تماهي الحدود بين الخاص والعمومي

إن النقاش حول تحريك، أو تماهي الحدود بين الخاص والعمومي يعد من النقاشات الأكثر حداثة والذي لا يزال مطروح بكثافة، خاصة في ظل تغلغل وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعومات في حياتنا اليومية، ومن الباحثين الذين تناولوا هذه الاشكالية نذكر هابرماس الذي استنكر تصاعد النزعة الحميمية وتزايد الأسئلة الخاصة في المجال العمومي والتي أرجعها إلى وسائل الإعلام.

وقد اشار أيضا الباحثان فليب بروتون وسيرج برول أن مثل هذه النقاشات عادة ما ترتبط بشكلين من الإشكاليات، تتعلق الأولى بمسألة الملكية الخاصة ولاسيما في مجال الإبداع الثقافي، والتي تعارض التدفق الحر للمعلومات، أما المسألة الثانية فتتعلق بحدود الحياة الخاصة في مواجهة "عرض الحميمية" Exhibition de l'intime ، فقد أشار بعض الباحثين في هذا السياق إلى أن هناك نوع من المسامية وسهولة الاختراق بين الخاص والعمومي "la porosité des frontières "، وهذه المسامية تتحدى الفئات التقليدية والتصورات والمعاني، فعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي الأخيرة، تؤكد أن الناس لا تزال ملتزمة بمفهوم الخصوصية، إلا أنها تتجه أكثر فأكثر إلى تعريتها، وإلى الكشف عن الأسرار الأكثر حميمية.

وعن العوامل التي تؤدي لتماهي الحدود بين الخاص والعمومي، فإن فليب بروتون وسيرج برول يؤكدان أن تطور التكنولوجيا وتغلغل وسائل الاتصال في الحياة اليومية ساهما في نشر الحميمي وبالتالي عودته إلى الفضاء العمومي.