مقدمة

يرى مارك بوستر في كتابه "موضة المعلومات: ما بعد البنيوية والسياق الاجتماعي" أن موضة المعلومات قد غدت خاصية مميزة لثقافتنا المعاصرة،[1] وضمن نفس السياق وتأكيدا لنفس الفكرة (أي المعلومات كأساس جوهري للمجتمعات المعاصرة) يرى كاستلز أن المجتمعات المتقدمة يشكلها الآن "فضاءات من طوفان المعلومات" أكثر مما يشكلها فضاء فيزيقي، فهناك العديد من المؤشرات التي تفيد أننا نعيش اليوم ثورة معلوماتية لا بد من الوقوف عليها بغية فهم واقع عصر المعلومات والذي ليس عصرا عاديا؛ وقراءة مفرداته وأسسه ومترتباته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية هي مثار بحث وجدل ودراسة؛ فهو قائم على التحول والتغيير والديناميكية وسرعة التطور والانطلاق في طريق الإسراع الزمني والتوسع المكاني وإلغاء الحدود والحواجز، وأيضا الانفجار المعلوماتي الذي رسخ نشاط امتلاك المعلومات وبثها محل المكينة أو التصنيع كقوة دافعة في المجتمع؛ ولعل هذا التحول قد تم على مراحل تراكمية لا انفصامية وقطعية؛ أوجزها ضمن المخطط التالي:

والمتمعن في تفاصيل هذا المخطط يدرك أن هناك نوع من التوازي بين تطور المعرفة والمعلومات مجتمعيا وأيضا تطور الاتصال ووسائله، فالثورات الاتصالية تكاد تكون هي المحدد الأساس للنقلات الحاصلة في المعرفة؛ وسنحاول في هذه المحاضرة التفصيل في ذلك من خلال نظرية الانتقالات، والتي تؤكد بأن الاتصال الإنساني عبارة عن حلقات متصلة ومركبة من أنظمة الاتصال، وأنه مع تطور الجنس البشري تطورت أيضا قدرة الإنسان على الاتصال، وازدادت أهمية من عصر إلى عصر ومن مرحلة إلى مرحلة؛ وتشير هذه النظرية بأن علم الاتصال سوف يتطور بشكل أكبر كلما تقدم العمر بالجنس البشري وكلما استعمر بالأرض مدة أطول، ونحن نعيش اليوم عصر الاتصال التفاعلي الرقمي الذي عززته تكنولوجيا الاعلام والاتصال ممثلة أساسا في الكمبيوتر وشبكاته؛ والذي تأرجح بين نتيجة وسبب للانفجار المعلوماتي.