علم السياسة أصبح موضوع إهتمام علماء علم النفس الاجتماعي للبحث في الخصائص التي تميّز شعبا عن شعب آخر من حيث العادات والتقاليد والقيم  ونواحي التقارب والتباعد والتفاعل السائد بين الأمم والشعوب وكذا معرفة التأييد والرفض . كما أن السياسيين يعتمدون في علاقاتهم الدولية على إستخدام كافة الأساليب السيكولوجية للوصول إلى تحقيق أهدافهم .

وعليه ، يمكن القول أن علم النفس الاجتماعي يهتم بكل مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية للإنسان ، وبالتفاعل الذي يحدث بين الفرد وغيره باعتباره عضوا في الجماعة التي ينتمي إليها أو يواجهها .

أهمية علم النفس الاجتماعي

تتجلى أهمية علم النفس الاجتماعي علمية وعملية في كثير من مجالات الحياة ، حيثما يوجد أفراد وجماعات بينها تفاعل إجتماعي تكون الحاجة ماسة لعلم النفس الاجتماعي لأن الباحث في هذا المجال يطبق ما تعلمه في الحياة الواقعية سواء في مجال الأسرة أو التربية والتعليم أو في العلاقات العامة والخدمة الاجتماعية والصناعة والعمل والإعلان والإعلام والدعاية والتوجيه والإرشاد النفسي ...

مما لا شك فيه أن أهمية علم النفس الاجتماعي تبرز بشكا واضح في عصر التغير الاجتماعي السريع في كافة مجالات الحياة ونستعرض ذلك في الآتي :

أ – أهمية علم النفس الاجتماعي في حياة الفرد.

تتجلى أهمية علم النفس الاجتماعي في دراسة التفاعل والعمليات النفسية المختلفة التي يمر بها الفرد والتي تنمو عن طريقها شخصية الفرد الاجتماعية . كما يهتم بدراسة ديناميكية هذه لعلاقات والتفاعل الذي يحدث بين الأفراد في مواقف الحياة المتعددة والمختلفة .

ب – أهمية علم النفس الاجتماعي في مجال التربية والتعليم .

تهدف التربية الحديثة إلى إعداد الفرد للحياة وتنمية شخصيته جسميا وعقليا وانفعاليا واجتماعيا لتنمو شخصيته بشكل متكامل ، ويتعلم التلاميذ في المدرسة في مجموعات يقوم بتدريسهم مدرس وتنشأ بين المدرس والتلاميذ علاقات إجتماعية وتفاعل إجتماعي يحتم على المدرس الإلمام بمبادئ القيادة الديموقراطية والعلاقات الإنسانية .

ويسهم علم النفس الاجتماعي في تزويد المدرس بالمعلومات اللازمة عن النمو الاجتماعي للتلميذ وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تنشأ بين التلاميذ والمدرس والعوامل المؤثرة فيها وكذا عن الإتجاهات والقيم والأدوار الاجتماعية وكيفية تكوينها أو تعديلها أو تغييرها .

ج - أهمية علم النفس الاجتماعي في مجال الخدمة الاجتماعية .

الخدمة الاجتماعية طريقة علمية لخدمة الإنسان ، ونظام إجتماعي يقوم بحل مشكلاته وتنمية قدراته ومعاونة النظم الاجتماعية الموجودة في المجتمع للقيام بدورها وإيجاد نظم إجتماعية جديدة يحتاج إليها المجتمع لتحقيق رفاهية أفراده وما يضمن للمجتمع التقدم والنهوض والنمو .

د - أهمية علم النفس الاجتماعي في مجال الإعلام والعلاقات العامة .

يلعب الإعلام والعلاقات العامة والدعاية ودراسة الرأي العام دورا كبيرا في التأثير على سلوك الفرد والجماعة لا سيما إذا أحسن إستخدامها فتكون عاملا هاما في التقدم البشرية ولهذا ينبغي على هذه الوسائل الإستفادة من علم النفس الاجتماعي لتدعيم وعي المواطن بمسؤوليته الاجتماعية وربطه بالمجتمع وتكوين إتجاهات سليمة وتعديل ما يحتاج إلى تعديله.

هـ - أهمية علم النفس الاجتماعي في مجال مجال الصناعة .

يرى براون أن المصنع لا يقوم في لفضاء بل يوجد في مجتمع له مقوماته وظروفه  وأسلوبه في التعامل ولذى ينبغي توفير جو ديموقراطي صناعي للعاملين في المصنع على إختلاف فئاتهم مع تجنب العمال القيود والإستفزازات التي يكون من شأنها أن تنقص  من احترام العامل لذاته وأن شعور العمال بأنهم موضع إهتمام من قبل إدارة  المصنع وموضع رعاية يزيد في الإنتاج والإنتاجية.

و - أهمية علم النفس الاجتماعي للمجتمع بصفة عامة .

تطورت أهمية علم النفس الاجتماعي منذ نشأته الأولى محاولة إقامة حياة ديموقراطية سليمة وإقامة علاقات إجتماعية تحدث تغييرا إجتماعيا يتفق مع أمال الشعب ومصالحه وأهدافه ومعالجة المشكلات الاقتصادية والسياسية ...وبذلك يهدف علم النفس الاجتماعي لإقامة مجتمع جديد تتكافأ فيه الفرص لجميع أفراده في حدود إمكانياتهم .

 

هدا المقرر خاص بطلبة السنة الثالثة السداسي السادس/تخصص علم الاجتماع / مقياس علم الاجتماع المؤسسات ومكمل للسداسي الخامس وفيه تناولنا دروس ومواضيع كثقافة المؤسسة والمقاربات النظرية في ه>ا المجال كالنظرية الوظيفية ا، البنائية، المؤسسية، إضافة إلى دلك سنتطرق إلى نسق التغيير المؤسساتي و نظريات النظم المؤسساتية والهدف الأساسي هو تمهيد الطالب الجامعي لمرحلة ما بعد الليسانس ، حيث يكتسب مفاهيم قاعدية تمهد له الآفاق مستقبلا