مقدمة
أصبحت تكنولوجيا الاتصال والإعلام من الأعمدة الرئيسية لقياس قوة البلدان وتقدم الأمم بعد أن دخل العالم عصر المعلوماتية بصورة مكثفة، وازداد انسياب التدفق الإعلامي بين أقطار العالم بصورة غير مسبوقة وبطرق جديدة، فالتطور في تكنولوجيا الاتصال يرافقه تطور في موارد المعلومات، وهذا ما يبشر بأن العالم يتغير تغييرا سريعا، وأن التقنيات القديمة آخذة في الانحسار؛ ومن هذا المنطلق يعد ميدان تكنولوجيا الاتصال والمعلومات من أكثر الميادين تسارعا في التطور، فقد أدى ربط وسائل الاتصال مع وسائل معالجة المعلومات إلى خلق نظام اتصالي مبني على ترابط تكنولوجيا الاتصال وتكنولوجيا المعلومات مما ساهم في إطلاق ثورة اعلامية ومعلوماتية أبرزت إمكانيات عالية في تواصل مع الجمهور وسرعة غير مسبوقة في إيصال الرسائل إلى أي مكان في العالم.
وهكذا يمر العالم اليوم بمرحلة تكنولوجية معلوماتية واتصالية تتسم بسمة أساسية هي المزج بين أكثر من تكنولوجيا تمتلكها اكثر من وسيلة، ويطلق عليها مرحلة الاتصال متعدد الوسائط، التكنولوجيا التفاعلية، وتكنولوجيا الوسائط المهجنة، وسنحاول في هذه المحاضرة البحث في مفهوم تكنولوجيا المعلومات وبعض المفاهيم اللصيقة به.
بداية لا بد من التأكيد على أن تكنولوجيا الإعلام والاتصال تطرح إشكاليتين كبيرتين هما:
أولا: كونها أصبحت جزءا من الحياة اليومية للأفراد والجماعات، وبالتالي فمقاربتها تستدعي أكثر من حقل معرفي: علم الاقتصاد دون شك، لكن أيضا علم الاجتماع والسياسة والفلسفة والسبرنيطيقا وعلوم الإعلام والاتصال وعلم النفس وما إلى ذلك. (سيتضح ذلك أكثر في المحاضرات القادمة)
ثانيا: أنها تستدعي في تحديد ماهيتها حسم الفارق الجوهري بين ما هو تقنية كأدوات وأجهزة وعتاد وبين التكنولوجيا كمعرفة، كمضامين، كمحتويات، كثقافة وكنظام. (سنوضح هذه النقطة في هذه المحاضرة)